|
العَجز عن تفسير ما يجري
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4537 - 2014 / 8 / 8 - 18:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ببساطة .. لم أعُد قادراً على فهم ما يجري ، وأدّعي ان العديدين مثلي أيضاً . فلا رئاسة الأقليم أو الحكومة ، يشرحون ما يحصل فعلاً ، ولا قادة البيشمركة او المسؤولين الإداريين ، يفصحون عن تفسيرٍ يطمئن ويُهَدأ مخاوف الناس . فإذا كان سقوط سنجار المدوي والمأساوي بيد داعش ، قد هُضِمَ تدريجياً وأصبحَ أمراً واقعاً ، فأن التخلي عن قُرى وتجمعات سهل نينوى ومُحيط سد الموصل ، ليسَ مفهوماً على الإطلاق . [ فالذي يُشاع الآن في الشارعِ عموماً ، ان هنالك ( طبخة ) للعودة الى حدود 2003 ، وإفساح المجال لداعش ، بالسيطرة على هذه المناطق ، ثم توجيه ضربة ساحقة لها أي لداعش والقضاء عليها ، بواسطة طائرات أمريكية ، وبعد ذلك تسليم هذه المناطق والموصل وغيرها ، الى جماعات " سنية عربية " مُعتدلة ! . والعمل على إقامة أقليم او مُحافظة جديدة في سهل نينوى ، خاصة للمسيحيين والإيزيديين . ويترافق مع كل ذلك ، إعلان دولة كردستان بحدود 2003 ، تعترف بها تركيا ورُبما العديد من الدول في العالم ! ] . ولكن ، في حين ان أي شخصٍ عادي في الشارع ، يتداول هذه الأقوال ، فهل من المعقول ، ان داعش لاتعرف ذلك او لاتستعد له ؟ . أدناه بعض المُلاحظات : - لو كان السيناريو العجيب أعلاه صحيحاً ، فأن حدود 2003 لأقليم كردستان ، لا تشمل كركوك وجلولاء وغيرها وأيضاً سنجار وزمار . فلماذا لا تُسّلَم أيضاً الى داعش بدون مقاومة حقيقية ؟ هل ان مناطق نفوذ الحزب الديمقراطي ، هي وحدها التي إنسحبتْ أمام داعش ؟ وإذا كان ذلك صحيحاً ، فما معنى المقاومة الشرسة لبيشمركة الديمقراطي ، في هذه الأيام ، في سحيلة وزُمار وربيعة وأطراف سنجار ؟ لماذا لاينسحبون من هناك أيضاً ؟ أم أنهم يفعلون ذلك ، لأن هنالك قوات حزب العمال الكردستاني وقوات حماية الشعب ، يقاتلون داعش بضراوة ، ولا يريد الحزب الديمقراطي ، ان يترك الساحة لهؤلاء ينفردون بها !؟ . ومُقاتلي العمال وحماية الشعب ، إشتركوا في قتال داعش في تلك المناطق ، لأنها مُلاصقة لحدود سوريا ، وخوفاً من حصار داعش للكانتونات التي يحكمونها في سوريا .. والدليل على ذلك ، هو : لماذا لاتشترك في القتال في جبهة جلولاء مثلاً ؟! . - لو صّحَ السيناريو ، وكان بعلم قادة الأقليم وموافقتهم ، فهل من المعقول ، ان يجري بهذه الطريقة بالغة السوء ، بحيث يتضمن ، تشريد مئات الآلاف من الإيزيديين من سنجار ومحيطها ، والمسيحيين والإيزيديين من سهل نينوى ؟ وترك الإيزيديين في منطقة سنجار ، لقمة سهلة ، لجرائم عصابات داعش ؟ لو كان السيناريو أعلاه صحيحاً وبموافقة قادة الأقليم ، فالمنطِق يقول ، بأنه كان سيتُم إخلاء سُكان هذه المناطق جميعاً ، بطريقةٍ مدروسة وآمنة الى مناطِق مُهيئة سلفاً ، تتوفر فيها سُبُل العيش الكريم ولو في حدودها الدُنيا . أم هل ان ( الفوضى العارمة ) في نزوح الأهالي ، وما يُرافقها من مآسيٍ ، هو المطلوب فعلاً ، لإحداث صدمةٍ لدى الرأي العام الدولي !؟ . لو كان الأمر كذلك ، فلماذا صّد البيشمركة هجوم داعش في 27/28/6/ 2014 ، على قضاء الحمدانية ؟ شخصياً لا أجد تفسيرات لهذه الأسئلة . - حتى لو كانتْ إشارات التطمين المُستمرة ، التي يطلقها قادة الأقليم يومياً ، صحيحة ومُستندة الى أساسٍ متين ، وأن الأسابيع القليلة القادمة ، ستشهد ( أخباراً مُفرِحة ) كما يقولون ، وأن داعش سوف تنهزم ، فأن نزوح مئات الآلاف من سنجار ، والإنسحاب من سهل نينوى وإضطرار أهلها الى النزوح أيضاً ، هو بحد ذاته ، كارثة إنسانية وسياسية كبيرة أيضاً . - كما يبدو ، فأنه ليس هنالك تهديدٌ جدي على المدن الرئيسية مثل أربيل ودهوك ، والدليل ، انه في دهوك ، ليسَ هنالك " تعبئة عامة " فعلية ، ولم تُحفَر خنادق في محيطها القريب والحياة اليومية طبيعية لحد الآن . إضافةً الى انه في ( مُخَيم دوميز ) لللاجئين السوريين ، والذي يضم قرابة المئة ألف لاجئ ، والمُدار والمدعوم من قِبَل منظمات الأمم المتحدة ، والكائن على بُعُد كيلومترات من دهوك .. هذا المُخيَم وضعه طبيعي لغاية الآن ، ولا توجد أي نِية لنقله الى مكانٍ آخر أو إتخاذ إجراءات أمنية دولية لحمايتهِ ، وذلك دليلٌ " في إعتقادي " ، بأن تهديد داعش لن يصل الى هذا المدى ! . - المُفارقة الغريبة ، انه ( بعد ان قررتْ القيادة أثر سقوط سنجار ) ، التحول من الدفاع الى الهجوم ، فأن البيشمركة قد إنسحبوا من العديد من الأماكن المحاذية للموصل ! . وهذه المعلومات إنتشرت [ لأن كُل بيشمركة يحمل معه هاتفه النَقال ، حتى في الخطوط الأمامية ، ويتصل بأهله وأصدقاءه عدة مرات كل يوم ، وليسَ من النادر ، ان يخبرهم : أنه وردتْهم الآن أوامر بالإنسحاب من المكان الفلاني !! ] . حتى في أفلام الكوميديا السوداء ، لايحصل ذلك ، لكنه عندنا شئٌ عادي !. - بيشمركة الديمقراطي ليسوا أقل شجاعة من بيشمركة الإتحاد ، وأسلحتهما هي نفسها تقريباً ، لكن كما يبدو ان تواجُد داعش في الموصل وقرب حدود سوريا ، اكثر قوة وتركيزاً ، من تواجدهم في محيط كركوك وديالى ، إضافةً الى قرب مناطق نفوذ الإتحاد من حدود إيران ، ورُبما حصولها على دعمٍ إيراني غير مُباشِر . لكن هل هنالك ضمانات ان تبقى كركوك ، بيد البيشمركة ، وهل هنالك توافُق تركي إيراني بصدد ذلك ؟ ومقابل ماذا ؟ .. هل ستتحول كركوك الى أقليم بذاته وبنفوذٍ واضح للإتحاد الوطني ، مع حصول التركمان والعرب على حقوق واسعة ؟ .. أي حتى لو اُعلنتْ دولة كردية ، لن تكون كركوك من ضمنها ؟ . - أعترف ببساطة ، ان مُستوى إدراكي ، لم يَعُد قادراً على تفسير منطقي ، للعديد من الأحداث الأخيرة . كُل الذي أستطيع ان أقوله : ان المُخططين الأساسيين الكِبار ، لِكُل ما يجري ، لايهُمَهُم في الواقع ، مقتل آلاف البشر ، ولا موت مئات الأطفال عطشاً ، ولا تشريد مئات الآلاف ، ولا فقدانهم لمنازلهم وكُل ما يملكون . فالمُخططين الأساسيين والمُنفِذين أيضاً ، لايحملونَ قلوباً فيها ذرة من رحمة ، ولا شيئاً من إنسانية . فكل الذي يهمهم ، هو مصالحهم وأرباحهم .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشعبُ مع البيشمركة ، أقوى كثيراً من داعش
-
على هامِش أحداث سنجار
-
إقترابات ، مما حصلَ في سنجار
-
سنجار .. معركة الحضارةِ ضد الهَمَجِية
-
النازحين .. وأحفادي ، هُم السبب في كُل المشاكِل
-
الفرقُ بين ( الفَرض ) و ( السُنّة )
-
جيش المالكي يُدّمِر ( المّزَة ) !
-
مَخالِب حّادة .. وقفازات من حَرير
-
الجَورَب الذهَبي
-
أيُ عِيد ؟
-
الرئيس فُؤاد معصوم
-
الى متى الهروب من الإستحقاق ؟
-
إرحموا الطالباني ، ودعوهُ في سَلام
-
أُذْنان ولسانٌ واحد
-
بدون المسيحيين ، لايكون العراقُ جميلا
-
الكُرد وإسرائيل
-
هل علينا أن نَقلَق ؟
-
حقول نفط كركوك
-
حدود الدُوَل ليستْ ( مُقّدَسة )
-
لو كانَ الأمرُ بِيَدي
المزيد.....
-
كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا
...
-
بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا
...
-
جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
-
العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
-
سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح
...
-
مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها
...
-
بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن
...
-
قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح
...
-
البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
-
البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|