|
سنجار .. معركة الحضارةِ ضد الهَمَجِية
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4532 - 2014 / 8 / 3 - 23:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ أكثر من ثلاثين سنة ، ساقوني سَوقاً ، الى جبهات القتال ، في الحرب العراقية الإيرانية ، تلك الحرب الغبية .. حيثُ لم أشعُر يوماً ، بأنها ( معركَتي ) . وبعد 1992 ولغاية 1998 ، وأبان الحروب الداخلية العقيمة ، بين الفصائل الكردستانية فيما بينها ، في أقليم كردستان .. قُمتُ بإدانتها منذ البداية ، ولم أحسُ بأنها حَربي أنا . لكن اليوم ، في هذه الأيام ، وفي سنجار وزُمار وجلولاء ، ومُحيط كركوك والموصل .. الخ ، فأنني أُعلِن بأنها معركتي . وحين أقول معركة " ي " ، فأعني بأنها معركة الناس ، وليسَ معركة السُلطة أو الأحزاب الحاكمة . طالما حّذرنا من " داعش " وقُلنا ، بأن هذا التنظيم الإرهابي التكفيري الإستئصالي ، خطرٌ على الإنسانية جمعاء . حقاً أشعرُ بأن عصابات داعش ، تستهدفني بالذات ، تستهدفُ إنسانيتي وحُرِيتي وكياني ووجودي وكرامتي . ................................... ان الذي جرى فجر يوم الأحد 3/8/2014 ، في العديد من القُرى الإيزيدية المحيطة بسنجار ، مأساة كاملة . بعض القُرى قاوَمتْ قوات داعش مقاومة مستميتة ، لكن تفوق العدو من ناحية القوة النارية والأسلحة الثقيلة .. أدى الى سقوط هذه القُرى بيد داعش . إستطاعَ القلة من أهاليها الإفلات من الطَوق القاتل ، والهرب بإتجاه دهوك . أحد الناجين والذي وصلَ الى مُجمع " شاريا " قرب دهوك ، قال : ان عصابات داعش جمعتْ الرجال والشباب وحتى بعض الأطفال المتواجدين ، وأوقفتهُم في صفٍ طويل ، وقتلتْهُم رمياً بالرصاص ، وأخذتْ النساء سبايا وغنائم حرب ! . إمرأة من قريةٍ أخرى قالتْ باكيةً : انها مع ابنتها الصغيرة ، جاءوا مع عائلة جيرانهم ، بسيارتهم ، الى شاريا .. وهي لاتعلم مصير بقية عائلتها . يُقال ان إيزيديي مركز سنجار ، وضعهم أيضاً ، مأساوي بالكامل .. فحتى الآلاف الذين هربوا الى جبل سنجار ، فأنهم يفتقرون الى الماء والطعام ، وهُم مُحاصَرون ، والبقية الذين لم يستطيعوا الخروج من المدينة ، فلقد أصبحوا أسرى قوات داعش ، وعُرضة لشروط ميثاق الدولة الإسلامية الإجرامي . صحيح ان عُنف وقباحة داعش ، تُصيب الجميع ، من شيعة سنجار ومسيحييها ، لكن جريمة الإيزيديين مُرّكَبة [ حسب فلسفة داعش ] : فهُم ليسَ فقط ، غير مُسلمين ، بل أنهم عَبَدة الشيطان أيضاً ، وفوق ذلك ، هُم ليسوا عرَباً ، بل كُرداً ! . ان جرائم داعش ، بِحَق الإيزيديين في سنجار والقُرى الإيزيدية في تلك المناطق ، تُعيد الى الأذهان ، الفرمانات القديمة سيئة الصيت ، والتي إستهدفتْهُم على مَر القرون . .............................. مررنا بتجارب مريرة في العقود الماضية ، وشَهدْنا تخاذُل وهروب " القادة " من المواجهة .. خبرنا الروح الإنهزامية التي زُرِعَتْ في نفوسنا .. والتي دفعَتْنا الى النزوح والهجرة ، في كُل مفصل تأريخي . أما اليوم ، فيجب أن نقول نحنُ الناس العاديين ، كلمتنا بصوتٍ عالٍ : لن نترك أرضنا ومُدننا هذه المّرة .. لن نُغادِر بمُجَرد سقوط بعض القذائف أو إقتراب العدو .. لأننا إذا هربنا اليوم ، فأننا لانستحق العَيش الكريم ، ولا نستأهل الحُرية والإنعتاق . ينبغي علينا أن نكون ظهيراً قوياً متيناً ، لأبناءنا وأخوتنا البيشمركة البواسل ، في جبهات القِتال .. نرفع معنوياتهم ، نُداوي جروحهم ، نُوّفِر أسباب الراحة لعوائلهم ، نُواري شهداءهم بِكُل الإحترام والتقدير .. علينا أن نُمارِس إنتمائنا لهذه الأرض .. إلتصاقنا بها ، حتى نستحقها . كيف سقطتْ " سنجار " بيد داعش الليلة الماضية ؟ .. هذا السؤال الذي ينبغي أن يوقظنا من سُباتنا .. أن يفتحَ أعيُننا على الواقع . رُبما وعلى الأغلب ، سيسترجع البيشمركة ، خلال أيامٍ معدودة ، سنجار والمناطق المحيطة بها ، لكن بأي ثَمَن ؟ . أين كانتْ ( إستخباراتنا ) ، أين إستطلاعاتنا ، بل أينَ خططنا للدفاع ، وحماية المدنيين وتأمين طُرق الإنسحاب الممنهج ، عند الضرورة ؟ . كيف بوغِتنا على حين غفلة ؟ .. أن الذي كان يرى اللقاءات الإستعراضية ، لبعض المسؤولين والقادة ، بملابسهم النظيفة والمكوِية جيداً ، في مواقع البيشمركة خلال الأسبوع الماضي ، يعتقد بأن هؤلاء سوف يسحقون داعش سحقاً . لكن الذي جرى في زُمار وسنجار ، لم يكُن كذلك . وظهرَ في بعض الأماكن ، ان أسلحة داعش أكثر ثُقلا وفتكاً ، من أسلحة البيشمركة . رُبما وعلى الأغلب بل ومن المُؤكَد ، ان قوات البيشمركة ، سوف تسترجع سنجار ومحيطها ، من داعش خلال الأيام القليلة القادمة ، فالمعركة ما زالتْ مستمرة . لكن الثمن الذي ندفعهُ الآن غالٍ ، بسبب سوء تخطيطنا المُزمن / بسبب ضعف إستخباراتنا وخططنا / بسبب إستهانتنا بعدونا الرئيسي داعش . والثمن هو : ان ثِقة أهالينا في تلك المناطق التي سيطرنا عليها بعد 10/6/2014 ، بل وحتى أهالي سنجار التي تحت سيطرتنا منذ 2003 ... ثقتهم بنا ، قد إهتزتْ بقوة .. فكانوا يعتبروننا سنداً لهم وحزاما يشدون به ظهرهم ، وحُماةً لهم ضد أي عُدوان . والثمن الآخَر ، هو الدماء الإضافية التي سوف ندفعها لإسترجاع المناطق التي خسرناها في اليومَين الماضيين . يُقال ان قوات الدفاع الشعبي " ب .ي .د " الكردية السورية ، المتواجدة أساساً قرب معبر ربيعة ، أي قوات الإتحاد الديمقراطي السوري ، تشارك منذ الصباح ، في المعركة ضد داعش قرب سنجار . شخصياً ، أفّضِل ان لاتتدخل هذه القوات الآن ، حتى لاتُوّفِر ذريعة لأي قوات إجنبية ، سواء كانت إيرانية أو تركية أو غيرها بالتدخُل ، مما سيُعّقِد المشكلة أكثر ، ويرفع الأزمة الى مَديات أعمَق . ............................. بوضوح وبدون مُوارَبة .. ان المعركة الدائرة الآن في جلولاء وسنجار وزمار والموصل ، هي معركتنا جميعاً ، هي معركة الحضارة ضد الهمجية .. لا أحد يقول ، بأنني مُستثنى من نتائج هذه الحرب .. لأن داعش إذا إنتصرتْ هناك في سنجار وربيعة وسد الموصل وإحتلتْ حقول وأنابيب النفط ، فأنها ستكون بعد فترةٍ قصيرة في دهوك وأربيل .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النازحين .. وأحفادي ، هُم السبب في كُل المشاكِل
-
الفرقُ بين ( الفَرض ) و ( السُنّة )
-
جيش المالكي يُدّمِر ( المّزَة ) !
-
مَخالِب حّادة .. وقفازات من حَرير
-
الجَورَب الذهَبي
-
أيُ عِيد ؟
-
الرئيس فُؤاد معصوم
-
الى متى الهروب من الإستحقاق ؟
-
إرحموا الطالباني ، ودعوهُ في سَلام
-
أُذْنان ولسانٌ واحد
-
بدون المسيحيين ، لايكون العراقُ جميلا
-
الكُرد وإسرائيل
-
هل علينا أن نَقلَق ؟
-
حقول نفط كركوك
-
حدود الدُوَل ليستْ ( مُقّدَسة )
-
لو كانَ الأمرُ بِيَدي
-
أقليم كردستان .. المَطالِب الشعبية والخَطَر الخارجي
-
دولة كردستان . خطوات على الطريق
-
التطمين .. ثُم التطمين
-
حولَ ( دولة كُردستان )
المزيد.....
-
الجيش الأمريكي يكشف بفيديو عن CCA.. ماذا نعلم عنها؟
-
شاهد كيف أثرت رسوم ترامب الجمركية على أسعار السيارات في أمري
...
-
تقارير: ترامب يلجأ لطائرة قطرية فاخرة حتى تكون مقره الجوي ال
...
-
واشنطن توافق مبدئيًا على بيع الرياض شحنة أسلحة بقيمة 3.5 ملي
...
-
هجرة الأطباء من مصر، مكسب مادي أم هرب من ظروف عمل قاسية؟
-
انطلاق المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية في لبنان.. عون ل
...
-
صحيفة: كييف قد تعاود العدوان حال عدم اعتراف الغرب بانضمام ال
...
-
وكالة: وزير الدفاع الهندي قد لا يشارك باحتفالات عيد النصر في
...
-
تصويت في ولاية تكساس لإنشاء مدينة جديدة خطط لها ماسك رغم تحذ
...
-
بريطانيا: الشرطة توقف خمسة أشخاص بينهم أربعة إيرانيين للاشتب
...
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|