ابراهيم فيلالي
الحوار المتمدن-العدد: 4648 - 2014 / 11 / 30 - 01:15
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ليس للكتابة تعريف محدد و نهائي ، إنها كالفلسفة، في البحث الدائم عن ماهيتها. و في كل مرة تولد من جديد. إنها كما قال الفيلسوف ديموقريطس " لا يمكن أن نستحم في النهر و لو مرة واحدة لأنها مياه أخرى تغمره باستمرار ". و نقول " لا يمكن أن نكتب مرتين لأننا نتطور باستمرار". لذا فخصائص الكتابة المعاصرة التركيز و التكثيف. كما يقع في الحلم تماما. فالحلم يكثف أحداثا و يركزها. و ينتقل بك من صورة ذهنية إلى أخرى و تجد نفسك أحيانا في أماكن لن يسبق لك أن تعرفت عليها و في حديث مع أشخاص لا تعرفهم أصلا. ويبدو لك أن الحلم حمق و عبارة عن أشياء لا رابط بينها. و لكن في الحقيقة ، ميكانزمات الاشتغال تخصه هو بالذات . و عليك أن تفك رموزه لتصل إلى ما يريد أن يقول.
هكذا الكتابة هنا و الآن، تركيز و تكثيف و تلميح و مجاز و إبداع لأساليب جديدة باستمرار. ليست هناك معايير من المفروض الانضباط لها لكي تكتب. و النقد هو تصويب مستحيل للكتابة . هو شرطي الفهم و التفسير. لذا اخترنا هذه المرة أن نتساءل مثلا
لماذا لم ننتج النظرية العلمية عبر تاريخنا ؟ "
لأننا لم نتفلسف
لماذا نستهلك نظريات الآخرين و نصدق ما يكتبون علينا و نتبنى النظريات التي أسست حولنا و نروج لصورة، مفبركة أو مشيدة في أحسن الأحوال، نرى فيها أنفسنا كما رأونا و نعيد إنتاج تصورهم حولنا، من خلال التفكير بأدوات منهجية و نظرية نحن من كان و لا يزال موضوعها ؟
هل تعرفني ؟
و لماذا تنظر إلي هكذا و تراقبني و تلاحظني و تحولني إلى أرقام، في مذكراتك و ذكرياتك وتقاريرك، في كل شيء، في بنوكك و إداراتك، في كتب التاريخ و آثار الحضارات العتيقة، التي "تنعم" عليها باعتبارك لها تراثا إنسانيا عالميا و ملكا للجميع ؟
و هل نحن ملكا لأحد؟
و لماذا حضارتك لا تقبل إلا بمالك و مملوك ؟ بمركز ومحيط؟ بحرب في حرب على حرب؟ لماذا الحرب قاعدة في حضارتك؟ لماذا لا يشكل السلم و السلام سوى لحظات عابرة، استثناء في حضارتك؟
مؤشرات و أرقام و جداول و خانات، لماذا لغتك لا تشبه لغة الآخرين ؟ من أنت؟؟؟؟ "
فلنترك للقارئ مهمة التفكير في هذه الأشياء و غيرها. و المهمة الأصعب هي أن ينبهنا و يوقظنا من سبات أو من وهم ركبنا عليه و اعتقدنا أننا على الطريق نسير. عليه أيضا أن يعلمنا تدمير الحواجز و ليس القفز عليها، لأن إن قفزنا عليها ستبقى دائما هي الحواجز.
على هذا الأساس فمن بين مهمات الكتابة أن تكون كالفيضانات و العواصف و الأمواج. يعني، أن تكون لها قوة خارقة في التدمير.
و لكن من سيبني ما دمرته بعد ذلك؟
ستبنيه كتابة أخرى.
أو لم نقل إن الكتابة القارة و الساكنة لا وجود لها، و إن الحركة هي ما يحدد هويتها؟؟؟
#ابراهيم_فيلالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟