|
سلامة الإنسان في سلامة بيئته .
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4510 - 2014 / 7 / 12 - 19:29
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
سلامة الإنسان في سلامة بيئته . زمن غريب هذا الأغبر الذي نعيشه، والأغرب منه أولئك الذين نعيش بينهم ومعهم، والأكثر غرابة من هذا وذاك، أولئك الذين يتولون شؤوننا باسم الديموقراطية وعبر صناديقها ، الذين ينشغل كل واحد منهم عن تدبير الشأن العام الذي بدل من أجل تحمل مسؤولية تدبيره النفس والنفيس ، ويهتم -مباشرة بعد تقلده أمانة خدمة من انتخبوه لتمثيلهم في أي مجلس كبر او صغر- بـ"عرامو" و"كيديها" في أموره الشخصية والعائلية والعشائرية ، ، دون أن يكلف نفسه الاهتمام بـ "عرارم " النفايات المتراكم في كل مكان من دنيا من منحوه ثقتهم ، ناكتا بذلك ما روجت له دعايته الانتخابية من الوعود التي كانت تهز كيانات المواطنين الذين كانوا يصدقون منها ما لا يصدق ، كالعمل على تنجيز كل ما من شأنه أن يساعد على راحتهم وسعادته ، وإعمار مجالهم الأرضي الذي أوجده الله وجعله ماهدا لهم ، وتكلف هو أمانة إحيائه بكل ما توفر له الدولة من امكانات ومميزات يندر اجتماعها عند من يماثلنا من البلدان ، والتي تصرف في غير محلاتها . موجب هذه المقدمة -التي يمكن أن تبدو للبعض سوداوية ، لكنها ضرورية لتسليط الضوء على مكامن الخلل في بعض مسار الشأن العام وشرح الأخطاء أمام الجمهور ، بغية تنبيه المسؤولين على الشأن المحلي ، وتدفعهم إما الى الدفاع عن وجاهة سياساتهم ، وإما إلى الاضطرار لإصلاح الأخطاء قبل تفاقمها- هو أنني كلما قمت بتمشيتي الصباحية عبر شوارع الرباط وأزقتها ، التي لا تخرج عن نمط باقي شوارع وأزقة الكثير من حواضر بلادنا والتي ليست بأفضل منها في كل الأحوال ، إلا وشعرت باستياء متزايد إزاء أوجه القصور الواضح في الاستثمار في البنية التحتية الأساسية لمدننا ، ويصيبني الإحباط عندما أشهد مدى النقص البين الحاصل في الخدمات اللازمة لتحسين المناطق الحضرية وملاءمتها لنوعية الحياة الصحية السليمة التي ينتظرها المواطنون ، جراء ما تستقبلنا به الكثير من تلك الشوارع والأزقة والدروب من أكداس مزابل النفايات في أبهج وأجمل صورها ، ما يفرض علينا ، افرادا وجميعات ، دق طبول الإنذار الصاخبة والعالية حول ما يحيق بمدننا –مع الأسف الشديد- من عشوائية خطيرة تهددها بالانحطاط والتأخر والتقهقر، الذي يُفقدها ملامحها الأصلية ويحولها الى أكداس من رماد ومزابل لا يشبه المدن في شيء . فلنتخيل مشاهد المزابل المقرفة اللاحضارية التي اكتسحت مجالات مدننا ، بل لا داعي لتخيلها لأنها أمر حاصل فعلا ومن السهل على الزائر والمقيم أن يلاحظها بوضوح وجلاء ودون أن تخطئها عينه ، لتكرارها في كل وقت وحين ، وفي كل مكان ، كما تُظهر الصورة المقززة -التي التقطتها في احد صباحات هذا الشهر الفضيل - لساحة "قيس" بحي "اكدال" أحد أرقى أحياء الرباط ، وما تعيشه وغيرها من ساحات وشوارع الأحياء الراقية لعاصمة البلاد ، وباقي أزقتها ودروبها القديمة ، داخل الأسوار أو خارجها على حد سواء ، مع الظواهر الإيكولوجية المهددة للمحيط البيئي والمشوهة للصورة المثاليه التي أخذها الناس عن العاصمة ، والتي أن دلت على شيئ لإإنما تدل وبصفة قطعية على قلة اهتمام بعض المسؤولين بالشأن الإنساني ومحيطه الإجتماعي والبيئي والطبيعي للوطن والمواطن ، بل واستهتار الكثير منهم بكل ما يحافظ على سلامته ، والتخلي عما يعينه على العيش في انسجام وتناسق مع بيئته التي راحته في سلامتها ، وأن سلامته من سلامتها، وهما شيآن مقدمان على كل شيء.. أن المرء ليستغرب الى حد الاستنكار من هذا التراجع وذاك التدهور البيئي التي لا يجد له سببا ، ولا يتصور أن يكون للمسؤولين عليه مبررات معقولة ، أو دوافع مقبولة ، فيتيه تفكيره في متاهات الاسباب والمبررات ، والتي يرجعها الكثير مرة إلى قلة خبرة ودراية المجالس الجماعية في مجال الاهتمام بالبيئة ونظافتها ، ومرة إلى غياب القوانين الردعية للمكلفين بحمايتها ، وينسبه مرة إلى الثقافة المتخلفة والسياسة الخربة ، التي يخرب بخرابها العمران ، وتتحول المدن والقرى الى أكداس من كوابيس إندثار ، التي يخرب تبعا لخرابها الذوق العام والأخلاق والنفوس ، تم يرجعها البعض للتدبير الإداري الموغل في البيروقراطية ، الذي لا ينتج إلا البتور والتعطنات والاهتراءات البيئية ..وحتى لا أطيل ، اختم بالمسلمة القائلة بأن : التنمية بمفهومها الشامل والحقيقي ، لا يمكن أن تثمر نتائج مرضية إلا من خلال الاهتمام بالإنسان وإشعاره بقيمة انتمائه لوطنه ، من خلال الاهتمام بمجاله البيئي ودفعه للانخراط كلية في قضاياه المجتمعيه .. حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وبضدها تتميز الأشياء !!
-
الصبر والدعاء لا يكفيان لمجابهة المصائب يا نساء !
-
على هامش إحتفالية توزيع الجوائز بمنتزه -جنان السبيل- التاريخ
...
-
هل هي مؤا مرة على المرأة ، أم على الإسلام ؟
-
المنتدى المغربي للمبادرات البيئية بفاس ينظم حفلا بيئيا بجنان
...
-
هل هي عنصرية صرفة أم هي مجرد ذوق عام ، أو ثقافة اجتماعيّة تق
...
-
برتوكولات المواكب الحكومية
-
تهنئة مصر بانتصارها
-
إعدادية بنكيران ماض ٍعريق وحاضر كئيب !
-
الجدودية ثرية بالمعاني.
-
المراة عندهم ، والمرأة عندنا !!
-
الصحراء المغربية ودور الجمعيات المدنية
-
شعوب لا تقرأ !!!
-
ظاهرة نكران الجميل !!
-
بلاد تستوطنك ، كما يستوطن العطر أكمام الزهور !
-
أيهم أكثر نضالية ، عمالهم أم عمالنا ؟؟
-
فاتح ماي في فرنسا عيد مزدوج ، -رمانسية ونضال-.
-
رد على منتقد -لولا الجنس لانقطع الجنس -
-
لولا الجنس لانقطع الجنس (5)
-
لولا الجنس لانقطع الجنس (4)
المزيد.....
-
وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي
...
-
الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني -
...
-
-لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق
...
-
أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
-
شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر
...
-
قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل
...
-
وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال
...
-
أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
-
الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا
...
-
آلهة الحرب
المزيد.....
-
-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر
...
/ هيثم الفقى
-
la cigogne blanche de la ville des marguerites
/ جدو جبريل
-
قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك
...
/ مصعب قاسم عزاوي
-
نحن والطاقة النووية - 1
/ محمد منير مجاهد
-
ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء
/ حسن العمراوي
-
التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر
/ خالد السيد حسن
-
انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان
...
/ عبد السلام أديب
-
الجغرافية العامة لمصر
/ محمد عادل زكى
-
تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية
/ حمزة الجواهري
-
الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على
...
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|