أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الثقافة العراقية العربية بين عولمة الدستور وحلم المتنبي















المزيد.....

الثقافة العراقية العربية بين عولمة الدستور وحلم المتنبي


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1293 - 2005 / 8 / 21 - 11:54
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لا أتصور شكل ومشاعر رجل عظيم كأبي الطيب المتنبي حين ُيسأل عن الدستور وإن كان بمقدوره المساهمة في الكتابة فيه بنصوص تخص حكمة الثقافة وبناء لغة الفقرات وسبكها لتكون قوية البناء وارفة الفهم وجديرة بانتمائها العروبي من جهة اللغة أما المفاصل الأخرى فلها من يُسأل عنها .
يصمت الشاعر ، ينثر نظراته على سائله مثلما تنثر الدراهم فوق رأس العروس ، فجأة يرسم غضبه من خلال تقويس حاجبيه الكثين الأشيبين ويقول : بعد هذا العمر في مطاولة زهو التيجان وصناعة الشعر أدستر عمري بقواعد وأصول ليس فيها لاجمل ولاجواد ولاغزو . يا رجل متعة الثقافة أنها لصيقة رأس الرمح ودستوركم ليس فيه رمح . بل أسمع بين جمله زئير عاصفة وتصادم كتل الحديد . هل غيرتم حروبنا ووضعتم لحياتكم دساتير غير أمر خلفاء بغداد وأمراء حلب ؟ هل أرغمكم كافور على تدوين مدحه على شكل قانون ؟ أنا يا رجل لاأملك دستورا غير القصيدة وأعتقد أن الحياة مع دستوري تسير جيدا .
يعود الصحفي أدارجه خائبا ومقتنعا أن رجلا مثل المتنبي لايمكن سحبه إلى وقيعة الحاضر بسهولة وأنه أي المتنبي يفضل السيف والقرطاس والقلم ألف مرة على منبر من منابر جرش أو المربد أو أصيلة فعصر الثقافات الجديدة هو عصر السياسات الجديدة ولكي تعرف ثقافة الوطن عليك أن تعرف حلم الوطن وقديما لم تكن هناك أحلاما لأوطان . كانت هناك أحلام أمم وأباطرة والفرق على المستوى الثقافي أن عصرا كعصر المتنبي كانت روح الثقافة مرتبطة برئة الحاكم أو الدين وغير ذلك تقل الأشتغالات الأخرى عدا ماخرج عنه البحتري في الإكثار من الوصف حتى وهو يمدح خليفة قاس يتمدد مع جواريه وسط بركته الجميلة مثلما فعل مع المتوكل العباسي .
تمثل الثقافة العراقية وجها مبدعا وأصيلا من وجوه الثقافة العربية . وبصياغة ثانية يضاف التالي : تمثل الثقافة العراقية وجها مبدعا من وجوه الثقافة الآرية . على أساس أن العراق ليس عربا فقط ففيه يعيش الكرد والتركمان والأرمن وهم ليسوا عربا ويمتلكون أرثا ثقافيا عراقيا مجيدا دون بلغتهم القومية وأغلبه هو تمجيد الانتماء إلى المكان كما عند عبد الله كوران وشيركو بيكه س وعبد اللطيف بندر أوغلو وغيرهم .
هذه الثقافة المتفرقة الأعراق المتوحدة بهاجس الدين الواحد مثلت منذ قديم الزمان روحا حية لتضاريس الأمكنة ومهما تعددت الدويلات والسلالات كانت الثقافة العراقية تعود إلى جذرها الضارب في القدم فيما الغرباء يزولون وحتى وأن كان لهم بقايا فهم أمتزجوا في الجسد العراقي وصاروا بعضا منه وهذا تمثيل لعولمة ثقافية لهذا فالقراءة التاريخية لثقافة العراق لاتأتي من وجه واحد كما كان يؤكد على ذلك سابقا وحتى عند الإشارة إلى الوجوه الأخرى تأتي قصيرة وضعيفة فعلينا أن ندرك أن النمط الثقافي العراقي هو ليس رهين تأريخ الأمة والانصياع لهذا التأريخ هو جبر تجبرنا عليه المواطنة القومية لأن الثقافة في روحها لا تنظر إلى الأمور بالعصبية وأنما تنظر الثقافة إلى الأشياء من خلال القيمة الإبداعية التي يمكنها أن تغني تراث الشعب والأمة والإنسانية وأن كانت في المكان أكثر من أمة فأن المكان كفيل بتوحيد ثقافتهما بمساعدة الهاجس التأريخي ولغة المعايشة والوطنية التي هي ليست حكرا على الولاء القومي أنما الوطنية هنا أن يكون الإنسان مخلصا للوطن وكل من يعيش فيه وعليه .
أضع هذه الرؤى في غمرة ما يحدث للحياة العراقية بشتى تصانيفها .
الحياة العراقية الوطنية ، الحياة العراقية المحتلة ، الحياة العراقية المتألمة ، الحياة العراقية الدستورية ، الحياة العراقية المثقفة ، الحياة العراقية المفخخة ، .... حيوات العراق اليوم لاتعد ولا تحصى ورغم هذا فأن رؤى من أمل قريب تشع في الذاكرة أن تزال هذه الغمة ونذهب مع الذاهبين بقطار الحياة المستقرة إلى ضفة لا تنقطع فيها الطاقة الكهربائية ولا ُيفجر المسافرين في مرائب السيارات وهذا ما يرتهن بعض منه برؤى الثقافة التي تتطلع مع المتطلعين إلى الرغبة في كتابة متأنية لدستور بلد كان لا يخرج عنقه من زاغور حرب حتى يدخل في زاغور أخر .
تعرف الثقافة على أنها سلوك متحضر وأنها جزء من أفكار جيدة تجعلنا ندرك الحياة بطريقة جميلة . والمثقف يرتهن بالوعي وإتقان التفكير بالشيء قبل الخوض فيه . والثقافة هي مواطنة بمستوى عال وهي واحدة من المؤثرات التي تقود المجتمعات إلى غد أفضل مما هي عليه اليوم ورغم هذا قد تكون الثقافة نمطا سلبيا من أساليب التعامل مع الأشياء وبدرجات عالية من حسن التدبير كثقافة العنف والخداع وبعض الثقافات السيئة الخارجة عن السلوك الاجتماعي المتحضر .
ويعرف الدستور على أنه مجموعة قوانين وأنظمة تنظم الحياة الخاصة والعامة لعموم أبناء المجتمع وتميل الدساتير في اغلب تنظيماتها إلى الحياة العامة لأن الاقتراب من الخصوصية قد يفسر على انه كبت للحريات ولكنه إزاء الحرية الخاصة يمهد أو يلمح إلى مجال استخدامها والحدود الموضوعة لذلك والدساتير تضعها عقول القانون والفقه وكل الاختصاصات التي تبني عليها البلدان وجودها ومنها الثقافة التي تكاد في الدستور العراقي أخر ما ينظر إليها لأن فواصل التشريع وسدنته ذهبوا إلى ثقافة الولاءات الوطنية عن طريق السياسة والتحزب وهذا حفز المثقف العراقي إلى إصدار أكثر من ورقة حملت رؤى المثقفين إلى الدستور وأحلامهم في الضمانات الدستورية لرعاية الإبداع والاعتراف بالمثقف الأكاديمي أي صاحب إبداع علمي وأدبي ما كعامل مؤثر ومستحق للرعاية الأولى .
تبقى الثقافة العراقية بأغلبية تراثها العربي تمثل نمطا مشابها للكثير من الثقافات الأثنية بسبب طوبوغرافيا التشكيل السكاني غير أن روح العروبة ذات الإرث التدويني الهائل ظلت تمثل بشيء من رؤى ساطع الحصري شمول بجعل الثقافة العراقية نمطا لسيادة الفكر العربي رغم المحاولات السياسية لتقريب لقيا الثقافات بقوميات متعددة وفي وطن واحد كما هو الواقع ورغم أن الأنظمة لم تمارس قسرية مفضوحة على ثقافة القوميات الغير العربية لكن السياسة مارست شيئا من القسر والتضيق وكل المحاولات المبذولة لأحياء التعايش الثقافي كان وجدان الشعب هو مصدرها أكثر من وجدان الحكومات . فبعد بيان 11 آذار 1970 والمتضمن إعطاء الأكراد حكما ذاتيا عمم كتاب ألف باء الكردية على عموم مدارس ثانويات العراق لتعليمه لكن الجدية في التعليم والحماس فاترين حتى أن الدرس لم يدخل في الامتحانات النهائية ـ البكالوريا ـ فيما كانت العربية في المناطق الكردية درسا أساسيا وكان بعض الأدباء الكرد ولازالوا يكتبون أدبهم باللغة الكردية فيما لم أسمع حد هذه اللحظة أن عربيا كتب فكره أو أدبه باللغة الكردية وينطبق هذا على التركمان والأرمن أيضاً .
أن كتابة دستور من دون لمسة ثقافية متخصصة يفقد نكهة التشريع ويضعه أمام انتقاد تأريخي سيأتي طال أم قصر لهذا فأن الدستور بعولمته الجديدة ورغبته في إلغاء تواريخ القمع والتفرد وخضوعه لأرادة ما أو حتى لو لم يخضع ينبغي أن يناغم الوعي المثقف ويعطيه صفة المشاركة للمراقبة لأن الدستور هو النظام المتمنى من قبل الفرد العادي لينظر إلى غده بأمل أن تزول كل منغصات الماضي وما يحدث الآن من فقدان للكثير من أساسيات العيش وأهمها الأمن والخدمات .
يبقى حلم المتنبي غير وارد هذه اللحظة إلا إذا عزل السيف عن القرطاس والقلم ومارس بنبؤة الشعر سلطة الوجدان الإنساني المبتعد عن الذم والمدح والذي يمثل روحا لثقافة عراقية جديدة تذهب بنا لبلاد مستقرة ومتحضرة وأمينة..

أور السومرية في 21 أوغست 2005



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصائد لحلمة النهد فقط
- حوار مع الشاعرة اللبنانية جمانة حداد...أنا أتحدى أي سلطة ولي ...
- كائنات حية تعمل وتفكر وتشتغل بالسياسة
- الجوع عندما يكون قاسياً كالنساء ..(.........)
- رؤية للزمن المفترض بصورته الفيثاغورسية
- ميثولوجيا الأهوار ..مستوطنات الحلم السومري والطوفان المندثر
- قلوب معلقة تحت أهداب الشعر
- غادر مبتهجاً وعاد مع سلة تمر
- أمنيات وجنود ورز التموين
- حب وعولمة وقبعة جيفارا
- ليل وطني أغنية للعشق
- لتكن أنت الأشبين
- مشاعر من ذهب لأمي وحبيبتي
- خاتم أمي الوحيد وتسريحة كوندليزا رايس
- قمر يولد من رحم وردة .أمي تصفق لتلك الندرة
- وطني ومعطف غوغول
- وخزة دبوس
- الفهارس في تصوف الأطالس أو رحلة السعيد الى القبرالبعيد
- رومانس لايعطله حزن امرأة او ذوبان وردة الثلج
- من جلب الشيشان الى سوق البزازين ؟ شيء من تسمية القماش وتأريخ ...


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الثقافة العراقية العربية بين عولمة الدستور وحلم المتنبي