أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - الشعر والمتغير الحضاري ..غيمة في بنطلون لمايكوفسكي إنموذجا..















المزيد.....

الشعر والمتغير الحضاري ..غيمة في بنطلون لمايكوفسكي إنموذجا..


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1267 - 2005 / 7 / 26 - 09:18
المحور: الادب والفن
    


يتذكر مثقفونا تلك المتعة الجميلة التي كانت تغطي رؤوسنا ونحن نقرأ قصيدة مايكوفسكي الجميلة غيمة في بنطلون ، وشاعرها مات منتحراً حاله حال الذين احسوا بأن الموت هو الخيار الافضل لحسم كانوا يعتقدونه جميلا ثم لم يجدوه فكان قرارهم ، وانتهى كل شيء . ومنهم مثلا الياباني مشيما ، واللبناني خليل حاوي 0 وقد فسرت هذه القصيدة لواحدة من اكثر شعراء العالم حميمة وهي الشاعرة الروسية ( اخماناتوفا ) عندما حرمت من مواطنتها في عهد ستالين .
هنا ما يهمني القصيدة التي تبدو باردة الانفعالات رغم حرارتها الكبيرة ، وهي عبارةعن يأس كوني تحقق فيما بعد ، ولهذا هي تعرضت لكثير من اقلام الدارسين ولا اريد ان اتصدى ثانية لتلك الاشتغالات التي اراد فيها الشاعر المفضل لدى لينين ان يرينا زاوية ما من البناء الهائل الذي يسميه المنتكسون الخيبة 0 انا فقط اتعامل مع العنوان بمعناه الذي تحمله المفردات ، واعكسه على هاجس يشتعل في منذ زمن ، هو تساؤل بمستوى اسئلة الامتحانات الوزارية 0 ما هو الشعر ، وما الذي فعله لنا ؟
تساؤل فخم 0 واجابة ستحتاج الى قراطيس الحضارات كلها ، وربما نحتاج سفينه بحجم تايتانيك مليئة بالورق الصقيل كي نجيب ومن دون ترك 0 ولكني ارتأيت ان احكم موهبتي اتجاه هذا الهاجس الذي تقول الواح سومر انه مجرد انفعال مع انفعالات الآلهة ، ولكنه بالنهاية اقوى من انفعال لثورة في التاريخ 0 اذن ، ليس هناك ما يوازي الشعر عندما يبتغي شيئا 0 لانه مرتهن بابعاد ما نملك من احاسيس وكشوفات اردنا بها ان نضع التعريف الحقيقي للماهية التي ندور في فلكها ، والتي هي سلفا ممتلكة كل شعور فينا وهو الايمان المطلق بأن الاله الواحد الاحد الذي هو الشكل الحقيقي لتلك الماهية التي نتعامل معها شعوريا وينعكس ذلك ليكون ملموسا ماديا 0
ولكي لا اقف مع معضلتي متصوفة كل القرون 0 النفري والحلاج 0 الاولى تقول : كلما اتسعت الرؤيةضاقت العبارة 0 والثانية للحلاج وهي معضلة المعاضل القائلة : القاه في اليم مكتوفا 000 وقال له اياك ان تبتل بالماء 0 والتي يمكن ان نضعها كفهم مسبق ازاء هذه المعاناة التي نريد ان نقول فيها شيئا عن الشعر مع علمنا ان المتصوفة وهم يكادون ان يجمعوا بين الزهد والفلسفة والشعر ، انهم كانوا يبحثون عن الماهية في طرقات الشعر اكثر من أي طريق ورغم هذا كانوا يعتقدون انهم وصلوا لامحالة ، الا انهم في الحقيقية الامر لم يصلوا لانهم ببساطة كانوا عدة وعددا ليسوا بمستوى الوجود الحضاري والكوني والفكري الذي امتلكه العالم ازاء هذه الفكرة منذ بعث الانبياء ، وحتى تأسيسهم للتكيات والحلقات في جوامع بغداد والكوفة والقاهرة ودمشق وبخارى وسمرقند وتبريز ومدن اخرى 0
ولكي نقف عند هذا الشيء من الشعر ، علينا ان نفهم ان الوجود الانساني وفق رؤى الشعر لا يخلق من ابتكار كلمة لها موسيقى وتأثير ، وربما تمتلك اغراضا اخرى كالحكمة والتعليم والذم والمدح الى كل ما تناوله الشعر امس واليوم وغدا ، بل ان الرجوع الى الوراء ، وبأكتشاف تمعني الى المدونات التي رسمت على اللوح معاناة الكلمة مع صاحبها ، وكذلك ما دون على لفائف ورق البردي ، والرخام الاغريقي ، وحتى على حيطان الكهوف المسكونة من قبل انسان نياتردال ، نشاهد اختلاف التناول عما هو اليوم ، وربما هذا سبب حضاري ، لكن من كانوا قبلنا لم ينتبهوا كثيرا الى المتغيرات التي قد تذهب بهم الى عالم افضل 0 انما شجنهم كان ينصب على اثبات ما يروه حافزا الى هاجس ازلي اسمه الخلود 0 واذا عكسنا الامر على الحاضر نرى ان الشعر ذهب بعيدا عن مثل هذه الهموم التي كانت بدء التفكير واعطى الرغبة الانسانية بالخلود الى العلم ، وهذا ما نشاهده اليوم ، عندما يطالب الاثرياء الغربيون في وصاياهم عندما يموتون ان تحفظ جثثهم في برادات ثلجية تحفظ الجسد من التفسخ ، ظنا منهم ان العلم في يوم ما سيتوصل الى طريقة او عقار يعيد الحياة ثانية الى من ماتوا وهذا محال 0 ورغم هذا تجد من جاهد ليكون الشعر يحمل ذات الهاجس الاغريقي او الذي قرأناه من حداثة الهم الروحي الذي حمله طرفة بن العبد 0
اذن ، كان الشعر غيمة في بنطلون ، تقادم الزمن على نسيجه فبلي ، ومثلما فعلت الفأر مع اطلس وهو يحمل العالم في كيس ، عندما قرضته وتساقطت كتله هائلة من الحجر كونت القارات والحواضر ، وهذا مشهد من يشاهد الميثولوجيا اليونانية ، فان العهود الجديدة ورثت شيئاً من هذا الرداء البالي وهي تحاول أن ترمم ما تفعله عجلات الزمن المسننة غير أننا عجزنا تماما أن نجد ما هو مدهش الا في الندرة القليلة ، وما يقوله شعراء اليوم هو نتاج ما يقعون تحت هيمنة من اضطهاد واعجاب وتخيل يقع ضمن دائرة المشهد الحضاري ، وهذا بعيد بعض الشيء عن متخيل الامس 0 وأستطيع القول أن المعاناة الحقيقية لثقافة الشعر بدأت مع طوفان العولمة ، ولأن لا أحد سيستمع لنوح جديد ، سلمنا بالأمر الواقع ونحن في دواخلنا سبب لا ينتهي للعولمة واهل العولمة 0 وكاد رذاذ السب يصل الى والت ويتمان ، وادغار الن بو 0إلا أن مثقفينا من دارسي ظاهرة العولمة وتأثيرها على الشعب اخذوا بنصيحة ارشيبالد ماكليش المستشار في وزارة الخارجية الامريكية وصاحب الكتاب المهم " الشعر والتجربة " القائلة : ينبغي ان لا نهتم لمتغيرات العصور القادمة لانها مسيسة الى ما فوق طاقتنا 0 ومرة اخرى علينا ان نؤمن بمقولة " هوشي منه" خلق الانسان كي لا يستسلم 0 والشعر في القرن الماضي مارس نوعا من التمرد ضد هيمنة السياسة التي حذر منها ماكليش 0 فأننا عندما نقرأ السياب ، والجواهري وادونيس ، وعبد الوهاب البياتي او محمود درويش او نزار قباني ، او كاتب ياسين على مستوى هاجس العروبة نحس بأن ثمة ايقاع لحياة فيها نشيد المثالية التي ولد الشعر لأجلها اول مرة ، وعلى المستوى العالمي نجد أمثلة لا تحصى ، ونأخذ شعراء القرن القريب ومنهم : طاغور ، ريلكه ، بريتون ، اليوت ، باوند ، سان جون بيرس ، رينه شار ، لوركا ، كافافي ، ريتسوس ، روفائيل ، البرتي ، نيرودا ، ناظم حكمت ، محمد اقبال ، رسول حمز اتوف ، اخمانوتوفا 000 قائمة لا تنتهي من الذين أدركوا معنى هذه الحرفة التي تحمل صداعاً لا يوازيه أي صداع في رأس من يحس بأنه يمسك رقبة الابداع 0 ورغم هذا بقي الشعر لا يوازي ذلك الهم الكوني عند اولئك الذين اشتغلوا القصيدة من دون مطبعة ولا تنضيد حروف 0 ولكنه كان شعرا حقيقيا وشجاعا ، قصيدة مايكوفسكي التي حملت عنوان هذا النص ، دليلاً على لحظة الخذلان التي يحس بها الشاعر ، فكان على حد علمي اول شعراء القرن العشرين من ختم الحياة برصاصة مسدس 0 وتعقيب غوركي على هذا الأنتحار الشعري الجميل والذي سببه التدحرج السريع للغيمة من اكمام البنطلون والقائلة : مات شاعر النبيل بسلاح ناري رصاصاته ابيات شعر.
اذن ، الشعر هو شعر في كل زمان ، ولكن الرؤى تخضع للمتغير ، امس كان المتغير مرتهن بحكمة الروح ، اليوم المادة طغت على كل شيء ، لذا ارتهن الشعر بحواسه الجديدة ، وهذا الجديد من جعلنا غيمة في بنطلون ، تأخذنا رياح الاله أينما تريد ، وحلما نتمرد تظهر من اعماقنا القصيدة ولكنها تحمل شيء من برادة الحديد 0 امس عندما يتمرد الشاعر ، ايضا تظهر القصيدة من اعماقه ، ولكن من دون برادة حديد 0 ويقال أن أحد شعراء الاغريق ظهرت منه قصيدة ، فخرجت روحه معها 0 فمات !

أور السومرية في 4 مارس 2005



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غيوم حمر لوطن أزرق وعيون خضر
- مزامير ومسامير وقلوب كاهنات وموسيقى
- هايكو بالعسل ..وهايكو بالخل ..وهايكو بالقبلات
- ماركس ليس فلسفة فقط ..أنه رغيف مقسوم بالتساوي
- هل يكفي أن تقول لأمراة أنت رائعة ..ثم تذهب بعيداً؟
- حوار مع الكاتبة السعودية وجيهه الحويدر ..أمراة دأبت على أشعا ...
- قصائد للعلم الأحمر والرغيف الأحمر والخد الأحمر .. قلبي قوس ق ...
- من أجل صديقي عبد الله الريامي ..رسالة الى السلطان ..ليكن مرس ...
- المثقف وأيام الآن العراقي
- يوتيبيا خضراء ..وجفن أمراة ترتدي قمراً بلون المقصلة
- حكم مأخوذة من متن كتاب الحياة
- دمعة لندن ومنديل مفتي الديار الأسلامية
- سيناريوهات لرعاة المطر ورعاة البقر ورعاة الأفيال السومرية
- قضاءالجبايش العراقي وبطة شنغهاي
- أنت تشبه دالي ..وأنا أشبه صدر الدين حمه
- يازمان الوصل في الأندلس ..نحيب عبد الله الصغير بين مدريد وكا ...
- رؤى في تأسيس الديمقراطيات القادمة ..مقالة النائب البرلماني ع ...
- الذاكرة الصينية والقمر الياباني
- الملائكة المندائية وتوأمت الروح بالمهد والضوء والتعميد
- أوغاريت تقطر ورداً..وكلاديس تقطر شهداً..وأمي تقطر خبزاً وفرا ...


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - الشعر والمتغير الحضاري ..غيمة في بنطلون لمايكوفسكي إنموذجا..