أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الصلعي - الدولة ضد الوطن















المزيد.....

الدولة ضد الوطن


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4622 - 2014 / 11 / 2 - 19:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الدولة ضد الوطن
*************
الوطن للجميع والدولة لذوي الامتياز . هذه الخلاصة هو ما يمكن أن يخرج بها أي متأمل في مسار التاريخ الحديث للدولة العربية المعاصرة . وأي محاولة لمحاصرة مفهوم الدولة عبر صورها التي حددها الفلاسفة أو المفكرون على مر حقب التاريخ سيدخلنا في متاهات لا مخرج منها . فهناك من يربط مفهوم الدولة بالسلطة الادارية الحاكمة ، وهناك من يربطها بثنائية الجغرافيا والنظام مع اختزال الشعب في رقم اضافي تابع . وهناك من ينفذ بها الى حدود الجمع بين الجغرافيا والشعب والنظام . وينداح مفهوم الدولة الى استتباعات مفاهيمية عدة كالحق والتجانس والوحدة ، كما يرى عبد العزيز لبيب . ومفهوم الدولة يستدعي مفاهيم أخرى ، كالسيادة والسلطة والحق والقانون كما يرى عبد الصمد صابر .
ولعل هذا الانثيال المفهومي والتداعي الاصطلاحي هو ما دفع جون جاك روسو الى محاولة عقلنة العلاقة بين الدولة والفرد -المجتمع - بابتكار مفهوم التعاقد الاجتماعي ، كحل أمثل لتوتر العلاقة بين المجتمع والدولة ، أو بين الفرد ورجل السلطة . لكن هذا لا يعني أن روسو كان اول من عمل على تاسيس مفهوم العقد الاجتماعي . فلو عدنا وراء قليلا لألفينا الفيلسوف سبينوزا يمنح للدولة مفهوما متقدما جدا ، بعد تحديده لغائية الدولة حيث يرى أن "غاية الدولة تتمثل في ضمان الحماية للأفراد، وليس في ممارسة السلطة، بل إن على الدولة أن تضمن الشروط الموضوعية التي تمكنهم من استخدام عقولهم والعمل على تنميتها، ومن ثم يؤكد الفيلسوف أن الحرية هي الغاية الأساسية من وجود الدولةكما ينقل. عبد الصمد صابر في مقاله....مفهوم الدولة . وكثيرا ما يتداخل مفهوم الدولة مع مفهوم الحكومة ، مما يضفي على الدولة طابع الهيمنة والغلبة باسم السيادة ، رغم ضبابية هذا المفهوم اذا أخضعناه للتشريح والتدقيق والتفصيل ، واستحضرنا دور ووظيفة الجيش والمنشأ الذي يتحدر منه أفراده ، ودور المفكرين أو الطبقة المثقفة عامة ، ودور الأغلبية العظمى من أفراد المجتمع الذي تسوسه حكومة ما .
واذا كان الغرب قد طور من مفهوم الدولة بدءا من منتصف القرن الثامن عشر ، اثر موجات النقد العلمي الذي رعته مختلف العلوم الاجتماعية ، وهو ما يمكن أن نجد له ارهاصات في كتب التاريخ القديمة ، وفي الأدبيات التي تتناول علاقة الحاكم بالمحكوم ، والتنصيص على مبدأ العدالة الذي عرف تطورا كبيرا مع ظهور ما يسمى بالمجتمع المدني ، حيث تم نحت مصطلح العدالة الاجتماعية ؛ الذي انثالت منه مفاهيم المساواة وتوزيع الثورة ......الخ .
هكذا يتشعب مفهوم الدولة في تطوره التاريخي ، وتحولاته المفاهيمية . دون أن ينعكس هذا التطور وتلك التحولات على مفهوم الدولة في الوطن العربي .فنحن اذا ما استعرنا تعريف توماس هوبز لهذه الدولة المهيمنة والمستحوذة ، فاننا نوافقه تمام الموافقة على وصفه اياها بالدولة التنين البحري أو الوحش الضخم " Levithian ".........
.ويبقى مفهوم الدولة في العالم العربي الى يومنا هذا منذ التأسيس الأول للدولة العربية مرتبطا بمفهوم "دولة القهر " كما يصف ذلك برهان غليون في كتابه " نقد السياسة ، الدولة والدين .
في حين يأخذ مفهوم الوطن دلالات أكثر التصاقا بالفرد والمجتمع ، نظريا ، فمفهوم الوطن وما يشتق منه من متلازمات لغوية ودلالية كالمواطن والمواطنة والوطنية والتوطين، بعيدة كل البعد عن التمثل والمعايشة في الوعي والسلوك . وهذا الاستبعاد ليس اعتباطا او وليد الصدفة ، بل هو استبعاد واقصاء ارادي تنهجه كل رموز السلطة العربية التي تختزل في مفهوم الدولة العتيق . أي أن ارتباط المواطن بمفهوم الوطن واستتباعاته الاشتقاقية كمبدأ وموقف يمنح الفرد والمجتمع العربيين فسحة أرحب وتجذرا أمتن وأعمق في تربة الوطن وفي مناخه العام . ويحدد تحديدا دقيقا لمعادلة ربط الواجب بالحقوق ، ويفرض على الدولة معاملة المواطنين كبنية متجانسة أمام قوانينها التي تخدم في الأساس مصلحة الوطن التي تتضمن طبعا مصلحة جميع المواطنين ، بدل الامتيازات التي يحظى بها بعض أفراد الدولة دون آخرين . انه العودة الاكراهية لنمط التقسيم الأثيني للمواطنين الذي كان يمنح للنبلاء وأفراد الجيش كل امكانات الرفاهية ويقصي سائر الطبقات الأخرى .
فالوطن على الصعيد اللغوي تنبثق عنه لغويا كما سبق الاشارة الى ذلك نسقية هرمونية تنثال منها انسيابيا كل دلالات الارتباط الوجودي بمكونات الوطن المادية والمعنوية . فالمواطن مرتبط بالوطن بلحمة وطنية ومواطناتية يعضدها توطين متين باعتباره تمكينا لكينونة الفرد داخل نسقية اجتماعية متكاملة .
بعكس مفهوم الدولة الذي يظل على الصعيدين اللغوي والوجودي مفهوما يتيما وعنينا ، مخصيا لا وجود له الا وجودا بالقوة ، في غياب تام للوجود بالفعل في عالمنا العربي . انها دولة القهر . فجذر الدولة لا يمكن أن تشتق منه لفظا ينسب الى الفرد ، ولا يمكن أن يتعدى منطوق الاسم وحرفيته الى صفة تلتصق بالفرد أو بالمجتمع . فهو لفظة مقطوعة الانتماء وتعجز على مستوى المنظومة اللغوية أن تولد عائلة لغوية ذات نسب جينيالوجي ، وهو ما ينطبق على مفهوم الدولة العربية في منظورها السلطوي ، التي يعجز عن خلق هوية جماعية تضم كل بنيات وطبقات المجتمع ، ويبقى الارتباط النفعي والمصلحي هو محور العلاقة التي تجمع المرتبطين بالدولة كسلطة قمعية أو قهرية ،عوض الفعالية والارتباط الانساني خارج أي علاقة سلطوية جبرية يكون الاكراه هو سمتها الأساسية .
ان المواطنة تتميز بالمسؤولية المشتركة بين الدولة وبين الفرد ، حيث انها وباعتبارها فيضا من الأحاسيس والمشاعر ترفع من وعي الفرد بمختلف مسؤولياته تجاه وطنه ، فالوشائج التي تربطه بالوطن تتحول الى روابط يستحيل قطعها او بترها . بينما الدولة ؛ وخاصة في العالم العربي، تعمل جاهدة على الابقاء على ذلك الجدار الفاصل بين الفرد وبين جميع مؤسساتها ورموزها ، فهي لم تتطور كالدول الأوروبية مثلا ، من دولة قهر وقمع الى دولة مواطنة ولم تفصل بعد بين مفهوم السلطة كادارة ومفهوم التسلط كمظهر بارز للسيطرة والغلبة . واليوم تعمل جميع الدول على بث روح المواطنة في عموم أفراد مجتمعها ، وتنتقل من دولة التحكم الى دولة الرفاهية المادية والمعنوية ، بالعمل على توفير جميع حاجياته ، وفي مقدمتها حقوقه الطبيعية والمكتسبة .
في ظل هذا العرض البسيط والأولي يظهر جليا مدى المسافة الكبيرة التي تفصل مفهوم الدولة عن مفهوم الوطن في بالداننا العربية ، وهو ما يحتم علينا بذل جهود كبيرة لرتق الفجوة التي تفصل بين المفهومين .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -7-
- المكون الوجودي في قصيدة -داروها لحروف وحصلت فيها المعاني - ل ...
- قراءة أخرى لخطاب الملك محمد 6 بتاريخ 10--10--14
- مجتمع آخر ، أو مجتمع الجناكا -6-
- أمريكا تطيل عمر داعش
- عالم من الألوان
- كيف نستثمر ردع المقاومة لاسرائيل
- في الرد على الشيخين
- من يفرض شروطه هو المنتصر
- هل يموت المطر
- اسرائيل وشرط الردع
- غبار ولا ريح
- التطرف الأوروبي يهدد المغرب
- الانتصار لارادة المجتمع -1-
- هيا نرقص على وقع الفساد
- مجتمع آخر ، أو مجتمع الجناكا -رواية-5-
- ثقافة الانهزام -1-
- فقه الأولويات يارجال الدين قبل فقه العشوائيات يا رجال الفكر
- مجتمع آخر ، أو مجتمع الجناكا -رواية-4-
- محمد الصبار بين المناضل الحقوقي والموظف العمومي


المزيد.....




- تسببت بوميض ساطع.. كاميرا ترصد تحليق سيارة جوًا بعد فقدان ال ...
- الساحة الحمراء تشهد استعراضا لفرقة من العسكريين المنخرطين في ...
- اتهامات حقوقية لـ -الدعم السريع- السودانية بارتكاب -إبادة- م ...
- ترامب ينشر فيديو يسخر فيه من بايدن
- على غرار ديدان العلق.. تطوير طريقة لأخذ عينات الدم دون ألم ا ...
- بوتين: لن نسمح بوقوع صدام عالمي رغم سياسات النخب الغربية
- حزب الله يهاجم 12 موقعا إسرائيليا وتل أبيب تهدده بـ-صيف ساخن ...
- مخصصة لغوث أهالي غزة.. سفينة تركية قطرية تنطلق من مرسين إلى ...
- نزوح عائلات من حي الزيتون بعد توغل بري إسرائيلي
- مفاوضات غزة.. سيناريوهات الحرب بعد موافقة حماس ورفض إسرائيل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الصلعي - الدولة ضد الوطن