أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نعيم عبد مهلهل - رؤية للزمن المفترض بصورته الفيثاغورسية















المزيد.....

رؤية للزمن المفترض بصورته الفيثاغورسية


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1288 - 2005 / 8 / 16 - 11:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إلى صديقي صلاح بوسريف
( لقد كانوا يرون الزمن بصورة اليوم . نهار وليلة . متصوفة الحلم عدلوا من وضع الفكرة وجعلوها النهار والليل والرغبة وهذا في منطق القراءة الجديدة إضافة محشورة ، ولكنها منظورة فمن خلالها استطاع فيثاغورس أن يخلق لنا ثلاثة أضلاع يستطيع من خلالهما الوجود أن يذهب إلى مكان آخر وزمن أخر بقصد وزاوية معلومة . لهذا فما أحس به المتصوفة أحس به فيثاغورس ونحس به نحن الآن . وفي منطق تقابل الرؤى تكون أنت وأنا وأصحاب التكية وفيثاغورس ضلعان ينتظران ثالثهما الغائب في لجة الحرب كي يكتمل المثلث ويذهبان بعيدا إلى جدل الحلم والميتافيزيقيا الجديدة .)

ـ 1 ـ
يتأمل فيثاغورس أفق البحر . تتمدد حزم الضوء أمام عينيه المتعبتين ، وبخبرة عالم يحدد نقطة التقاء قوس السماء بسطح الموج . الزواية المكتشفة هي التقاء تراكم الزمن على ذاكرة الأرض ومنها لحظة تزحلق الإسكندر المقدوني من جواده . تهرع بابل بأبهتها وتهمس في أذن الجواد الممتد مع صاحبه :سيموت فارسك غدا .
في الفاصلة الزمنية ثمة وقفة لاترى ولكن عقرب الساعة يتحرك بأتجاه معاكس لدوران الأرض . هذا فهم لفيزياء مشعة ندرك فيها أن قدرية الوجود دائما ترتهن في أطياف لاترى بالعين المجردة ولكنها سابحة بذرات بلورية نتخيلها بشكل لامرئي كما نتصور شكل ملائكة تسبح في سماء . هذه البلوريات هي مجموع أخيلة نتصورها مذابة في العقل الباطن وهي كاشف قادم لمصائرنا .
يتحدث فيثاغورس عن شكل هندسي يتشكل بفطرة حسبت على إنها جزء من نظام متخيل وحين يرسمه يجده شئ من واقع تلك الفكرة . تلك التي تمدنا بخيار أن نكون مطمئنين إلى القادم من الغد أو بعده لكن هواجس أخرى قد تسكن بدنا ما تؤكد على إيقاف اللحظة بالرغبة والإصرار وتسمى الانتحار وهو دافع للتخلص من الحياة بطريقة معدة سلفا ومختارة يطلق عليها العالم فيثاغورس : اللحظة المصنوعة بقناعة للتحول إلى الصفر وهي لحظة تلغي التقاء أضلاع المثلث ليصبح الشكل الآدمي عبارة عن جسد ملغي لأنه بلا روح وبلا تصور لتلك الأطياف البلورية الناعمة السابحة في فضاءات اللامنتهي .
هنا يحل علينا مصطلح الزمن الفاني . وهو زمن كان وجوده مرهوناً بنمط معين من الشخصية الفاعلة لكنها في لحظة ما تتلاشى بدون قدرية العمر المحسوبة على أسس العلة وتقادم العمر والحادث العرضي .
الانتحار لا يملك دالته الزمنية ، يعتقد فيثاغورس أنه تلاشي محسوب بسبب عارض اليأس والحزن والإحباط . تفسر الفلسفة هذا بأنه يأخذ مسارين . موت حكيم . موت أرعن . ويبدو أن الميل إلى الرعونة هي الغالبة في التقدير الزمني للحظة قرار الموت انتحارا لأن بيت الشاعر العربي جرير يحل إشكالية هذه المعضلة الحياتية ببيته الشهير :
: أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل .

ـ 2 ـ
يقول مثل صيني ( الزمن يعدو بأقدام الظل فلا تعدو معه لأنك ستخسر في النهاية . )
أفكر أحيانا بخلوة فيثاغورس ، أتصورها صمت في قبو من الأرقام والمثلثات وأتمنى لو ان الشيخ فيثاغورس قد قرأ ملحمة جلجامش التي يشكل هاجسها الزمني لب الأسطورة ، لقد كان جلجامش يعدو وراء الزمن بمطلقه المتخيل فماذا حصل ؟
الموت هو الذي كسبه . لقد كان الفناء يمثل متوقع الزمن الذي ينهي به فكرة أن نبقى . وكذلك الأشكال التي تصنع بدلالة الخط والزاوية أنها وأن كانت دالة لحقيقة أو وضع ما لكنها يمكن أن تتلاشى بدالة أخرى أو ممحاة ، فيثاغورس يعتقد ان هذا خاضع لفعل سطوة اليد والتفكير وهي ردة فعل للتأثيرات الهالة التي تسلطها علينا لحظة الحياة . أي الوقفة الزمنية .
ترى الفلسفة في أو رؤية لها وهي رؤية مثالية أن الحياة لكي تكون خالدة تحتاج إلى حكمة . أفكر في هذا وأعتقد أن الأمر ليس بديهية مفرغ منها فأنا من بعض الذين يعتقدون ان الفلسفات جاءت نتاج خيبة ويأس ما من هزة اجتماعية أو روحية عصفت بمجتمع ما . وتصانيف الحضارة الإغريقية ووقائعها دليل على ذلك ولذلك نرى إشكالية العلاقة بين الفلسفة والمؤسسة الاجتماعية التي تمثلها السلطة القريبة من الألوهية فكان الاضطهاد هو المحصلة الأخيرة للفكرة الفلسفية كما في كأس السم عند سقراط .
وحتى الصوفية التي تأثرت كثيرا بالمثالية الروحانية الغيبية عانت أشد ما عانت من هذا الاضطهاد ودفعت أرتالاً من الشهداء وكان المتصوفة يحاولون مزج اللحظة بالكشف عنه وهو ما عد زندقة والحادا لدى المرجعية الحاكمة وحتى المرجعية الروحية المرتبطة بالحاكم .
فأبي منصور الحلاج كان لحظة الصلب يعاني من ضيق في الغشاوة أي كان بمواجهة الشمس بحرارتها الاهبة وعوض عن هذا الضيق والألم بالغياب الزمني مع من يريده ونفترضه جدلا في تعامله مع قسوة اللحظة وعذاباتها وهي بمنطق الفيزياء فاصلة زمنية كان يقول :
( أريده اللحظة ، فهي البندول لا المقصلة ، وهو النور لا العقل ، لأن النور سابح في اللامنتهي والعقل يتوقف بوقوف الجسد عند نقطة التيه ، لأنه زمني فأنا لااتيه وهذا الشعاع ليس مرثية وداع ،أنه بدء اللحظة حين يكون معي ، يماشيني وأماشيه ، ويواسيني وأواسيه ، وفي نهاية المطاف ، يقبلني وأقبله )
وحتما : نهاية المطاف هي فاصلة زمنية أيضاً .

ـ 3 ـ
نقطة الضوء في الماء وقت لتأمل نجمة . تلك حكمة بوذية
يذهب الزمن إلى نتيجة مقدرة هكذا توحي كتب السماء لمريديها أو لمعتنقيها . وحدود الزمن في الأديان تذهب إلى سرمدية متخيلة ولكنها مدونة وقبل دساتير الرسل كان أهل سومر قد وضعوا تلك الأبدية في مكان متخيل لا يبعد كثيرا عن حدود سومر الجنوبية ( دلمون ) ، حيث لاشاب يشيخ ولاغراب ينعق . وهي التقابل الذهني والروحي لجنة عدن ، وبعد ذلك الكتب العظيمة والمقدسة أنتهت في شكل ( جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقيين )
البوذية تعرف المتقي بأنه ( من يعرف لحظته ) . والديانات الأزلية تعرفه ( الذي يعرف فرض السماء ويلتزم بهما التزاما قلبيا ) . تضعني عبارة ( التزاما قلبيا ) أما رؤى لخيارات صعبه لأن القلب العضو الوحيد الملتزم بالتعامل مع دقة الأنظمة الجسدية للكائن من خلال الدقات المحسوبة وتراه حين يدخل في بعض من وساوس العقل ورغباته وشوشاته تختلف هذه الدقات تزداد وتنخفض تبعا لتأثير المؤثر ويطلق عليها الخفقان . وعبارة ( قلب العاشق دليله ) أو ( قلب المؤمن دليله ) هي تأكيد على أن الالتزام القلبي يقودنا إلى المؤثرات الكبرى في السيرة الشخصية للفرد ولأن التقوى صفة للالتزام ما اتجاه مؤثر خارج نطاق المكان المعاش فأن ارتهانها بزمنية القلب وخفقانه هو تنفيس عن الشعور الذي يمكن ان يسقط على ذاكرتنا بمقدار لايمكن تحمله وربما يقود إلى انفجار أدمغتنا .
لهذا نرى في البوذية ألتقاءا مع غياب الحلاج وتخلصه من حجم ألم الصلب .
ندرك مع الزمن سلامة قلوبنا . وندرك مع سلامة قلوبنا بعضا من خلود مفترض .

ـ 4 ـ
يذهب الخيال إلى مناخ رحب . لكن المؤسف أن هذا المناخ يذهب إلى جيوب الفصول . هنا تتبعثر اللحظة ونصير رهن تقلبات الطقس وهذا ما لم يكن موجودا في دلمون .

ـ 5 ـ
لا أدري من يعبث بمن . الزمن بنا . أم نحن بالزمن .؟
لقد ٌدونت الأساطير لتقول : أن الزمن وليد الحاجة لشئ كامن في الذات .
الشعر أيضا ولد من نفس الإيعاز الذي ولدت منه الأساطير لهذا كانت تدون على شكل قصائد .
الزمن في الشعر . هو قصد القول . لقد كان الشاعر يكتب كي يصل إلى شئ . وكل وصول من دون زمن لايمكن أن يتحقق .
أذن الوصول هي فاصلة زمنية . حين أدرك ماهيتها الشيح فيثاغورس جعل لقاء أضلاع المثلث ممكنة .
هذا يقودنا إلى ربط الحدث الكوني الكبير هذا بهاجس ولادة القصيدة وعبث الزمن بمشاعر الذات ومن ثم إخراجها على شكل هوس جميل وبذلك يمكننا ان نعد اكتشاف المثلث مثل كتابة القصيدة فلقد كان فيثاغورس يعبث بعقله على شكل دندنة بأرقام وكلمات ووصل إلى اللقيا هذه ومعها صرخ السهروردي :
لا أبدل جبتي إلا حين يبدلني . ولا أظنه يفعل ذلك .


أور السومرية 15 أوغست 2005



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميثولوجيا الأهوار ..مستوطنات الحلم السومري والطوفان المندثر
- قلوب معلقة تحت أهداب الشعر
- غادر مبتهجاً وعاد مع سلة تمر
- أمنيات وجنود ورز التموين
- حب وعولمة وقبعة جيفارا
- ليل وطني أغنية للعشق
- لتكن أنت الأشبين
- مشاعر من ذهب لأمي وحبيبتي
- خاتم أمي الوحيد وتسريحة كوندليزا رايس
- قمر يولد من رحم وردة .أمي تصفق لتلك الندرة
- وطني ومعطف غوغول
- وخزة دبوس
- الفهارس في تصوف الأطالس أو رحلة السعيد الى القبرالبعيد
- رومانس لايعطله حزن امرأة او ذوبان وردة الثلج
- من جلب الشيشان الى سوق البزازين ؟ شيء من تسمية القماش وتأريخ ...
- حوار مع السيد عبد الهادي مرهون نائب رئيس مجلس النواب البحرين ...
- الشعر وأنكيدو ومفاتن صاحبة الحانة
- الشعر والمتغير الحضاري ..غيمة في بنطلون لمايكوفسكي إنموذجا..
- غيوم حمر لوطن أزرق وعيون خضر
- مزامير ومسامير وقلوب كاهنات وموسيقى


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نعيم عبد مهلهل - رؤية للزمن المفترض بصورته الفيثاغورسية