أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - حين أعياهُ العدّ














المزيد.....

حين أعياهُ العدّ


عبدالكريم الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 4564 - 2014 / 9 / 4 - 23:18
المحور: الادب والفن
    


حينَ أعياهُ العدّ
-------------- ( قصة قصيرة )
لا شيءَ سوى أسطرٍ يغفو الكلام فوق جبينها . كان يبتهل شوقاً إليها كلما هزّه الوجد ، وجد سحر قلمه الصغير المعلّق بين أنامله الجميلة ، اعتاد كلّ ليلة يهفو إلى أسطره يدسّ أساه بين ضلوعها وحين يدركه الفجر يغادرُ نحو ظلمة النهار المغلول بالضجيج والكتمان، يراقب تعاقب قهقهات الحمقى ، الناس تتجاهل الضجيج ، تحتمي بأفقٍ مختنق بالصمت ، النهار يلتف بأسمال موتٍ بالٍ ، مرتبكاً بضجيج الجيوش ، يلامسه ظلّ رغبة بريئة فينطلق كالطفل يجوس لعبته هائماً في مجاهيل الضباب فتينع أسراره الدفينة عند حرف غفا بين شدو أسطره أشجاناً ترتجف بالهيام . طارد صدى خفقة القتل في العراء يلتمس خواء القفار ، قفار ترتدي أشلاء القتلى عند منعطف الخديعة . كان وحيداً يبصر صراخاً عن بعد ، صراخاً يناهض ارتعاشة الخراب ، شبّت فيه رغبة في أقصى الجنون لمطاردة الصدى ، يتراءى له خلف كواليس الظلّ أفواجاً من أقمارٍ عارية تهرول بين الوديان ، خائفة ضاعتْ دونها الخطى ، كان محكوماً بغصة أشيائه المفقودة ،غصة تلعثمت بدندنة نهرٍ هائمٍ في ظمأ شريدٍ يظلّلهُ العراء ، ينازع العطشى كأس البقاء ، نهر يرتدّ واجماً مرتبكاً ، يتعثر بجفافٍ موهوم حين تلوّح له بيد من عطش. صور متلاحقة تعتري أفقه ، مدن تتقلص وجعاً ، يراقصها هجيرصبوة العربان ، تلامسها فصول الوساوس ، وأشجارٌ بريئة حاصرتها الريح تكابد الأفول ، كان يحنو عليها مخافة التشفي ، ينتظر سحابة عاثرة عند هبوب حزن الأرض يدعي وصلها . تملّكته لحظة تنوء بحشرجة قرى عالقة بغبار الذكرى ، تصطفّ أمامه دروباً من نخيل ، يتأرجح بين اللهفة والحسرة حين أدرك مساءات مضيئة بالبوح ، مساءات تهطل في وجلٍ أطيافاً أطبقت أجفانها عند غشاوة جداولٍ مرتعشة بحكايات مبلولة بشفقٍ أخير ، ولمّا تبعثرت فيه الذاكرة رتّب جرح الأمس ، لملم رغباته المقتولة بين شفتي أنامله المرتجفة بالهذيان ، المسافات الممتدّة الى عالمٍ متّشح بالرعب تطوي خطواته المسكونة بالدهشة ، تلتهم ماتبقى من ضياء في قرارها السحيق ، وحين لجّ غياهب المجهول عند منعطف مدنٍ صفعتها ريح التيه أفزعته قيامة الصدى ، قيامة تنتظر مؤرخاً لأسراب الموتى ، موتى تنتفض من تحت الرماد متعطرة بالإنتظار ، تحمل شموعاً من تساؤلات شتى تنتظر من يطفأ صمتها ،أدرك خيبته لما صفعه الصريخ ، أومضت أنامله دمعاً يغمر وجه برائته ، أناخ عند صمت القبورحينَ أعياه العدّ ، مدّ يده بسطتْ أسراب الموتى يدها بعدما لاحَ من طرف الأجداث بارقاً للنداء :
- وحدها تلك المدن اغتالت خطواتنا .
- إني لأعجب كيف لتلك المدن تزدحم بالخيانة؟
- كانت ظمأى للغزاة ، تنادي بأسمائنا واحداً تلو الآخر . كنّا نختبىء في مآقي المنايا ، نترجل عند بوابة النداء فتختلط دماؤنا بإرض لاتروم غير أجسادنا .
كانت كلماته تتعثربالنسيان قبل أن تتخطفها أطياف آخر ليلة ، بينما أشلاء القتلى تحلم بموت آخر. كان وحده قبل أن تزهر كلماته أسطراً من دمع . دسّ أساه بين ضلوع الموتى لمّا أدركه صخب النهار .
ثمة أشباح في الأفق أسكنتها الجهات تحمل شموعاً من دمع وأسى تبكي خطاها ، تمدّ ظفائرها للفجر، تلّوح بآهاتٍ حرّى للقادمين من جنوب الوجع .



#عبدالكريم_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا بعد انتخابات 2014
- ترنيمة انتظار
- ( محجر رقم 1 ) - قصة قصيرة -
- اللمسة الأخيرة - قصة قصيرة -
- قلبُ أمّي لم تخنْهُ النظرة - قصة قصيرة-
- خطوة على الطريق - قصة قصيرة-
- فلنرجم كلّ الفاسدين بإصواتنا
- إنّهُ يرتّلُ أنفاسي - قصة قصيرة -
- ليلة احتضار النور - قصة قصيرة-
- ذاكرة معلّقة بصلعة الجحيم _ قصة قصيرة _
- كان الصوتُ ساخراً -قصيدة -
- ثقوب الذاكرة - قصة قصيرة -
- بقايا خطى عابرة - قصيدة -
- ( غرب الخوف ) - قصة قصيرة -
- ( حتّى متى ) - قصيدة -
- ثورة - قصيدة -
- الطريق الى المملحة... أو رسائل الموتى - قصة قصيرة -
- دهشة - قصيدة -
- بعدَ الغياب - قصيدة -
- كإنْ لم تكنْ أنت - قصيدة -


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - حين أعياهُ العدّ