أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - وعيُّ التآمرِ في التاريخ الإسلامي














المزيد.....

وعيُّ التآمرِ في التاريخ الإسلامي


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4573 - 2014 / 9 / 13 - 09:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



لا يستطيع الوعي الديني غير المكتشفِ للواقع الموضوعي أن يعي أسباب المشكلات والأزمات، وسبل تشكيل طرق التحول، بسبب ارتباطه بالخوارق.
ولهذا فإن الكثير من القدماء ربطوا وجود الشر وحصول المشكلات بالشياطين وغيرها من الكائنات المسئولة عن هذه الأمور الاجتماعية.
ولكن الثيمة الأولى الأساسية من الوعي الديني حاضرة خلال آلاف السنين، وهي الثيمةُ التي استندتْ على العفوية وغياب العلوم وغياب القراءات النقدية للإرث الخرافي المتغلغل في المادة الثقافية، وهذه الثيمةُ تعتمدُ على جهلِ الجمهور الذي لم يُعلَّم ولم يُدخل في إنتاج متطور خلال تلك الحقب، وتكرست فيه تفسيراتُ التآمر الخارجي، فمشكلات الزواج والنظام والعلاقات الاجتماعية تعود الى تلك القوى المرتبصة المتآمرة، ولهذا نجد ان هزائم المسلمين وانهيار حضاراتهم المختلفة تعود الى ذلك التآمر بحسب هذه الآراء، وحتى الآن مازال فشل أنظمة الاستبداد يُفسر بمؤامرات الغرب التي تُعطى الدور الغالب الكاسح فيما تُضمر عناصر الداخل الإسلامي السلبية ولا تظهر تحت المجهر التحليلي.
والغريب أن بعض المثقفين يروجون لمثل هذه الأفكار، وينشرونها عبر الكتابات الفكرية والسياسية والأدبية، وثمة أرضية كبيرة في التراث العربي يرتكزون عليها وهي التي صنعتْ هذه الفزاعات الخيالية، كاعتبار عبدالله بن سبأ وراء الفتنة الكبرى والصراعات الدامية التي تتالت بعد ذلك على سبيل المثال.
وقد وُضع اليهود كنمطٍ عام اسطوري في إنتاج مركزي لمثل هذه الخرافات الفكرية السياسية، وهو وُضعٌ يبرئ الداخل المسئول الرئيسي من مشكلات الواقع وصراعاته وعدم قراءاته العميقة.
يقول مؤلفُ إحدى الروايات الصادرة مؤخراً على لسان شخصياته الإيجابية المسلمة:
(أما عن هذه الفرق فهي كثيرة، البعض منها معروف لدينا والبعض الآخر مجهول. ولكن ذُكر في أدبياتها أن لبعض هذه الفرق نجاحات باهرة، كسقوط الأندلس والخلافة العباسية؛ ومع غير المسلمين، سقوط الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا)، حكومة الظل، ص 159، الدار العربية للعلوم.
تتحول أحداث تاريخية معقدة هنا كسقوط الخلافة العباسية إلى تآمر، فكلُ أسبابِ التاريخ العميقة تُحذف، مثل فساد الارستقراطية الحاكمة وعدم وجود سياسات إصلاحية على مدى قرون، وغياب قوى عقلانية على مستويات الاقتصاد والفلسفة والعلوم، والحذفُ يقودُ الى عروض فنية وفكرية متخيَّلة سطحية، وتتحولُ الى رموز على طريقة ابن سبأ وغيره من العفاريت الاجتماعية الشبحية.
وفي هذه الحالات يسهل خلق أرجوازات فنية وشخصية تتحرك بحسب خيوط الكاتب التي تشدُّ كلَ شيء، فيصبح مشروع شركة هواتف مؤدياً الى كشف شبكة تغتال علماء لأنهم عرفوا مؤامرة تمت في تركيا الإمبراطورية العثمانية واكتشفوا فيها تآمر يهود على هدم هذه الإمبراطورية (العظيمة) وعلى احتلال فلسطين.
يتم التصور هنا بأن الإمبراطورية العثمانية كانت جسداً قوياً لولا بعض المشكلات وأن الخليفة الأخير ليس سلبياً، لكن التآمر اليهودي الذي تجسد في تنظيم الاتحاد والترقي هو المسئول عن ذلك الانهيار التوحيدي لآخر بناء سياسي ربط المسلمين في أصقاع الدنيا!
هذه الأفكار صارت تُبعث وتتردد بقوة الآن مع تشكل فئات وسطى تحنُّ الى عودةِ الإمبراطورية وتقوية العلاقات التجارية والسياسية التركية العربية.
والأشكالُ السياسيةُ التوحيدية والمقارباتُ بين الأمم الإسلامية ليست مرفوضة بطبيعة الحال بل ومطلوبة ولكن ليس من خلال وعي إسطوري.
إن قيام المؤلف بتحويل الأمم إلى كيانات صماء متراصة من الداخل، وتغييب صراعاتها الداخلية، هو مثلُ تحويلهِ الشخصيات والأحداث إلى خيوطٍ واهية، واعتماد حبكة القتل البوليسية وسهولة تنفيذها وقدرة المجرمين على اختراق العصور والتأثير في هدم الإمبراطورية العثمانية ومنع تقدم المسلمين الراهن.
ودور مثل هذه الأفكار هي إنعاش الأسطرة وتجفيف وعي التاريخ من أبحاثه وموضوعيته، فلم ير المؤلفُ الإمبراطوريةَ العثمانية ككيانٍ إقطاعي متحلل فرضَ نمطاً من الخراج القاتل وجمدَ تطور المسلمين لقرون وسلمهم غنيمةً باردة للأمم الأوروبية الناهضة الباحثة عن مستعمرات ومواد خام، ثم جاء حزبُ الاتحاد والترقي التركي بأفكار إصلاحية مسطحة وقومية متعصبة، فعجل بذلك الانهيار.
مثل هذه الحبكات البوليسية تخلق تشويقاً، وتتماشى مع وعي جمهور لايزال يعيش في مواد القرون السابقة، وعبر دور نشر تجارية تسوق هذه المخدرات الثقافية، للكسب والحصول على أكبر مبيعات ممكنة.
وهذا جانبٌ تحولَ الى مشروعٍ هدفهُ تكريس الرؤى البوليسية والخرافات الدينية والأساطير الحديثة ودلالاتها السياسية السلبية، وغرس كل هذا في الجمهور العربي.
والغريب أن هذا التخريف يسوق عبر كلمات العلوم والحداثة، وكأنها مادة جديدة مع بعض الإبهار والتزويق والإثارة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشبابُ والتراثُ
- التسطيح السياسي ومخاطره
- الكتابةُ زهرةُ الصحافة
- الصحافةُ وجدل التقدم
- عربٌ وفرسٌ.. تاريخ متداخل متناقض
- ذروةُ الصراع السياسي
- إتجاهات تطور البرلمان
- و(الفولاذ) بعناه!
- الماوية: تطرف إيديولوجي
- الوعي الشقي المُحاصر
- هجمةٌ ثقافيةٌ تركية
- جذور الانقسامات
- انتهازيةُ التحديثيين
- صراع الرساميل في تركيا
- نشاطٌ صحفي نسائي
- القوميون والشمولية
- تقطع الوعي البحريني
- داعش ليس أسطورة
- أين التجار؟ عاشت الليبرالية!
- نساءٌ مريضات في العصر النفطي


المزيد.....




- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - وعيُّ التآمرِ في التاريخ الإسلامي