أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - زمن أبي اللهب














المزيد.....

زمن أبي اللهب


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4401 - 2014 / 3 / 22 - 20:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سيّداتي، سادتي
العصر عصر أبي اللهب و الزمن زمنه. فهو آت من أعماق التاريخ كي يقيم لنا دولته. دولة أبي اللهب، سيّداتي، سادتي، دولة اللون الواحد و الفكر والواحد و الدين الواحد و الزي الواحد و الكتاب الواحد و اللغة الواحدة و اللهجة الواحدة.
سيّداتي، سادتي،
رحبّوا معي بأبي اللهب، فهو قادم ليحرر القدس و يغزو روما. لقد حرر حتى الآن في طريقه الى القدس و روما ثلاث مدن و خمس قرى. و لما سأل عن موقع القدس قيل له أن القدس تقع على حدود القرية السادسة و أن روما تشرف على المدينة الرابعة. يريد أن يغزو روما مع أنه لم ينتج في حياته بندقية واحدة و يشتري من روما السلاح الذي لم يعد نافعا لها.
هو قادم ليقضي على الكفر و الكفار. لا يأكل اللحم الحرام، لكن أكباد الأعداء حلال. يرجم الزانية حتى الموت، لكنه يغنم العشرات و المئات من الكافرات. حرام النظر الى عيونهن لكن النوم معهن حلال. و الحلال الأكبر جهاد النكاح. يأتي أبو اللهب هاديا للكفار، فيعدم الأعداء بالعشرات و المئات ويقطع الرؤوس ثم يلعب بها كرة قدم. هيا أبا اللهب، تعال إلينا هادية و انسف زنارك المتفجر في الاماكن السكنية و انشر ثقافة الحياة بين الناس!
يقيم أبو اللهب العدل في دولته. فالعدل أساس الملك. يقطع يد السارق و لو كان فقيرا يسرق رغيف الخبز. لكن أبا اللهب يخطف الناس رهائن و ليس في ذلك سرقة و يستبدلهم بفدية و ليس في ذلك سرقة. ثم يعلّمنا أبو اللهب أن فوائد المصارف حرام! يا لك من داهية في علم الاقتصاد يا أبا اللهب!
دمّر أبو اللهب المعالم الآثارية القديمة، فهي مساكن للشيطان. فجّر المعالم التاريخية و الثقافية و الدينية التي تخالف معتقداته لأنها معالم كفر و ضلال. دخل المكتبات غازيا، داس الكتب، التي لم تكتب بلغته و لا تعكس فكره، مزّقها و أحرقها ثم جلس يرى الشيطان يحترق في ألسنة اللهب. يا لهناء الأجيال التي سوف تخرج من تحت يديك يا أبا اللهب.
غزا أبو اللهب أرض الكفار. كسر صلبانهم، أحرق كنائسهم، و منعهم من ترميم ما تبقى منها ثم فرض عليهم الجزية و حظّرعليهم أن يؤذوا مشاعره بطقوسهم و فرائضهم. يا لرقّة أحاسيسك يا أبا اللهب. حلال لك ما حرّمته على الغير. فأنت قدوة في احتواء و احترام مشاعر الآخرين.
رجم أبو اللهب فتاة أغواها الشيطان فأقامت لها حسابا على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن الملفت للنظر أن حاسوب أبي اللهب خال من مشاهد الإباحية. ليتك يا أبا اللهب رجمت الحاسوب الذي كان سببا في إغواء الفتاة لكي لا تُغوى غيرها. بل ليتك دسته و مزقته و أحرقته كما أحرقت الكتب التي تأوي فكر الشيطان.
اصطفى الخالق أبا اللهب دون الناس. فهو فوق الخلق، فلقد ولد مشرّعا دون أن يدرس القانون، و نصّب نفسه قاضيا دون أي تدرج في إحدى الجامعات، و أقام نفسه معلما مع أنه حارق للكتب، و هو أكثر شعوب الارض أناقة، و أغزرها علما، و أشدها ابتكارا، و أكثرها دماثة في الأخلاق. لا شك أن الخالق أحسن الاختيار يا أبا اللهب.
أتى أبو اللهب غازيا، لكن التاريخ ظلمه عندما لم يضعه فوق الإسكندر و قيصر و نابوليون و لا حتى في مصافهم. ترى و ما الذي يميّز أولئك عنه؟ فهو محتل مثلهم، و مثلهم أيضا ترك إرثا حضاريا للبشرية.
سيّداتي، سادتي،
يشهد التاريخ ولادة فجر جديد على يدي أبي اللهب. فالتاريخ قبل أبي اللهب ليس مثل ما بعده. قبله كان العالم مجموعة قبائل و شعوب و ألسنة حضارات و بعده قُسِم العالم الى قسمين: أبو اللهب و الآخرين. عالم أبي اللهب هو عالم الرجال مرفوعي الرؤوس و عالم الآخرين هو عالم من لا رؤوس أو أيدي لهم.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيّدي الرئيس/ جلالة الملك
- نساء عاريات أمام اللوفر
- رسالة الى تكفيري
- السيدة و الخادمة
- عذرا سيّدتي


المزيد.....




- شاهد.. مسيرات حاشدة في محافظات يمنية تبارك انتصار الجمهورية ...
- عيد النائمين السبعة: قصة مسيحية تنبئ الألمان بالطقس
- الاحتلال يعتقل شابا من -الأقصى- ويبعد أحد حراس المسجد
- 45 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- ما مستقبل المسيحيين في سوريا في ظل السلطة الجديدة؟
- خطيب الأقصى: ظهور نتنياهو في أنفاق المسجد تحد لإثبات السيادة ...
- الأرجنتين: القضاء يعتزم محاكمة مسؤولين إيرانيين سابقين غيابي ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي نايل سات ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 شغله على نايل وعرب سات بكل ...
- حبس رئيس الأساقفة في أرمينيا بتهمة تنفيذ محاولة انقلاب


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - زمن أبي اللهب