|
المحاصصة دعم لافراد طائفة معينة ، أم هي توزيع للمغانم ؟؟
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4581 - 2014 / 9 / 21 - 02:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كما قلت في مقالة سابقة ، وأأكد عليه مرة أخرى في هذه المقالة واقول أن ما يزخر به العالم ، وتعج به الساحة المغربية من أحداث ووقائع اجتماعية وسياسية واقتصادية قد استطاعت بزخمها المتكرر ، أن تجعل من غالبية الشعب المغربي متابع للشؤون السياسية ، وقدرت أن تحول الكثير منهم إلى محللين ومراقب سياسيين مستقلين ، تنكشف مواهبهم وقدراتهم عند تفصيل حقائق كل محطة تستوقفهم .. ودليلي على ذلك ، هو ما من ناله بيان حزب "النهضة والفضيلة" مؤخرا من وافرا متابعة المغاربة ومستفيظ تحليلاتهم للضجة/الزوبعة التي أثارها مطالب تخصيص "حصة" لعلماء الدين في البرلمان ، واعتماد نظام "المُحاصَصة" ، لضمان تمثيلتهم داخل المؤسسة التشريعية ، كما هو معمول به مع تمثيليات أخرى كالنساء والشباب والجالية بالخارج ؛ المقترح الذي أثار ردود أفعال متباينة ، بين رافِض ومُرحّب وملتزم للصمت المخجل ، وبين واقف حائر أمام فوضى تقسيم المجتمع ، وعاجز عن إيستيعاب ما يحدث من تشتيت للحمته أصاب حتى مناضلي حزب النهضة والفضيلة صاحب "البادرة" نفسه ، كما هو حال الداعية عبد الباري الزمزمي، النائب البرلماني السابق باسم الحزب ، والذي رفض مقترح حزبه بحجة أنه : "من واجب العلماء أن يخرجوا إلى الميدان ويترشحوا ليكون للناس حرية الاختيار أو الرفض حسب شعبيتهم، لأن "الكوطا" تُمنح لفئة لا شعبية لديها". بينما أشاد محمد الفزازي وغيره كثير من الفقهاء/الدعاة بالمقترح قائلا: "إن حضور العلماء باعتبارهم (ورثة الأنبياء وملح البلد) في البرلمان زيادة في الخير وبركة ستحلّ" فهل يا ترى دخول العلماء - "أهل الكتاب والسنة وأهل الذكر" كما أسماهم محمد الفيزازي- للبرلمان يحد من مشاكلنا ، ويحل أزماتنا؟ أم هو تزاحم على المكاسب البرلمانية -المجودة بشكل أو بآخر في أغلب النظم لكن لا تظهر للعيان بشكل جالب للنظر- التي لا تزيد الأوضاع إلا تصارعاً ، بدل خير وبركات الفقيه الفيزازي؟ أسئلة كثيرة ومحيرة حول مظاهر التزاحم على المكاسب ، والتناحر على المناصب ، التي يجسدها واقع غلبت فيه شهوة السلطه على أكثرية النخب ، وأنساهم التكالب على المناصب تمثل الحقيقة الربانية المقرة بأنّ الناس سواسية ، وأن كل المغاربة أبناء الإنسانيّة وأبناء هذه الأرض ، ومن المفروض أن يواصلوا الحياة عليها في ظل المساواة التي أقرتها كل الشرائع السماوية ، ونصت عليها كل القوانين الوضعية لا يفضل جنس ولا لون على غيره .. لكن شراهة التسيد "والتبرميك" أبت على الكثيرين إلا أن يقسّموا ابناء الشعب الواحد الى طبقات متدرجة في القيمة ومقدار الحقوق ، على غرار ما كان معمولا به في الأزمان الغابرة في المجتمعات البدائية ، كطبقة الاشراف ، وطبقة المحاربين، وطبقة العامة ، وطبقة العبيد ، بدلا من البحث عن سبل لجمعهم في وحدة قائمة على مصطلح ومفهوم "المواطنـــة" الجامع ؛ تلك المواطنة التي لا ولن تتحقق بصورة سليمة إلا إذا توافرت بين المواطنين جميع أركانها الأساسية التي تعارفت عليها معظم الدساتير المعاصرة وعلى رأسها ، العدل والمساواة والحرية ، من خلال نظام قانونى ومناخ سياسى ومجتمعى عادل يسمح بالتشاركية وتكافؤ الفرص التي تمحو الامتيازات الخاصة والفوارق المصطنعة بين افراد المجتمع ، وتحقق العدالة الاجتماعية ، وتضمن المواطنة ، وتعزز قيم الولاء وترسخ الانتماء للوطن. كما هو حال نهضة العالم الغربي -الذي سبقنا بقرون في التقدم العلمي والثقافي والاجتماعي - التي لم تبتدء إلا بعدما تخلت شعوبه عن الخلافات المذهبية والطائفية ، واحتكمت لصناديق الانتخابات ، بعد أن تيقنت - بالملموس والمجرب - أن فكرة ونظام المحاصصة لم يعد يلق قبولا في الفكـر الحر المعاصر .. لأنه نظان طبقي ، لا ينظر لابناء المجتمع الواحد على اساس انتمائهم الوطني ، بل الى انتمائهم القومي او الطائفي ، الأمر الذي يحول الصراع السياسي على المناصب والجدل حولها الى صراع طائفي وعنصري لا يخلق سلما اجتماعي ، أو شعورا بالوحدة الوطنية ، ولا يشجع على التضامن بين ابناء الوطن الواحد ، ويعمل على اذكاء العنصرية والطائفية والتفرقة ويخلق التكتلات الاجتماعية غير السلمية . فلاشك أن تحول نظام المحاصصة إلى حق دستوري واجب التطبيق ، هو ضرب لمبدأ تكافؤ الفرص في الصميم ، ووضع لحواجز أمام العملية السياسية المفعلة لمؤسسات ، وعرقلة لعملية إبراز ورعاية واحتضان المواهب المطورة للبرامج البنائية ، التي تحتاج إلى مواصفات تخصصية قد لا تتوفر في من يؤتى بهم للبرلمان على أساسها ليتحملوا المسؤولية .. مجمل القول هو أن نظام المحاصصة -الذي يبدو في ظاهره وكأنه يدعم افراد طائفة معينة - ليس إلا سلماً فئويا يعتمد المحسوبية والمنسوبية وأفضل وسيلة وبامتياز لصعود ذوي المكانة الأعلى في الطائفة والحزب أو ابنائهم او حاشيتهم ، بينما يبقى الحرمان هو الحقيقة المرة التي تنال الموهوبين الحقيقيين حتى من المنتمين لافراد الطائفة او الحزب المطالب بالمحاصصة والذين يبقون في آخر السلم.. قد يبدو نظام المحاصصة في ظاهره وكأنه دعم لافراد طائفة معينة ، الا انه دعماً مزيفاً ليس الا ، فما هو في حقيقته الا توزيع للمغانم بين كبار افراد الطائفة او الحزب بينما يبقى غيرهم في مؤخرة السلم ، ولو كانوا على قدر كبير من الكفاءة والموهبة .. الأمر الذي أشك أن يبغيه أو يرومه الأستاذ الخالدي ذلك الطود الأشم الذي تموقع بجدارة واستحقاق واحترام في المربع الذهبي لنخب المجتمع الكبار ، بصموده بين الواجب والمسؤولية والتضحية والمثابرة حينا ، ونكران الذات وخدمة الصالح العام حينا آخر، الذي يجبرنا على الانحناء لتألقه وتميزه في تفانيه في خدمة بلده وحب وطنه ، وإيمانه بقيم قومه وعصره ، وإبداعاته النضالية في تفنيد جميع المقولات الجامدة ، والآراء والفتاوي الجاحدة ، والتنظيرات المتخلفة المارقة ، التي تفاضل بالعنصر أو الجنس بين الناس الذين جعل الإسلام ميزان التفاضل بينهم هو التقوى فقط .
#حميد_طولست (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رهانات الدخول السياسي لدى حكومة ومعارضة صاحب الجلالة !!
-
الصحافة الجهوية مهنة من لا مهنة له
-
القضية الفلسطينية والأقلام الخربة
-
الأحفاد ودفئ التفاعل الاجتماعي
-
قيمة الأمتعة من قيمة أصاحبها ، أو على وجه الجلدة كيتباس الكت
...
-
اربعينية بونوارة ، حلت دون استئذان !!
-
ليس مراعاة لخاطركم ، لكن احتراماً لأرواح الشهداء الابرار ..
-
مصائب قوم عند قوم فوائد ..
-
نعم للتضامن لا للوم والعتاب !!
-
ظاهرة التلصص على الآخرين !!
-
لكل جهنمه ! (5)
-
مراسيم تشييع جثمان -بونوارة-
-
قد جاء دورك يا -بونوارة- فمت قرير العين بما ينتظرك عند ربك!!
-
بدعة التسابيح وموضة التسبيح
-
ألا في مثل هذا فليتنافس المتنافسون .
-
لماذا تأهلت لنهائيات كأس العالم الدول التي ترأسها النساء فقط
...
-
هل بعث الله لمصر من يصلح لها أمر دينها ودنياها
-
سلامة الإنسان في سلامة بيئته .
-
وبضدها تتميز الأشياء !!
-
الصبر والدعاء لا يكفيان لمجابهة المصائب يا نساء !
المزيد.....
-
صانعة المحتوى بيوتي يومي تتزوج في إيطاليا.. ماذا كشف بسام فت
...
-
تقرير: بريطانيا تستعين بشركة أمريكية لتنفيذ طلعات تجسس فوق غ
...
-
المجلس الأمني الإسرائيلي يقر خطة نتانياهو -للسيطرة على مدينة
...
-
الجزائر ترد على باريس وتلوح بـ-نقض- الاتفاق حول إعفاء حاملي
...
-
المجلس الأمني الإسرائيلي يقر خطة نتانياهو -للسيطرة على مدينة
...
-
فرنسا تواجه أكبر حريق منذ 1949.. دمار هائل في كوربيير وإجلاء
...
-
قرار إسرائيل السيطرة على مدينة غزة يثير قلقا دوليا وحماس تعت
...
-
رئيس الكونغو الديمقراطية يعيّن شخصيتين معارضتين في الحكومة ا
...
-
تنديد دولي بخطة إسرائيلية لاحتلال غزة
-
نيويورك تايمز: هكذا سقطت جماعة مؤيدة لفلسطين ضحية قانون بريط
...
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|