|
سيرة عاديّة
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 4580 - 2014 / 9 / 20 - 11:12
المحور:
الادب والفن
نحنُ " تتارُ " السهول .. وضعونا في القطارِ الصاعدِ إلى الثلج ، و ساومونا على الدفء .. لكُلِّ أُمٍّ تشعُرُ بالبرد .. جُنديٌّ ميّتْ . نحنُ الغارِسونَ الأوائل ، للسنابلِ الباسلةِ في وجهِ الريحْ .. نُقايِضُ الآنَ كُلّ حبّةَ قمحِ .. بمأتَمْ . نحنُ الواقفونَ على حافّةِ الجُرْف ، و في قاعِ وحدتنا المُريعة .. لا نرى سوى التَيْهِ ، الذي جاء بنا إلى هذه اللحظّةِ اللَزِجَةْ .. حيثُ نقفُ الآن .
***
لا طينَ في المنفى يُعيدُ تشكيلَ النسيان عندما يكونُ وجهُكِ في الجدارِ هو دفئي الوحيد بينما أصابعي القديمة تحبو على حافّة الثلجِ في الغرفة اليابسة . لا طينَ في المنفى يُعيدُ تشكيلَ الجحودِ الذي لا أستحقّهُ ويرسِمُ فوق وجهي الفُقدانَ المُبَكِّرَ لرائحةِ الطفلِ البِكْرِ للعائلة . أنا أستَحِّقُ رضاكِ الشحيحِ ، بكاملِ قوايَ العقليّةِ أنتِ التي تتسكّعينَِ بي في مصحّاتِ التَذَمُّرِ ، كأنّني مُدمِنٌ على الضَجَرِ من هذا النُكرانِ الكبير .
***
- بابا .. هل سَمِعِْتَ الأخبار ؟ - خيرٌ ياولدي ؟ لا خيرَ طبعاً . ترتدي بنطلونكَ الذي يشبهُ ثُقبينِ أسوَدَيْنِ ، وتمضي .. لا تدري إلى أين .. وتتعَجَّبُ كيفَ أنَكَ شِخْتَ هكذا ، فجأةً ، مثلُ فانوسِ قديم . وعندما تدوسُ عليكَ الهموم .. تتمنى لو أنّكَ بقيتَ في " العطيفيّةِ " .. و أضاعَتْكَ أمّكَ طفلاً في " سوق أسوَدْ " .. وذهبَ الناسُ بكَ إلى " الكاظم " .. وبقيتَ هُناك .. ونسيتَ إنّكَ من هذا البلد .. ونسيتَ إسمكَ ، وإسمَ أهلكَ .. ونسيتَ طريقَ العودةِ إلى البيت .
***
لا يعرفُ هذا الفتى أنّ العُمْرَ لحظة فيُبَدِّدُ الوقتَ ، وهوَ يحبو وراءَ التينِ والزيتونِ والبلدِ الأمينِ وحصَّتَهُ من النفطِ في الشتاءِ القادم . لا يعرفُ هذا الفتى أنّ العُمْرَ لحظة .. إلى أنْ يشيخَ فجأةً ويتركَ الحبيبةَ وحدها في حديقةِ العُمْرِ تجمَعُ شذى النارنجِ القديم من جذعِ النخلةِ البائدة .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موسيقى الغرفة
-
أيلولُ أقسى الشهور
-
في هذا اليوم
-
سياسة .. و حُب
-
هذا هو الحُب
-
عجيب
-
نجوى
-
حسيبة
-
أُمُّ الهند
-
تصريحٌُ بالقتل
-
على جبل الروح
-
أنا .. وأنت
-
كتابات
-
نساء
-
نينوى
-
- فلفل - و - فتّوش -
-
فاتحة
-
شَغَفْ
-
عندما يفقدُ الضَجرُ أهمّيته
-
أبي الذي أصبحَ الآنَ .. أصغرَ منّي
المزيد.....
-
الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب
...
-
كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي
...
-
وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
-
-نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال
...
-
فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ
...
-
انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا
...
-
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة
...
-
الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف
...
-
حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال
...
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|