أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طوني سماحة - عتبي عليك يا حرف النون














المزيد.....

عتبي عليك يا حرف النون


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4526 - 2014 / 7 / 28 - 21:39
المحور: الادب والفن
    


عتبي عليك يا حرف النون،
تتسلل من كلمات القصائد،
تنساب من قلم الشعراء و الفلاسفة و الكتاب،
تتبخر من صفحات الكتب،
تسقط من ثريا الابجدية،
تتداعى من منابر العلم و الثقافة،
تهجر كلمات العشاق،
تنفرط من عقد الحضارة،
تحترق في مختبرات العلماء و المخترعين،
تخون إرث الثقافة و الانفتاح
لكي...
لكي تصبح رمزا للموت على أبواب الموصل،
لكي تصبح نارا تحرق أبرياء
لكي تصبح بحرا يغرق الأحياء،
لكي تصبح سيفا و صليبا،
لكي تصبح شاهدا على التخلف و الهمجية و البربرية و الغوغائية.

هم صلبوا المسيح منذ ألفي عام لأنه كان الكلمة و لأنه قال الكلمة،
و ها أنت اليوم تتبرأ من الكلمة و حروفها لكي تصلب أتباعه، لكي تصبح صليبا و جلادا،
ها أنت اليوم تتحد مع يهوذا،
و تتقمص أرواح أجداد رؤساء الكهنة اليهود و الرومان لكي تصبح في أياديهم حربة و مسمارا وإكليل شوك و صليب عار.

عتبي عليك يا حرف النون،
ألم تدرك أنك تستطيع أن تصلب المسيح لكنك لا تستطيع قتل الكلمة؟
ألم تدرك أن الكلمة مثل حبة القمح إن ماتت و دفنت تثمر ثلاثين و خمسين و مائة؟
ألم تدرك أن الحياة في الموت و أن الموت في الحياة؟
ألم تدرك أنك تستطيع أن تسفك الدماء لكنك لا تستطيع خنق الحياة؟

أخشى عليك يا حرف النون.
أخشى عليك من ذاتك،
لأن الذي يشعل الغابة يحترق بنارها
و الذي يأخذ بالسيف، بالسيف يؤخذ،
و الذي يصارع البحار يغرق بأمواجها،
و الذي يزرع الموت يحصد الموت،
و الذي يصادق الثعابين يلسع بسمومها،
و الذي يثق بالأسود يؤخذ بأنيابها و مخالبها،
و الذي يحجب الشمس يحيا في الظلام.

كفاك أيها النون حرقا للكنائس و هدما للمقامات و كسرا للتماثيل و أنت تعبد الأصنام.
بلى يا حرف النون أنت تعبد صنم الحقد و صنم الجهل و صنم البربرية و صنم التخلف و صنم العنصرية.
ألم ترى يا حرف النون كيف حولتك عبادة الاصنام لوحش بشري؟
ألم تنظر في المرآة لترى أن وجهك ما عاد يحمل سمات الانسانية؟
ألم ترى كيف غلب اللون الاحمر على عينيك بعد أن شبع من رؤية الدماء؟
ألم ترى كيف أنك لست أبيض البشرة أو أسمر أو أسود، بل صرت أحمر البشرة من كثرة ما امتصت يداك لون الدماء؟
ألم ترى كيف صار وجهك يشبه وجوه الوحوش و المسوخ؟
ألم ترى كيف لم تعد تستمتع بالحياة ما لم يكن فيها سفك الدماء؟

إستيقظ يا حرف النون، إستيقظ،
لا لم يفت الأوان،
صحيح أن يديك مغمستان بالدماء، لكن أنهار الكلمة تغسلهما من ظلمهما،
صحيح أنك حولت الكلمة أداة موت، لكن الحياة في الكلمة تقيمك من بين الاموات،
صحيح أنك غدرت بالكلمة، لكن الكلمة مثل الام كلما غدرت بها أكثر كلما أحبتك أكثر،
صحيح أنك أحرقت الكلمة بجهلك و حمقك و غبائك و بربريتك و همجيتك، لكن النار التي تحرق الكلمة تتحول نورا للعميان، و حكمة للأغبياء، و علما للجهلاء، و منارة للضالين.


عد يا حرف النون،
عد لعقد الابجدية الذي احتقرته،
عد لثقافة الكلمة و الفكر،
عد لعالم الاحياء،
عد شعرا و فلسفة و حكمة و قصيدة
عد للأقلام التي نضبت و للكتب التي ديست،
عد من بؤرة الخنازير لصفاء الحمام و من مخالب الذئب لوداعة الحمل.
عد للكلمة، فالكلمة تحبك و تريدك أن تعود لأحضانها و أن تصفح عنك و أن تغمرك بيديها المباركتين، و أن تشبعك قبلا و أن تعطيك حياة جديدة لا يستطيع أحد أن ينزعها منك.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الرابع
- صلب انطوان حنا
- أثداء البقر فتنة
- داعشية تبني مجتمعا
- سيدي الخليفة
- أضرب يا عباس
- اضرب يا عباس
- إسمحي لي بقتلك لأنني بلا خطيئة
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثالث
- امرأة بنصف عقل و رجل بعقل كامل
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثاني
- بين كندا و لبنان
- سيدي فخامة الرئيس ساركوزي
- أهلا سادتي الدواعش
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الأول
- ديانا الترك ضحية جريمة الشرف
- التحرش الجنسي بين الثقافة و القيم المعاصرة
- الموت لمريم
- رسالة الى سعادة القاضي الذي حكم على مريم بالشنق
- سامحينا يا مريم


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طوني سماحة - عتبي عليك يا حرف النون