الشهوة !!

حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4590 - 2014 / 10 / 1 - 14:00
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

الشهوة !
الشهوة هي الرغبة الملحة القوية ، والنزوع النفسي الشديد الذي يدفع الإنسان إلى ما يريد من الرغبات ، والتي تعد ممارسة الجنس من بين الرغبات التي فطر الإنسان عليها ، وربما تكون هي أهمها وأخطرها على الإطلاق ، لانتقالها في الوعي الإنساني إلى خانة الكبت والتحويل إذا لم يتم تفريغها ، وفقاً للنظرية الفرويدية ، وسأحاول في هذه المقالة ملامسة بعض جوانب هذا الموضوع ، رغم حرجية فى ثقافتنا التي حولت النشوة الجنسية من هدف روحي إلى مجرد رغبة وشهوة حيوانية ..
وبداية يجدر بنا أن نفريق بين ممارسة تلك الفطرة الإنسانية ، بدافع الرغبة والانجذاب ، كإبداع حقيقي عميق ، يصُبُّ فيهِ كل من الرّجل والمرأة ، تجاربهما لفكرية والثقافية وإرثَهُما الحضاريّ ، طلبا للانسجام والتآلف والتفاهم والتوافق والتلاؤم وبلوغ المحبة المثلى المختلفة تمامًا الاختلاف عن حِرفيّةِ النكاح البهيمي المُمنهج ، والمَرسومة سّماته الحيوانية ، وصبغته البهيمية ، وألوانه الخالية من الرّموزِ الإيحائية الإبداعية المنسابة بتلقائيّة الأرواح وعفويتها السيّالة البعيدة عن عبودية العادات التناسلية اليومية الخاضعة لإملاءات المُحَرَّمات ، وإجهاضات التابوهات ، وضغوطاتها المُوجِّهة ، التي تحول القلوب إلى أعضاء تناسلية تنبعث منها مشاعر ملتبسة ، يخالها الكثير من غير العارفين ، حبا وهياما ، ويظنون أنفسهم مُحبون فعلا ومتيمون حقيقيون ، يبزون عنتر وعبلة ، وقيس وليلى ، وروميو وجوليت في عشقهم ، بينما حقيقة أمر مشاعرهم ، أنها ليست في واقعيتها إلا مجرد مشاعر هوائية زائفة براقة ، تنتابهم كلما أحسوا بزئقبيتها ، وعواطف برجماتية مصلحية بعيدا كل البعد عن الحب النبيل الذي ينطلقُ من عقالاتِه مُتمرّدا مُراوِغا يتخطّى حواجزَ العيونٍ المُتلصِّصةٍ ، وعراقيل الرقباء المتربصة ، ليحلّقَ بسلاسة في فضاءات الشهوة المُتماهِيةِ معَ أغوار الروحِ وأعماقِها ، ليقتنص أحلى الشهوات اللّامَشروطةِ بدين ، ولّامُهجّنةَ بمَوروث ، ولّامُدجّنة بسياسة ، شهوة متُحرّرة من كل القيود والأغلال ، التي تمنع الإنسان من أن يكون مُتوازنًا ومُتّسِقًا معَ نفسِهِ ، لا يَخشى فعلهُ ، ولا يُبغضُ خلوته الإبداعيّةِ ، التي ليس من الضروري أن يكون مجرد "نكاح" بالمفهوم الذي يعرفه ويطلبه الإنسان البسيط من كل علاقة بين الرجل والمرأة ، لإنه أنواع متنوعة من الممارسات ، التي تتلاقى خلالها الأرواح ، لتصل قبل تلامس الأجساد إلى مستوى عال من النشوة الفكرية العارمة ، التي هي الحب - المركب من العواطف والأفكار وجمالية في الجسد والنفس والعقل - والهيام العاصف الذي يقود المحبين الرمانسيين إلى مَواطِنَ جَمالٍ الروح ومساحات نقائها الشاسعةُ والمفتوحةٍ على آفاقَ زمنية رحبةٍ من الانسجام والتآلف والتفاهم والتوافق والتلاؤم وبلوغ المحبة المثلى غير المقيّدُة بحدودُ المكان ، والتي لا تصدّها سدودُ الوقت ، الذي تشعر معه القلوب المتيمة بالأمان والطمأنينة في تمتعها بالنشوة الروحية ، التي تصل إلى مراتب الشبق ، الذي هو غذاء للحب ، ودواء مجدد له ، وليس غاية له ولا نهاية بين المتحابين ، لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة ، فالاثنان لهما نفس الشهوة التي تصبح لذيذة جذابة مع هذا الصنف من الشهوة الراقية السريعة التأثر بالحالة النفسية لطالبها ، ذكرا كان أم أنثي ، حيث من الممكن أن تكون الرغبة شديدة في الممارسة ، لكن القدرة على القيام بها قد تكون ضعيفة أو منعدمة ، لظروف طارئة تسلّلت أطيافها إلى ذاكرة ونفسية المحبين المَسكونةِ بالقلقِ ، فلا يستطيعون ممارستها ، إلى درجة أنه قيل أن حاسة الشم لها تأثير قوى على إيقاظ الرغبة الجنسية بالرغم من كونها معلومات افتراضية ليست مدعمة بالتجارب ، ومن الأشياء الطريفة التي يحكيها التاريخ أن نابليون بونابرت قد أرسل خطاب إلى عشيقته يخبرها أنه قادم ويطلب منها طلب غريب هو ألا تستحم!! . فالرائحة المنبعثة من جسم المرأة و البرفانات وأدوات التواليت والمكياج لها تأثير على الرغبة الجنسية لبعض الرجال . وليست كل الروائح لها نفس التأثير - فهناك روائح لها تأثير خاص فى انعكاس الجنس مثل رائحة المسك وهذا معروف منذ زمن بعيد ، ويمكن القول إن الروائح ذات التأثير الجنسي هي الروائح التي تطمس رائحة الجسم الذي ضل طريقه إلى الحمام مدة طويلة ، وفى بعض المجتمعات فإن الأنثى عندما تريد الجماع فإنها تفرز مواد كيميائية لها رائحة ممكن أن يشمها الذكر على مسافات بعيدة وهذا يساعد الذكر على التعرف على الأنثى والاهتداء إليها، وهذه المواد فى إفرازات النساء وتحدث تحت ظروف معينة ولها فاعليتها فى إيقاظ حواس الرجل الجنسية ولكنها لم تدرس بعد .
حميد طولست [email protected]

#حميد_طولست (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل