أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثاني















المزيد.....

الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثاني


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4505 - 2014 / 7 / 7 - 22:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الزواج في اليهودية، علاقة رجل بامرأة

لماذا التطرق لموضوع الزواج في اليهودية؟ كل قارئ للكتاب المقدس يدرك جيدا أن المسيحية ورثت القيم التوراتية و أعطتها دفعة للأمام و بالتالي أضافت عليها بعدا جديدا و قيمة مضافة.
نقرأ في سفر التكوين أن الله خلق آدم و من ثم نراه يقول في الاصحاح 2:18 "ليس جيدا أن يكون آدم وحده، فأصنع له معينا نظيره". فكانت حواء نظير آدم و معينه. و في رأي معلمي اليهودية أن عملية الخلق هذه تؤسس لوحدانية في مؤسسة الزواج قوامها نصفين مختلفين. فحواء هي جزء من آدم و ليست منفصلة عنه. و هذا ما يبرره قول آدم في تكوين 2: 23-24 "هذه الأن عظم من عظامي و لحم من لحمي. هذه تدعي امرأة لأنها من امرء أخذت. لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بأمرأته ويكونان جسداً واحداً". و من هنا جاءت عبارة النصف الآخر التي كثيرا ما نقولها أو نسمعها عندما يتم الكلام عن أحد الزوجين. هذا و من ناحية أخرى، عندما يخاطب وحي الكتاب المقدس الرجل العبري في شأن زوجته فهو دائما ما يتكلم عن امرأة واحدة و ليس أكثر. مثلا نقرا في امثال 5: 18 "ليكن ينبوعك مباركا وافرح بامرأة شبابك". كما يشجع الوحي الرجل على وحدة العلاقة الزوجية في العدد 7 من الاصحاح نفسه "لتكن لك وحدك وليس لاجانب معك". و في مواضع أخرى يحذر الوحي الرجل من التخلي عن زوجته، فنقرأ في سفر ملاخي 2: 14 "فقلتم لماذا؟ من اجل ان الرب هو الشاهد بينك وبين امرأة شبابك التي انت غدرت بها وهي قرينتك وامرأة عهدك... فاحذروا لروحكم ولا يغدر احد بامرأة شبابه" و يستطرد النبي في العدد 16 ليعلن رفض الله للطلاق بالآية التالية " لانه يكره الطلاق قال الرب اله اسرائيل وان يغطي احد الظلم بثوبه قال رب الجنود. فاحذروا لروحكم لئلا تغدروا".

إذا من المنطقي أن يفرض السؤال التالي نفسه "إن كان العهد القديم من الكتاب المقدس يتكلم عن وحدة الزواج، إذا كيف لنا أن نفسر اتخاذ كثيرين من الرجال زوجات عديدة على امتداد تاريخ هذا الشعب أمثال ابراهيم و يعقوب و داوود و سليمان ؟".
نقرأ أن الشعب اليهودي و خلال تاريخه الطويل تأثر بالمجتمعات المحيطة به مثل المصريين و الفرس و البابليين و الكنعانيين و غيرهم. فلقد عبد اليهود آلهة تلك الشعوب مثل بعل و العشتاروت و مارسوا بعض عاداتهم مثل تقديم أطفالهم ضحايا بشرية للآلهة الوثنية و تكلموا لغاتهم مثل البابلية و الفارسية خلال السبي، و اليونانية في الفترة التي تلت احتلال الاسكندر المقدوني للشرق الاوسط، كما أننا نقرأ أن السيد المسيح كان يتكلم الآرامية التي لا زال بعض سريان سوريا يتكلمونها حتى يومنا هذا. إذا لا شك أن ممارسة تعدد الزوجات كان أحد أشكال تأثر اليهود بالمجتمعات المتاخمة لهم. خذ على سبيل المثال سارة زوجة ابراهيم، فهي التي ألحّت على زوجها أن يعاشر وصيفتها هاجر لكي تُعطى ولدا منها. و في نظرة سريعة الى التقاليد البابلية التي أشرنا إليها في المقدمة من المقال السابق نفهم ان إقدام ابراهيم (و هو من بلاد ما بين النهرين) على الزواج من خادمته هاجر كان محكوما بالعادات الاجتماعية التي تبيح للرجل الزواج من أمراة ثانية في حال كانت الزوجة الاولى عاقرا.
لكن و من أجل الانصاف العلمي، لا نقرأ أن الوحي أعطى نصا واضحا و صريحا لتحريم تعدد الزوجات. إنما و في المقابل نقرا ان الفريسيين (مجموعة من علماء الدين اليهود) سألوا المسيح "هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟" فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: "أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟ وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ". قَالُوا لَهُ: "فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلاَق فَتُطَلَّقُ؟" قَالَ لَهُمْ: "إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا. وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي، وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي".
بناء على جواب المسيح للفريسيين، نستطيع أن نقول أن الوحي في العهد القديم تساهل مع تعدد الزوجات شأن تساهله بالطلاق و عزا ذلك، كما أعلن السيد المسيح، الى قساوة قلوب اليهود في تطبيق تعاليم إلههم. لكن من المنصف القول أن كاتب التوراة ينظر الى علاقة الزواج على أنها يجب ان تكون مبنية حكرا على رجل واحد و امراة واحدة.
قبل أن نختم هذا الفصل، ترانا نتساءل عن نظرة العهد القديم للمرأة. نرى من خلال قراءتنا للكتاب المقدس أن كاتب التوراة يقسم المجتمع النسائي الى قسمين: المرأة اليهودية و المرأة الاجنبية. فالمرأة اليهودية هي تلك التي تعبد إله شعبها و تحض الرجل على الاستقامة و على مخافة وصايا الرب على عكس الاجنبية التي هي من خارج الامة اليهودية و التي تميل قلب الرجل عن عبادة إلهه. لكن و مع الزمن تطور مفهوم الاجنبية ليشمل المراة اليهودية المتملقة بكلامها، التاركة أليف صباها و الناسية عهد إلهها (أمثال 2: 16-18). كما أننا و مع تطور الاحداث نرى ان المراة الآتية من خارج شعب اسرائيل لا تُحسب اجنبية إن هي عبدت اله اسرائيل و اخلصت لزوجها و شعبه و الهه، مثل راعوث المؤابية التي كانت أول امراة يُكتب سفر من اسفار العهد القديم باسمها و التي صارت زوجة بوعز جد يسى، والد الملك داوود و إحدى جدات السيد المسيح.
إذا فالمرأة اليهودية في عرف كاتب التوراة، هي المرأة الفاضلة التي ثمنها يفوق اللآلئ. هي موضع ثقة زوجها، تعمل بنشاط في خدمة عائلتها، محسنة الى الفقير و المسكين، حكيمة و واثقة من نفسها، جمالها غير وقتي و لا يتأثر بمرور الزمن (أمثال 31)
و في خلاصة الأمر نرى أن الزواج في العرف التوراتي قائم على علاقة بين رجل و امراة متساويين كما ورد في كلمة "نظيره و معينه"، يتّحدان في نظام تيوقراطي (دين و دولة) هدفه إرساء العلاقة بين اليهودي و الهه. لكن الممارسة على ارض الواقع كانت مختلفة، إذ أن الرجل اليهودي عدد زوجاته، و أباح الطلاق، شأن الملك سليمان الذي قاربت نساؤه الألف و الملك داوود الذي اقترن بكثيرات. و مع مرور الزمن، تطورت الثقافة اليهودية لتأخذ منحى ذكوريا، حتى ان المرأة في عهد المسيح أصبحت تحتل مرتبة اجتماعية أدنى من مرتبة الرجل. و لإثبات هذا الأمر يكفي أن نذكر صلاة اليهودي التقليدية التالية و التي كان يردده صباحا مساء ألا و هي " أشكرك لأنك خلقتني يهوديا لاأمميا، حرا لا عبدا، رجلا لا امرأة.،



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين كندا و لبنان
- سيدي فخامة الرئيس ساركوزي
- أهلا سادتي الدواعش
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الأول
- ديانا الترك ضحية جريمة الشرف
- التحرش الجنسي بين الثقافة و القيم المعاصرة
- الموت لمريم
- رسالة الى سعادة القاضي الذي حكم على مريم بالشنق
- سامحينا يا مريم
- مات القمر
- أنقذوا الطفولة
- لارا و أحمد
- وزير تعتذر من طاه
- العنف التربوي و اساليب معالجته
- ورقة اللوتو
- زمن أبي اللهب
- سيّدي الرئيس/ جلالة الملك
- نساء عاريات أمام اللوفر
- رسالة الى تكفيري
- السيدة و الخادمة


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثاني