|
هل يستطيع أوباما توريط ايران ؟
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4628 - 2014 / 11 / 9 - 16:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
للسياسة مكرها وتقنياتها وفنياتها . ومن يتقن فن السياسة يستطيع ملء فراغات كبرى تظل دائما قائمة في أي نشاط انساني ، وان من موقع ضعف ، كما صنع كبار قادة العالم الذين خلدهم التاريخ ، وهم لا يملكون صناعات حربية متطورة ، او معاهد استقرائية متعددة وضخمة ، أو أجهزة استخباراتية أخطبوطية . وقد كان لرسالة أوباما الموجهة الى السيد خامينائي وقع دقات الصنج البوذي في أذن صوفي مسلم . وأثارت كثيرا من الجدل السياسي واللغط البوليمكي . وفحوى الرسالة ، وهو في نفس الان ، مرتكز ضجيجها وجدلها ، هو الطلب الشخصي ، وليس الرسمي من رئيس - اقوى بلد - الى رئيس دولة نامية ، لكنها تعتبر دولة مزعجة لطبيعة نموها الذي اعتمد في جزء كبير على الذات ، وعلى اللعب المهاري في استغلال الفجوات الدولية والتناقضات الكبرى بين أقطاب الدول المتحكمة في مصير الكون ؛ الولايات المتحدة الأمريكية -روسيا -الصين . ولكل بلد أتباعه أو معسكره أو حلفاؤه . الرئيس أوباما يطلب شخصيا مساعدة ايران لمحاربة "داعش " - تنظيم الدولة الاسلامية ، رغم علم أوباما الأكيد أن خامينائي اتهم الولايات المتحدة الأمريكية بكونها وراء انشاء وخلق هذا التنظيم الخارج عن جميع أسس الانسانية . واتهمها مباشرة . فكيف يمكن لمتتبع أن يربط بين هذه المتناقضات ؟ . لكن المشتغل بعلم السياسة ، يدرك أن العمل السياسي لا يعترف أصلا بالتناقضات ، بل السياسي الناجح هو من يعمل على تجاوزها وعقد قران بينها , وكأني أعود بدرس بلاغي لعبد القاهر الجرجاني عن جودة وبلاغة الشعر حين يتحدث عن عقد رابط بين المتنافرات . وهو ما أقر به نورثروب فراي في نفس السياق البلاغي . أوباما اذن يدرك مسبقا أن خامنائي وبتوازناته الدقيقة للمنطقة لا يستطيع المغامرة بتنفيذ طلب أوباما . فاللعبة الجيوستراتيجة تمكن ايران من الاحتفاظ بورقة الجوكر في المنطقة ان لم أقل أوراق جوكر عديدة ، تحسن ايران جيدا ابرازها في الأوقات المناسبة . واذا كان البيت الأبيض من خلال ناطقه الرسمي جوش ايرنيست قد أكد ارسال أوباما لتلك الرسالة ، فانه أنكر أي امكانية لعقد تحالف بين البلدين ، وهو ما يجعل الرسالة لاتكتسي أي صبغة رسمية ، ويجعلها ذات سمة شخصية . هل يمكن اعتبار أن هناك ارادتين موجهتين للسياسة العامة الحالية في واشنطن ؟ ، أو أن هناك صراعا خفيا يغلي في الخفاء في الادارة الأمريكية ؟ . من خلال أجواء انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشيوخ الأمريكي ونتائجه ، والهزيمة التاريخية التي مني بها الحزب الديمقراطي بقيادة أوباما ، وتخلي الكثير من المرشحين عن الحزب الديمقراطي طوعا عن دعم رئيسهم الأسود , يتأكد بالملموس ان هناك صراعا كبيرا يعصف بسياسة الولايات المتحدة الأمريكية . فالرئيس أوباما يحس بوحدة داخل البيت الأبيض ، خاصة وصراعاته الشخصية مع المدلل نتانياهو لاسابق لها الا مع جورج كينيدي . فهل يمكن أن تشطح بأوباما وحدته الى هذه الدرجة والمطالبة عبر رسالة شخصية من أحد ثالوث المروق وداعم دولي للارهاب حسب تصنيفات الولايات المتحدة الأمريكية نفسها؛ الى هذا الحد ؟ . كل شيئ ممكن في العمل واللعب السياسي ، بل ان اللعب البهلواني يجد أحيانا مسرحه في ساحة العمل السياسي ، كما كان يصنع القذافي . واذا كان أوباما يدرك أن الخامينائي لن يستجيب لطلبه ، ويدرك أن الجمهوريين سيهزأون به ويسخرون من طلبه ، وكثير من الديمقراطيين لن يساندوه في طلبه . لم أقدم أوباما على هذه الخطوة التي لا يمكن اعتبارها من جانب الحذر التحليلي متهورة ؟. فطبخات السياسة الكونية ، وخاصة حينما يتعلق بدولة كالولايات المتحدة الأمريكية لايمكن الحكم عليها بأحكام قيمة سلبية . من المعلوم أن ايران تزن كل خطواتها بدقة وبحساب دقيق . وكل أرصدة الولايات المتحدة الأمريكية لمواصلة هيمنتها على العالم من خلال منطقة الشرق الوسط قد استنفذت . ولعبت بجميع أوراقها ، وأشرسها وأخطرها ورقة "داعش " . ايران تدرك مسبقا انها المستهدفة الأولى من هذا الخلق الشيطاني المسمى داعش " وهي لن تنسى بسهولة ما سببته لها الولايات المتحدة الأمريكية من متاعب ، هي وحلفاؤها الغربيون . وللآن لم تصبها شظايا هذه القنبلة المنفجرة عشوائيا في المنطقة-قنبلة داعش- ، وهي تتابع عن كثب كل نشاطاتها وأنشطتها ، وتراقب بالعين المجردة كل تحركاتها وتعلم أهدافها . والولايات المتحدة أعلنت قبل ساعات عن ارسالها ل1500 جندي كمسشارين الى العراق، وفي مثل هذه الحالات فانهم قد يلعبون أدورا خارج المصرح به . انها لعبة الكبار . مرة أخرى تفشل الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى الاستراتيجي وهي تحاول أن تزج بايران في مستنقع صنعته بيديها وأغرقت فيها أتباعها وغرقت معهم .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية-8-
-
الدولة ضد الوطن
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -7-
-
المكون الوجودي في قصيدة -داروها لحروف وحصلت فيها المعاني - ل
...
-
قراءة أخرى لخطاب الملك محمد 6 بتاريخ 10--10--14
-
مجتمع آخر ، أو مجتمع الجناكا -6-
-
أمريكا تطيل عمر داعش
-
عالم من الألوان
-
كيف نستثمر ردع المقاومة لاسرائيل
-
في الرد على الشيخين
-
من يفرض شروطه هو المنتصر
-
هل يموت المطر
-
اسرائيل وشرط الردع
-
غبار ولا ريح
-
التطرف الأوروبي يهدد المغرب
-
الانتصار لارادة المجتمع -1-
-
هيا نرقص على وقع الفساد
-
مجتمع آخر ، أو مجتمع الجناكا -رواية-5-
-
ثقافة الانهزام -1-
-
فقه الأولويات يارجال الدين قبل فقه العشوائيات يا رجال الفكر
المزيد.....
-
في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
-
شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا
...
-
السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا
...
-
-لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق
...
-
4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي
...
-
حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر
...
-
منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
-
الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند
...
-
صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم
...
-
برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم
...
المزيد.....
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
-
شئ ما عن ألأخلاق
/ علي عبد الواحد محمد
-
تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|