أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - العراق إلى أين؟















المزيد.....

العراق إلى أين؟


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 4488 - 2014 / 6 / 20 - 18:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العاشر من حزيران الجاري مثل يوما من أخطر الأيام التي مر بها العراق. ومنذ فوجئنا بهذا الحدث الكارثي، التزم قلمي الصمت، لا أدعي من قبيل الحكمة وعمق الشعور بالمسؤولية بدقة اختيار الخطاب المناسب في مثل هذا الظرف، بل هو عجزي الشخصي عن الفهم، وحذري من الوقوع في التخمينات فيما يتعلق بالأسرار التي تكمن وراء هذا الحدث، مما أدى إليه، وممن يتحمل مسؤوليته، ولا التخمينات فيما يمكن أن تؤول إليه القضية.
بدأت سريعا بمقالة عنونتها بـ «العراق إلى أين؟»، ولم يتجاوز ما كتبته بضعة أسطر، وتركتها من غير أن أكملها. كتبت:
الموصل تُحتلّ داعشيا. جيش رديف من طائفة محددة حصرا يتأسس بفتوى من المرجعية. البعثيون والعشائر يتحالفون مع داعش. سياسيون من مكون يشكو من التهميش يعتبرون ما حصل ثورة. آخرون من الطرف الثاني يستثمرونها لتأبيد إمساكهم بالسلطة، وأعني بالأخص صاحب المقولة الشهيرة «ما ننطيها». سلطة الإقليم تستثمرها لخلق واقع جديد، ربما كما يشير البعض من أجل حسم ملف كان مؤجلا. جارة شمالية تستثمرها لتمد نفوذها على الموصل. شباب أغلبهم من مكون معروف يستجيبون لدعوة رئيس الوزراء وفتوى المرجعية. شبح حرب أهلية يطل على العراق بظلاله المرعبة.
ثم وجدت نفسي اليوم ملزما بتكملة ما كتبت قبل عشرة أيام. وليعذرني الكثير من القراء، الذين عهدوا مني تسمية المسميات بأسمائها، لأني ربما سأتجنب الكتابة هذه المرة بنفس الصراحة التي عرفت بها. لأني بصراحة خائف، خائف على العراق ومستقبله، أكثر من أي وقت مضى.
الإرهاب يمثل بلا شك في هذه اللحظة الخطر الأكبر، وإنه يهدد العراق كله، ويهدد المنطقة كلها، بل ويهدد العالم. لذا لا بد من توظيف كل الطاقات لدحر الإرهاب، وإفشال مخططه. لكن هل سيكون هذا ممكن التحقيق؟ نتمنى، ولا نجزم، كما لا ننفي.
لكن وبالرغم من مركزية هذه القضية، أي قضية دحر الإرهاب، هل يكفي هذا، دون أن نقوم بمراجعة كل المسيرة السياسية لمدة 5153 يوما أي منذ 3 نيسان 2003 ولغاية 10 حزيران 2014، بشجاعة وصدق، بتشخيص أخطائنا، أو لنقل أخطاء القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية، وأخطاء جماهير مكوناتها في ولاءاتها التي ابتنيت على أساس طائفي، أو قومي. فإننا من غير تشخيص أخطائنا وخطايانا الشيعية، وأخطائنا وخطايانا السنية، ولعله تلك الكردية، لن نستطيع إصلاح ما أفسدته تلك الأخطاء.
بلا شك إن الأطراف التي تتحمل مسؤولية ما انتهينا إليه متعددة، ومن كل القوى السياسية المتأطر كل منها في واحد من المكونات الثلاثة. كل بقدره، وبنسب تتناسب مع حجم نفوذه، وبالتالي درجة تأثيره على خلق الواقع السياسي الذي شكل الأرضية الخصبة لحوادث العاشر من حزيران وما بعده، فالأكبر، والأكثر نفوذا، والأكثر تأثيرا، والأوسع صلاحيات تنفيذية، والممسك بكل المؤسسات العسكرية والأمنية والمخابراتية، هو الذي يتحمل القسط الأكبر من المسؤولية.
سياسات خاطئة جرى التحذير منها منذ سنوات، ترجع بعض التحذيرات إلى 2003، وبعضها إلى 2005 أو 2006، تلك السياسات التي قامت على أساس طائفي بالدرجة الأولى، وعرقي بالدرجة الثانية، والتي آلت إلى محاصصات ومناكفات وصراعات، تعدت المشهد السياسي، لتنعكس لسوء حظ العراق على المساحة الواسعة للواقع الاجتماعي، بما لم نشهد مثله منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1021، مهما قيل عن تفضيل طائفة، وتهميش أخرى، في مراحل سابقة. وهنا أحب أن أنقل نصا من رسالة لصديقي الأستاذ الناصر دريد، حيث كتب لي:
«هي البلاد التي كانت مراجعها الشيعية عندما تثور تدعو إلى إقامة حكم تحت حكام سنة، إذ دعت المرجعيات في ثورة العشرين إلى إقامة حكومة مدنية يرأسها أحد أنجال الشريف علي بن الحسين، وهم سنة، ولم تدع إلى ولاية فقيه، وتسليم الحكم إلى أتباع آل البيت، لأنهم الأغلبية الطائفية. وعندما أصبح أول رئيس وزراء شيعي حاكما، كان أول من ثار عليه هم الشيعة، نتيجة فساده وعمالته، (صالح جبر في وثبة كانون 1948)، ولم يقولوا لقد استلمنا الحكم، ويجب أن ندعمه مهما كان فساده، لأنه من طائفتنا، وكان العراقيون شيعة وسنة يهتفون: نوري السعيد القندرة، وصالح جبر قيطانه، (مع الاعتذار للأموات)، والأول منهما سني، والثاني شيعي. وعندما ثار الشيخ ضاري (السني)، سألوه: لماذا ثرت، فأجابهم: لأن علماءنا قالوا بذلك، فسألوه: أي علماء، قال: الذين في النجف. وعندما تردد أن وهابيي السعودية السنة ينوون مهاجمة واستباحة النجف، فقد ركب نواب البرلمان السنة، إيمانا منهم بوطنهم، إلى النجف دفاعا عنها من هذا الخطر.»
وعودا إلى السؤال الذي اخترته عنوانا لمقالتي «العراق إلى أين»؟ كثيرون يتوقعون حربا أهلية طائفية، آخرون هم أكثر تفاؤلا، أو لنقل أقل تشاؤما يتوقعون حربا عراقية وطنية موحدة وعابرة للطوائف والأعراق ضد الإرهاب، تنتهي – ولو بعد تضحيات لا يعلم أحد مداها – للإرهاب، وفريق ثالث، أو بعض من هذا أو ذاك الفريق ممن ذكر آنفا، يرى إن العراق ذاهب إلى التقسيم لا محالة، عراق شيعي، وعراق سني، وعراق كردي. التقسيم قد لا يكون بصيغة دول ثلاث، بل بصيغة أقاليم فيدرالية، يرفع سقف الصلاحيات اللامركزية في كل منها إلى الكونفيدرالية، وتكون من حيث التطبيق أقرب إلى الدول المستقلة عن بعضها البعض.
شخصيا كنت وما زلت أتمنى أن يبقى العراق موحدا، ولكن فيدراليا، ولا أقول ذا نظام مركزي، وهذا ما يتمناه الكثيرون، ولكن مع اختلاف المنطلقات. فشخصيا لا أرفض التقسيم، لأني أرى وحدة التراب مقدسا لا يجوز المساس به، بل لأن التقسيم يعني أننا عجزنا أن نتعايش مع الحفاظ على تنوعنا، لأن هذا كان سيعني أننا ارتقينا بإنسانيتنا وعقلانيتنا إلى المستوى الذي يؤهلنا للتعايش رغم التنوع، بل وبدون إلغاء هذا التنوع، وإنما باحتضانه ورعايته واحترامه.
ثم المشكلة الأخرى في خيار التقسيم، إذا أصبح واقعا مفروضا علينا، لا مناص منه، تكمن في أمرين. الأول هو الرعب الذي ينتابنا، عندما نحتمل أو نخشى، أن التقسيم لا يمر إلى عبر بحار من الدماء، هذه الدماء التي ستتحول إلى كراهة متبادلة تتاورثها أجيال بعد أجيال، حتى بلوغ سن الرشد. والأمر الثاني، لو كان التقسيم، علاوة على أن يجري بسلام، أن يؤدي إلى أنظمة ديمقراطية، فسنقول، رغم الرفض للتقسيم، بسبب ما ذكرته من قبل، خير للعراق أن يكون ثلاثة عراقات، وتنمو في كل منه الديمقراطية، حتى تأتي أجيال أكثر رشدا منا، لتتصالح وربما تتوحد بقرار ذاتي، وهذا ما طالب به الكرد في لجنة كتابة الدستور، بإدراج ما أسموه بـ «الاتحاد الاختياري»، كما جرى في أورپا، دون أن يحملوا يوما شعار (الوحدة الأورپية)، أو تكلم أحدهم يوما عن (الأمة الأورپية)، ونحن شعوبا مخدوعة وسياسيين كذابين ملأنا الدنيا بشعارات (الأمة العربية)، و(الأمة الإسلامية)، وغيرهما، ولم نستطع أن نخلق أمة عراقية، ووطنا عراقيا، وشعبا عراقيا. أم ستجعلنا هذه المحنة نعيد النظر فنتدارك، وننجز ما لم ننجزه لما يقارب القرن من الزمن؟
وبعيدا عن التخمينات، وعن المخاوف، رغم انها تعيش معنا، لنسأل أنفسنا، ما هو الحل الممكن، بعيدا عن الأحلام، بل الحل في دائرة الممكنات وفي إطار الواقع. الآن لدينا انتخابات ونتائج انتخابات، إذن المطلوب أن يصار إلى التعجيل بانعقاد مجلس النواب، والتعجيل بتشكيل الحكومة. لكن ما هي صورة هذه الحكومة؟ من ناحية لا نستطيع تجاوز نتائج الانتخابات، ولا تجاوز الدستور. مع هذا يمكن في إطار ما ذكرت أن نشكل حكومة من شأنها أن تنتزع الاحتقانات، وذلك باستبعاد رموز الأزمة، وبالأخص رئيسي السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولم أذكر رأس المثلث الثالث، رئيس الإقليم، لأننا لا نملك أية سلطة على الإقليم، كونه يتعامل بصورة هي أقرب إلى الدولة المستقلة. لكن الأزمة لا يمكن معالجتها معالجة جذرية من غير استبعاد رموز الأزمة، ثم تشكيل حكومة حلّ وطني للأزمة (سماها البعض «حكومة وحدة وطنية»، وبعض آخر «حكومة إنقاذ وطني»)، مع مراعاة نتائج الانتخابات، ودون الخروج عن ثوابت الدستور، بل التحرك في المساحات المرنة منه، ولكن مع استحضار الشعور العميق بالمسؤولية التي تتناسب مع خطورة المرحلة، التي لم يمر العراق بأشد منها خطورة. هل هذا ممكن؟ أو السؤال معكوسا: هل هذا مستحيل؟
كنا نتمنى أن نرى موقفا موحدا يجمع المالكي والنجيفي والبرزاني، لا على نحو الاستعراض الإعلامي، بل بموقف موحد حقيقي، دون الحاجة إلى نصائح وتوجيهات أوباما. ودون أن نحتاج إلى فتوى دينية لمرجعية مذهبية، بل إلى حس وطني، وإحساس عميق بخطورة المرحلة، وترتيب الأثر على هذا الإحساس بتحمل المسؤولية الوطنية. فالإرهاب ليس سنيا، بل هو مهدد لمصالح وسلام وحرية السنة، أكثر مما يهدد مصالح وسلام وحرية المكونات الأخرى، والسنة ليسوا داعشيين، بل (الداعشية) مذهب خارج المذاهب وضدها، ودين خارج الأديان وضدها. والمسؤولية يتحملها الطائفيون من كلا الطائفتين، ولذا لا بد من استبعاد كل الطائفيين من هذه وتلك الطائفة، ممن تسببوا بتصعيد الأزمة، إما بخطابهم، وإما بدعهم المباشر أو غير المباشر للقتل الطائفي من هذه الطائفة لتلك، ومن تلك لهذه.
20/06/2014

[email protected]
www.nasmaa.org



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالة في ال (شپيغل) الألمانية عن أردوغان «القسيس والسلطان»
- وفاز المالكي ولو كره الديمقراطيون
- تعديلان دستوري وقانوني لمعالجة مشاكل انتخابية 2/2
- تعديلان دستوري وقانوني لمعالجة مشاكل انتخابية 1/2
- ما يسجل على الدعوة إلى حكومة «الأغلبية السياسية»
- المفهوم الصحيح لمصطلح «الأغلبية السياسية»
- أسينقلب السحر على الساحر؟
- يا مراجع الدين دعوا السياسة نحن أهلها
- لمن لاءاتنا الانتخابية ومن هو البديل
- العلمانيون المترشحون على قائمة إسلاموية أو طائفية
- أثر اللامبالاة واليأس والانخداع في الانتخابات
- لا يُلدَغُ شعبٌ من جُحرٍ أَربَعَ مَرّات
- انتخاب الإسلامي من الكبائر وانتخاب العلماني من أعظم الطاعات
- تزكية السيستاني للمالكي تحسب لهما أم عليهما
- ما بين الشعور بالإحباط وتفاؤل الإرادة
- ثماني سنوات ولم يتعلم كيف يتكلم كرئيس وزراء
- الدروس من الأزمة السياسية التركية وقضايانا العراقية
- وستبقى الطائفية الورقة المهيمنة في الانتخابات
- مقتدى الصدر مختبر النفاق السياسي حسب الموقف من المالكي
- العظيم نيلسون مانديلا سيبقى اسمه في سماء الخلود


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - العراق إلى أين؟