أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امين يونس - بَطَلَين مِنْ هذا الزَمان














المزيد.....

بَطَلَين مِنْ هذا الزَمان


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 4539 - 2014 / 8 / 10 - 22:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" .. كانَتْ المُهمة المُكَلَف بها ، البيشمركة الشاب ( ش . أ ) ، في موضعهِ ، مع بُندقيتهِ الخاصةِ بالقَنص . أن يربَض في مكانهِ ويصمُد ، خلال ساعاتٍ من القصف المدفعي المُركَز ، الذي تقوم بهِ قوات داعش ، ذاك القصف الذي يسبُق عادةً ، الهجوم . كانَ مطلوباً منهُ بوضوح ، ان يبقى في موضعه المُحّصَن الى حدٍ ما ، رغم نزول زخاتٍ متتالية من الهاونات ، على مقربةٍ منهُ .. وأن يُراقِبَ الموقف جيداً ، بعد توقُف القصف ، ويستعد لإستقبال الدواعش أستقبالاً يليق بهم ، حين يصبحون في مرمى بندقيتهِ . إهتزتْ خوذتهُ من جراء إرتطام بعض الشظايا بها ، لكنها من حُسن حظهِ ، لم تُصبهُ بأذى . كانَ الرائد ( محمد ) يُراقِب الموقف من خلال المنظار من بعيد .. وإعتقدَ ان ش . أ قد اُصيبَ لامَحالة . ورأى الرائد ، ان طلائع العَدو ، بدأتْ بالتقدُم فعلاً . بعدَ دقائق ، تفاجأ الرائد بإطلاقات من موضع البيشمركة ش . أ ، حيث أردى أحد الدواعش المتقدمين .. بعد لحظاتٍ سقطَ آخَر .. فدبَ الذُعرُ بينهم وولّوا هاربين .. إستمرَ القّناص بإطلاق النار ، وعلى الأكثر أصابَ آخَرين . فشلَ هجوم العدو ، في الواقع بصمود بيشمركةٍ واحد ، بشهادة الرائد محمد . بعد هدوء الوضع ، اُرسِل مُقاتلٌ آخر ، لتبديل ش . أ . إنتظرَ الرائد ومعه مجموعة من البيشمركة ، وصول ش . أ . ولما وصلَ سلمَ عليهم حاملاً بين يديهِ ، خوذته المثلومة في عدة أماكن ، وقالَ أنه يشتهي ان يشرب الشاي وغادرَ ببساطة ! . ش . أ من النوع النادر ، الذي لايميل الى التظاهُر .. يتصرف بعفوية وتلقائية .. لم يكُن ينتظِر شُكراُ وثناءاً ، بل إعتقدَ بِصدق ، أنهُ قامَ بواجبهِ فقط . كانَ ش . أ ، قد أقفلَ هاتفه النقال ، ففتحهُ وإتصلَ بزوجتهِ وسألَ عن الأطفال ، ولم يتطرق البتة الى موقعه او ما جرى من بعيد او قريب .
عّرفَني اليوم ، صديقٌ مُشتَرَك ، على " ش . أ " ، وطلبتُ منهُ سَرد تفاصيل مامرَ بهِ قبل ثلاثة أيام .. فإكتفى بموجزٍ مُقتضَب ، راجياً عدم ذكر أسمه الصريح ، مُؤكداً أنه لم يقُم بشئٍ إستثنائي " .
..........................
في الصباح الباكِر ، وخلال قيامي بِسَقي حديقتي المُطِلة على الشارع .. رأيتُ سيارة جاري المُتهالكة القديمة ، مُحَمَلة بكميةٍ كبيرة من الخبز والصمون ، وعُلب الجبن واللبن وكارتونات البيض .. خرجَتْ زوجته وناولتهُ قِدراً كبيراً وقالتْ له : قُد على مهلك ، حتى لا تنسكب شوربة العدس . كنتُ أسمعهم وأراهم ، في الزاوية التي أنا فيها ، وهُم لايرونني . ذهب الجار ، كما يبدو الى المدرسة القريبة مِنّا ، والتي تضُم عدداً كبيراً من النازحين الإيزيديين ، لأنهُ عادَ بعد مُدةٍ قصيرة بسيارته الفارغة . كنتُ حينها أرشُ الفسحة أمام الباب الخارجي .. سّلمَ علي ، فقلتُ لهُ : مِنْ أينَ تأتي في هذا الوقت المُبّكِر أيها الجار ؟ قال : ذهبتُ الى الأسواق لشراء الخضروات ، لكنها كانتْ مُقفَلة ! . وّدعني ودخل منزله .
.........................
أعلاه نموذجان حقيقيان لأبطالٍ موجودين بيننا . أبطالٍ يفعلونَ ولا يُثرثرون . أبطالٍ لايحبونَ الظهور في الإعلام ولا يلتقطون الصور لنشرها في الفيسبوك . أبطالٍ لايتباهونَ بما يعتقدون ويُؤمنون ، أنه واجبهم .. وأنهم يقومون بهِ ببساطة وإخلاص وصِدق وعفوِية .
" ش . أ " ، شابٌ في مُقتبَل العُمر ، له زوجة وطفلَين ، يسكن في غُرفتَين بالإيجار .
جاري ، فقير الحال ، بالكاد يستطيع تدبير أموره المعيشية .
ش . أ ، بشجاعته وإخلاصه ، أشرف من كُل المهزوزين والمتخاذلين والفاسدين ، مُدمني الأكاذيب والإدعاءات الفارغة ، شاغلي وسائل الإعلام .. ش . أ ، لا يتباهى ولا يتفاخِر .
جاري .. يستقطع من قوتِهِ وقوت أطفالهِ يومياً ، ويأخذ المقسوم الى النازحين ، خلسةً تقريباً ، بهدوء ، وبلا ضّجة . ولا يتفاخِر بذلك . جاري المتواضع ، أشرف وأكرَم من كُل المليونيرات الفاسدين ، الذين حتى لو قّدموا شيئاً الى النازحين ، فأن الشرق والغرب يسمع ويرى ، لأنهم خبراء في الظهور والتفاخُر القبيح ! .
ش . أ وجاري .. بَطَلَين حقيقِيَين من هذا الزمان .



#امين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حذاري من الوقوع في مُستنقَع الشوفينية
- أحسنُ رَدٍ كُردستاني ، على داعِش
- العَجز عن تفسير ما يجري
- الشعبُ مع البيشمركة ، أقوى كثيراً من داعش
- على هامِش أحداث سنجار
- إقترابات ، مما حصلَ في سنجار
- سنجار .. معركة الحضارةِ ضد الهَمَجِية
- النازحين .. وأحفادي ، هُم السبب في كُل المشاكِل
- الفرقُ بين ( الفَرض ) و ( السُنّة )
- جيش المالكي يُدّمِر ( المّزَة ) !
- مَخالِب حّادة .. وقفازات من حَرير
- الجَورَب الذهَبي
- ‌‌أيُ عِيد ؟
- الرئيس فُؤاد معصوم
- الى متى الهروب من الإستحقاق ؟
- إرحموا الطالباني ، ودعوهُ في سَلام
- أُذْنان ولسانٌ واحد
- بدون المسيحيين ، لايكون العراقُ جميلا
- الكُرد وإسرائيل
- هل علينا أن نَقلَق ؟


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امين يونس - بَطَلَين مِنْ هذا الزَمان