أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عباس العبد - نص الوجع : بلا بغداد , حياتي لا تساوي فلسا














المزيد.....

نص الوجع : بلا بغداد , حياتي لا تساوي فلسا


سعدي عباس العبد

الحوار المتمدن-العدد: 4487 - 2014 / 6 / 19 - 12:04
المحور: الادب والفن
    


• ... لا زلت متردّدا , .. اتحاشى وجه بغداد .. اتحاشى دموعها وهي تلتف كحبال الشنق
• حول صوت الذكريات .. اتحاشى الحانات الباكية في عينيها .. والارصفة المكتظة بجمال ملامحها ...
• لا زلت مرتبكا وانا اتصفح شوارعها , شارعا شارع .. اتصفح مقاهيها واحدا واحد .. امرّ على
• ازقتها , واسواقها , ومتاجرها , لا زلت امرّ عبر ذاكرتي , على ذاك الفتى الذي كنته .. ذاك
• المتوجس .. المرتبك , من رائحة الطالبات المراهقات المعطّرات بندى حدائق عراق السبعينيات
• لا زلت متردّدا , شاخصا , بكامل ذاكراتي وذكرياتي , عند باب بغداد المغلق بقفل من التوجسات
• والسيارات المفخّخة بالديناميت والجنائز والنعوش واللاعودة وصدى النادبات .. كان الباب كبيرا
• وساحرا , بيد إنه مسدود , بحواجز من الكروش الوافدة عبر البِحار , موصد بالوزراء الطواويس
• الدخلاء , والانتهازين المأجورين , القوادين , بقيت زمنا عصيب ماثلا عند الباب , فيما بغداد
• كانت تبحث عني , انا فتاها البار , تبحث عني في وجوه الوزراء الغريبة , في ملامح المتنفذين
• في همس السماسرة , في رطانة الصفويين , والاميركين , والمنتحلين صفة مواطن من الدرجة
• الاوّلى .. تبحث عني في اغان الجوع , في رائحة الصرائف , وفي ازقة الحرمان , تبحث عن
• رائحتي ولوني في ندى الحدائق , ورفيف الفراشات , وزقزقة العصافير , ونهارات الصيف
• وخجل الصبي الذي كنته . تبحث عني في اراجيح العيد وضوء القمر ونثيث المطر , وفي
• بارات السعدون , وساحل دجلة ومنعطفات الكرادة .. لا زلت متردّدا , الملم بقاياي مرتبكا , ماثلا
• عند الباب , والباب لا زال مقفلا , لا نأمة لا صرير , لا نبرة تدعوني للدخول , لا ظل يتمشى
• فقط الباب وحده مشغول بعاصفة من السكوت .. وبقايا نشيج يسيل في فضاء العاصمة ..
• وبعض لوعة وشيء من الحسرة وكثيرا من الوجع , واشياء غزيرة من الألم تشغل مساحة
• مخيفة من روحي .. كيف ليّ انّ اطرق الباب الموصد .. الباب المؤطر برفوف من البنادق و
• المحاط بكلاب مدجّجة بالنباح والنهش والسعير والغباء .. واللافتات والشعارات والهراوات
• ... هذا الباب المحروس بكلاب الوزراء الدخلاء المأجورين , بابي , فيه بعض ملامحي
• ولمسات اصابعي , وبعض من رائحتي .. هذا الباب , باب اشرقي وباب المعظم والسعدون
• ومدينة الثورة , ثورة السبعينيات .. هذا الباب لا يشبه بابا اخر .. منه دلفت إلى بغداد
• ومنه اخرجوني جواسيس المحتل الاميركي , القوادون السفلة .. المتزاحمون على اشعال
• حرائق الفتنة , المتزاحمون على نهب الجمل بما حمل .. هذا هو ذات الباب الذي جائت منه
• الريح ..ذات الباب الذي اخرجوني منه مع الريح .. اخرجوني بالايدي والصفعات والركلات
• والبصاق والمفخّخات والبنادق والشعارات الطائفية وتعليقات الفضائيات المأجورة ..
• من باب بغداد خرجت مهجّرا نازحا مطرودا مسلوبا منهوبا , منه خرجت مباشرةً إلى
• الجحيم ..خرجت لشوارع لم الفها , .. دخلت امكنة لم تألف رائحتي .. ارنو لسماء
• لم يحدث انّ رأيتها من قبل .. اطالع اشياءً ليست اشيائي .. فاية غربة اقسى من الغريب
• في وطنه ..جعلوني مشغولا بغربتي حتى ألفاتها , جعلوني ارى التوابيت عند كلّ صباح
• حتى ألفتها , تمرّ على عيني التوابيت .. حتى خلت الصباحات توابيت .. حتى نسيت
• انّ لنا في الوطن صباحات , فقدنا الوطن , ففقدنا صباحاته , كلّ فقدان , بالمعايشة
• يغدو اليفا .. الاحساس بالفقدان نتاج الفة .. نتاج مران .. نتاج معاشرة ..
• ولكن هل استطيع انّ انسى .. النسيان هبت الله .. لا النزوح ولا الغربة ولا السجون
• ولا الجوع ولا الملاحقات ولا المهدئات النفسية ولا حتى الموت نفسه يستطيع انّ ينسيني بغداد
• وحانات بغداد وباب بغداد وباب الشرجي في نسخته السبعينية .. في زيه الثوري عند مطلع
• السبعينيات ......... بلا حانات شارع السعدون وابي نؤاس , لا تساوي حياتي عانة ملكية او
• قرشا مصريا او تومانا صفويا , او فلسا كويتيا .. لا تساوي بولة كلب على جدار مبنى
• حكومي , بلا حانات , ماذا افعل .. اين انفق النهارات , كيف اصرف وقتي الفائض ..
• وقتي العاطل .. بلا حانات تغدو بغداد , مأتم , تغدو صباحاتها مواكب الجنائز .. وتصبح شوارعها
• تجاعيد تبللها الدموع والشيخوخة ... ولكني لا زلت شاخصا عند باب بغداد ..و الباب موصد بحاجز
• من كروش الوزراء وحمايات مجلس النواب وكلاب المتنفذين في الحكومة , حكومة الاحتلال ..
• وانفار المتملقين والمتزلفين وماسحي الاكتاف والاحذية , ومروّجي الإشاعات والفضائح والاكاذيب
• والجواسيس السريين , والسراق الذين يشهّرون ببعضهم , ولصوص المصارف , وحتى عاهرات
• ومحظيات المتنفذين ..



#سعدي_عباس_العبد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نص الاسكافي : نبذة عن حياة الأحذية
- نص الدواعش : احفاد التتار
- كتابة خارج النص : خارج الحلُم
- سيرة الركاع : ابي
- المثقف العرضحالجي : كاتب العرائض الحكومي
- اللاجدوى من الله : علمتنا ان نموت وقوفا او مشيا في الشوارع
- الكتابة حياة ضائعة : عبد الملك نوري انموذجا
- محاولة في التأمل : العقل العراقي الشعبي في اجازة
- كلّهم زائلون إلاّ وجهك يا وطني
- شحيحة هي المدن التي لم يطالها الخراب
- مرثية الحياة .. او الرفيق فهد : ما بقي من الحياة الطائرة
- في انتظار غوتو العراقي
- الروائي والمغنّي : رحلة البحث عن الشهرة والمال والجمال
- النشر في الصحافة الورقية : الاقربون اوّلى بالمعروف
- المالكي في طؤيقه الى الولاية الثالثة
- الكاتب : نصوص تبحث عن قارىء
- مقطع من نص طويل : الاسئلة والمعنى
- اربع سنوات عجاف قادمة في الطريق
- مقطع من مقال طويل : حياة واحدة لا تكفي
- معطف التاريخ الفضفاض


المزيد.....




- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس
- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي عباس العبد - نص الوجع : بلا بغداد , حياتي لا تساوي فلسا