أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - طوني سماحة - رسالة الى سعادة القاضي الذي حكم على مريم بالشنق














المزيد.....

رسالة الى سعادة القاضي الذي حكم على مريم بالشنق


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4469 - 2014 / 5 / 31 - 17:50
المحور: حقوق الانسان
    


سعادة القاضي،
يحتار القلم إذ أن الكلمات تخونه. لا يعرف من أين يبدأ و كيف يخاطبكم. فالقلم صديق الكلمات و ما من كلمات تصف قساوة حكمكم و تخلّف محاكمكم.
بالأمس حكمتم على مريم السودانية بالموت شنقا. فالتهمة ارتداد عن الدين و زنا. عجيب أمركم، يا سعادة القاضي، إذ أن حكمكم لم يرتقِ حتى إلى أبسط القيم الإنسانية، بل هو يعكس فكرا يتغلغل في مستنقعات الظلم و الجهل و الهمجية و البربرية و كان أحرى بكم، و أنتم القاضي، أن تكونوا رمزا للعدل و المساواة و الأخلاق.
لماذا حكمتم على مريم بالموت، ألأنها اختارت دينا دون آخر؟ و هل ولد الإنسان لكي يكون مجردا من الفكر و الإرادة و بالتالي يكون رجلا آليا يحكمه فكر واحد و يفتقد إلى أبسط مكونات الإنسانية؟ أود أن أقول لكم، سعادة القاضي، أنكم و بحكمكم الجائر لا تختلفون عن رعاع داعش الذين يصلبون أعداءهم و يقتلون الكفار و يعدمون من يخالفهم الفكر. و كم كنت أتمنى على من يرتدي ثوب العدل ألا يكون سوقيا بفكره. كذلك أود أن أقول لكم أنكم لا تختلفون عن هتلر الذي أعطى لنفسه حق منح الحياة لمن يريد و حجبها عمن يريد. و كم كنت أتمنى على من يجلس على كرسي القضاء ألا يكون سفاحا.
لقد رميتم مريم في سجن يضيق ذرعا بأعتى المجرمين و غلاظ القلب و السفاحين و احتملت مريم السجن، و ها هي اليوم تضع مولودها البكر فيه. هل أصبح السجن المكان الطبيعي لولادة الأطفال؟ ما ذنب هذا الطفل حتى يولد في زنزانة؟ لماذا يحرم هذا الطفل من عطف الام و حنانها؟ أنتم، يا سعادة القاضي، حين أمرتم بشنق مريم، لم تقتلوا امرأة فحسب، بل قتلتم معها أحلام طفل و سعادته. أنتم دمرتم مستقبل هذا الطفل بحكمكم الجائر. و من يدري فقد ينشأ هذا الطفل حاقدا على مجتمع حرمه حنان الام، و بالتالي إما ينتقم من المجتمع و يكون مجرما و إما يقع فريسة الانحراف و الانحلال. ترى على من نرمي باللوم عندها يا سعادة القاضي؟ بئس قضاء يقود الناس للانحراف!
حكمتم على مريم بالجلد مائة مرة لأنها مارست الزنى، و الزنى في عرفكم أن تتزوج امرأة من غير مسلم! ليتكم طبقتم حد الزنى على كل رجل يخون امرأته قبل أن تطبقوه على امراة تزوجت شرعا. من يدري، قد تكونوا أنتم أول الزناة سيّدي! لما لا؟ فالزنى الحقيقي هو زنا القلب قبل أن يكون زنى الفعل. دعوني، سيدي، أذكركم بقول لعيسى عليه السلام حول موضوع الزنى " قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزنِ. و أما أنا فأقول لكم أن كل من نظر الى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه." ترى، أين أنتم، سيدي، من هذا القول؟ كذلك دعوني أذكركم أن أحبار اليهود قدّموا مرة لعيسى عليه السلام امرأة أمسكت في ذات الفعل (الزنى) و قالوا له " يا معلم، هذه المرأة أمسكت و هي تزني في ذات الفعل، و موسى في الناموس أوصانا أن مثل هذه ترجم. فماذا تقول أنت؟" ... فانتصب يسوع (عيسى) و قال لهم " من كان منكم بلا خطية فليرمها أولا بحجر". سيدي القاضي، لا شك عندي بناء على ما تقدم أنكم بلا خطية، لذلك أقدمتم على الحكم على مريم بالموت شنقا، كما أنكم لو كنتم بين أحبار اليهود (و حاشا لكم أن تكونوا من أحفاد الخنازير)، لكنتم الوحيدين الذين يجرؤون على حمل الحجر و رمي الزانية به.
سيّدي القاضي،
يبدو أنكم على جهل بأبسط قوانين القضاء. فالجهل يولّد الجهل، و الظلم يولّد الظلم، و الإرهاب يولّد الإرهاب و السيف يستدرج السيف. إن كان العدل يُبنى على دماء المظلومين، ترى على ماذا تراه الظلم يقوم؟
سيدي، قد تموت مريم شنقا، لكن الحبل الذي لم يستطع زعزعة إيمان مريم و ثباتها سوف يقف عاجزا أمام مريمات أخريات، كما أخشى أن أقول لكم أن مريم، في هذه القضية، أصبحت القاضي و أنتم المتهم.
قد تموت مريم و تذهب الى الجحيم (في عرفكم)، و أنتم سوف تموتون بعد عمر طويل و تكون الجنة مثواكم. دعوني أقول لكم، لو أعطيت الخيار بين جحيم مريم و جنتكم لاخترت نور الجحيم على ظلمة الجنة.
ط. س.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سامحينا يا مريم
- مات القمر
- أنقذوا الطفولة
- لارا و أحمد
- وزير تعتذر من طاه
- العنف التربوي و اساليب معالجته
- ورقة اللوتو
- زمن أبي اللهب
- سيّدي الرئيس/ جلالة الملك
- نساء عاريات أمام اللوفر
- رسالة الى تكفيري
- السيدة و الخادمة
- عذرا سيّدتي


المزيد.....




- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...
- انتشال 19 جثة لمهاجرين غرقى بسواحل صفاقس التونسية
- غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح
- جندته عميلة أوكرانية.. اعتقال المشتبه به الثالث في محاولة اغ ...
- الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بإعادة النظر في التعامل ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى إجراء تحقيق دولي بشأن المقابر الجماعي ...
- مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: نحاول إعادة تشغيل مستشفى الأ ...
- الأمم المتحدة: توزيع مساعدات على نحو 14 ألف نازح حديث في الي ...
- خطة ترحيل اللاجئين إلى رواندا: انتقادات حقوقية ولندن تصر
- حملة -تطهير اجتماعي-.. الشرطة الفرنسية تزيل مخيما لمهاجرين و ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - طوني سماحة - رسالة الى سعادة القاضي الذي حكم على مريم بالشنق