أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - حميد طولست - لكل جهنمه ! (5)














المزيد.....

لكل جهنمه ! (5)


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4531 - 2014 / 8 / 2 - 20:00
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    



"الجهنم" الخامسة التي سأحاول إلقاء بعض الضوء عليها هنا كواحدة من تلك " الجهنمات " الأرضية التي تحفر في ذاكرة الإنسان ، الكثير من التجاعيد العميقة والأخاديد الغائرة ، وتخلف العقد المتنوعة الخطورة والأثر على نفسية الكثيرين هي: " اللوم" ، ذاك السلوك السلبي الذي يخل بذوقيات الصداقة وأواصر الأخوة ، ويجتث شجرة المودة ، ويقطع حبل التواصل ، ويصيب الأبدان بالعلل ، والنفوس بالأسقام ، ما جعل بشار بن برد يرشد الناس وينصحهم بتجنبه ، في أبيات تفيض رقَّةً وحكمةً وأخوةً، حيث يقول:
إِذَا كُنْتَ فِي كُلِّ الأُمُورِ مُعَاتِبًا صَدِيقَكَ لَمْ تَلْقَ الَّذِي لاَ تُعَاتِبُهْ
فَعِشْ وَاحِدًا أَوْ صِلْ أَخَاكَ فَإِنَّهُ مُقَارِفُ ذَنْبٍ مَرَّةً وَمُجَانِبُهْ
إِذَا أَنْتَ لَمْ تَشْرَبْ مِرَارًا عَلَى القَذَى ظَمِئْتَ، وَأَيُّ النَّاسِ تَصْفُو مَشَارِبُهْ؟!
وَمَنْ ذَا الَّذِي تُرْضَى سَجَايَاهُ كلُّهَا؟! كَفَى المَرْءَ نُبْلاً أَنْ تُعَدَّ مَعَايِبُهْ!
وفي نفس السياق أنشد ابن الرومي قائلا :
دعِ اللَّومَ إن اللَّومَ عونُ النوائِبِ ولا تتجاوز فيه حدَّ المُعاتِبِ .
وقبل أن أدخل في صلب الموضوع ، أذكر قرائي الكرام أنني لست طبيباً نفسياً ، ولا مختصاً أكاديمياً في علم النفس ، وما هذه المقالة المتواضعة إلا مجرد محاولة قد تتضمن الصواب والخطأ .
من المسلم به أن الكمال للَّه وحده، وأن العصمة لرسله وأنبيائه فقط ، أما غيرهم من بني البشر فخطَّاؤون بطبعهم ، بل هم معدن الخطأ ، وما بعث الله بالرسل إلا من أجل إصلاح سلوكات المخطئين زإتمام أخلاقهم بالتوجيه اللبق ، والنصح الكيس ، والقدوة الحسنة ، كما في حديته صلى الله عليه و سلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ..
وقد اتفق عقلاء الإنسانية ومفكروها عامة على أن النقد في الفكر شيء حسن وجميل ، ولكن لوم الآخرين شيء مذموم وغير مستحب ، يرفضه الذوق السليم ، وتشمئز منه النفوس الأبية ، وتتجنبه الأمم الناضجة المتقدمة التي تحترم إنسانها وتقدره وتعمل جاهدة لاصلاح أخطاءه ، وتصحيح سلوكيات ، وتغيير عقليته المتعصبة والخاطئة ، وذلك بالتوجيه الكيس ، والتشجيع اللبق الذي لا يحسس المخطئ بالذنب ، ويمنحه الثقة بنفسه وقيمتها بين من حوله من الناس ..
مشكلنا أننا نعيش في شعوب تعشق اللوم والمعاتبة كلغة مشروعة في ثقافتها ، وأننا تربينا في بيوت ومدارس يكثير فيها الانتقاد ويكاد ينعدم في اساليبها التربوية القديمة -التي أقر الكثير من أساتذة التربية ، بسوئها وقصورها وبما تتسبب فيه من مآس - اللطف واللباقة ، وتبخل بالتشجيع ، وتضن بالمدح والإطراء وتغدق اللوم والتقريع وتوجيه الإنتقادات الحادة باستعمال عبارات التهوين من قدرات الأطفال حديثي النشأ ومواهبهم -سواء في الأسرة أو المدرسة - مثل " أنت غبي " أو " أنت فاشل " أو " أنت ضعيف " أو " شوف سيدك ولد عمك فلان أو فلتان " والتي تحطم نفسهم وتدمر كل طاقات الابداع لديهم ، من حيث لا يشعرون ، وخاصة لأنهم كثيرا ما كانوا يصدقون -في اعماقهم- ذلك الكلام السلبي الموجه إليهم من الآخرين ، حتى وإن رفضوها في ظاهرهم ، ويحسون بالضعف وقلة الحيلة ويكبلون نفوسهم بقيوده ، محاولين التغيير من سلوكياتهم ، ليس حبا في من يلومونهم ولكن ليثبتوا لأنفسهم أنهم ليسوا أشخاصا سيئين ، فأي تصرف يحدث منهم بعد أي لوم ، فإنه لا ينبع عن امتثال حقيقي للنصح -كما يتوهم المربون عندنا -وأنما هو رغبة في إبعاد شبهة اللوم عن نفوسهم ، وخوفا وقلقا من أن يصدر منهم تصرفات مخالفة لما يحبه منهم الآخرون ، فيجر ذلك عليهم آلام اللوم والإحتقار الذي تستحكم فكرته في عقلياتهم ، فتفقدهم ثقتهم بنفوسهم وثققتهم في من حولهم -لأن كثرة توجيه اللوم لشخص تفقده الثقة بنفسه - كنتيجة سلبية للتربية الخاطئة ، التي لا يسلك نهجها إلا من تعرض في صغره من أحد والديه أو بعض معلميه ، لهذا النوع من اللوم الذي هو في غالبية احواله وظروفه ، وسيلة غير مباشرة لفرض السيطرة على الملام .. حيث نجد أن الكثير من الآباء والأمهات والعيديد من المعلمين يتوجهون إلى الأطفال حديثي الأعمار ، قليلي التجارب ، المطبوعين على العناد ، المجبولين على المكابرة ورفض ما يُوجَّه إليهم من النصح والإرشاد -حتى لو كان نقداً بأدب ورفقٍ - على أي فعل خاطئ يحدث منهم ، أو هفوة تصدر عنهم ، كأسهل طريقة للتربية والتقويم ، لا تكلف جهدا في التفكير والبحث والتنقيب عن طرق تربوية ناجعة وفعالة أخرى ، غير تلك التي تعودوا عليها ، ولو أنهم فعلوا ذلك ، لتبين أنهم هم المخطؤون وليس الأطفل ، ولتخلوا ساعتها عن اسلوب اللوم والعتاب المستمر في كل الأمور صغيرها وكبيرها وعوضوه بنقد المهم منها فقط ، وبكل أدب ورفق ، وتخيَّروا الوقت المناسب، والحال المواتية ، والساعة الهادئة ، واستعملوا في نقدهم الكناية والتعريض ، لن كثير من أطفالهم أذكياء وبالإشارة يفهمون .
حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراسيم تشييع جثمان -بونوارة-
- قد جاء دورك يا -بونوارة- فمت قرير العين بما ينتظرك عند ربك!!
- بدعة التسابيح وموضة التسبيح
- ألا في مثل هذا فليتنافس المتنافسون .
- لماذا تأهلت لنهائيات كأس العالم الدول التي ترأسها النساء فقط ...
- هل بعث الله لمصر من يصلح لها أمر دينها ودنياها
- سلامة الإنسان في سلامة بيئته .
- وبضدها تتميز الأشياء !!
- الصبر والدعاء لا يكفيان لمجابهة المصائب يا نساء !
- على هامش إحتفالية توزيع الجوائز بمنتزه -جنان السبيل- التاريخ ...
- هل هي مؤا مرة على المرأة ، أم على الإسلام ؟
- المنتدى المغربي للمبادرات البيئية بفاس ينظم حفلا بيئيا بجنان ...
- هل هي عنصرية صرفة أم هي مجرد ذوق عام ، أو ثقافة اجتماعيّة تق ...
- برتوكولات المواكب الحكومية
- تهنئة مصر بانتصارها
- إعدادية بنكيران ماض ٍعريق وحاضر كئيب !
- الجدودية ثرية بالمعاني.
- المراة عندهم ، والمرأة عندنا !!
- الصحراء المغربية ودور الجمعيات المدنية
- شعوب لا تقرأ !!!


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - حميد طولست - لكل جهنمه ! (5)