أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الكيلاني - للسفينة بحر ..














المزيد.....

للسفينة بحر ..


عبدالكريم الكيلاني
شاعر وروائي

(Abdulkareem Al Gilany)


الحوار المتمدن-العدد: 4555 - 2014 / 8 / 26 - 23:22
المحور: الادب والفن
    


غادرت السفينة ميناءها نحو مغامرة مجهولة، لم تردعها الأمواج العاتية التي تمنح قلب البحر نبضه.
غادرت وهي تشكو من تصدّعات وانشقاقات في بنيانها وجسدها المتهرئ بفعل الزمن.
رفعت مرساتها بعد أن أوشكت على الغرق منذ أن حطّت آخر مرة في احدى موانئ جزر الموت البعيدة عن مدن التحضّر والبلدان المتحررة المتقدمة، غادرت ميناءها وهي عازمة على الموت في عرض البحر، حيث النهايات مفتوحة والسماء غارقة في الأفق البعيد ولا أرض على مرمى البصر، هذه المرة آثرت أن تقود نفسها بنفسها بلا ربّان ولا ملاّحين ولا مسافرين، كيف لا وقد جعل منها هؤلاء خشبة منخورة لا تنفع ولا تضر بفعل التجارب البحرية والرحلات الغير محمودة العواقب منذ سنوات خلت، حتى باتت آيلة للغرق في أي لحظة، إذاً لا مناص من المغامرة هذه المرة طالما أن الهدف هو البحر نفسه، فالمغامرات السابقة ألّفت بينهما وزرعت نبتة الثقة في جسديهما فما عادت المخاوف تهيمن عليهما والألفة والتراحم أصبحت أقوى بينهما.
حين أطلقت السفينة صفارتها أيقنت بأن الرحيل سيكون بلا عودة، فالعودة في حالتها مستحيلة، والبحر لا نهاية له، لكنها كانت مصرّة على الابحار، فليالي البحر ساحرة، والنجوم في عرضه أجمل من النجوم التي كانت تراها في الميناء، فهي تسبح كل ليلة لترسم لوحة، لا يمكن أن تضاهيها جمالها في أعالي السماء.
النجوم تداعب البحر، ترقص معه كل ليلة على خرير الماء وأنغام الصمت والسكون، البحر يمسك بخصر النجمة وعلى انغام الليل يرقصان حتى الفجر، ومن حولهما الامواج الهادئة تتمايل طرباً، السفينة المتمردة الحالمة بالإبحار الى حيث لا مكان، تغفو على صفحة الماء، وهي ترمقهما بنظراتها الحانية، والبحر بدوره يبعث الدفء لجسدها المترهّل وكأنهما أحياء تدبّ فيهما روح واحدة.
نعم، للبحر أسرار ومديات وأذرع كثيرة وطويلة قد تمسح اكتاف السفينة بحنو وقد تلتفّ حول عنقها وتسحبها الى عمقه بشراسة، لكنها مغامرة والسفن ليست معصومة من الغرق لكنها تخاطر بلا خوف أو تردد، فهي لم تُصنع الا للمخاطر واكتشاف المجهول والبحث عن الحياة في هذه الارض الماكرة، ولطالما كان الربان يقودها في مسار واضح له بداية ونهاية، الا انها ابداً لم تجد اللذة في احتواء البحر لها بسبب سيطرة قبطانها عليها، آن الأوان حتى تبحث عن ذاتها وسر وجودها في المحيطات والبحار.
تدكّ الأمواج العاتية اطراف السفينة، تقذفها يميناً وشمالاً، تصفعها بنوبات مجنونة، وهي تقف بوجهها بلا ملل ولا رهبة، فالكفاح سمة كونية تتّصف بها كل اشكال الحياة في كوكبنا المبتلى بالقسوة والجبروت والأنانية والتسلط وحب الذات، انه سر الكينونة.
وبالرغم من أن السفينة ستتحطم لا محال يوماً ما لكنها لن تتخلى عن ابتسامتها وحبها لسبر أغوار المجهول، فموسيقى الحياة تطرب، وتبث روح المقاومة والتحدي في جسد التفاصيل، والرقص على اكتاف الموت تمنح البهجة جمالها، ولكل سفينة بحر .



#عبدالكريم_الكيلاني (هاشتاغ)       Abdulkareem_Al_Gilany#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب الفلسطيني نهاد ابو غوش حول تداعايات العمليات العسكرية الاسرائيلية في غزة وموقف اليسار، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتب الفلسطيني ناجح شاهين حول ارهاب الدولة الاسرائيلية والاوضاع في غزة قبل وبعد 7 اكتوبر، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لله درّك يا بدل، أبكيتنا فرحا
- وجعي.. كيلانيات
- دهوك الحلم .. كيلانيات
- كيلانيات..زلقو
- كيلانيات .. لالش
- كيلانيات.. مطارق نهد
- كيلانيات ( هذيان )
- قصيدة -أنا كاكه حمه فمن أنت-؟
- كيلانيات .. ( غواني وعبيد )
- رحلتْ مع الريح
- هو ذا الحب يا خانم
- أوَ ذنبي أنني من الشرق أتيت ؟!
- أنا ومحمد البان وحكايا أخرى
- نهد مدينتي
- وطنيون غرباء وغرباء وطنيون
- بكائيات في الغربة والاغتراب
- على قارعة العهر الشرقي
- دوائر غامضة
- يا نهر موصليَ الحزين
- أهدأ أيها المفتون بالرضاب


المزيد.....




- روبرت دي نيرو يعرب عن غضبه من فرض -آبل- رقابة على خطابه في ح ...
- اللواء إيزدي: ثقافة الاستشهاد ظهر تاثيرها في مقاومة الشعب ال ...
- الأسير ناصر الشاعر.. -أبو القاسم- الداعي لتوحيد الصف الفلسطي ...
- 1300 فنان بلندن ينتقدون قمع المؤسسات الغربية للفلسطينيين
- وزيرة الثقافة الروسية: المشاهدون الروس يفضلون الأفلام العائل ...
- الدوحة.. قمة -وايز- تناقش التعليم وقت الحرب وثورة الذكاء الا ...
- شاهد.. مراسم تنصيب رئيس الإكوادور على أنغام موسيقى -يوم النص ...
- معلم لغة إنكليزية يبادر إلى تدريس أطفال نازحين في قطاع غزة
- مهرجان فنون العُلا ينطلق في فبراير 2024
- شاهد رد فعل الممثل روبرت دي نيرو عندما علم بحذف جزء من خطابه ...


المزيد.....

- عد إلينا، لترى ما نحن عليه، يا عريس الشهداء... / محمد الحنفي
- ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد / الحسين سليم حسن
- الدكتور ياسر جابر الجمَّال ضمن مؤلف نقدي عن الكتاب الكبير ال ... / ياسر جابر الجمَّال وآخرون
- رواية للفتيان ايتانا الصعود إلى سماء آنو ... / طلال حسن عبد الرحمن
- زمن التعب المزمن / ياسين الغماري
- الساعاتي "صانع الزمن" / ياسين الغماري
- الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأدباء ... / السيد حافظ
- مسرحية - زوجة الاب - / رياض ممدوح جمال
- الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأ ... / مجموعة مؤلفين عن أعمال السيد حافظ
- أنهارٌ من زنبق: النهر السادس / دلور ميقري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الكيلاني - للسفينة بحر ..