أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - في ذكرى رحيله السادسة: محمود درويش سفيراً أممياًً للثورة















المزيد.....

في ذكرى رحيله السادسة: محمود درويش سفيراً أممياًً للثورة


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4542 - 2014 / 8 / 13 - 01:39
المحور: الادب والفن
    


في ذكرى رحيله السادسة:

محمود درويش

سفيراً أممياً للثورة

إبراهيم اليوسف

"لوكان محموددرويش بيننا الآن؟" . "إنه بيننا الآن" يجيبه الآخر. هكذا يتم الحديث عن الشاعرالكبيرمحمود درويش"1941-2008 " الذي تمرذكرى رحيله السادسة في هذه الأيام. حيث يتم استذكاره أنى تضببت الآفاق، وانسدت، ضمن الفضاء الجغرافي الشسيع الذي يعنى به، وهوابن فلسطين الذي كتب عن وطنه، كما كتب عن أهله، وعن قضايا العالم، طوال عقود من عمره، وهوليس بغريب على من تجرع مرارة الطرد من بيته، و مسقط ذكرياته الأول، ومهاد روحه الأول، فتح عينيه، وهوالطفل، ابن السابعة من عمره، على احتلال وطنه، من قبل غرباء، دخلاء، صا ر يعرفهم تدريجياً، وتنفر روحه، من أشكال استبدادهم، وعنفهم، بحق أسرته التي تشردت من قريته" البروة" الجليلية، بل وبحق أهله، وجيرانه، وأقرانه الأطفال، لتتولد في نفسه روح المقاومة التي وجد في القصيدة أداة رئيسة لممارستها، بالتوازي مع ذلك الفدائي الذي يسترخص روحه من أجل قصيدته.
ويمكننا أن نجد في حياة درويش منذ طفولته الأولى الجريحة، ومروراً بتشرده مع أبناء شعبه، تراكماً هائلاً من الأحداث، والآلام، والمصاعب، والتحديات الكبرى، وهي جميعها تظل مألوفة، عادية، مادام أن هناك امرؤ، بل شعب في مهب الرياح التي تستهدف اقتلاعهما من الجذور، بيد أنه ينتمي إلى هؤلاء الذين لم يستسلموا أمام الأهوال التي جابهوها، سواء أكان ذلك عبرسنوات دراسته التي تعرف خلالها على الحزب الشيوعي الفلسطيني الذي كان من الفصائل الناشطة، فكرياً، أوحتى في مدرسة الواقع التي كانت تقود إلى المدرسة النضالية نفسها، في تلك المرحلة. واستطاع أن يجيب عن أسئلته الأولى التي كانت روحه المستعرة، ألماً، ومعاناة، تطرحها، ما جعله يتخذ لنفسه خطاً فكرياً إنسانياً، يحقق له من خلال الانتماءإليه إمكان خلق التوازن النفسي، لاسيما أن القلق العارم كان يتأجج بين ضلوعه، إنه قلق جيل يكتب عليه أن يضيع، ويمحى، ويفتقد هويته، وملامحه، ولغته، وتاريخه، بل وقبل كل ذلك، تاريخه، وجغرافياه، وإنسانيته، وما كان يضرم أوار هذا القلق، أكثر، تزواجه مع قلق آخر، هوقلق الإبداع، قلق الشاعر، الذي يندلع من جراء قراءة كل ما يحيط به من تناقضات، فما أصعب ذلك الإحساس الذي يراد له أن يختنق، وألا يظهر، في حضرة محاولات تذويب الشخصية، بل وسرقة ذكريات الشاعر، ومكتبة بيته، وسريره، وزقزقة عصافيرداره، ورائحة أوراق شجرة الليمون التي طالما استظل بها، وهويرى في تلك الصباحات الأولى، كيف يتعامل أبوه معها بحنو جم، يؤنسنها، بيدأنها-هي الأخرى- قد غدت أسيرة، كما ملعب طفولته كله، بعدأن حول هذا المحتل علاقته مع أكثرالمقربين إليه، من وجوه أصدقاء الطفولة، والجيران، إلى مجرد ذكرى لايمكنه مفارقتها، لأنها تستوطن في مسامات ذاكرته العصية على المحو.
ومادام درويش ينتمي إلى تلك النخبة التي تتشبث بإرثها، وبماضيها، وتعرف حدود حقوقها، بل ترفض اغتصاب تاريخها، فلم يتردد عن تشخيص كل ما شاهده بأم عينيه، منذ بداية رحلة الألم، والهجرة إلى-الجديدة- اللبنانية، ومن ثم العودة متسللاً مع الأسرة، بعد ماسمي-آنذاك- بالهدنة- وهوماجعله يسمي ما حوله بأسمائه الحقيقية، من دون خوف، الأمرالذي لايسكت عليه المحتل، الذي جرعه علقم السجن، لأول مرة، وهو في العشرين من عمره، ما دفعه للتعبير عن خياراته-أكثر- إذ نال ثقة من حوله، ليكون أحد أعضاء المجلس الفلسطيني، تقديراً للدور الذي قام به، لاسيما أنه راح يشتغل على خطابه الإبداعي، ولتكون قصيدته سجل صورة طبق الأصل عن تجربة الشعر الفلسطيني، ليس بدءاً من صرخته المدوية" سجل أناعربي" وليس انتهاء بآخر قصيدة كتبها، وهو على سرير الموت، بل لأن حصيد سيرته الإبداعية –بحد ذاتها- ملحمة فنية جمالية، وهوما نقوله-هنا- انطلاقاً من حقيقة أنه يرتقي إلى مقام هؤلاء الشعراء الكبارفي تاريخ الإنسانيين، ممن لايتكررون-حقاً- مامنحه فرادة، استثنائية، ليس في عالم الشعرالمقاوم، أوالعربي، بل في تاريخ الشعرعامة.
لقدتوافر للقضية الفلسطينية، على امتداد ستة عقود ونيف، من عمرها، من تناولها عبرالأدب والفن، من شعر، وقصة، ورواية، ومسرح، وتشكيل، بل وموسيقا، وسينما إلى جانب من تناولوها عبرمجلدات هائلة: تأريخاً، وتوثيقاً، ورصداً، بيد أن شعرالمقاومة الذي يشكل درويش-في الحقيقة- أحد أهم أضلاعه الذهبية، بل يشكل خط دفاعه الفني الدلالي الجمالي الأول، دعاه ليعطي القصيدة أهميتها الكبرى في تاريخ الفلسطيني، وهو يتشبث بأرضه، يذود عنها،قريباً عنها، أومبعداً، على حد سواء، بما أوتى من قوة، فقد احتلت قصيته مكانة مرموقة، في قلب مثل هذا المشهد، حيث كانت تتردد على شفاه الشباب، تبث الحماس في أرواحهم، على نحومائز، وذلك لأنه من عداد هؤلاء العمالقة الكبارفي تاريخ الشعر، ممن استطاعوا أن يطوعوا اللغة، كي تكون ترجمان الأحاسيس، تتفاعل معها، وهوما هيأ للدلالي إهابه الجمالي الذي لاينفصم عنه، بل إن قصيدته لم تظل أسيرهاجسها المعرفي، ودورها التثويري التقليدي، وإنما كانت مواكبة لمشروع الحداثة، بل ومابعد الحداثة-عالمياً-مايدل على أن الرجل كان يعيش قصيدته، في الوقت الذي تعيش القصيدة أسئلة روحه، وإنسانه، من دون أي فكاك، يقول في قصيدة" الأرض" التي استطاع موشورها أن يحقق إنجازاً فريداً في تاريخ الشعرية، وليس في تاريخ الشعرالمقاوم، أوالشعرالعربي فقط:

في شهر آذار، في سنة الانتفاضة، قالت لنا الأرضُ أسرارها الدموية. في شهر آذار مرّت أمام البنفسج والبندقيّة خمس بنات. وقفن على باب مدرسة ابتدائية، واشتعلن مع الورد والزعتر البلديّ. افتتحن نشيد التراب. دخلن العناق النهائي – آذار يأتي إلى الأرض من باطن الأرض يأتي، ومن رقصة الفتيات – البنفسج مال قليلاً ليعبر صوت البنات. العصافيرُ مدّت مناقيرها في اتّجاه النشيد وقلبي.

أنا الأرض
والأرض أنت
خديجةُ!
لا تغلقي الباب
لا تدخلي في الغياب
سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل
سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل
سنطردهم من هواء الجليل.
وفي شهر آذار، مرّت أمام البنفسج والبندقيّة خمس بناتٍ. سقطن على باب مدرسةٍ إبتدائيةٍ. للطباشير فوق الأصابع لونُ العصافيرِ. في شهر آذار قالت لنا الأرض أسرارها.



أُسمّي الترابَ امتداداً لروحي
أُسمّي يديّ رصيفَ الجروح
أُسمّي الحصى أجنحة
أسمّي العصافير لوزاً وتين
وأستلّ من تينة الصدر غصناً
وأقذفهُ كالحجرْ
وأنسفُ دبّابةَ الفاتحين.


وبعيداً، عن تقويم هذه القصيدة التي تعد قصيدة الانتفاضة، بل وبعيداً عن تقنيتهاالعالية التي جعلتها بمثابة-الأيقونة- أو الأنموذج، اللذين طالما استلهم منهما آلاف الشعراء قصائدهم، لتغدوليس قصيدة يوم الأرض الآذاري، ضمن حدود مساحة فلسطين الشاعر، وإنما لتكون قصيدة-الأرض-كلها- القصيدة التي تبين مدى الحميمية بين الآدمي المرتبط بجذوره، ومفردات المكان التي تتساوق في محيط مصطلح: الأرض، هذه المفردة التي لم يتلكأ درويش في كهربتها، ونسغها، لتضج بالحياة، والأشجار، والأحلام، والأفراح المنتظرة.
وحقاً، إن الحوارية-السريعة- التي جعلناها، مفتتحاً، لهذا المقال الاستذكاري للشاعرالكبيردرويش، تحتفظ بديمومتها، فهي تجري كلما رمقنا من حولنا، ونظرنا إلى منظرخريطة الدماء التي تسيل، وفق مخطط مسبق، كي يبتلع الدم الدم، ويمحوالدمارالدمار، ويذوّب الأنين الأنين، ونجد غزاه - ونحن في حرم مناسبة ذكرى رحيل درويش-في مرمى آلة الدمار، هذه الآلة التي تدارمن قبل قتلة، وطيارين، آخرين، في امتدادات أخرى، سواء أكانت في حلب، أم الموصل، أم الرقة، أم سنجار، أم غيرها، حيث أن استذكار هذا الشاعرالكبير، وترديد عبارتي تلك-الحوارية- يكاد يتحول إلى منولوج مدو من قبل أي منا، ونحن نحلم بإيقاف أرخبيلات الدم، والحروب الطاحنة التي نظل مجرد شهود على دوران رحاها، وهي تمحوالأخضرواليابس، وتصيبنا-في الأعماق- لنصيخ السمع إلى أصداء صوت هذا الشاعرالفريد، وهو يواجه القبح بالجمال، واليأس بالأمل، ويدلنا على طريق الخلاص، رغم ما يبعدنا عنه من كوابح وتحديات.
-أجل، هكذا يكون الشاعرالعبقري سفيراً لقضيته وشعبه، كما هوسفيرلقضايا العالم، يستشهد باسمه، ويتم استذكاره، على أوسع نطاق...!



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -كفرة- لاتكفيريون.فقط: يكتب نسخة قرآن معدلة..داعش تنظيم معاد ...
- ليس دفاعاً عن بيشمركة الإقليم
- نسخة مصححة أرجواعتمادها
- إلى سيادة الرئيس مسعود البرزاني:
- د.أحمد خليل وكتابة التاريخ كردياً...!
- معجم حياة داعش الداخلية: فضائح معلنة ومستورة
- حين يريق المثقف ماء وجهه: ظاهرة التكسب الثقافي أنموذجاً
- ماراثون الفوضى
- الكاتب وعودة الوعي: توفيق الحكيم أنموذجاً
- العيد الذي ينساه أطفالنا:
- الفيلسوف عبدالرحمن بدوي من الوجودية إلى-اللاوجودية-..!
- صندوق الدنيا
- من يقرؤنا؟
- تنبأ ب-الثورة- وبشربها ووقف محايداً حين بدأت أدهم الملا سرقه ...
- أمكنة الشعر
- برقية في ذكرى استشهاد المفكرالكردي د. عبدالرحمن قاسملو
- مابعد العبث:
- فوضى العماء:
- تحت جناحي عامودا.....!
- مارس دوره التنويري على أكمل وجه المفكرالكويتي خلدون النقيب أ ...


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - في ذكرى رحيله السادسة: محمود درويش سفيراً أممياًً للثورة