أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نائل الطوخي - إعلان حسني مبارك ترشحه لانتخابات الرئاسة..الإفلاس البليد لبابا نويل المفاجآت














المزيد.....

إعلان حسني مبارك ترشحه لانتخابات الرئاسة..الإفلاس البليد لبابا نويل المفاجآت


نائل الطوخي

الحوار المتمدن-العدد: 1275 - 2005 / 8 / 3 - 12:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


كانت نقلة شطرنج واحدة هي ما تعوز مبارك هذه المرة, نقلة شطرنج تخيب توقعات كل المتوقعين, أصدقائه و أعداءه على حد سواء, و تحفظ له تسيده على الساحة في ذات الوقت. هذان الشرطان: المفاجأة (الإدهاش و قلب التوقعات) و الاحتفاظ بالسيادة, هما ما تحققا بحرفية صارمة في مفاجأة تعديل المادة 76 من الدستور المصري. و في الغالب كان شرطان كهذا هما ما يطمح الرئيس لتحقيقهما في قراره بترشحه - عدم ترشحه لانتخابات الرئاسة, و لأن السيناريوهات كلها كانت قد قتلت بحثاً في صحف الحكومة و المعارضة, -1- الترشح (الأقل إدهاشاً) – 2- الانسحاب و ترشيح جمال مبارك – 3- الانسحاب من الترشح تماماً و نهائياً (الأكثر إدهاشاً)- لذا بدا أن حسني مبارك قد وقع في ورطة, هذه الورطة التي جسدها تأجيل إعلان الترشح إلى ما قبل أسابيع معدودة من انتخابات الرئاسة. كان على مبارك أن يعترف بأن مفاجأته المدوية ستكون هي انسحابه من الترشح, و هي المفاجأة التي ستعادل مفاجأة تعديل الدستور, غير أنها للأسف, لن تحتفظ له بالسيادة التي احتفظت له بها مفاجأة تعديل الدستور.
كانت اللعبة في مفاجأة تعديل الدستور كالآتي: سيكون هناك مرشحون, و لكن الشعب لن يختار إلا حسني مبارك, لأن الإعلام كله لا يتحدث إلا عني, لأن الشعب يفضل ما عرفه لربع قرن من الزمان, لأن ربع قرن من الزمان تجعلني بديهة, فطرة أو شيئاً غير قابل للتغيير, و لأن أفعالاً رمزية "مثل هتك العرض و حركات الإصبع" كفيلة بتذكير من يجرؤ على الاختلاف أننا صاحون و أن قبضة الدولة لم تتراخ, بل و أن مجاز قبضة الدولة قد تحول إلى مجاز قضيب الدولة عبر الفعلين "هتك العرض و حركة الإصبع" الذين أديا مجازياً و حرفياً في ذات الوقت. كل هذا يؤدي إلى احتفاظ مبارك بالسيادة الحرفية مع ترشحه أمام آخرين و إلى إظهاره بشكل الفتوة العجوز الذي يهزم منافسيه الشباب, لا يكتفي بسلطته المجازية و إنما يدخل العراك تلو العراك و يخرج منتصراً, و في ذات الوقت فالمفاجأة كانت ستدفع الأعداء إلى الارتباك و إدراك أنهم أمام خصم لا يمكن التنبؤ بخطواته, و هو ما يشابه الإعجاب بالخصم بشكل ما. مفاجأة كتلك كانت ستصيب الناس يوم يسمعون عن انسحاب الرئيس من الانتخابات, و هو ما أدركه الرئيس ذاته, و ربما يكون قد حلم به, لسبب بسيط: أن فعل صنع المفاجآت هو وجه آخر من ترسيخ السيادة و إثبات الربوبية و القدرة على خرق العادة, غير أن هذا الترسيخ يؤدَى في حالة فتوتنا العجوز, و للأسف الجم, بشكل مجازي فقط, و ليس حرفياً, فانسحابه, الذي سيكون مدوياً و صاعقاً, من الترشح كان سيؤكد للجميع أن القرار هو قراره في نهاية الأمر و أنه اختار هذا برغبته المطلقة, حيث الضغوط الخارجية و الداخلية مهما كانت لن تجبره على ترك كرسيه طواعية, هذا ما يعرفه الجميع, غير أن قراراً كهذا كان سينطوي, في الآن نفسه, و بشكل حرفي و بسيط تماماً, على أن تكون هذه هي آخر مفاجآته, آخر ترسيخ للسيادة يقوم به, و أن الباب سيفتح من الآن فصاعداً لشخص آخر لكي يقوم بترسيخ سيادتيه, المجازية و الحرفية هذه المرة, طالما أن الوقت سيسمح له بذلك.
كان هذا هو مأزق مبارك في الأيام التي وقعت بين تعديله الدستور وبين إعلان قراره بالترشح, فالخيار الوحيد الذي سيحفظ له كرسي الرئاسة هو أكثر القرارات إملالاً و هو الذي قتل تنبؤاً من قبل رجل الشارع قبل صحف المعارضة و وزراء الحكومة, و هو الذي سيؤدي إلى وعي ملول كالقدر: "لم يعد لدى الرئيس ما يقدمه", أي نفاد جراب الساحر, لاعب الشطرنج, و بما أن الخيار كان بين صورة الرئيس و صورة الساحر الماهر, فصورة الرئيس كانت هي الأكثر أولوية, على الرغم من الإبهار المدهش في الصورة الثانية, لأن مأزق مبارك لم يتح له ترف التفكير في الكماليات.
و برغم هذا, ربما كانت محاولة الوصول إلى أفضل الشروط لقراره المتوقع بإعلان ترشحه هي العامل الذي حكم فكر الرئيس في ذاك الوقت, و لهذا كان تأجيل إعلان الترشح إلى تلك الفترة القصيرة قبل الانتخابات, فهو إثبات, غير تام و إن كان معقولاً, لصورة السيد: (سينتظر الناس فقرتي بفارغ الصبر, و بعد مفاجأة تعديل الدستور, سيتوقعون ألعاباً و طيوراً و مناديل ورقية تخرج من جراب الساحر, و سينتظرون و ينتظرون, و خلال الانتظار سيتم تداول حكايات عن المفاجأة المتوقعة و عن الساحر الماهر, و لكن المفاجأة الحقيقية ستكون أن الجراب خاو, هذا هو السحر الحقيقي و هذه هي المفاجأة التي ستدفع الجمهور للانبهار بالساحر الذي يتحدى كل شيء, حتى قوانين عالم السيرك نفسه). غير أنكم تعرفون, و بشكل كئيب, أن هذه أيضاً هي الكلمات الشهيرة لأي ساحر فاشل, أو أنها آخر حيله على الإطلاق, المؤذنة بالانهيار, و التي إن تكررت فلن تكشف نفسها فقط و إنما ستكشف معها ألعابه الأخيرة كذلك, بشكل رجعي, ستكشف معدل نفاد الحيل تدريجياً, و ستكشف تحول ديكتاتورية السلطة إلى الوضوح شيئاً فشيئاً و من ثم ستكون واحدة من أهم الأسباب للانفجار المتوقع. لم تكن ديكتاتورية الساحر يوم تعديل الدستور أقل, لم يكن الساحر أكثر رحمة و ديمقراطية, بل كان أكثر حرافة, و كلما تحولت الديكتاتورية لتكون أقل حرافة, أكثر فجاجة و إملالاً, كلما كان ذلك القشة الأخيرة التي تدفع الناس للانفجار, بعد أن تكتشف انتفاء هوامش الحركة و قوانين اللعب , و إفلاس اللاعب المقابل الذي أضحى فجأة أقل بريقاً و قلب طاولة الشطرنج كلها و, و هو الأخطر, لم يعد يخاف من تكرار نفسه, من التحول إلى ساحر فاشل, و من الالتزام الحرفي بأكثر التوقعات كآبة لخطواته.



#نائل_الطوخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية مرآة 202 لمصطفى ذكري.. هوس البدايات غير المكتملة.. الت ...
- نوال علي و سوزان مبارك.. كيف تستخدم -نسوية- النساء في مظاهرا ...
- - مجلة ميتاعام الإسرائيلية: الصهيونية كفر تعجز اللغة عن احتو ...
- سوزان مبارك.. الجبلاوي وقصر البارون.. كيف احتفلوا بمرور مائة ...
- ثلاث صفحات فارغة
- عبد مجوسي الذاكرة و قال كلمات
- لحظات لا يستحب فيها الإسهاب
- عن الفيلم الإسرائيلي (صهيون.. الأراضي).. ترجمة و تقديم نائل ...
- الشعر كائن ضعيف الذاكرة في ديوان منتصر عبد الوجود الأول..
- عن الشعر الإسرائيلي الرافض للاحتلال, دافيد زونشايم, ترجمة و ...
- لون الدم
- محاورات في الترجمة
- حوار مع الكاتب المصري عزت القمحاوي
- في رواية احمد شافعي الأولى -رحلة سوسو- الحكاية سلم يتفتت كلم ...
- مبارك و دريدا و عمرو بن العاص.. ما الذي حدث في -حدث- تعديل ا ...
- التباس
- الضفة الأخرى.. الرقص على إيقاعات العزلة
- أغنية جديدة لعبد الوهاب. 2
- هيفاء وهبي.. حالة نموذجية بعيني مستشرق ما قبل هوليوودي
- أغنية جديدة لعبد الوهاب..1


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نائل الطوخي - إعلان حسني مبارك ترشحه لانتخابات الرئاسة..الإفلاس البليد لبابا نويل المفاجآت