أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهند البراك - في اسباب التشوهات الأجتماعية في العراق وسبل الأصلاح ! 2 من 5















المزيد.....



في اسباب التشوهات الأجتماعية في العراق وسبل الأصلاح ! 2 من 5


مهند البراك

الحوار المتمدن-العدد: 1266 - 2005 / 7 / 25 - 12:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تشكّل الجهاز الصدامي (العنفي) لحزب البعث الذي اوكلت مسؤوليته الى صدام التكريتي، من تشكيلات من مجرمين عاديين، طغــت عليهم مجاميع القتلة ومرتكبي جرائم السرقات الكبيرة والأغتصاب والتزوير والأبتزاز، ومن قتلة مأجورين عائدين لأجهزة الشرطة والأمن سيئة الصيت التي توالت على حكم رقاب الناس منذ العهد الملكي ومروراً بتعاقب الجمهوريات، ومن حراّس مصالح الأغنياء والملاك الكبار، ومن كاسري الأضرابات والحركات الجماهيرية، وربيبي الكراجات وشقاوات المـلاهي وسباق الخيل (الريسز) الذين نظّمتهم السلطات المتعاقبة وادارت اعمالهم ومصاريفهم، اضافة الى قيامها بأجراءات تدبير غض النظر عنهم ان مُسكوا متلبّسين .
وبعد ان تأمنت تغطية النفقات ووسائل حماية افراد الجهاز من الملاحقات والأجراءات القانونية، بتواطؤ عدد من كبار موظفي الدولة الموالين (او الموصى بهم) اضافة الى عدد من الموظفين الفاسدين والمرتشين . . استكمل تكوينه وسمي بجهاز " حنين "، الذي لـعب الدور الأكبر في مجيء البعث في تموز 1968 ، سواءاً في حمايته للضباط الأنقلابيين ـ ممن كانوا في الخدمة الفعلية وخارج وحداتهم او ممن كانوا متقاعدين ولبسوا الملابس العسكرية ـ ، او في السيطرة على مواقع بغداد الأكثر حساسية، بهيئة مسلحين مدنيين في الغالب او بهيئة عسكريين، بعد ان ارتدوا الملابس العسكرية .
وبعد نجاح الأنقلاب، أعاد صدام بنائه بشكل سري ـ رغم استلام السلطة ـ ووسعه لمهام اوسع واكثر تنوّعا . . " مهام اخضاع المجتمع " ، بعد ان صار مدعوماً بخبرات مدفوعة الثمن من ثروات شعب العراق، الى المخابرات الدولية شرقية وغربية، اضافة الى المافيات الأيطالية، اليوغسلافية، الأميركية، الروسية وغيرها . معتمداً على سياسة " العصا والجزرة " ، بتقريب وجزل العطاء للمتعاونين، وتحطيم الرافضين وجعلهم امثولة مرعبة للصديق وللعدو. الأمر الذي شكّل رعباً لكل المجتمع الذي جرى التعامل معه على اساس ضربات الرعب الأجتماعية وما يدعى في العلوم الأجتماعية السايكولوجية بـ " الرعب الجماعي "(1)، في خطة للوصول الى انشاء " مجتمع الخوف " .
كان صدام الذي اصبح يلقّب بـ (السيد النائب) آنذاك، يبحث عن عقوبة سادية (عقوبة اقوى من الموت !!) لأن (الموت معروف للمناضلين السياسيين الذين يحسبون انهم سيتعاقبون به اذا تم اعتقالهم، فيستعدون له ولايبالون بمواجهته . . اننا نبحث عن عقوبة اقوى من الموت للمعارض ! ان يعيش وهو ميّت ؟!) على حد وصفه هو، في معرض جوابه على مطالبة الحزب الشيوعي آنذاك، باطلاق سراح السجناء السياسيين من القوى الكوردية، من القيادة المركزية، اضافة لأعضائه ذاته(2)، في احد اجتماعات ما دعي بـ ( اللجنة العليا للجبهة الوطنية والقومية التقدمية)، حين ارعب فيه الحضور من ممثلي القوى السياسية الأخرى، جميعاً .
وعلى ذلك الأساس بتقدير كثيرين، كانت تلك الأجهزة الأجرامية تجمع العديد من المعلومات الشخصية والعائلية عن المناضلين السياسيين، حتى تلك التي بدت كما لو انها كانت تافهة، لتدمير الذات البشرية للمعارض ان افلت، من خلال تدمير احبته . . ام، زوجة، بنت، اب، ابناء، اشقاء، خطيبة . حتى صار عديد من المعارضين مهددين ليس من الخوف على انفسهم، بل من الخوف على آخرين من احبتهم ممن لاناقة لهم ولاجمل بالعمل السياسي . من جانب آخر صار التعذيب والأستخدام المتفنن للتكنيك فيه واشراك واجبار وخيانة رجال علم لأمانة وحصانة علومهم ومهنهم، وسيلة لأشاعة الخوف ليس من الموت ولكن من التعذيب، حتى صار الموت رحمة قياسا بالتعذيب !
وفي الوقت الذي سعى فيه اخصائيون ومتفننون دوليون مأجورون ومن جنسيات متنوعة، الى تدريب افراد تلك الأجهزة على تلك العمليات وغيرها، اشرف صدام شخصيا ـ وفق روايات من هرب من افراد تلك الأجهزة ـ ثم من اوكله على ممارسة العمليات والأجراءات التي هدفت الى بناء " مجتمع الرعب " ، الذي ( يتساقط فيه المعارضون من ذواتهم ويسلّمون انفسهم للسلطات الحاكمة ) على اساس ايصال الخوف في المجتمع الى مراحل هائلة، لا طاقة للبشر على تحملها . . في سعي لأيصال المجتمع الى مرحلة " مجتمع المخابرات " الذي يخبر فيه الولد من تلقائه السلطة الحاكمة عن ابيه، اذا ما لاحظ انه يمارس امورا ممنوعة !! (3).
من جهة اخرى، اجرى الدكتاتور بشكل تدريجي وثابت، تحولاً خطيراً في مفاهيم الأجرام في العراق تحوّل فيه المجرم العادي (المفيد للثورة) من (مجرم خارج عن القانون) الى ( مجرم مدعوم بالقانون)، ضمن سلسلة اجراءات وفعاليات واجتماعات ومؤتمرات، شارك فيها قانونيون عراقيون وعرب واجانب من درجات اكاديمية عالية، مدفوعي الثمن، وبغطاء من " ورقة عمل الأصلاح القانوني في العراق" عامي 1974 ـ 1975 ، بحضوره شخصياً بروب القضاة الأسود وبنظارات قراءة ! امام العدسات . . اضافة الى ندوات " ورقة عمل اصلاح وزارة العدل " عام 1979 ، بادارة وزير عدله الدكتور الشاوي آنذاك.
في الوقت الذي اتخذ فيه من رواية " العراب " الوحشية الرومانسية ! وصراعاته المسلّحة في عالم الجريمة الأميركية والمخدرات والجنس، وسعيه الى مشاريع ( خيرية ) ـ الرواية التي استمرعرضها في دور السينما والتلفزيون الحكومي لسنوات طويلة ـ، اتّخذ منها وسيلة واطاراً لأشاعة ( مفاهيم ثورية جديدة) على المجتمع، كان هدفها بناء عصابات حديثة، وتمكينها من تحطيم الخصوم بحماية القانون بل وبأسمه !!
الأمر الذي مكّنها اضافة الى الأموال والسلطة التي ملكتها ،و تدريبها باحدث الوسائل على ايدي اخصائيين كبار في مجالات العلوم والمجتمع والجريمة . . مكّنها ان تكون البؤرة والذراع الضارب لتكوين جسم (اجتماعي) ومفهوم جديد حديث ـ لم يكن في البلاد قبلاً ـ لتشكيلة عسكرية امنية اقتصادية اعلامية اجتماعية اجرامية . تشكيلة اشاعت وشوّهت مفاهيم كثير من القيم الجميلة في مجتمعنا، وشكّلت اساساً لتكوين مجاميع متنوعة جديدة مغلقة، وفق احدث واخطر تطورات الجريمة في العالم، التي لخّصتها العبارتان اللتان اشاعتها السلطة وقتذاك وشاعت ؛ (المناضل الناجح هو من يحمل شهادة قانون تحت الأبط ويحمل مسدساً في الحزام) و (ليس القانون الاّ ورقة يوقعها صدام حسين) !
وعلى اساس ربط الأجرام بالشعار السياسي، عملت اجهزة صدام على اساس خلق صورة لـ (عدو ما)، يصلح للتحريض و(لأثارة الناس) للنضال ضدّه، بتوظيف واستغلال الأماني الوطنية والقومية والأجتماعية والدينية في تلك المرحلة، والسعى لركوبها وحرفها، كحزب في البداية ثم وفق طموح صدام الأجرامي بالزعامة لوحده. وتحوّلت منظمات حزب البعث على نفس الأساس الى اجهزة جديدة ( احدث ) من السابقة ولكن للقمع !! بعد ان صفىّ وشلّ من كان لايتفق معه. وبنفس الوجهة وبشكل اعمق، بدأ واتمّ بناء أجهزة متنوعة سريّه جديدة، سميت بـ " أجهزة المخابرات العامة " بعد ان اعاد اصطفاف افراد جهاز " حنين " ، باضافة مجرمين جدد احدث، مجرمين لايحسنون استخدام الطبر والفؤوس والسكاكين والمسدسات وحياة الليل فقط ، وانما لديهم شئ من تأهيل ايضاً ـ من القراءة والكتابة الى تأهيلات وشئ من القابلية على التطوّرـ لبناء مجتمع صدام الجديد " مجتمع الأجرام" !
الأمر الذي ادىّ الى ابعاد عدد من افراد العصابات القديمة لعدم صلاحيته لـ ( المرحلة الجديدة )، وآخرين لمعارضتهم للأسلوب الجديد في الخضوع، ولشعورهم بـ (الغبن) وعدم قناعتهم بمن صار يقودهم ، اضافة الى رفض قسم آخر للتعويضات التي قدّمت مقابل تقييد يد البعض في اماكن واطلاق يد البعض الآخر فيها، لقلّة تلك التعويضات ولعدم القناعة بتقسيم الغنائم . . الأمر الذي ادىّ الى صراعات العصابات على الغنائم (4) التي كانت تغلّف بشعارات ان ( الثورة تتقدّم ) وان ( تجذّرها اخذ يواجه مقاومة المستغلين ) !!
لقد شهدت الملاهي وعلب الليل في بغداد، في مناطق " المسبح "، " القصر الأبيض " ، " شارع 52 "، " البتاوين " وغيرها، صدامات وتصفيات كانت تجري في الهزيع الأخير من الليل في العادة، حين كانت الطرقات تخلو من المارة . . الأمر الذي كان يؤدي الى مقتل واصابة عديد من شقاوات تلك المحلات ومن صاحبات بيوت دعارة وممتهنات، وسط اطلاق رصاص وشتائم وتهديدات ووعيد بلغة ومصطلحات واشارات خاصة بمجتمعات تلك الأماكن، التي كانت تشق السكون في المناطق السكنية المحيطة، وتدفع ساكنيها الى مراقبة ماكان يحدث من شبابيك شققهم السكنية المظلمة دون اضاءة الأنوار، الذين كانوا يشاهدون جثث القتلى متروكة في الشوارع كنتائج لتلك الصدامات .
اضافة الى اندلاع الصدامات بين عصابات من نوع آخر، عصابات كانت تعود لعشائر عدد من ملاكي الأرض، او لضباط وموظفين كبار . . كما جرى في شمال الكاظمية، وفي الأعظمية. اضافة الى حي دراغ في مدخل حي المنصور، الذي ادّت صدامات العصابات المسلحة فيه الى استخدام الرشاشات الثقيلة والهاونات، وادت الى منع التجوّل في المنطقة، ثم مشاركة قوات عسكرية خاصة فيها . اضافة الى الصدامات التي اثارتها عصابة عائلة " الصديد " في بغداد وخارجها، لتثبيت سيطرتها على اعمال التهريب في الجزيرة الجنوبية، كما انتشر حينذاك ، في خضم اعادة تنظيم العصابات ذاك.
وكذلك الصدام الشهير في " صدر قناة الجيش " الذي جرى في مساء عطلة نهاية اسبوع، بين ستار كردي (مبعوث اخيه جبار كردي) و صباح ميرزا الذي قيل انه كان مبعوثا من البكر وحاملا لعرض منه لتسوية الصراع بين صدام وجبار كردي . . الذي اسفر عن ربط صباح ميرزا على حاجز طريق جانبي خلف " كازينو القناة " ومحاولة ستار قتله بدهسه بشفل، وسط سيل الشتائم وصياح ستار وكالة عن اخيه وعائلته : " ما ذا نعمل بعشرين سيارة مرسيدس ؟ وان نكون شركاء في وكالة " كاتربيللير ". . ؟! ويلكم احنا اعطيناكم نفط العراق !! واجلسناكم على مقاعد الحكم . . لك احنا احنا . . !!! " (5)، حين كان ركّاب السيارات المارة يسمعون بوضوح ويفهمون ما كان يقال جيداً، وشاهدوا مجئ ارتال مسرعة من سيارات متنوعة بينها سيارات عسكرية مدرّعة طوّقت المكان وانزلت اعداداً كبيرة من رجال كانوا يطلقون النيران بكثافة، كان بينها نيران رشاشات ثقيلة، استطاعوا (انقاذ) صباح ميرزة وقتل ستار واخ له واخرين، بعد ان هرب الباقون بعد اشتباك عنيف دام ساعات .
واضافة الى عمليات اعادة التنظيم الدموية تلك، ادّت تلك التصفيات الى تصفية ومقتل وهروب اعداد من اشقياء محلات بغداد ممن لم يكونوا يخلون من ضمير، لرفضهم حزب البعث وخوفهم من افراد عصابات القتلة التي بدأت تتزعّم بحماية قوانين صدام، و" لأنهم لايخافون الله، ولكونهم بلا ذمة ولا ضمير!! "، على حد وصفهم . (6)
وقد جرى توسيع تلك الأجهزة وتغييرها بالقتل (لطمس معالم الجرائم التي ارتكبت) وباضافة اعداد جديدة اكثر وحشية، ليس بالضرورة من العراقيين ولابالضرورة عرب، في بناء ( يد الثورة الطويلة) في الخارج، وتوسيع اجهزة الأستخبارات العسكرية واعادة تنظيمها مرات عديدة، الى اجهزة المهمات الخاصة، و اجهزة تلغيم احزاب المعارضة وتشويه نشاطها، ومحاولات حرفها وتحطيمها من الداخل اوتفتيتها، اضافة الى محاولات أصطناع احزاب مشابهة وتقليد خطابها السياسي بوجهة حرف تفكير مريديها وبالتالي ارباك وتسميم المجتمع اكثر.
وباستغلالها العلمانية والتقدمية وتحت شعارات الثورة و(الأشتراكية العربية)، اضطرّت بعد ان ارعبت النساء بما كانت تقوم به، الذي كان قد وصل الذروة باعدام المناضلة الكردية الشابة " ليلى قاسم" وبافهامه علناً، في سابقة اشاعت رعباً هائلاً بين الأوساط الشعبية وخاصة بين النساء، حيث لأول مرة في تأريخ العراق تعدم امرأة لأسباب سياسية علنا (رغم اعدام الدكتاتورية عدد من النساء قبلا، الاّ ان ذلك جرى بشكل سري) . . لقد اضطرت السلطة الى اقرار وتحقيق عدد من الحقوق للنساء، والى اتخاذ اجراءات لـ (تحديث الدولة والمجتمع) للخداع ولأضفاء طابع ان هناك ثورة تجري فعلاً، ثورة شبيهه بل افضل! من ثورة 14 تموز 1958 التي ملكت احساسات فقراء الناس. الاّ الدكتاتورية ساقت تحت غطاء تلك الأجراءات ايضاً، اعداداً من النساء الى أجهزتهاالأمنية والقمعية لأول مرة، بالقسر والأرهاب، وبالخداع والغواية والتهديد بالفضيحة، واستغلت التضامن الأسري والعائلي لغاياتها الدنيئة، محطّمة ابسط قيمنا الأجتماعية وتراثنا الأنساني من جهة، ومستخدمة اعداداً من اولئك النسوة ومسخّرة اياهنّ كوسيلة غير مألوفة اخذت تتزايد، للأيقاع بالخصوم السياسيين بمختلف الأساليب تركّزت على اتباع الأساليب اللااخلاقية والتهديد بالفضائح بصور وافلام . .
اضافة الى ذلك، جرى عمل حثيث لأدخال واستخدام التكنيك والتكنيك الدقيق في نشاطاتها، كأجهزة التنصّت وكاميرات الفديو المتطوّرة واجهزة السيطرة الكومبيوترية لضبط حركة الأشخاص والجماعات، اضافة الى اقامة ارشيف غاية بالتنوّع، للتهديد وضبط المعلومات وتحديثها، واستحداث سلاح السموم كالثاليوم العراقي ـ ITh ـ كأحد نتاجات مؤسسة (الحسن بن الهيثم) وغيرها لأغراض اشاعة الخوف والرعب، وانشأت العديد من مؤسسات (مكافحة الأجرام) لتعليم الأجرام (!) وتطوير فن الوشاية والأندساس، لجس ومحاولة تحطيم اية نأمة للمعارضة لسلطة الدكتاتور، في مهدها !
ورصدت ملايين كثيرة لتغطية مصاريف مئات الدورات التخصصية في دول اوربا واميركا الشمالية والجنوبية، للتعذيب الجسدي والنفسي وللتدريب على اجهزته، وعلى اساليب الأسقاط السـياسي والأجتماعي، وعلى طرق ووسائل مكافحة حرب البيشمه ركه الأنصار الغير النظامية، ومواجهة العصيانات المسلّحة في المدن واستيراد احدث المعداّت لذلك الغرض، اضافة لدورات الحروب النفسـية وفنون الأعلام الموجه.
وعلى صعيد الأرهاب الجماعي الشامل، عملت الأجهزة على اسس السرية المطبقة ـ بالرغم من كونها هي السـلطة ـ اضافة الى النفس الطـويل والخديعة، وضربات الرعب السـايكولوجي، والسعي لتكوين ( مجتمع المخابرات) على مراحل ووفق الظروف التي كانت تستجد (7)، وعلى اسـاس (خطط تأطير المجتمع) سيئة الذكر، لضم الجميع (تحت خيمة الثورة) بالوحشية التي اخذت تتعمق اكثر بفعل اعلان الحرب، ووصلت حد الأعدامات العلنية ووشم الجباه وقطع الأذن، ثم الألسن ورؤوس النساء، اضافة الى التعامل اللاأخلاقي وانتهاك الأعراف والحُرُمات الدينية والأجتمـاعية، فلاحرمة لأمرأة اوشيخ اوطفل . . مسخّرة اموالاً هائلة على أعـلام الكذب والخديعة من صحافة وتلفزيون ملوّن، واجهزة متنوعة واسماء (كبيرة) عراقياً وعربيا،ً لتسيير المجتمع قسراً بمفاهيمها هي، التي شوهت اوساطاً غير قليلة طيلة السنوات الخمس والثلاثين الماضية، وخلقت فيها درجات لايستهان بها من مجتمع الخوف والرعب والجريمة والنفاق والكذب والخداع، التي اخذت تنتشر بالأكراه للحفاظ على النفس البشرية التي صارت تداس وتحطّم بسهولة وبلاأبالية مخيفة وفق قانون صدام المجرم، فتشوّهت النفوس وصار البحث يجري محموماً عن اي مخلّص، سواء كان على الأرض او في السماء، مهما كان ومهما رفع من شعار ومهما قيل عنه .
لقد سعى صداّم سعياً محموما لتكوين مجاميع تسنده باشراكها بالأجرام لتشاركه المصير وتضطر لحمايته، اضافة الى افراد وفئات واوساط تعود بصلة دم له ( بعد ان اجهز على مقربيه من اعضاء وقياديي البعث بعد ان استخدمهم ولم يعودوا ينفعون) او اوساط ممن كان يعرفها جيداً ويمتلك مفاتيحها التي تمكنّه من شلّها او تحطيمها ان رفعت عقيرتها بوجهه، اضافة الى فئات تشكل رصيدا للدعم من افراد عوائل وعشائر ذات تعصّب وقوة مسلحة واموال، في محاولة لضمان ديمومة مواصلة حزب البعث الحاكم وبالتالي زعامته هو من جهة( 8) وتشكّل رصيداً لجهاز دولة الحزب في حالة افلاسها .
وقد ابتدأ الأمر باجراءات متنوعة، فمن قرارات فرض شريك تحدده المخابرات العامة في كل مشروع او معاملة اقتصادية كبيرة جرت في البلد، كان في الغالب من فئات اعتمدها هو من المنطقة الغربية من العراق ـ بعد ان شكّلت فئات وعشائر المنطقة المذكورة، المرتكزات التي اعتمدت عليها الدولة العراقية منذ تأسيسها سواءاً في بنائها او في ضبط الوضع الداخلي للبلاد(9) ـ . . من افراد كانوا يتغيّرون بوحشية ايضا وفق الفترات المتنوعة التي مرّت بعدئذ، الأمر الذي ادىّ الى تركّز شركاء الصفقات الكبيرة (الذين اصبحوا بعدئذ مالكيها) في عائلته هو .
اضافة الى عمله الحثيث في زيادة نطاق اشراك مساعديه في تنفيذ الجرائم المقترفة ـ واجبار كوادر حزبية من البعث على القيام بها تحت التهديد بالموت ـ ، واشـراكهم بالغنائم، واطلاق ايديهم في كيفية الوصول الى اهدافهم المقررة وكيفية اسلوب تنفيذ المهام، مقابل ان الأساس هو تنفيذ المهام، مقابل عقوبة الموت جزاء الخيانة . . الأمر الذي ادىّ بمرور العقود الى تكوين مجاميع مافيوية مسلحة سرية بداية، واخذت تتوسّع بما تمتعّت به من قوة وسلطة ورفاه، ارتبطت كلّها بولائها لولي نعمتها صدام .
لقد طرح صدام مصطلح منطقة " المثلث ألعربي"(10) باعتباره (جوهرة العراق وشرفه العربي) (راجع نشرة "الثورة العربية" الخاصة بالبعث لسنوات 975 ـ 976 )، وشكّل لذلك " قوات الفارس" من عرب ( اقحاح )، كصنف من اصناف القوات المسلّحة لحماية (المثلث الأصيل)، وجرى تركيزهم وزيادة تجميع الموالين فيه، ثمّ تطوّرت فيما بعد الى الفيلق الأوسط العربي الخاص، الذي امّن له اتصال وثيق مباشر ـ من خلال القرابة العائلية ـ مع (المنظمات الحزبية والجماهيرية للبعث) في مدن وقرى منطقة المثلث، ليشكّل منتسبيه بعدئذ، العصب الأكثر حسّاسية في كل الأجهزة الخاصة المدنية والعسكرية، مستنداً على مُحافظة تلك الفئات على تماسكها العائلي الطائفي المغلق بحكم العادات، الأمر الذي امّن اضافة الى تداخلها والأستمرار على توثيقه، فأنه امّن ربطِها بشكل جرى العمل على تعزيزه، بعشائر الجوار العربي.
وقد ادّت التسهيلات الهائلة المقدّمة لأبناء الفئات المواليه، في قطاع المقاولات وشراء العقارات والسمسرات المتنوعة ـ بعد سحق غير الموالين اوشلّهم واجبارهم على ترك المنطقة ـ ، الى رصّ وظهور ثم تبلور تشكيلة مالية ـ اجتماعية ـ عسكرية مافيوية عائلية طائفية مترابطة، تزعّمت التشكيلات المشابهة التي كانت تتوالى على الظهور في انحاء العراق الأخرى . . تشكيلة قادها صدام وعائلته وحكمت العراق بالحديد والنار وتنعّمت بخيراته الهائلة واحتكرتها لها في الجوهر، رغم استفادتها من اساليب ترضية افراد وفئات من الوان الطيف العراقي الأخرى، مادامت تخدمها وتشكّل واجهة مفيدة لها تشاركها المصير، ومادامت لاتشكّل خطراً عليها، الأمر الذي ادىّ اضافة الى عوامل اخرى وبتوالي الزمان، الى بداية مخاطر التمييز الطائفي ثم تفاقمه وتراكمه وزيادته حدة ووحشية !! على يد الدكتاتورية الطائفية الحاكمة .
ويرى كثير من المعنيين ان تلك الفئات لايمكن ان تتنازل عن مواقعها وعن ما سرقت واستثمرت من ثروات بسهولة، كما قد يتصوّر البعض . . الأمر الذي ان لم يجر التعامل معه بحذر وهدوء وحزم، فانه قد يؤدي الى مخاطر استمرار تلك الفئات كقطب يحمل مخاطر في المجتمع، يسعى من خلاله الدكتاتور المحتجز هو او احد افراد عائلته الى الحكم او الى المشاركة فيه، كما جرى في عوائل عدد من الحكام الآسيويين كعائلة بوتو في الباكستان، او عائلة سوهارتو في اندونيسيا مثلاً .
وان تمتّعها الى الآن ورغم سقوط الصنم، بروابط اقليمية،عربية وعالمية تُحسَد عليها، يعود بجزء كبير الى انها كوّنت اخطبوطاً مالياً ونفطياً واجرامياً مع المافيات العالمية، على اساس المنافع المتبادلة وتبادل الخبر(11)، الأمر الذي يوفر لها دعماً غير قليل في مقاومتها بوحشية لكل مايهدد امتيازاتها، فهي تدفع بسخاء للدفاع عن ثرواتها الأسطورية السوداء تلك، كما انها تقاوم أي تغيير يتهددها من اية جهة كانت، باسم الدين والطائفة تارة، وباسم العروبة والوطن تارة اخرى، او بالتلوّن السريع مع مراكزالقوى الجديدة، في سعيها الأساسي لأن تبقى في موقع القوة، بمفاهيمها المغلقة .
ويرى كثيرون، ان خروج ذلك المثلث بـ ( فئاته المتحكّمة ) سليما معافى سواءاً من الحرب العراقية ـ الأيرانية او من حرب الخليج الثانية، يعود اضافة الى ما ذكر، الى كونه كان يشكّل مؤخرة لجبهات القتال صُرف الكثير على بناء اقوى التحصينات فيها، وجرى تخزين احدث المعدات العسكرية فيها، بعد ان بذل وصرف الكثير على تركيز السلطة المالية والمسلحة لتلك الفئات فيه، الأمر الذي تزايد اكثر لاحقاً، باطلاق يدها في تهريب النفط والسلاح في سنوات الحصار، وادىّ الى خلقها فئات مشابهة على الطرف الآخر من الحدود من نفس العشائر، وادى الى خروج تلك الفئات المتحكمة فيه وهي اكثر قوة وجشعاً .
كما لم تكن مصادفة ان ينتفض العراق بكل فئاته وقواه المتعددة الأطياف في انتفاضة آذار 1991 المجيدة، ضد الدكتاتورية، والمثلث هادئ ـ رغم حدوث عدد من التحركات فيه قضي عليها فوراً ـ ، بل ان الوحدات الخاصة التي اغرقت الأنتفاضة بالدم، كانت تتألف بغالبيتها من الموالين المتركزين فيه، اضافة الى المرتزقة من عرب وآخرين جرى اسكان الفئات المتنفذة منهم فيه . . الأمر الذي يمكن ان يفسّر اضافة الى عوامل اخرى، لماذا تتخندق القوى الأرهابية والمتعصّبة والعنيفه المناوئة للتغيير بشكل اساسي فيه .
ومن جهة اخرى، اهتمت اجهزة صدام بوقت مبكر من استلام السلطة بالطرق الأسلامية الصوفيه السنيّة، وكان معروفا ان عزت الدوري كان هو المسؤول عن اجهزة تخصصت بالتعامل مع شيوخ تلك الطرق، في وقت شاع فيه ان عزت الدوري ذاته كان (درويشاً اومتصوّفا) اومدعيا بذلك، الاّ انه استطاع بمن تبعه وباجهزته وبالاعيب متنوعة، ان يتقرّب من عدد من الشيوخ و(يزورهم) هو او مبعوثيه بشكل دوري ومتّصل، بصور غلب عليها طابع السرية، اضافة الى حضوره هو مواليدها ودورات ذكرها، في محافظات كركوك واربيل وغيرها، كما كانت الصحف اليومية تنشر .
الأمر الذي يفسره متخصصون انه كان اسلوباً ومحاولة للتغلغل في كوردستان وتركيا وسوريا من جهة، ويصفه آخرون انه كان وسيلة من وسائل احكام السيطرة على المجتمع العراقي، بمراقبة الطرق الصوفية والدخول في بعضها واغداق المال عليها والتأثير عليها، وشكّل وسيلة للدخول وتكوين قطب في المجتمع الكوردستاني الأسلامي السنيّ ومحاولة التأثير فيه. ولمواجهة الحركة الأسلامية الشيعية المعارضة للدكتاتورية، التي كان نشاطها يزداد اثر انتصار الثورة الأيرانية 1979، ووسيلة من وسائل الحرب ضد الجارة ايران بعد اعلان الحرب عليها . . الأمر الذي ادىّ بالنتيجة وبالمقابل الى تزايد النشاط الأسلامي السني المتنوّع، وازداد مجال السلطة الى التشبيك عليه والتحرّك بغطائه ايضاً، منذ تلك الفترات .
ومما تقدّم، يمكن ملاحظة ان سلطة البعث واجهزتها الخاصة سعت واستطاعت بدرجات متفاوتة، سواءاً بالمال والخداع، اوبالقتل والتعذيب والتهديد، من الدخول الى غالبية مفاصل المجتمع الحية وذات التأثير والنفوذ، واستطاعت بدرجات غير قليلة رغم المقاومة والسكوت على مضض وكبت المواقف، ان تفرض عليها استخدامها وان بدرجات متفاوتة، لأخضاع المجتمع بالعنف والتشويه والكذب، لصالحها.
من جانب آخر، لابد من الأشارة الى ان الدكتاتورية، وظّفت اعلان الحرب على الجارة ايران، في الأسراع في اشاعة الخوف والرعب اكثر في عموم المجتمع، في مجتمع كان يساق الى حرب دولية لأول مرة منذ تأسيس الدولة العراقية. اضافة الى اشاعة الخوف باستخدام العقوبات الصارمة لسوق الشباب للحرب، في اجراء الأعدامات علناً ، وبفرق الأعدامات التي كانت تجوب الشوارع وتحصد ارواح العديد من الشباب امام الأنظار، والتي قامت بتعليق جثث المعدومين من رافضي الحرب على اعمدة الكهرباء في احيائهم السكنية بعد تعليق عبارة ( اعدم بتهمة الخيانة والجبن)! واستحصلت من ذوي المعدومين قسراً اثمان الأطلاقات التي استخدمت لأعدام ابنائهم ؟!
اضافة الى ما تسببته حياة ومعاناة ومشاهدة مناظر معوقي ومشوّهي الحرب، ومعوّقي الأصابات غير المميتة من ضحايا سموم الثاليوم، وضحايا قطع الأعضاء كاللسان والأذان، وغيرها الكثير . . من الأمور التي اشاعت خوفاً ورعباً لايوصفان، ودفعت بالبشر الى البحث عن اي مخلّص مهما كان، بعيداً عن الفكر والنظريات التي عجزت عن حفظ الأرواح، او دلّت على طرق كانت كلّها تؤدي الى الموت !! وهكذا صارت الأوساط الأوسع من الناس تبحث عن الحياة وعن الخلاص باي مشروع كان، بعيداً عن الموت، حتى صارت اوساط غير قليلة لاتميّز او لاتبالي ان كان الموت بشرف او الموت بلا شرف، فالموت اخذ يطحن الأكثر شرفاً واخلاصاً . . والشرف والحياة والموت والأعمار بيد الله ! فازداد التوجه اليه في فترة الحرب العراقية الأيرانية، التي جلبت اضافة الى الموت والأرهاب، الدمار والفقر والهروب والضياع في متاهات الحزن والشعور المتزايد بفقدان القدرة على تقرير المصير، وتزايد كبت الآلام والبكاء على ماضي جميل لن يعود .
وفي الوقت الذي استخدمت فيه الدكتاتورية الحرب وقوانين الطوارئ لتحطيم المعارضة، فأن الحرب وفّرت لها فرصة ذهبية في مواصلة نهجها المخيف وبوتائر اسرع من السابق في عسكرة المجتمع، وادّت الى الأسراع في وتيرة تكوّن الفئات المؤيده للدكتاتور من منتفعين وطفيليين واكثر وحشية، واطلق يدها اكثر في المجتمع وفق (القانون) اضافة الى ضبط واحكام ولائها له، كخالق وولي نعمتها وحاكمها المطاع، على ايقاع مدمّر لأعلام الحروب ولطبولها التي دعت الى قتل (اعداء الأمة العربية، من صهاينة وفرس مجوس وادلاّء خيانة)، حين كان اعلام الحروب والعنف والقتل والتعذيب، سيد (المعرفة) الوحيد في البلاد بالقوة وبجزمة الجلاد، طيلة ربع قرن . (يتبع)

مهند البراك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. ويسمى ايضا بـ " الخوف الجماعي " ، وهي من الجرائم الكبرى التي اصبح يعاقب عليها القانون الدولي، بعد تعريفها بكونها من الجرائم المنظّمة التي تهدف عن قصد وبشكل مخطط لتحطيم مجاميع من البشر . راجع وثائق " محاكمات نورنبيرغ " التي حاكمت رجال الحكم النازي الفاشي في المانيا وايطاليا، التي حكمت على ممارساتهم تلك، في الدول التي احتلّوها آنذاك .
2. نقلاً عمّن حضر اجتماع اللجنة العليا للجبهة، في بغداد صيف 1975 ، في معرض تهديد صدام للأطراف السياسية غير البعثية المشاركة، وجوابه على المطالبة بايقاف، وبالتحقيق في جرائم كانت من نوع جديد في السجون وقتذاك، راح ضحاياها المئات من ابناء وبنات العوائل الكوردية بشكل خاص، واصيب اثرها عشرات من السجناء السياسيين بفقدان الوعي وتشوّه النفس وانهيار الأعصاب، بسبب اجبارهم على مشاهدة عمليات القتل الجماعي تلك بالفؤوس! وامرارهم على اكوام اشلاء الضحايا واجبارهم على مشاهدتها .
3. راجع كتاب "جيوش الظلام" للجنرال هربرت هوبسون" ـ الكتاب المنهجي السري لمدرسة المخابرات (مخابرات صدام) الذي سقطت نسخة منه بيد قوات البيشمه ركةالأنصار في مانكيش عام 1986 ، وكان مترجماً عن الأنكليزية .
4. كعصابة قني، عصابات ؛ كريم لعّابة، ولد الصفره، الكف الأحمر، جبار كردي واخوته، محمد فاضل، هوبي الأعور . . وفق ما اورد افراد تلك العصابات، ووفق المعروف في محلات بغداد السكنية .
5. وكالة استيراد شفلات " كاتربللر" التي كانت تحقق ارباحاً سنوية بملايين الدنانير العراقية، حين كان الدينار العراقي يساوي 3,3 دولار . جرت الحادثة قبل (مؤامرة ناظم كزار عام 1973 ).
6. لقد هرب عدد كبير من اشقياء المحلات اولئك الى خارج العراق وتركزوا لفترة في اليونان حيث عملوا باجور على حماية البارات وعلب الليل هناك، وكانوا يبكون على اضطرارهم ترك وطنهم لرفضهم الأنتماء للبعث، وفق شهادات عديدين .
7. راجع " جيوش الظلام " ، الجنرال هربرت هوبسون .
8. يشير كثيرون الى ان تفكير الدكتاتور بدأ يجري جديا نحو تقوية تلك الفئة بوتائر اسرع، كاحتياط لابد منه للعودة للحكم كـ (قائد العرب الخالد)، في حالة فقدانه للسلطة او انتهاء دور حزب البعث العراقي بعد ان كان قد صمم لظروف الحرب الباردة ولظروف واساليب ماضية في مواجهة حركة التحررالعربية اوشقّها، ومواجهة الحركة الدمقراطية واليسارية والكوردستانية في الشـرق الأوسط . . في زمن صراع القطبين الأعظمين، الأمر الذي قد لم يعد يصلح للظروف الجديدة وموازناتها، بتقدير كثير من المراقبين والمحللين. الأمر الذي قد يدفع بعض الجهات الدولية اليه بعد ان قدّم لها اكبر الخدمات واخطرها في الشرق الأوسط والخليج في عقود ماضية، وطمّن مصالح الشركات النفطية حينها، وتصدى لكبح جماح الثورة الأيرانية، ومن ثم جعل الخليج مسرحاً اكبراً لتحشيد القوات العسكرية الدولية . .
9. بذل الدكتاتور صدام جهودا كبيرة لكسب تاييد عشائر غرب العراق الكبيرة، المعروفة افخاذ هامة منها بميولها وانغلاقها القومي والطائفي. وهي ذات امتداد في الأردن وسوريا والسعودية ودول الخليج ، التي قبل ذاك كان الجيش البريطاني ورجاله قد بذلوا جهوداً كبيرة لكسبها، وارضاء وجوهها بداية، الأمر الذي امّن له بوتائر متنوّعة كسب العشائر العربية ومشاركتها بالثورة العربية ضد الحكم العثماني بقيادة الشريف حسين، ثم شغل ابناؤها قسماً هاماً من اجهزة الدولة العراقية ومؤسساتها وقيادة جيشها، خاصة من ابناء عوائل من شكّلوا اساس دواوينية الأدارة العثمانية ومؤسساتها في العراق، وتوالوا بعدئذ في مناصب الحكم في الفترات المتوالية اللاحقة. راجع كتاب " صفحات من تأريخ العراق القريب "، للمس غرترود بيل، فصول عشائر العراق .
10. لم يجر تحديداً واضحا لأطراف المثلث، ففيما فسّره قسم بكونه ضمّ الموصل ـ تكريت ـ الرمادي (نينوى ـ صلاح الدين ـ الأنبار)، يفسره اخرون بانه يضم مثلث ( تكريت ـ الدُّورـ سامراء)، ويرى قسم آخر ان المثلث الثاني هو نواة المثلث الأول الكبير، في وقت تمتاز فيه عموم المنطقة الآنفة بروابط دم، وبعشائر وعوائل متداخلة .
11. لقد كشف مقتل حسـين كامل واخيه فقط عن اموال قـُدّرت بمليارات الدولارات، أنشأت بها مؤسسات متنوعة بأسماء لشخصيات ومنشآت وهمية وبمساعدة شخصيات ومافيات عالمية وعربية . . وتدرّ فوائداً قدّرت بملايين الدولارات سنوياً، اضافة الى شبكة وكلاء هائلة في العالم (من رجال مال واعمال واعلام وسـياسة وغيرهم، من عرب واجانب) لأيداع وتشغيل اموال فلكية لأجهزة صدام مقابل عمولات كان يُتّفق عليها .

(*) نشر في مجلة " الرؤية " العدد السادس / مؤسسة حمدي للطباعة والنشر .



#مهند_البراك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في اسباب التشوهات الأجتماعية في العراق وسبل الأصلاح ! 1 من 5
- الدستور . . والآمال المنتَظَرة ! 2 من 2
- الدستور . . والآمال المنتَظَرة ! 1 من 2
- وداعا جورج حاوي ! 3 من 3
- وداعا جورج حاوي ! 2 من 3
- وداعا جورج حاوي ! 1 من 3
- المحاصصة و الطائفية . . الى اين ؟! ـ 3 ـ
- المحاصصة و الطائفية . . الى اين ؟! ـ 2 ـ
- المحاصصة و الطائفية . . الى اين ؟! ـ 1 ـ
- عن الأحزاب وحركة المجتمع . . والعولمة !
- صدام بين المحاكمة وقضية الواقع الدامي !
- في عيد ربيع الطلبة !
- ذكريات عن يوم السباع الخالد في - الصدور- !
- طلبة البصرة والنضال ضد ملامح الأستبداد الجديد !
- - بحزاني - على ابواب عام جديد !
- ماذا يكمن في الصراع حول حقوق المرأة ؟
- من اجل حكم تعددي ودستور مدني في العراق!
- - قانون ادارة الدولة للمرحلة الأنتقالية والجمعية الوطنية الأ ...
- - قانون ادارة الدولة للمرحلة الأنتقالية والجمعية الوطنية الأ ...
- الأنتخابات عيد البداية الواعدة !


المزيد.....




- عناصر من شرطة نيويورك تدخل جامعة كولومبيا
- شرطة مدينة نيويورك تبدأ اقتحام حرم جامعة كولومبيا وتعتقل الط ...
- لقطات فيديو تظهر لحظة اقتحام الشرطة الأمريكية جامعة كولومبيا ...
- اتفاق بين جامعة أميركية مرموقة والحركة الطالبية المؤيدة للفل ...
- شرطة نيويورك تقتحم جامعة كولومبيا وتفض الاعتصام الداعم لغزة ...
- ترامب لا يستبعد حدوث أعمال عنف من مؤيديه إذا خسر الانتخابات. ...
- -كلاشينكوف- تسلّم القوات الخاصة الروسية دفعة جديدة من الأسلح ...
- حاولوا التقاطها بأيديهم.. لحظات تحبس الأنفاس لسقوط سيدة من ...
- -تدمير ميركافا وكمين محكم وإصابات مباشرة-..-حزب الله- ينشر م ...
- هلع كبير على متن رحلة إسرائيلية من دبي إلى تل أبيب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهند البراك - في اسباب التشوهات الأجتماعية في العراق وسبل الأصلاح ! 2 من 5