أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - استبصارالعماء:














المزيد.....

استبصارالعماء:


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4487 - 2014 / 6 / 19 - 00:35
المحور: الادب والفن
    


استبصارالعماء:

يعد الكاتب البرتغالي جوزيه ساراماغو"1922-2010" الذي تصادف اليوم* الذكرى الرابعة لرحيله" أحد الذين اشتغلوا بمهارة عالية، على تلك العلاقة بين طرفي ثنائية: العمى والرؤية،المتناقضتين، وهي إحدى رواياته الأكثرأهمية بين سرب أعماله السردية، وهي" أرض الخطيئة-وجيزالرسم والخط- ليفنتادو دوتشار-الطوف الحجري-قصة حصارليشبونة- البصيرة- الكهف- كل الأسماء- سنة موت ريكاردوريس- الرؤية- بالإضافة إلى نتاجاته الشعرية.
وإذا كان ساراماغوقد طبع روايته الأولى، في سن مبكرة، فإنه انقطع عن الكتابة تسعة عشرعاماً متواصلة، قبل أن يصدرمجموعته الشعرية الأولى، ويستأنف كتابة السردبعدها، ودون أن يسمي الأمر"حبسة إبداعية"، ربما لأنه كان واثقاً من قدراته الكتابية، أوتمكنه من أدوات الكتابة، ولعل لكتابته روايته:" العمى"، حكاية طريفة، حيث أنه بينما كان في أحد المطاعم ينتظروجبة طعامه كي يتناولها، قدحت فكرتها، في رأسه، فجأة، وأحس في قرارته، أنه وعلى طريقة اكتشاف نيوتن لضالته، قد وجد ما كان يشغله في أعماقه، ليبدأ مخطط هذه الرواية في هذا المهادالأول، وليتدرج حبل مشيمتها، على إيقاع قرقعة الملاعق والصحون، وخشخشة كسرالخبز، واللعاب المتأهب، ولذة اللقمة، بينما مخياله يمضي بعيداً، في غياهب العمى، يواصل إيقاد شرارات الرؤى، وهويكتب أحدأهم أسفاره السردية التي سينال من خلالها جائزة نوبل للآداب، بعد فاصل من مجردعقدزمني لنيل غابرييل غارسياماركيزلها، من دون أن تغيرالرواية طبيعة علاقته مع الكتابة، أوتصوراته، وعاداته مع طقوس الإبداع التي لن تتغير، وكأنه بنيله للجائزة كان على موعد مع مجرد زائرعابر، لاأكثر..!
ومن أغرب ما يمكن وصف روايته هذه به، هوأن الكاتب استطاع أن يخلق حالة" العمى" مع متلقيها، أثناء تواصله معها، ليس بسببب مدينته، أومكانه غيرالمسمى، بل ليس بسبب زمن الرواية غيرالمحدد، وإنما-أيضاً- بسبب علاقته مع التكوينات التي يرسمها، فهي تخلومن الخطوط والعلامات الفارقة، لا لأنها غارقة في الذهنية، بل لأن المرئيات سرعان ماتتذاوب، وتتهادم، في إطارتحول الرؤية إلى رؤى، وهي نقلة مهمة في دنيا السردالإبداعي، وقد تكتمل الصورة-هنا-فيما إذا علمنا أن لساراماغو رواية أخرى، سماها"البصيرة"، وهي ليست نقيض العماء-فحسب- بل نقيضه المعقلن، حتى وإن كان الحكم-هنا-في حدود محاكمة مقارنية بين عتبتين نصيتين للكاتب نفسه.

وبعيداً عن مثل هذه الثنائية التي تأتي دليلاً على أن الرجل الذي التزم منذشبابه الأول بخط فكري-وهوعضويته في الحزب الشيوعي البرتغالي- كان ذا رؤية عميقة، فإن هناك الكثيرمن العلامات الفارقة لإبداعه، وحياته، وإن كانت حكومة بلده لم تهتم به إلا بعدنيله المرتبة النوبلية، فوجدت في كتاباته إبداعاً وطنياً، ولطالما وضعت العقابيل أمام أي تكريم محلي لائق بقامته العالية،لاسيما أنه واجه خلال مسيرته الحياتية متاعب كثيرة، فقد عمل" صانع أقفال" حداداً، ومصححاً في صحيفة، ومن ثم محرراً لمايقارب العقدين، دون أن ينال عالم"العمل" من عالم" الإبداع"، بل إنه وفق بينهما إلى حد بعيد.

ثمة الكثيرمن الآراء التي بدرت عن الرجل، ومن بينها رؤيته للعنف بأنه" طبيعي" واستشهاده باعتياش الإنسان على الحيوان، والحيوان على بعضه بعضاً، ومن بين ذلك أن"العنكبوت يصطاد الذباب"، بيدأنه يجد"التعذيب خصيصة بشرية، ينأى بها عالم الحيوان حتى في دورة عنفه، بل إنه يرى أنه من الطبيعي أن يكون المرء متشائماً، وأن "التفاؤل غباء" وأن التشاؤم هومن يسهم في بناء العالم، وديمومة الحياة، وهي أفكاريمكن إعادتها إلى الجذرالإبداعي لديه، وليس إلى الرؤية المتقدمة للعالم التي انتمى إليها، خلال عقود وعيه وحياته...!.

*توفي في 18-6-2010



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهويمات المثقف الزائف
- من قتل الكواكبي؟:
- نحومواجهة فقاعات داعش:
- مركزية الثقافي:
- خاتيرا xat îra*........!
- قصيدة تل معروف
- لالمن يشاركون في مهزلة الانتخابات
- القرية....!
- سورة محمد الكردي
- بويربرس في حوارصريح إبراهيم اليوسف
- جائزة الشاعر حامد بدرخان في الذكرى الثامنة عشرة على رحيله:
- إبراهيم محمود في خياناته للنص
- منتدى الثلاثاء الثقافي في الجزيرة :اثنان وثلاثون عاماً على ت ...
- الشراكة استفراداً وقوننة الاستبداد2
- الشراكة استفراداً وقوننة الاستبداد.!
- الموت في نسخته خارج الوطن: إلى روح فناننا الكبيرعادل حزني
- من وثائق جائزة جكرخوين للإبداع
- رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا: عشرسنوات على التأسيس ...
- ثلاثية المكان الكردي
- بطولات آذارية: من صورأشرطة فيديوهات الانتفاضة


المزيد.....




- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - استبصارالعماء: