|
من يفرض شروطه هو المنتصر
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4519 - 2014 / 7 / 21 - 08:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من يفرض شروطه هو المنتصر *********************** قد تدمر قوة ما قوة أخرى وتدكها دكا ، وتستعمرها وتحتلها ، فيسمى ذلك في عرف الحروب انتصارا . مثل هذه الحروب التقليدية لم يعد لها اليوم وجود بفضل تطورات علمية وعقلية وتكتيكات عسكرية ، كما أن تحولات العالم في مواثيقه الدولية ، وخاصة تلك المتعلقة بالحقوق الانسانية ، كحق الحياة ، وحق الاختلاف ، وحق الرأي ، وحق الوجود ، والحقوق الدولية المبرمجة للمدنيين في الحروب كما نصت عليها وثيقة جنيف وملحقها ووثيقة الامم المتحدة الخاصة بالحرب . أصبحت تمثل ضغطا كبيرا على جميع المتغطرسين وان تنطغوا ونكروا ضمنا فحواها ومضمونها . هذا دون النظر الى تطور المعرفة الانسانية وتداخلها ، بجميع فروعها . وهو ما يشكل حصانة حقوقية ضد كل اعتداء من طرف ما . وخبراء المنتظم الدولي يدركون ذلك ببداهة اشتغالهم على مختلف المعطيات المتعلقة بارتفاع منسوب الوعي الانساني اليوم ، لكنهم يخفون ذلك الا بقدر قليل من ذوي الضمائر الحية انسانيا . الحرب اليوم لا ينتصر فيها الا من يفرض شروطه على العدو ، فجميعنا يتذكر مخلفات غزو أمريكا للعراق سنة 2003 ، من قتلى وجرحى ، وذوي العاهات المستديمة ، وما تعرضت له الأرض والحرث والنسل من دمار لا يزال العراق أفرادا وأرضا يقدمون خسائرهم الفادحة الى يومنا هذا بفعل انتشار أسلحة فتاكة وتأثيرها الطويل ؛ سواء على جسد الانسان أو جسد الأرض . لكن أمريكا خرجت رغم كل الدمار والمحق منهزمة ، وعجزت على فرض شروطها على الشعب العراقي الأصيل ، وان كان تأثيرها باديا على جميع مسؤولي البلاد الذين تعاقبوا على حكم هذا البلد الشقيق ، ذي التاريخ العريق والحضارة الانسانية العظمى . بل ان فوضى الحرب السورية التي نتج عنها دمار داخلي غير مسبوق ، لليوم لم يخرج منها أي منتصر بعدما اختلط الحابل بالنابل وخرجت حركة داعش من المجهول لتحصد نتائج التطاحن البليد بين النظام وبين مجموعات من المرتزقة الذين سيقوا اليها بغشاوة الجهاد . وهي الحرب التي لن تنتج الا الخسارات ، فالأغبياء لا يزرعون الا الريح ، ولا يحصدون الا الغبار . اسرائيل لا تقرأ تاريخها القريب ، وهي مريضة بداء العظمة القديم . فمنذ خروجها الذليل من جنوب لبنان سنة 2000 ، كان عليها أن تعيد قراءة جميع خططها واستراتيجياتها قبل أن يهزمها جزء بسيط من شعب لبنان العظيم سنة2006، ويفضح عنتريتها أمام الجميع وعلى الملأ . فهي رغم آلة التدمير الكبيرة التي استعملتها في تلك الحرب خرجت مكسورة الخاطر مدحورة الجانب .وصارت بعد ثلاثين يوما تستجدي وقف اطلاق النار رغم الخراب الذي صنعته بجنوب لبنان وبالضاحية . لكن الغبي يلدغ ألف مرة من جحره ، فقد عادت نفس الدويلة المصطنعة والمفبركة والهجينة الى اعادة نفس الخطأ ، بعدما حاولت استعادة هيبتها في المنطقة بردع قطعة صغيرة من أرض فلسطين سنة 2008 وهي غزة الأبية ، لكنها تلقت درسا بليغا من المقاومة الفلسطينية ، وخرجت رغم الدمار والقصف العشوائي منهزمة . وها هي اليوم تعيد نفس الخطأ ، وكأن تبجحها بقتل الآمنين والمدنيين ضدا على كل القرارات الانسانية والسماوية ، مما يتعبر جريمة حرب ، وهولوكوست جديد ، وعنصرية مقيتة ، واعتداء وحشي وغير مبرر . ومنذ البدايات الأولى لعدوانها الجديد تبين للاستراتيجيين ولعلماء الحروب أن هذه الحرب تكتسي أهمية قصوى في تاريخ اندحار القوة الاسرائيلية ، وهو ما تسبب في هستيريا حربية غير مسبوقة ، وفي جنون تدميري لا مثيل له . فتحول أساليب الحرب عند المقاومة كان يجب أن يأخذه العدو الاسرائيلي محمل الجد ، ويتعامل معه بحذر شديد ، خاصة وأن معادلات كثيرة تغيرت في واقع الحرب بين المقاومة الفلسطسينية وبين اسرائيل . فنوعية الأسلحة التي استعملتها المقاومة الفلسطينية تختلف جذريا وكليا عن الأسلحة التي استعماتها قبل ست سنوات ، كما أن وسائل الحرب وتكتيكاتها عرفت تحولات نوعية تتميز بكفاءة منقطعة النظير ، وكم الأسلحة التي استعملتها المقاومة الى يومنا يؤشر أن مخزونها كبير . واسرائيل لا تستطيع مواكبة حرب لأكثر من أسبوع ، كما تؤشر على ذلك كرونولوجية حروبها ضد العرب والمقاومة العربية . فبمجر نفاذ اليوم الأخير من الأسبوع الأول للحرب يصاب الجندي الاسرائيلي بالاحباط ، لأسباب يطول شرحها ، وتصبح الآلة العسكرية الاسرائيلية أكثر بطئا ، وتختلط الاستراتيجيات الحريبية بين القائمين على تدبير حروب اسرائيل حد الصراع المعلن ، لأنهم يدخلون كل حروبهم على عقيدة الانتصار ،دون احتساب الخسارة رغم تكررها .وهو منطق عسكري فاشل ؛ مالم تكن تحت يديك جميع المعطيات الحقيقية حول الحرب ، فان أي تجربة حربية ستؤول بمنطق الحرب منذ القدم الى الفشل . وهو ما افتقدته اسرائيل في حروبها الأخيرة ضد المقاومة العربية ، وهذا ما صرح به أكثر من ضابط ومسؤول عسكري . كيف اذن لاسرائيل أن تفرض شروطها في ظل هذه الوضعية الانهزامية تكتيكيا واستراتيجيا ؟ . مع العلم أن قتل الآلاف من المدنيين لا يعني دحر جيش المقاومة ، وان كانت تكلفته الانسانية غالية . لكن للحروب منطقها ، فهي تخاض بين جيشين ، وليس بين مدنيين وجيش يتمتع بكل أسباب البطش والتدمير . كما أنها تخضع لشرط النفَس الطويل ، وهذا ما لا تسعفه زمنية الحرب الطويلة لاسرائيل . فمن سيفرض شروطه بعدما رضخت مصر السيسي المتواطئة مع اسرائيل لارادة المقاومة لتغيير صياغة بعض بنود الاتفاقية التي عقدتها مع طرف واحد ، هو اسرائيل؟؟.
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يموت المطر
-
اسرائيل وشرط الردع
-
غبار ولا ريح
-
التطرف الأوروبي يهدد المغرب
-
الانتصار لارادة المجتمع -1-
-
هيا نرقص على وقع الفساد
-
مجتمع آخر ، أو مجتمع الجناكا -رواية-5-
-
ثقافة الانهزام -1-
-
فقه الأولويات يارجال الدين قبل فقه العشوائيات يا رجال الفكر
-
مجتمع آخر ، أو مجتمع الجناكا -رواية-4-
-
محمد الصبار بين المناضل الحقوقي والموظف العمومي
-
جرائد ليست للقراءة -3-
-
قراءة فنية لقصيدة - مري بذاكرتي -
-
برلمان او بر أمان
-
مدونة تبحث عن -أنا -
-
مجتمع آخر ، أو مجتمع الجناكا -رواية-3-
-
لا بلاد لي
-
جرائد ليست للقراءة -2-
-
فيدرالية اليسار الديمقراطي ومأزق الفكر اليساري -2-
-
نشيد الحروف
المزيد.....
-
نتنياهو يقبل دعوة لإلقاء كلمة أمام الكونغرس
-
الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بأعمال سفارة السويد
-
انقسامات داخلية حادة تهز إسرائيل حول خطة بايدن لإنهاء الحرب
...
-
الداخلية المصرية تصدر بيانا عن الخدمات المقدمة للأجانب المقي
...
-
10 عمليات وإصابات دقيقة.. حزب الله اللبناني يكشف عن عملياته
...
-
شويغو: مرت حقبة كاملة من استكشاف وتطوير القطب الشمالي مع الب
...
-
بعد تحذير موسكو لواشنطن.. قلق أوروبي من حرب مع روسيا
-
بريطانيا تكلف جهاز استخباراتها الوطني بمهمة جديدة
-
سيناتور أمريكي يصف نتنياهو بمجرم حرب ويرفض دعوته للحديث أمام
...
-
صافرات الإنذار تدوّي في 6 مقاطعات أوكرانية
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|