أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد طولست - سحقا لك حظي الوغد ، ما أتعسك !














المزيد.....

سحقا لك حظي الوغد ، ما أتعسك !


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4394 - 2014 / 3 / 15 - 08:05
المحور: الادب والفن
    


سحقا لك حظي الوغد ، ما أتعسك !
ــ ما كدت وزجتي أن نصل إلى المقعدين المخصصين لنا بالطائرة التابعة للطيران الفرنسي والجاثمة على أرضية مطار " شارل ديجول " الضخم ، حتى ألقينا بجسدينا المنهكين عليهما في محاولة للاسترخاء‮-;-‬-;- ونفض‮-;- ‬-;-عناء السفر ومشاق حزم الأمتعة ونقلها إلى المطار والانتظار في طوابيره الطويلة .. ‬-;-أغمضنا أعيننا وجمدنا حركاتنا حتى لا يشغلنا ما حولنا من حركة المسافرين الملتحقين بمقاعدهم -خلال رحلة عودتنا للوطن في ذاك اليوم الجميل والمشمس ‮-;-،‬-;- ونحن في كموننا ذلك تفاجأنا ومعظم الركاب ، بقائد الطائرة التي ستقلنا من عاصمة الأنوار باريس الى مدينة الرباط عاصمة المملكة المغربية ، يحدث المسافرين عبر مكبرات الصوت الطائرة ، بنغمة غير مصطنعة كالتي اعتاد عليها مع كل رحلاته الاعتيادية ، قائلا : " مرحبا بكم اعزائي المسافرين ، انا الكابتن (.....) أحييكم على متن الطائرة (.....) في الرحلة (.....) المنطلقة من باريس والمتوجهة إلى الرباط ، اتمنى لكم رحلة سعيدة موفقة ، وأرجو منكم أن تشدّوا احزمتكم جيدا لأننا نتوقع مطبّات هوائية قد تثير بعض القلق ، ومعذرة ايها الزبناء الكرام ، ورحلة مصونة وعودة ميمونة ، ونشكركم على ثقتكم في شركة الخطوط الجوية الفرنسية .
لم نعر ، كالكثير من الركاب ، تنبيه قائد الطائرة ما يستحق من الأهمية ، واعتبرناه من باب الروتين المعتاد مع كل رحلة ، رغم إلحاحه الغريب على اسناد ظهورنا بشكل جيد إلى مقاعد الطائرة لامتصاص اية صدمة قوية قد تحدث بسبب المطبات الهوائية التي قد تمر بها الطائرة .
لم يمضي إلا وقت وجيز على إقلاع الطائرة في انسياب عادي ومريح ، ينم على خبرة الربان وتمرسه على القيادة ، حتى دخلنا أجواء مناخية غير عادية ، لم يسبق لنا أن شاهدنا مثلها خلال رحلاتنا السابقة ، اهتزت الطائرة تحت تأثيرها هزة عنيفة ، ارتج من وقعها كل شيء بها ، ما جعل الطائرة تضطرب كالريشة في مهب عواصفها الهوجاء حتى كادت تطيح بها من عليائها . ورغم كون مدة الاضطراب المزلزلة قصيرة جدا ولم تستغرق غير مدة وجيزة ، إلا أنها كانت كافية لإدخالنا جحيما حقيقيا و مسلسا مرا من الرعب و الهلع والخوف أثار في نفسي –وربما في نفوس الكثير من الركاب إلا النيام لم يشعروا بشيء - هواجس وأهوال ارتعدت لشدتها الاوصال ، وجحظت من رعبها الأعين ، وجفّ من وقعها دمع المآقي ، وصعدت من هولها القلوب إلى الحناجر .
لقد اجتاحتني ساعتها مخاوف أوقفت شعر رأسي ، وأتى رعبها على كامل صلابتي ، وارتعشت لهولها أطرافي ، وشعرت باحتقان وضيق في صدري ، وعسر في تنفسي ، وأحسست بدوخة وغثيان عارمين ، وتصبب عرق ساخن بللني من جبيني إلى أخمص قدمي ، وسرت برودة ثلج في أطرافي ، بفرط تأثير اللحظة ، وحرج الموقف ، وتوثر الجو الذي مررت به خلال هذه الرحلة ، ما جعلني أكثر تهيؤا لاسترجاع أشد ذكريات الماضي خوفا وأقصاها رعبا ، فاقتحمت استرخائي أشرطة من أحداث الماضي ، ظننت أن النسيان قد ضمها إلى غياهيبه ، وابتلعتها مجاهيله ، وتبدت أمامي ، فجأة ودون سابق إنذار ، صور لمآسي تحطم طائرة لاعبي فريق الريغبي أوروغواياني المريعة ، التي حدثت فوق جبال الأنديز بين تشيلي والأرجنتين سنة 1972 والتي توفي خلالها أكثر من ربع الركاب ، ولم يتمكن من النجاة منهم سوى 29 شخصا ، والذين بعد انقطاعهم عن العالم 72 يوما في العراء وفي أجواء قاسية للغاية ، وصلت فيها درجة الحرارة إلى 40 تحت الصفر ، فرضت عليهم الظروف أكل لحم الموتى من الركاب.
تملكتني ساعتها فكرة اللارجوع المرعبة ، وشعرت يقينا أنه لا شيء هناك غير الموت يتربص بنا ، وأننا سنموت في سماوات الله دون أن نستقر في قبور معروفة ، وننجوا من خلطة غيبيات عذاب القبر ، المعجونة بعنف وخوف ورعب فنطازيا الشجاع الأقرع ، والكائنات الخرافية التي تفتح افواهها نهما وتهب على الميت كالريح السموم تجرعه المرّ وتريه العجب العجاب ، والتي شحننا بها الأهل وفقهاء المسيد ومعلمو الكتاتيب والمدارس الابتدائية ونحن أطفال صغار .
وعندما انتهت الرحلة بسلام , وهبطت الطائرة في مطار الرباط سلا ، شعرت بفرحة وابتهاج وسرور طفولي إنساني ، وسرعان ما نسيت ما عشته أثناء الرحلة من خوف وحزن وألم وموقف مرعب ، وعدت بعدها للترجل كالمعتاد ..
حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحدائق تتحدث دون وسيط أو مترجم أو حروف وكلمات !
- قرانا وقراهم !!!
- لهذا السبب أصبحت مدمنا على ركوب القطار !
- لكل جهنمه !!(4)
- مداخل مدن أم مفارغ زبالة ؟؟
- التعيين العائلي في الوظائف العمومية !
- خائن من يعتصب ورود مدينتي !
- لكل جهنمه 3
- المجتمعات الاستعراضية ، رياء ونفاق !
- لكل جهنمه !!!(2)
- فضائح أئمة المسلمين الجنسية !
- الحكامة في المشهد السياسي !
- لكل جهنمه !!!
- حوار ودي مع نقابي متميز على هامش يوم دراسي .
- معاناة المعالم التراثية العمرانية الحضارية والتاريخية للمدن ...
- لماذا رثاء المهندس خالد الغازي؟
- رثاء المهندس خالد الغازي
- وداعا المهندس خالد غازي .
- كفى فتنة ، فقد بلغ السيل الزبى!
- الحملات العنصرية الخاسرة للإسلاميين ضد الأمازيغ .


المزيد.....




- اختفاء يوزف مِنْغِله: فيلم يكشف الجانب النفسي لطبيب أوشفيتس ...
- قصة القلعة الحمراء التي يجري فيها نهر -الجنة-
- زيتون فلسطين.. دليل مرئي للأشجار وزيتها وسكانها
- توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية ...
- جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ ...
- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد طولست - سحقا لك حظي الوغد ، ما أتعسك !