أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حميد طولست - مراسيم تشييع جثمان -بونوارة-














المزيد.....

مراسيم تشييع جثمان -بونوارة-


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4529 - 2014 / 7 / 31 - 19:54
المحور: المجتمع المدني
    



جنازة رتيبة بائسة ، لكن مراسيمها تميزت -رغم الرتابة والبؤس- بالصدق والتواضع والبساطة وغياب النفاق والكذب والمراوغة المعطرة بالمسك والعود والصندل ، وبهرجة الجلاليب الحريرية البزيوية والوازانية ، وموضة البدلات الباريسية وربطات العنق الموقعة من إيف سان لوران وموديلات السيارات الفارهة ، التي يتباهى بها علية القوم في مثل هذه المناسبات ، خاصة حينما يكون المتوفى من ذوي الحضوة والجاه ، أو من أقربائه ، حتى البعيدين منهم، وإن كانت "ريحة الشحمة فالشاقور" كما يقول المثل المغربي .
لم يحضر الجنازة إلا قلة قليلة من علية القوم ، ممن أدمى الرحيل المفاجئ قلوبهم ، من المعارف والجيران وبعض الذين دفع بهم الشعور بالواجب لعدم التخلف عن حضور الجنازة ، كفريضة دينية ، رغم أن المتوفى لم يكن رجل سلطة ، أو واحداً من الذين أضحوا "ساسة" هذا الزمن الرديء ، بعد أن صاغوا مذهباً أو اسسوا حزبا ، ودخلوا على أكتاف مناضليه البرلمان ، ولم يكن رمزاً شاهقاً في عالم الثقافة ، أو أسطورة في كرة القدم أو الغناء ، كما لم يكن إمبراطوراً بين رجال المال والأعمال ، وكان مجرد ميت مجهول من بين الفقراء المنسيّين المحرومين ، الذين يقضون الاعمار موتى مع وقف التنفيد ، في انتظار شهادة الوفاة ..
بينما سار وراء النعش ، جمع غفير ممن حزنوا حقّا على موته ، وشق الأسى قلوبهم ، وقرح القهر والضيم والحيف عيونهم ، من أصدقاء في الشقاء ، ومعارف في البؤس .. وغطى مراسيم دفنه الذين تشظيت إنسانيّتهم ، وتناثر هوياتهم وفاحت منهم نكهة اليتم والحرمان عبر دروب وأزقة محيط "لاكار" ، من بائعي "الديطاي " وماسحي الأحدية، والضائعين والمنبودين من أطفال الشوارع.. وفي منتهى الحزن والكآبة ، أصر الجمع البئيس على التجمهر أمام مدخل بناية عجوز صامدة في وجه النسيان، لانتظار خروج الجثمان البارد من غرفتة الموغلة في القدم الشائخة البنيان المستوحشة الأسوار ، ليحمل ،وفي صمت حزين صوب المسجد الذي ربما لم يدخلوه إلا للنوم به ، أناس حزانى يشبهون المحمول في كل شيء ، نفس السحنة الكالحة ، ونفس الملامح المتعبة ، ونفس الروح القلقة ، ونفس العيون المتوجسة ، ونفس بقايا الابتسامات الذابلة ، ونفس الظروف الشقية ، ونفس المعاناة ، ونفس المصير ، ونفس النهاية .
خلاصة الأمر أن مصاب الموت ذام جللا ، لكن له في المجتمعات المنافقة ، مراسم عديدة تختلف حسب أهمية الميت وموقعه على الأرض ، من حسب ونسب ، ومن فقر وغني ، فإن كان للميت نفوذ وجاه وسلطة ، كانت جنازته فرعونية ، ومراسم تشييعه متميزة بدأ من غسله بماء الأزهار والعطور "السينيي"، والبخور الزكية المجلوبة من الهند والسند، إلى التعامل مع جثمانه بكثير من الأهتمام والتطيب، والاحترام والتبجيل والتعظيم، حيث يحمل بكل رفق وكأنه يعلم أو يأبه بما يحدث حوله وله ، أما إذا كان الميت فقيرا كحالة ميت شارع "لاكار"، فأحتمال كبير، أن يكون قد تم غسله بالماء فقط ، اذا وجد الماء .. وللناس في الموت طقوس !
حميد طولست Hamidost@



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قد جاء دورك يا -بونوارة- فمت قرير العين بما ينتظرك عند ربك!!
- بدعة التسابيح وموضة التسبيح
- ألا في مثل هذا فليتنافس المتنافسون .
- لماذا تأهلت لنهائيات كأس العالم الدول التي ترأسها النساء فقط ...
- هل بعث الله لمصر من يصلح لها أمر دينها ودنياها
- سلامة الإنسان في سلامة بيئته .
- وبضدها تتميز الأشياء !!
- الصبر والدعاء لا يكفيان لمجابهة المصائب يا نساء !
- على هامش إحتفالية توزيع الجوائز بمنتزه -جنان السبيل- التاريخ ...
- هل هي مؤا مرة على المرأة ، أم على الإسلام ؟
- المنتدى المغربي للمبادرات البيئية بفاس ينظم حفلا بيئيا بجنان ...
- هل هي عنصرية صرفة أم هي مجرد ذوق عام ، أو ثقافة اجتماعيّة تق ...
- برتوكولات المواكب الحكومية
- تهنئة مصر بانتصارها
- إعدادية بنكيران ماض ٍعريق وحاضر كئيب !
- الجدودية ثرية بالمعاني.
- المراة عندهم ، والمرأة عندنا !!
- الصحراء المغربية ودور الجمعيات المدنية
- شعوب لا تقرأ !!!
- ظاهرة نكران الجميل !!


المزيد.....




- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حميد طولست - مراسيم تشييع جثمان -بونوارة-