أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - اليومَ إكليلُ الجميلة














المزيد.....

اليومَ إكليلُ الجميلة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4476 - 2014 / 6 / 8 - 13:37
المحور: المجتمع المدني
    


اليومَ يتحلّقُ الصغارُ حوّل أمّهم الصبوح الصبور، يحتفلون بأول أيام تعافيها. اليومَ تتكئُ الجميلةُ على سواعد أبنائها الأبرار وتنهضُ سامقةً شاهقةً لتقفَ على قدميها بعد عثرة سنوات ثلاث، كادت تكسر النُّسغَ الطيب وتشرخُ الروح الشريفة، لولا أن الخيرَ معقودٌ في ناصية هذه الفرعونة الرشيقة الساحرة، والسلامُ لها وعليها مكتوبٌ في اللوح المحفوظ الذي يخبئه الزمانُ في كهف حصين عمره خمسةُ آلاف مما يعدّون من السنين.
اليومَ تلبسُ الجميلةُ إكليلَها المضفورَ بوشوشات البنات وضحكاتهن عندما يحطُّ المساءُ غُلالتَه على الوادي الخصيب. جدلته الحِسانُ المصرياتُ من زهور اللوتس والنرجس والبنفسج والكاميليا، مع أوراق الصفصاف وست الحُسن بيلاّدونّا، وسيقان البردي الأسطوريّ الخضراء، جمعنها من ضفاف النيل وطمي الدلتا وأرض طِيبة المقدسة.
بعدما تتزين الغادةُ: “مصر”، ستبدأ نهارَ قيامتها بطرق كلّ بابٍ توشّح بالسواد. تدخل الردهةَ الصموت، ثم تجلسُ في باحة الدار جوار الثكلى التي تبكي منذ زمن معلوم. ترفع مصرُ بصرَها إلى حيث تشخصُ عيُن المرأة المحزونة بفقد الولد. تنظران معًا نحو صورة معلقة على جدار البيت، يعلوها شريطٌ أسود عليه تاريخٌ يقع في منزلة بين منزلتين: يناير 2011، يونيو 2013.
تحسبُ مصر عُمرَ الشهادة، فتعرف عدد الليالي اللواتي سهرتها الأمُّ المفطورة وقد خاصم النومُ وسادتَها التي لا تجفُّ من الدمع. تمسحُ مصرُ على جبين أم الشهيد وتقول: “شكرًا يا بُنيتي. دمُ ابنكِ صنع يومي هذا، ومهّد دربَ غدي، ووضع لبنةً وثقى في هرم مجدي القادم. فلا تحزني، وقَرّي عينًا.” فترفعُ الثكلى عينيها لمصر وتبتسم قائلةً: “طوبى لك يا أميّ. لقد ربط اللهُ على قلبي ألا أخافَ ولا أحزنَ وأنا من المؤمنات بحقّك فينا يا مصرُ. فداكِ دماؤنا وأطفالُنا.”
بعد هذا، تخرجُ الأمُّ الكبيرة مصر، مع الأم الصغيرة الثكلى، فتطوفان على باب حزين آخر، فتخرج ساكنتُه المحزونةُ معهما، وتسير ثلاثتهن نحو بيت رابع وخامس، حتى ينتظم موكبُ الأمهات اللواتي جفّ دمعُهن، ويسرن معًا حاملاتٍ باقات الورود ينثرنها فوق أضرحة أبنائهن، ثم يُعرّجن نحو حقول المحروسة ينثرن بذور القمح في الأرض السوداء، انتظارًا ليوم الحصاد.
اليومَ يبدأ المصريون المشوار النبيل نحو غدٍ عادل لا يعرفُ الفرقةَ ولا الشقاق ولا الكسل ولا الظلام. اليوم يتوحد لسانُ المصريين في نشيد جماعيّ يقول: “مصرُ باقيةٌ هُويتُها. موحّدٌ شعبُها. عزيزةٌ بين الأمم.”
اليومَ يجلسُ على عرشّ البهية رجلٌ آمن بعراقة مصر فانتزع تاجَها من لصوص التيجان سُرّاق التاريخ قراصنة الحضارة أعداء الجمال. رجلٌ أحبَّ هذا الشعبَ الطيب، فأحبّه الشعبُ الطيب. أسميتُه: “صانع الفرح”، لأنها استبدل بالهمّ والظلام فرحًا ونورًا. وأسميتُه: “الديجول المصري”، لأنه انتزع مصرَ من الفاشية الإخوانية مثلما انتزع شارل ديجول فرنسا من الفاشية النازية. واليومَ يسمّيه المصريون: “رئيس مصر المُنتخَب، المشير: عبد الفتاح السيسي”.
اليوم تُردُّ السهامُ إلى نحور السفاحين الذين كافحوا من أجل موت مصر، فيما أرادَ لها الُلُه الحياة. ولا رادّ لمشيئته.
اليومَ يصدقُ قولُ أمير الشعراء أحمد شوقي:
من جرحَ الأهرامَ فى عِزّتِها/ مشى إلى القبرِ مجروحَ الإباء.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصخرة والسراويل الساقطة
- نوبل السلام لأقباط مصر
- ليندا جورج سيدهم...... ثمنُها يفوقُ اللآليء
- السلام الوطني وحزب النور
- -نوال مصطفى- وأطفال السجينات
- هو ينفع منزلش؟
- انتخبوا.... لتعارضوا
- بشرة خير، ورقص المصريين
- العصافيرُ لا يملكها أحد
- لمن سأعطي صوتي (2)
- المصريون بالخارج.... والمقاطعون
- رسالة إلى الرئيس عدلي
- ارفعْ مسدسَك عن أنفي، في يدي سوط نيتشه
- الطعااااام! أفسحوا الطرررريق
- صناعة القبح
- المرأةُ الجبروت
- لقائي مع الطبيب عبد الفتاح السيسي
- المرشح الرئاسي كوكاكولا
- الرئيسُ لسانُ مصر
- موسوي عيسوى محمدي


المزيد.....




- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - اليومَ إكليلُ الجميلة