|
الفيلسوف عبدالرحمن بدوي من الوجودية إلى-اللاوجودية-..!
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4524 - 2014 / 7 / 26 - 13:53
المحور:
الادب والفن
استطاع فيلسوف مصرالوجودي الأول د. عبدالرحمن بدوي"1917-2002" كما يسمى" والذي تصادف الذكرى الثانية عشرة لرحيله اليوم"أن يشكل علامة بارزة في الثقافة والفكر، وسبب الربط بين اسمه والوجودية يعود لتأثره الكبيربالفلسفة الوجودية الأوربية،عموماً، وفلسفة الألماني مارتن هايدجر، خصوصاً.
وبعيداً عن الإغراق في سيرته، حيث كان ابن عمدة إحدى القرى، وتابع دراسته مابين الريف والمدينة، حيث استحصل شهادة الفلسفة - بحسب توثيقات الذاكرة الغوغلية- من جامعة القاهرة في 1934، ليتدخل المفكرتوفيق الحكيم، ويؤمن له بعثة دراسية إلى ألمانيا وإيطاليا، يتعلم لغتيهما، وذلك بعد أن تناهى إلى مسمعه خبركفايات الرجل ونبوغه، ليعود إلى مصرفي العام 1938، ويحصل على شهادة الليسانس الممتازة، وينخرط في التعليم الجامعي، ويحصل تباعاً على الماجستير، ومن ثم الدكتوراة في العام 1944من جامعة القاهرة نفسها، وقدعلق د طه حسين أثناء مناقشة رسالته المعنونة ب"الزمان الوجودي" والتي تطرقت إلى فلسفة الموت، قائلاً: لأول مرة نشاهد فيلسوفاً مصرياً". لقد امتلك د. بدوي الذي ألف مئتي كتاب مهم، عقلاً وذاكرة عبقريين-حقاً- فقد تمكن إجادة عدد من اللغات إلى جانب لغته العربية الأم، وهي: الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والإسبانية واليونانية واللاتينية والفارسية، واستطاع أن يؤسس قسم الفلسفة في جامعة عين شمس، ويترقى في السلم التعليمي، بل وينال ثقة أهله، ومحبتهم، وتسند إليه بعض المهمات في السلك الدبلوماسي، ليكون مستشاراً ثقافياً ومديراً للبعثة التعليمية في بيرنمابين عامي 1956-1958، بحسب المصدرذاته.
تدرج د. بدوي جانب السلم الوظيفي في السلم السياسي أيضاً، فقد كان عضواً في حزب مصرالفتاة، واللجنة العليا للحزب الوطني الجديد، وإن من بين نشاطه السياسي أنه كان من عداد خمسين أكاديمياً وباحثاً ومثقفاً وضعوا الدستورالمصري، بيدأن الرجل دفع ثمن رؤاه السياسية، فقد جردت ثورة 23 يوليوعائلته من أملاكها، ما جعله يولي وجهه خارج مصر ليتابع عمله الأكاديمي، كأستاذ زائر، متنقلاً بين السوربون وإيران ولبنان وليبيا والكويت، ليستقربعد كل هذه الرحلة المضنية في باريس.
ولعل أية قراءة لكتاب مذكرات الرجل الذي جاء في جزأين، تؤكد عمق الروح النقدية لديه، بل شعوره العالي بخيبة الأمل من المشهدين الثقافي والسياسي-في آن- إذ وجهما ملوثين، مكربنين، فاسدين، حيث وجه إصبع اتهامه إلى رموز ثقافية سياسية -ومن بينها د. طه حسين نفسه بأنه متناغم مع السلطة، وأن الطلبة قد توصلوا نتيجة ثنائية الفساد والاستبداد إلى أن يصبحوا جواسيس على بعضهم بعضاً، كما أنه راح يتحدث عن استشراء روح إدمان الاضطهاد لدى العوام، وعدم تمكنهم من تحليل الواقع بروح مسؤولة، ومن هنا، فإن السيرفي الجنازة الكبيرة، ليس دليلاً إلا على أننا أمام طبيعة شعب هوايته السيرفي الجنازات.
ولعل الفيلسوف البدوي الذي عمرثمانية عقود ونصف قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة في أحد مستشفيات وطنه، كان مشغولاً بهاجس الموت، شأن أقرانه من أساتيذ الفكرالوجودي، وراح يدقق في تفاصيله، ويقارب عوالمه، معرفياً، وإن كنا سنجد أنه يتراجع عن أفكاره هاتيك، كما كشف عن ذلك الحوارالذي أجري معه، ونشرته مجلة الحرس الوطني السعودية، حيث قال: أشعرالآن أنني بحاجة إلى من يغسلني بالماء الصافي الرقراق، لكي أعود مسلماً حقاً، بعدأن عاديت الإسلام ستين عاماً"، وكان ذلك امتداداً لمؤلفيه المعنونين ب" الدفاع عن القرآن ضد منتقديه" و دفاع عن محمد صلى الله عليه وسلم ضد المنتقصين من قدره".
ويكشف الحوار الأخير مع د . بدوي والذي أجراه معه صلاح حسن رشيد، وهو على سرير الموت، بعد المعارك الصاخبة التي تمت بينه وكبار المفكرين والمبدعين، على امتداد عقود في ما يخص أطروحاته، ورؤاه، عن ردة كبرى من لدنه عن آرائه التي طالما عرف بها، من قبل، حيث يرى فيه أنه يحس بندم شديد على كل ما كتبه ضمن إطار الفلسفة الوجودية، وإن هذه الفلسفة، وما يشابهها ليست إلا فلسفات خادعة، وأن الحضارة الإسلامية هي خير ما أنتجه الفكر الإنساني، يقول في هذا الحوار ورداً على سؤال محاوره "وهل تبرأت من كتاباتك السابقة عن "الوجودية" و"الزمن الوجودي" وعن كونك رائد الوجودية في الوطن العربي؟ نعم . .أي عقل ناضج يفكر لايثبت على حقيقة واحدة، ولهذا فأنا في الفترة الحالية أعيش مرحلة القرب من الله تعالى، والتخلي عن كل ما كتبت من قبل" . ويتمنى أن يمتد به العمر كي يعود إلى باريس، ويستقر فيها، وينجز مؤلفين جديدين يقول: وأنا من الباحثين عن أسس مرجعية للحضارة الإسلامية، وبصدد تأليف كتاب يكون مرجعاً لمعالم الحضارة الإسلامية، وآخر عن الأدب والعقيدة، ويرى أن الرافعي ظلم في حياته، ويراه أهم من طه حسين، فقد كان يملك مؤهلات فكرية أدبية خارقة، وهو صاحب قلم رشيق، وخيال خصب، وعبارات مبتكرة، وكتابات توزن بميزان الذهب" .
إبراهيم اليوسف
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صندوق الدنيا
-
من يقرؤنا؟
-
تنبأ ب-الثورة- وبشربها ووقف محايداً حين بدأت أدهم الملا سرقه
...
-
أمكنة الشعر
-
برقية في ذكرى استشهاد المفكرالكردي د. عبدالرحمن قاسملو
-
مابعد العبث:
-
فوضى العماء:
-
تحت جناحي عامودا.....!
-
مارس دوره التنويري على أكمل وجه المفكرالكويتي خلدون النقيب أ
...
-
ارجومنكم نشرهذه بدلا عن المنشورة وشكرا
-
داعش ترحب بكم.....!:
-
أستعيدُ أبي......!
-
وحدة الخير وحدة الشر
-
طفرة داعش: الواقع والآفاق
-
بعد أن طرق بوابات الكرد بيده الملطخة بالعار والدم هل تكون كر
...
-
ميشيل فوكو ثلاثون عاماً على الرحيل
-
بعدأن طرق بوابات الكردبيده الملطخة بالعاروالدم: هل تكون كردس
...
-
ماقبل الجاهلية:
-
استبصارالعماء:
-
تهويمات المثقف الزائف
المزيد.....
-
ديمة قندلفت تتألق بالقفطان الجزائري في مهرجان عنابة السينمائ
...
-
خطيب جمعة طهران: مستوى التمثيل الإيراني العالمي يتحسن
-
أعداء الظاهر وشركاء الخفاء.. حكاية تحالفات الشركات العالمية
...
-
طريق الحرير.. القصة الكاملة لأروع فصل في تاريخ الثقافة العال
...
-
جواد غلوم: ابنة أوروك
-
مظاهرة بإقليم الباسك شمالي إسبانيا تزامنا مع عرض فيلم -صوت ه
...
-
ابتكار غير مسبوق في عالم الفن.. قناع يرمّم اللوحات المتضررة
...
-
طبيبة تمنح مسنة لحظة حنين بنغمةٍ عربية، فهل تُكمل الموسيقى م
...
-
عبد الكريم البليخ في -بكاء الحقل الأخير-... ثلاثون قصة عن ال
...
-
استقالة مفاجئة لأشرف زكي من نقابة المهن التمثيلية استعدادا ل
...
المزيد.....
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|