أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معاد محال - الجنازة














المزيد.....

الجنازة


معاد محال

الحوار المتمدن-العدد: 4632 - 2014 / 11 / 13 - 21:01
المحور: الادب والفن
    


بعد أن حصل كل واحد منا على شهادته الثانوية، افترقت سُبُلُنا، لم أعلم عنها شيئا لاحقا.
وكان اللقاء بعد سنوات من الفراق، واستعدنا معه بعضا من طباعنا لتلك المرحلة.
قلت :
- أين اختفى لون شعرك الطبيعي ؟
قالت :
- وأين اختفى جُنونك ؟
وانطلقنا - بمناسبة الحديث عن الجنون - نبحث عن تعريف له، حاولت إقناعها بالحجج وبالأدلة الدينية والتاريخية والسياسية، وشرحت لها بالبراهين العلمية أن المجانين هم من بنوا الحضارة، وقدموا للبشرية ما لم يُقدمه العُقلاء، وأنه لولا هم لبقي الناس يسكنون الكهوف ويضرمون النار بالخشب. وأن نيوتن لو كان عاقلا لانشغل بشيء أهم من تفاحة طائشة تافهة.
وبعدما انتهينا من مناقشة موضوع الجنون دون أن أفلح بإقناعها بوجهة نظري، انتقلنا نناقش موضوع الحب، استشهدت بأقوال كبار الفلاسفة والأدباء، وبقصائد الشعراء وبكلمات أغاني كبار المطربين وبآخر ما توصل إليه علماء النفس، وشرحت لها بأنها ستكون خيانة كبرى إن وضعنا تعريفا للحب، وستكون كارثة إن وضعنا له قواعد وقمنا بدمجها في مقررات المدارس، وعلمناه للأطفال وكشفنا لهم عن أسراره وأريناهم كيف يتعاملون مع مُختلف حالاته. فالحب يجب أن يبقى سرا من أسرار الوجود، كابوس يسكن المخدّات، جنيّ يستوطن جسد الإنسان ويعذبه في الدقيقة ألف مرة.
لكنها في هذه المرة لم تكتف بعدم الموافقة والاعتراض، بل سخرت مني وضحكت علي حتى بحّت حنجرتها، بعد ذاك قالت :
- ستظل طوال حياتك خائبا مُعذبا إن بقيت متشبثا بفكرتك التي تقول أن الإنسان يجب أن يخضع للحب وأن يسلمه نفسه وقدره. بينما فكرتي أنا هي الصحّ، أن يختار أولا ويعطي الإذن للعواطف ثانيا. قارن بيني وبينك لترى من هو صاحب الحق، أُنظر إلى نفسك، عرفتك تحب الشعر والفنون لكنك اتجهت صوب دراسة العلوم ولم تفلح لا في هذه ولا في ذاك، لأن الذكريات بقيت حاضرة في ذهنك، وهي التي عرقلت خطواتك وأضاعتك عن طريق النجاح. أُنظر إلى أنا رميت كل شيء خلف ظهري ودرست الفن في أكبر مدارس أوربا وصارت تُقام للوحاتي معارض في أشهر عواصم العالم.
عندما ودعتني سلمتني دعوة لحضور معرضها المُقام هذا المساء في النادي الثقافي، كنت هناك في الموعد المُحدد وكنت الحاضر الوحيد، كنا أنا وهي لوحدنا داخل القاعة، نظرت إلى الجدران ففُوجئت بجميع اللوحات بيضاء، التفت إليها مندهشا فوجدتها تنظر إلي برثاء. فسألتها :
- ما معنى هذا ؟
ردت :
- العماء.
سألتها :
- أين اختفت الألوان ؟ أين ذهبت الحياة ؟
أجابت :
- عندما ذهبت أنت !

فتذكرت الجنازة التي شُيّعتُ فيها، وأنا الآن أرقد في قبري مُخلفا صمتا ونذيرا بالنسيان.





#معاد_محال (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذاكرة المطاط
- عدو الدنيا
- وسادة فوق التراب
- قصتان
- حينما كان الانتصار للإله الذكر
- التحرش الجنسي اضطهاد نمارسه ضد المرأة
- مفهوم الجريمة في ثقافة القبيلة
- هذيان
- على خلفية حبس الزعيم
- لن تعود
- ملعونة هذه الأرض
- حول هيمنة التفسير المجازي
- نظرتنا إلى المرأة لم تتغير منذ الجاهلية
- خير أمة أُخرجت للناس، وأوهام أخرى..
- هل نتجه نحو -عصور مظلمة- جديدة ؟
- أمام العرش
- ثورة الحفاة (4)
- شارع الحفاة (3)
- ثورة الحفاة (2)
- ثورة الحفاة (1)


المزيد.....




- أنجيليك كيدجو أول فنانة أفريقية تكرم في ممشى المشاهير بهوليو ...
- -حين قررت النجاة-.. زلزال روائي يضرب الذاكرة والروح
- لا خسائر رغم القصف.. حماية التراث الثقافي وسط الحرب في طهران ...
- “فعال” رابط الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 دور اول ...
- مهرجان أفينيون المسرحي الفرنسي يحتفي بالعربية ويتضامن مع فلس ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية ...
- بعد أغنيته عن أطفال غزة.. الممثل البريطاني المصري خالد عبدال ...
- ريتا حايك تفند -مزاعم- مخرج مسرحية -فينوس- بعد جدل استبدالها ...
- الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية بالجزائر.. آفاق واعدة ...
- احتفاء بالثقافة العربية و-تضامن مع الشعب الفلسطيني-... انطلا ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معاد محال - الجنازة