أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد طولست - لماذا أدمن على ركوب القطار ؟؟؟ (3)














المزيد.....

لماذا أدمن على ركوب القطار ؟؟؟ (3)


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4400 - 2014 / 3 / 21 - 12:54
المحور: الادب والفن
    


لماذا أدمن على ركوب القطار ؟؟؟ (3)
إذا كان السفر على متن القطارات القديمة قطعة من الجحيم ، فقد كان المؤمل على الجيل الجديد من القطارات المقتناة من بلاد "الطاليان" أن يكون بمثابة قوارب نجاة توفّر لركابها سفراً مريحا وآمناً من زحمة الطرقات ومخاطرها ، وتمكنهم من حرية التصرف والحركة بسلاسة داخل عرباتها ، لكنها ، ورغم ما يبدو عليها من الجدة والحداثة ، والسرعة والراحة ، لم تقل هي الأخرى ، في الكثير من الأحيان ، عن أخواتها القديمة في تعكير امزجة المسافرين على متنها ، وتعنيفهم بزحمتها وتأخيراتها المتكررة ، إلى درجة يتذكرون معها نعيم "كاطريامات" زمان ، ويتمنون عودتها ، خاصة في مناسبات عُطل الأعياد - وما أكثر عددها وأنواعها ببلادنا ، الدينية والوطنية والمناسباتية - التي تعيد رسمَ ظرفية وخارطة السفريات ، التي ما إن يتمكن المسافر خلالها ، من إيجاد موطئ قدم له داخل عربة من عربات القطارات ، ــــــــــــــ حتى يستقبله الكم الهائل من الركاب المتلاصقين الذين تجاوز عددهم طاقة العربات التي تكفي لاستيعاب حشودهم وأمتعتهم المختلفة الأحجام والغريبة الأشكال ، التي تعرقل السير بالممرات الضيقة ، وتجبر الركاب على النط الطولي والقفز العرضي ، بحثا عن مقعد فارغ يلقون عليه أجسادهم المنهكة من عناء تدافع الحشود البشريَّة في زحام الصفوف الطويلة ، وزحمتهم أمام شبابيك التذاكر ، التي لمْ تفلحْ الشبابيك الأوتوماتيكية - التي أُكتُشف أنها تواجه عددا من المشاكل التقنيَّة - من الاستعِاضة بها عن الشبابِيك التقليدية وموظفيها ، والتقليل من اكتظاظ المسافرين أمامها ، بفعل عدم تطوير مثل هذه البنى التحتية واستخدامها فيما يسهل على المسافرين اقتناء تذاكرهم بسهولة ، ويعود بالنفع على الشركة سواء في مجال النقل أو الرواج التجاري.
أمام هذه الفوضى ، واتباعا لنصيحة أحد معارفي المسافرين على نفس القطار ، والذي احتسيت معه فنجان قهوة بأحد المقاهي الراقية والغالية الثمن ، المبثوثة على جنبات محطة فاس التي تخلصت من بؤس تصميمها القديم ، وودعت كآبة منظرها البئيس .. قررت اقتناء تذكرة الدرجة أولى ، رغم بغضي للسفر على متن عربات هذه الدرجة ، ليس لأنها أغلى كلفة من الدرجة الثانية ، ولكن لأني اعتبر السفر على متنها بمثابة عزلة لساعات وجها لوجه مع أناس غير عاديين "ديال بلعاني" ، بما يظهره جل ركابها من ذوي الدخل الجيد ، من تبرجز مبالغ فيه ، -على الرغم من أنه لم يعد المرء يشعر بالتفاوت في التبرجز الذي عم كل طبقات المجتمع – بملابسهم انيقة تدل على الرفاهية والذوق وتميز الموقع الاجتماعي وأن ركابها من نساء مغسولات أنيقات يلبسن أرقى الأزياء التي تسر الناظرين ، ويتعطرن بأغلى العطور الثمينة ، المقتنى بلا شك من أشيك محلات العطور بالشونجليزي بباريس..
اعلن صوت نسوي يدعو المسافرين المتوجين إلى ..وإلى ..وإلى.. للصعود للقطار ، تم أكدت أن عربة الدرجة الأولى توجد في مؤخرة القطار .. دخلنا إلى السكة .. فهالني مشهد حشود المسافرين المتزاحمين على أبواب عربات الدرجة الثانية ، وإشتداد تدافعهم عليها ..
توجنا على مهل نحو عربة الدرجة الأولى ، صعدنا إليها .. وهنا كانت المفاجأة كبيرة ، حيث وجدنا أن ركابا من الدرجة الثانية قد اجتاحوا العربة بالكامل ، اخترقنا الركاب المكومين في الممرات والمثقلين بالأمتعة الضخمة والغريبة والمنشغلين بالتكلم في الهواتف النقالة بمتعة وأصوات مسموعة ، ومن لا يتكلم منهم في هاتفه ، يمضغ العلك ، أو "يبركك" في الناس ، ليس في يد أحدهم كتابا ، أو مجلة جادة - ..اتجهنا نحو المقصورة المسجل رقمها على تذاكرنا ، والتي وجدناها قد احتلت هي الأخرى من طرف من يعتبرون أن أيام "العواشر" استثنائيَّة ، تنمحي فيها الحدود بين الدرجتين الثانية والأولَى ، ولا يبقى لترقيم المقاعد جدوى ، ما أغضبَ من دفعوا أكثر لركوب هذه الدرجة ، اعتقادًا منهم أنَّها ستؤمنُ لهم سفرًا مُريحًا ، بعِيدًا عن معاناة ركاب الدرجة الثانية ومشاكلها المألوفة فِي الأعياد والمناسبات.
تفهم الشاب الذي كان يحتل مقعدي ، وانسحب منه معتذرا بكل لطف ، لكن رفيقي فقد كان حظه تعيسا مع من احتل مقعده ، والتي كانت حسناء في مقتبل العمر ، ممشوقة القد ، عليها مسحة من الأناقة المزيفة ، يعبق منها عطر غير رخيص مقتنى بلا شك من الرصيف بفاس ، أو باب الحد بالرباط ، او القريعة بالدار البيضاء .. والتي رفضت رفضا قاطعا تركها للمقعد .. وثارت ثائرتها و صاحب في وجه رفيقي ، والشرر يتطار مع عينيها اللتان لا لون لهما ، من تحت نظارات شمسية رخيصة ، قائلة : " راه التران كبير آسيدي ، وفيه بزاف دلفاكوات " وأردفت بلهجة متعجرفة قائلة : "اللي عندو بلصتو فالتران يجي ليها بكري" ..
وبعد ان باءت محاولات استرجاع رفيقي لمقعده ، وفشلت كل مساعي الركاب السلمية ، استنجد بمراقب القطار ، الذي وجد هو الآخر نفسه أمامَ مهمَّة عسيرة ، وخاب سعيه في حمل ركاب الدرجة الثانية على احترام الدرجة المشار إليها فِي تذاكرهم ، ليجابه بغضبٍ وعصيان عارم من الركاب : " آآآسيدي "الدوزيام" راها عامرة " "واش بغيتنا نركبوا فالسطح " "ازيدو الترانات ، إلى ما بغيتوش نركبو لكم في هاذ "لبروميان" ، أولا ما بقاوش عندكم الترانات " ..
حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تحرن الحواسيب هي الأخرى ، كالحمير !!
- لماذا أدمن على ركوب القطار ؟؟؟ (2)
- سحقا لك حظي الوغد ، ما أتعسك !
- الحدائق تتحدث دون وسيط أو مترجم أو حروف وكلمات !
- قرانا وقراهم !!!
- لهذا السبب أصبحت مدمنا على ركوب القطار !
- لكل جهنمه !!(4)
- مداخل مدن أم مفارغ زبالة ؟؟
- التعيين العائلي في الوظائف العمومية !
- خائن من يعتصب ورود مدينتي !
- لكل جهنمه 3
- المجتمعات الاستعراضية ، رياء ونفاق !
- لكل جهنمه !!!(2)
- فضائح أئمة المسلمين الجنسية !
- الحكامة في المشهد السياسي !
- لكل جهنمه !!!
- حوار ودي مع نقابي متميز على هامش يوم دراسي .
- معاناة المعالم التراثية العمرانية الحضارية والتاريخية للمدن ...
- لماذا رثاء المهندس خالد الغازي؟
- رثاء المهندس خالد الغازي


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد طولست - لماذا أدمن على ركوب القطار ؟؟؟ (3)