أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - حميد طولست - بلاد تستوطنك ، كما يستوطن العطر أكمام الزهور !














المزيد.....

بلاد تستوطنك ، كما يستوطن العطر أكمام الزهور !


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4444 - 2014 / 5 / 5 - 17:38
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


بلاد تستوطنك ، كما يستوطن العطر أكمام الزهور !
قبل أيام قليلة من موعد العودة إلى الديار بعد انتهاء مدة الاجازة الرائعة التي قضيناها بأحلى المناطق الفرنسية جمالا "لو فيزيني"، وفي حفل العشاء الذي أعدت له زوجتي ما قدرة عليه وحتى ما لم تقدر ، من أنواع الأطباق الباردة والساخنة وأصناف الحلوى والمأكولات التي فاقت ما اعتدنا عليه ، ولإنجاح حفلها ، وكربة منزل "دايزها الكلام"، لم تدخر جهدا ، وقدمت من التضحية واجهاد النفس فوق طاقتها ، غير عابئة بالتعب والعياء ، بل وما يعتريها عادة من إرهاق بسبب اعتلال قلبها الذي خضعت لعملية مفتوحة له مند سنوات . ونحن حول المائدة نتناول ما أفاء الله علينا به من رزقه الشهي ، في مرح وابتهاج لم يخلو من مشاعر حزن الفراق وأمل اللقاء ، ظهرت على زوحتي أثار الضيق ، وبدت غير واثقة ، بل إعتراها -ورغم اتزانها المبالغ فيه - اضطراب ، يفضح شدة توقها للوصول الى المكنونات الداخلية لأحوال إبننا ، فاجأتنا بعده بما لديها من غريب الأسئلة التي لم تستطيع الصبر عليها إلى حين الإنتهاء من هذا الإحتفال الرائع الذي بدلت فيه الطاقة والجهد الخارقين ، موجهة الكلام لأبننا الذي نحن ظيوف عليه في الديار الفونسية قائلة : "إيوا فوقاش غادي ترجع للمغرب يا وليدي ؟؟؟" لتعيش في وطنك ، وبين أهلك وذويك ، بدل ما أنت عليه من بهدلة الغربة المزدوجة ، إحساسك بالوحدة وحنين القلب ولوعة الاشتياق وبعد المسافات ، وأردفت مستعجلة كمن يخشى أن تفوته فكرة أساسية : أم ترى أنك لم تعد تشتاق للأهلك ، ولا تحن لوطنك ، ولا تقدر نِعَم بلادك الوفيرة وغناها المتنوع ؟ أم أن الغربة أصبحت لديك جنة وملادا ؟" ..
ارتسمت خَرائطُ الحُزن والاكتِئابْ على تَقاطيعُ وَجه إبني .. وقعت اللقمة من فيه .. توقف عن الأكل مصدوما من غرابة السؤال وتوقيته .. لفحني بنظرة استغراب مشفوعة بإبتسامة تساؤل طفولي .. بادلته نفس النظرة المندهشة من فحوى السؤال الذي جاء هذه المرة مخالفا لما ألفنا سماعه منها ، ومتعلقة في غالبيتها بالزواج والنسل ، ومتى يمنُّ عليها الله برؤية أحفادها منه كما بقية أخواته "الله يرضي عليهم ، ويخلي ليهم وليداتهم". استغرقني وإبني الإندهاش وتملكنا التعجب ، ولبستنا كل علامات الإستفهام من دوافع ذاك الكم الهائل من الأسئلة حول العودة للوطن ، ومزايا الوطنية ، وهي تعرف أن حب المغرب يسكن قلبه ، ويملأ دواخله ، وأنه لا يبغي عنه بديلا ، لأنها هي من زرع ذلك الحب في قلبه مند كان طفلا صغيرا حين كانت تردد على مسامعه مقولة : "أن حب الأوطان من الإيمان ".
ربما فهم إبني ما إستعصى علي فهمه من مقاصد أسئلة أمه ! فأجابها مؤكدا أنه ليست له ، كما توهمت ، علاقة حب أو حكاية عشق أو انتماء ، بالمعنى المتداول والمتوارث للانتماء، يربطه بديار المهجر أكثر من ارتباطه بأهله ووطنه ، وأن ذاك شعور لا ينتابه لقناعاته بانتمائه لوطنه ، ومحبته له على علاته ومتاعبه ويدعو من كل قلبه لكي تزول ، بأخد أهل وطنه القدوة من سلوكات أهل هذا البلد الجميل ، الذي يستوطن الإنسان ، كما يستوطن العطر أكمام الزهور ، بعاداتهم الإنسانية الصحيحة ، ويتشرب بقيمهم وأخلاقهم النبيلة الصالحة ، ويستفيد من تجاربهم الناجحة في التعامل الإنساني مع غيرهم، بلا تفرقة عنصرية ، دينية أو اثنية أو عرقية ، وأن الكل عندهم متساو أمام القانون ، لا فرق لديهم بين ابنائهم والوافدين من القارة الأسيوية أو القارة الافريقية رغم سوادها ، وأشهد أني لم أشعر يوما -خلال المدة التي قضيتها بينهم والتي قاربت العشرين عاما - بتفرقة أو تعنصر ديني أو اثني أو عرقي ضد أي من البشر ومن أي جنسية كان ، المسلم ، البوذي ، المسيحي ، اليهودي ، الطفل ، المرأة ، الشاب ، الكهل ، والذين يعاملونهم بأحترام وكياسه وتقدير ونبل وانسانية ويمنحونهم ما يمنح الفرنسي من حقوق الحياة والأحترام والمأوى والتقدير والأمان ، بخلاف ما يدعيه المغرضون ، وخاصة منهم المتطرفون في كل اديولوجيات الدينية والسياسية والثقافية ، المتاجرون بمفاهيم الإنسانية (الفارغة) الذين لا يعترفون بقدسية الإنسان .
أفلا تحتم علينا المروءة الانحناء احتراما واجلالا ، لمثل هذه السلوكات الإنسانية العالية النابعة من قلوبهم البيضاء وضمائرهم النقية ، التي تزيح عن المهاجر جبال الهموم والأحزان .
وختم بقوله : أن السعادة الحقيقة ليست في العودة أو البقاء في بلاد المهجر ، وإنما هي في دواخلنا وليست في أي مكان آخر غيره .. وإن لم نشعر بها في داخلنا فلن نجدها في أية بقعة أرض نكون..
حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيهم أكثر نضالية ، عمالهم أم عمالنا ؟؟
- فاتح ماي في فرنسا عيد مزدوج ، -رمانسية ونضال-.
- رد على منتقد -لولا الجنس لانقطع الجنس -
- لولا الجنس لانقطع الجنس (5)
- لولا الجنس لانقطع الجنس (4)
- لولا الجنس لانقطع الجنس (3)
- لولا الجنس لانقطع الجنس (2)
- لماذا فقدنا الابتسامة ؟؟..
- لولا الجنس لانقطع الجنس (1)
- لماذا تُذل المرأة نفسها وتتهم الرجل بذلك ؟؟
- حين تهان المرأة ممن يفترض فيه حمايتها !!؟؟؟؟؟؟؟؟
- الإنسان السعيد لا يشيخ !!
- الدراجة الهوائية وسياسينا !!
- لماذا أدمن ركوب القطار !! (5)
- لماذا أدمن ركوب القطار !! (4)
- الإعدام جزاء من جنس جريمة !!
- فضيحة الشكلاطة
- رد على اللواتي اتهمن حاسوبي بالتحامل عليهن!!
- المراحض العمومية والسياسة !!
- لماذا أدمن على ركوب القطار ؟؟؟ (3)


المزيد.....




- لافروف يتحدث عن المقترحات الدولية حول المساعدة في التحقيق به ...
- لتجنب الخرف.. احذر 3 عوامل تؤثر على -نقطة ضعف- الدماغ
- ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام 12 سجينة في طقس -خميس العهد- ...
- لجنة التحقيق الروسية: تلقينا أدلة على وجود صلات بين إرهابيي ...
- لجنة التحقيق الروسية.. ثبوت التورط الأوكراني بهجوم كروكوس
- الجزائر تعين قنصلين جديدين في وجدة والدار البيضاء المغربيتين ...
- استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع الشفاء لليوم ا ...
- حماس تطالب بآلية تنفيذية دولية لضمان إدخال المساعدات لغزة
- لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب -ا ...


المزيد.....

- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون
- في مسعى لمعالجة أزمة الهجرة عبر المتوسط / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - حميد طولست - بلاد تستوطنك ، كما يستوطن العطر أكمام الزهور !