أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - حميد طولست - الحكامة في المشهد السياسي !














المزيد.....

الحكامة في المشهد السياسي !


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4358 - 2014 / 2 / 7 - 12:20
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الحكامة في المشهد السياسي !
انسجاما مع ما مس البنى الاجتماعية والثقافية والفكرية والاقتصادية والإنمائية بالمغرب في السنين الأخيرة من تحولات عامة وسريعة ، فقد عرفت ميادين السياسة العمومية هي الأخرى ، تجددا مهما في مفاهيمها ، وتحولا مضطردا في قواميس لغتها المستعملة ، فأصبحت تزخر بمصطلحات جديدة ، هي أقرب إلى الطلاسم منها إلى المفاهيم السياسية ، التي تشنف أسماعنا في كل مناسبة وفي أي مكان وعلى أي لسان ، بما يتلوّى اللسّان ويتشعّبُ في أدغالِ غموضها الشائع الذي تردده كثيرًا وسائل الإعلام ، ويهيمن على نتاج الصحفيين ، ويستحوذ على الكثير من تحاليل الباحثين والمحللين ، ويتصدر جل أحاديث وحوارات القادة والسياسيين ، ويؤثث أدبيات برامجهم رجال ونساء الدولة والحكومة ، ويقوي مواقف واحتجاجات المعارضة ، دون أن تفهم غالبيتهم العظمى معانيها المطلسمة ، أو تفقه دلالاتها ودوافعها المتشابكة ، التي يدعي الجميع فهمها ، ويتظاهر الكل باستيعابها ، ويطالبون جميعهم بتطبيقها ، رغبة في قضاء أغراض في نفس "اليعاقبة" - ج يعقوب أن صح التعبير- أو خوفا من أن يتهموا بالجهل ، أو ظنا بأن ممارسة السياسة لا تستقيم إلا باستعمالها ، أو اعتقادا أن خلفها سرا خطيرا ..
مصطلحات من قبيل الحداثة والرجعية والراديكالية والشوفينية والشفافية والتنافسية والرأسمالية والبراجماتية والميكافيلية والدغماتية والبورجوازية والبرلطارية واليوتوبيا والديمقراطية والتيوقراطية والبيروقراطية والأوتوقراطية والأيديولوجية والديماغوجية والتخليق والمقاربة التشاركية وغيرها كثير جدا جذا لا تسعه مقالة واحدة ..
والمستغرب في أمر هذه المصطلحات هو أنه رغم ما يلف مفاهيم الكثير منها من غموض والتباس ، سواء من حيث المنشأ أو الهوية أو الأبعاد ، الظاهرة والخفية ، أو من حيث المعايير والمقومات ، وما تتطلبه من دراسات ونقاشات وحوارات وندوات وموائد مستديرة ، وأموال عامة وأوقات ثمينة تهدر من أجلها فهمها قبل تطبيقها ، فإن تدفقها ما يزال مستمرا بغزارة إلى اليوم في المجتمعات "النامية/المتخلفة" حيث تطلع علينا الطبقة السياسية الجديدة كل هنيهة بمصطلح حديث تتغنى بمفعوله السحري في تحقيق الإقلاع التنموي المنشود ، وتغيير واقع التدبير اليومي لمرفقنا العمومي المتأزم ، ولعل آخر مخترع تغزل به نظراء السياسية ببلادنا ، -الذين ليس في جعبتهم من السياسة إلا القشور ، ولا يركزون إلا على كل ما هو مظهر خارجي مخادع - من مصطلحات رنانة مستوردة من الضفة الأخرى: "الحكامة" بكل أنواعها وتفرعاتها ، الحكامة في المرفق الإداري ، الحكامة في المشهد السياسي ، الحكامة والشفافية ، الحكامة والتنافسية ، الحكامة والديمقراطية ، وباقي الحكامات الأخرى التي لا تعد ولا تحصى ، والتي أعلنت الحكومة الحالية ، غير ما مرة ، نيتها الأكيدة على الالتزام بمبادئها في التدبير ، وتبعتها في ذلك الجمعيات والصحافة في في تضخيم واجترار المصطلح كالببغاوات ، ليصبح بنفس الأهمية ، أو أكبر من كل المضامين والغايات التي جاء من أجلها ، وهي علاج الكثير من الزمات والإختلالات الخطيرة التي تنخر المجتمع ، كالجهل ، والفقر ، والمرض ، وسيادة عقلية التفرد ، والإقصاء ، ومَرْكَزَة القرارات ، وغياب قيم الإشراك والتعاقد والشفافية والمحاسبة ، وطغيان القرارات اللحظية المرتبكة والمربكة البعيدة عن كل تخطيط استراتيجي مثمر.
أنا لست متشائما - كما يمكن أن يتبادر إلى بعض الدهنيات المريضة - وليس غايتي نشر التيئيس والعدمية والسوداوية بين المواطنين ، كما يفعل بعض الصحافيين المثبطين الذين يسهمون بصورة مباشرة أو غير مباشرة في تهويل الأمور والزيادة في معدلات الإحباط ، ويقفون في وجه تقدم البلاد بإفشاء الأفكار التشاؤمية. ولكني غير متفائل حول النتائج التي تتوخاها الحكومة من "الحكامة" بصفة عامة ، و"الحكامة الجيدة" بصفة خاصة ، والتي هي مؤشر حقيقي على دولة الحق والقانون ، وعنوان للانتقال إلى المواطنة المرتبطة بمشاركة كل المواطنين بدون استثناء في ورش تنظيم المرفق العمومي المغربي على أساس من المساواة ، والإنصاف ، والاستمرارية في أداء الخدمات ، والجودة ، والشفافية ، والمحاسبة ، والمسؤولية ، واحترام قيم الديمقراطية ، التي خصها دستور 2011 بباب مستقل ، هو الباب الثاني عشر الخاص بالحكامة الجيدة ..
لكن ، وبما أن " البدايات قد تنذر في كثير من الأحيان بالخواتم والمآلات "، كما يقول المثل ، فإن السؤال : هل مرافقنا العمومية تنطبق عليها تلك الصفات ؟ يجترح أسئلة كثيرة أخرى ، أكثر صراحة وإلحاحية من قبيل: كم هي نسبة المغاربة المكلفين بالمرافق العمومية الذين يمارسون وظائفهم ، في إطار من احترام القانون ، والحيادية ، والشفافية ، والنزاهة ، وتقديم المصلحة العامة على الشخصنة ؟ لاشك أن الجواب عن السؤالين معا سيأتي بالنفي الصريح ، مع بعض الاستثناءات الضئيلة طبعا ، وذلك لأن مشكل المغرب هو مشكل تدبير بامتياز ، فتلك الحكامة التي تعتقد الحكومة ، جازمة ، أنها قادرة على أن تأتي بما لم تأتي به كل السياسات الأخرى ، وأن الخطأ لا يأتيها لا من خلفها ولا من أمامها ! –مع العلم أن اختبار صدقية ذلك لا يتأتى في الوقت الحالي مادام الأمر في بدايته ، وأن الخطأ والصواب عملية جدلية تأتي من التجربة والممارسة والتعلم ، غير أن هذا وذاك لا يمنع من مواكبة التجربة والتقويم المستمر لسيرورتها ، والتعامل معها كحقيقة واقعة تحتاج إلى فهم ، وتستلزم تحقيقها الإرادة والتحفيز والمتابعة وتحديد الأهداف والوسائل . وإلى اللقاء مع مصطلح طلسم آخر ..
حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكل جهنمه !!!
- حوار ودي مع نقابي متميز على هامش يوم دراسي .
- معاناة المعالم التراثية العمرانية الحضارية والتاريخية للمدن ...
- لماذا رثاء المهندس خالد الغازي؟
- رثاء المهندس خالد الغازي
- وداعا المهندس خالد غازي .
- كفى فتنة ، فقد بلغ السيل الزبى!
- الحملات العنصرية الخاسرة للإسلاميين ضد الأمازيغ .
- كل عام و -رجال العام - ، بكل خير !
- الويسكي والشمبانيا في ميزانية 2014 للحكومة الإسلامية !
- كل عام وانتم بالف خير ...
- تشييع جماعة الإخوان إلى مثواها الأخير !
- بياض الثلج يزين حمرة لافتات المشاركة في استفتاء الدستور..
- الرياضة والسياسة (5) .
- حفل افتتاح الكارثي وفاشل بكل المقاييس
- جولة في مطاعم الفول الشعبية 2
- جولة في مطاعم الفول الشعبية
- رحيل طود الشعر العامي المناضل ، أحمد فؤاد نجم..
- الرياضة والسياسة (3)
- الرياضة والسياسة (4)


المزيد.....




- رويترز: -ديب سيك- تساعد الجيش الصيني وتتفادى قيود الصادرات ا ...
- كالكاليست: إسرائيل تواجه خطرا وشيكا بشأن غاز الطهي
- المخاوف تعود مجددا بشأن السندات الأميركية بعد هدوء الشرق الأ ...
- تحت ضغط شعبي.. -ميرسك- تنسحب من شركات مرتبطة بالمستوطنات الإ ...
- تراجع النفط والذهب والدولار إثر وقف إطلاق النار بين إيران إس ...
- ترامب يضغط على شركات النفط: ارفعوا الإنتاج فوراً
- فيتش تؤكد تصنيف أبوظبي عند AA مع نظرة مستقبلية مستقرة
- الأسواق الخليجية ترتفع بقوة بعد إعلان ترامب وقف إطلاق النار ...
- لماذا لم تتخذ إيران أي إجراء يتعلق بمضيق هرمز وما سبب انخفاض ...
- هل كانت إيران على بُعد أشهر من إنتاج القنبلة النووية؟ | بي ب ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - حميد طولست - الحكامة في المشهد السياسي !