أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد طولست - لماذا أدمن ركوب القطار !! (4)














المزيد.....

لماذا أدمن ركوب القطار !! (4)


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4412 - 2014 / 4 / 2 - 13:43
المحور: الادب والفن
    


لماذا أدمن ركوب القطار !! (4)
تعمدت ، كعادتي ، الوصل قُبيل الاقلاع بمدة ليست بالقليلة ، إلى محطة فاس التي أصبحت تحفة معمارية بمتاجرها ومقاهيها المفتوحة على بهوها الرخامي الصقيل الفسيح .. جلست على أقرب كرسي لأقرب مقهى للبوابة الزجاجية الضخمة التي تزينها ساعة عملاقة العقارب .. رشفت رشفة بُنٍ قوية وتابعت مراقبة ما يجري في المحطة التي بدت هادئة إلا من بعض الأطفال الذين ملأوا البهو الواسع صياحا وركضا بين الكراسي التي جلس عليها أهلهم ودويهم ، فهناك جلس والد أحد الأطفال يقرأ جريدة محلية ، وتلك والدة طفل آخر من المتصايحين ، وقد نامت مسندة رأسها على إحدى حقائب السفر ، وعلى المقعد المجاور لها جلست حسناء عشرينية ، لاشك أنها أخت صبي منهم ، تغرق في شاشة هاتفها تجنبا لنظرات شاب ملمع الهيئة جلس على مقربة منها لغاية التحرش بها على ما ويبدو من تنحنحه وغمزه الذي ليس له معنى غير ذلك ، وبجوارهما قبع القرفصاء شيخ معمم ، فقيه (رجل دين ) في الغالب الأعم ، بيده سبحة غليظة يهش بها على الأطفال حين يقترب تصايحهم منه، وفي الجهة المقابلة انتصب عسكري بزيه الرسمى ، ينظر إلى ساعة يده كل خمس دقائق ، يبدو فى عينيه اضطراب وقلق شديدين ، وكأنه واقع فى مصيبة ، وبجانبه وقف رجل فى نهاية الاربعينات يرتدي بذلة رمادية وربطة عنق زاهية غير متناسقة مع لون البذلة ، وعيناه زائغتان لا تفتران عن متابعة مؤخرات المسافرات ..
وفيما كنت والمسافرين نعيش رتابة الانتظار الثقيل ، ونبدد روتين "الروطار" بـ "التبركيك" في ما يجري ويدور على رقعة المحطة ، ملأ سكون المحطة صراخ إحدَى السيدات ، مستجدية عون المسافرين ضد لص حقير سطى على حقيبة يدها ، وتبخر وسط الجحافل التي بدأت أعدادها تتزايد مع اقتراب لحظة الاقلاع .. ارتفع صوت شاب ثلاثيني ، يبدو من مظهره أنه موظف بمؤسسة محترمة : " راه راه داخل لبيت لما ديال لعيالات " تربص به شباب أقوياء استيقظت نخوتهم ، وتحركت شهامتهم ، وحولوا المحطة ، بعد القبض عليه ، إلى محاكمة فورية ، طبقت فيها الحشود الغفيرة حكم القصاص على اللص "المنحوسا الحظ " بكل معنى الكلمة ، لوقوعه بين أيدي العشرات ، بل المئات من المسافرين - الحانقين على تنامي اللصوصية والسرقة بمدينة فاس ، التي ضاقَ أهلها درعا منها فخرجوا في عدة تظاهرات حاشدة ضد ما تتعرض له الساكنة الفاسية من سرقة و "كرساج" اغتصاب بالسلاح الأبيض في واضحة النهار وبمختلف أحياء المدينة - الذين انهالوا عليه بالصفعات واللكمات والركلات والضربات العنيفة والمتتالية ، الموجهة بلا هوادة إلى كل جهة من جسده في دمائه وهو يتوسل : "عيطوا للبوليس !! عيطوا للبوليس ، الله يرحم ليكم الوالدين ، راهم غادي يقتلوني !! " ، لأن قبضة الشرطة أرحم وأحن به وعليه من غضب الحشود التي لم يتوانى أي منهم عن المساهمة بضربة أو ركلة أو بصقة أو شتيمة كأضعف الإيمان ، والتي كانت مساهمة من امرأة عجوز أثقلتها السنون .. لقد كادت روح المسكين "اللي ما عندو بزهر" أن تزهق لولا صفير القطار والنداء المعلن عبر مكبر المحطة عن الانطلاق نحو مكناس القنيطرة الرباط الرباط اكدال الدار البيضاء الميناء ، واللذان أنقداه من موت محقق..
وهنا تحضرُني نكتة لا أذكر من حكاها لي ، والتي كان مضمونها : أن لصا تعيس كلص المحطة ، دخل بيتا ظن أنه خاوٍ من أهله ، فإذا به يفاجأ بأهل الدار مجتمعين لاستقباله ، تتقدمهم ربت البيت السمينة جدا ، والتي أمسكت بتلابيبه واسقطته أرضا ثم جثمت عليه وهي تصيح بابنها " علي عيط آولدي البوليس" واللص المسكين يتوسل من تحت اردافها متوسلا من ابنها علي : " دغيا أخويا علي عيط للبوليس الله يخلي ليك الواليدة ، راه روحي غادية تزق " ..
من أجل هذه الأحداث وغيرها ، الطريفة منها والمحرجة بما فيها من دروس سياسية واجتماعية تستحق الفحص ، أدمن على ركوب القطارات المغربية ..
حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعدام جزاء من جنس جريمة !!
- فضيحة الشكلاطة
- رد على اللواتي اتهمن حاسوبي بالتحامل عليهن!!
- المراحض العمومية والسياسة !!
- لماذا أدمن على ركوب القطار ؟؟؟ (3)
- هل تحرن الحواسيب هي الأخرى ، كالحمير !!
- لماذا أدمن على ركوب القطار ؟؟؟ (2)
- سحقا لك حظي الوغد ، ما أتعسك !
- الحدائق تتحدث دون وسيط أو مترجم أو حروف وكلمات !
- قرانا وقراهم !!!
- لهذا السبب أصبحت مدمنا على ركوب القطار !
- لكل جهنمه !!(4)
- مداخل مدن أم مفارغ زبالة ؟؟
- التعيين العائلي في الوظائف العمومية !
- خائن من يعتصب ورود مدينتي !
- لكل جهنمه 3
- المجتمعات الاستعراضية ، رياء ونفاق !
- لكل جهنمه !!!(2)
- فضائح أئمة المسلمين الجنسية !
- الحكامة في المشهد السياسي !


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد طولست - لماذا أدمن ركوب القطار !! (4)