أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خديجة آيت عمي - السودان














المزيد.....

السودان


خديجة آيت عمي
(Khadija Ait Ammi)


الحوار المتمدن-العدد: 4584 - 2014 / 9 / 24 - 16:38
المحور: الادب والفن
    


بدا محمد في غيبوبة ، حين لوّّحتُ إليه من مخرج التيوب ، إذ اضطررت للقائه بحثا عنه بعد أن تاه عن الطريق .
كان واقفا تحت جسر أوفر كراوند كامدن . و ما أن أقتربت منه لأسأله إن كان هو محمد ، حتّى اهتز قائلا: "ماذا يريد مني هؤلاء ؟" ، طمأنته و أنا أبتسم أننا لا ننتمي إلى أية جهة رسمية ، و أننا هنا رهن إشارته هو لا سواه .
جلس محمد بعد أن عُرض عليه كأس ماء في مقعد فيما يشبه الزاوية ، و أخذ يتحدث في استنزاف عن قصته التي ابتدأت بالخرطوم ، إذ كان يبدو عربيا من خلال ملامح وجهه و لذلك فإنني لم أكن أتصور أنهم قادرون على ارتكاب الحماقات ضد ذويهم كذلك .
تعرّض محمد إلى جميع أنواع التعذيب وتعرض جسده بكامله إلى حروق بالسّجائر إذ لم يسلم مكان واحد من آثار العنف عليه . كان مرتعبا من كل شئ ، سألنا مرّتان إن كنا نشتغل مع السلطات ، لكن جورج أخبره أنّنا في كامل الإستقلالية عن كل ما هو حكومي ، و أننا حتى في الحالات الجنائية لن نقدم أية معلومات تخص الزبون و لو بطلب من القاضي ، دون أخذ موافقة الزبون ، و ذلك عملا بقانون حماية المعطيات الخاصة للأفراد .
بدا محمد حائرا ، إذ بعد كل ما حدث له فقد عائلته كذلك، فبعد فراره من البلاد ، ظلت السلطات تلاحق أفراد العائلة اللذين لسبب ما ، اضطر كل واحد منهم بما فيهم الأبوين و الإخوة الخمسة الهروب كل حسب وجهته و هو لا يعرف عنهم شيئا لحد الساعة .
كان محمد مرتبكا ، و كان يمسك بساقيه و كأنه يعتصر شيئا منهما و كان يقول كلماته و كأنه تحت ضغط ما ، إلى أن صرخ بصوت خافت : "إنني لا أحب الأمكنة من هذا النوع "، " لماذا؟" سأل جورج ." لأنهم قادرون على محاصرتي من الجانبين " ، آنذاك انتبهت إلى أن للمكتب بابين ، الباب الطبيعي و باب خلفي كشرفة تؤدي إلى فسحة صغيرة مسيّجة . ثم أردف محمد قائلا : " إنني لا أحتمل الأماكن المغلقة ، هل ستكون لقاأتنا القادمة في ذات المكان ؟" .
كان جو الغرفة مشحونا بآلام الرجل التي لم تكن تُحتمل ، و كان يتحرك من كرسيه ، كما لو كان يحاول خلع ذاته من ذاتها قصد الهروب ، فلقد أعرب على أنه لا يريد أي شيء سوى أن يتركه الجميع و شأنه ، و أن طاقته كلها قد أهدرت و أن لا أمل له في الحياة بعد .
حاول جورج التركيز على ما يمكن تحقيقه في قضيته التي وصلت إلى المكان المسدود ، إذ بعد مغادرته السودان، توجه محمد باتجاه إحدى بلدان الشمال ، التي اعتبرت قصته من نسج الخيال و حسب روايته ،فإن لتلك الحكومة العنصرية مصالح قوية مع الخرطوم تحول دون أخذ قضيته مأخذ الجد .
خوفا من الترحيل الذي حكم به من طرف القاضي ، لم يكن الهرب الثاني سوى الحلّ الوحيد لمحمد ، فقدم إلى بريطانيا التي يعتبرها أرقى من الأخريات ، حيث تم سجنه بإحدى مراكز الإحتجاز، إلى أن يُبثّ في هويته ، فغالبا ما يأتي المهاجرون بلا أدنى إثبات للهوية .
بعد الإفراج عنه ، طرق محمد أبواب المحامين اللذين رفضوا تمثيله فقرر تمزيق أوراقه و الهروب و عدم التبليغ عن نفسه لدى مركز الشرطة مرة كل أسبوعين ، و قرّر الإختفاء عن أنظار الجميع .
خرج محمد مبتسما شيئا ما حين أكد جورج : " سنقوم بأقصى ما يمكن القيام به للخروج معك من هذا المأزق ، سوف نجد لك محام جيد يدافع عنك ، و سوف ترى كيف أن حياتك ستتغيّر ،هذا بيتك أرجوك إتصل أو تعالى إلينا متى شئت "..



#خديجة_آيت_عمي (هاشتاغ)       Khadija_Ait_Ammi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمرّدت عليّ نفسي
- الجدّة
- هَاناَ
- كنيسة سانت مايكل
- الحياة
- بائعة الورود
- الغسّالة
- سيارات عربية بلندن
- الكراج
- كينغز رود
- ال - بِدُونْ-
- أضحية الكبش ومقتل الخوري حدّاد
- الجيران
- الربيع
- طاقة الحرية
- فقدان مومن الديوري
- الأعمال الشّاقة
- هل الإسلام منظومة ديمقراطية أم منظومة ديكتاتورية؟
- الديكتاتورية وصناعة الإرهاب
- يوم جديد


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خديجة آيت عمي - السودان