أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - حق الأقليات الثقافية فى الدفاع عن خصوصياتها















المزيد.....

حق الأقليات الثقافية فى الدفاع عن خصوصياتها


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4472 - 2014 / 6 / 4 - 16:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يتـّـهم كثيرون من العروبيين والإسلاميين أبناء شعبنا المصريين النوبيين ، بأنهم يدعون إلى الانفصال عن مصر، بينما السبب الحقيقى وراء هجومهم ، هو دفاع بعض المثقفين النوبيين عن خصوصيتهم الثقافية.
وقد عرفتُ الأديب النوبى المُبدع حجاج أدول عن قرب . ولم أسمع منه ولم أقرأ له فى أحاديثه الصحفية أو فى مقالاته أو فى إبداعه الأدبى ، أية إشارة إلى ما يدّعيه البعض عن ((رغبة فى انفصال النوبة عن مصر)) لم أسمع منه ولم أقرأ له عن هذا (الانفصال) المزعوم الذى لا وجود له إلاّ فى أدمغة أصحاب الفكر الأحادى من عروبيين وإسلاميين . بل بالعكس فى كل كتابات أدول وفى أحاديثه معى كان شديد الإيمان بأنّ ((النوبة جزء أصيل من مصر)) وشدّد على أنّ الثقافة القومية هى المعيار. وأنّ الثقافة القومية النوبية هى امتداد أصيل للثقافة القومية المصرية. فإذا كانت الأحادية تعنى الانغلاق ، فهى معادية لأى شكل من أشكال التعددية. وإذا كانت التعددية تعنى احترام الخصوصية الثقافية لأى شعب ، فإنّ الأحاديين من عروبيين وإسلاميين يُعادون أية خصوصية ، وهذا هو السبب الرئيسى فى هجومهم على حجاج أدول وعلى الأديب النوبى المُبدع الراحل إدريس على وعلى غيرهم من المصريين أبناء النوبة.
يستخدم الأحاديون أسلوب التشويه المُتعمد . فكل من هاجم الأديب حجاج أدول وإتهمه بأنه (انفصالى) يسعى إلى استقلال النوبة عن مصر، إلى آخر هذه التخاريف ، هؤلاء الأحاديون لم يُقدّموا دليلا ماديًا واحدًا من كتابات أى مثقف مصرى من أبناء النوبة ، دعا فيها إلى هذا الانفصال المزعوم ، وهذا هو ما قصدته بالتشويه المُتعمد .
ما أعرفه عن المُبدعين المصريين من أبناء النوبة أمثال حجاج أدول أنهم يُدافعون عن التراث الثقافى للمصريين النوبيين ، مثل حقهم فى تعلم اللغة النوبية وتدريسها فى المدارس . وإنشاء محطة إذاعة لنشر الوعى بمجمل التراث النوبى إلخ . وهذا حق طبيعى لا يستطيع أنْ ينكره إلاّ كل أحادى مُنغلق لا يرى إلاّ نفسه وثقافته ولغته، ويريد أنْ يفرض نفسه وتراثه ولغته على الآخرين. لذلك فإننى مع هؤلاء المثقفين المصريين أبناء النوبة فى الدفاع عن تراثهم ولغتهم ، بل وضرورة أنْ يكون التعليم بهذه اللغة ، لأنّ هذا هو الضمان لإستمرارها ومقاومة اندثارها .
يشمل الدفاع عن الخصوصية الثقافية الدفاع عن الفلكلور، وعن كل ما أبدعته الأجيال السابقة عبر آلاف السنين ، من موسيقا وأغانى الحب ومواويل الأفراح والأحزان والحِكم والأمثال الشعبية، ومجمل أنساق القيم التى تشمل النظرة للكون وللحياة وللموت وللمرأة وتعميد الطفل والاحتفال بالأسبوع الأول لمولده وطقوس الوفاة إلخ. أى النظرة التى تشمل فلسفة الإنسان فى بيئة مُعينة وزمن مُحدد وابن تراث قومى أبدعه جدوده . نظرة فلسفية تضم أكبر القضايا مثل أصل الوجود إلى أصغر نسق قيمى مثل طقوس استقبال الضيف .
الدفاع عن الخصوصية الثقافية هو الرافعة التى تحمى التواصل الحضارى لأى شعب. وهو جهاز المناعة الذى يصد جرثومة الانقطاع . ولعلّ نظرة مُتأنية على التركيبة السكانية للمجتمع الأمريكى تؤكد ما أذهب إليه. فهو مجتمع مُكوّن من شعوب مختلفة نزحتْ من بلادها الأصلية ، وهاجرتْ وعاشتْ فيما يُعرف باسم (الولايات المتحدة الأمريكية) شعوب من أوروبا وأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ، أى من معظم قارات العالم . إذن نحن إزاء ثقافات قومية مُتعدّدة ، ومع ذلك عاشوا وانصهروا داخل كيان اجتماعى وسياسى واحد ، أى أنهم حققوا (التنوع الثقافى فى إطار الوطن الأم) أو(التعدد الثقافى فى إطار منظومة اجتماعية وسياسية لآليات الحكم)
وإذا كان هذا الواقع الأمريكى من البديهيات ، فإنّ المسكوت عنه فى الثقافة المصرية السائدة البائسة، أنّ هذا التنوع الثقافى فى إطار الوطن الأم لم يتحقق إلاّ من خلال الدفاع عن الخصوصية الثقافية ، فنجد أنّ كل (أقلية) عرقية داخل المجتمع الأمريكى ، تحرص على أنْ يتعلم أولادها فى المدارس بلغتهم الأم ، أى أنّ المنظومة الاجتماعية والسياسية سمحتْ بوجود مدارس يتعلم فيها أبناء المواطن الأمريكى من أصل ألمانى باللغة الألمانية. وأنْ يتعلم أبناء المواطن الأمريكى من أصل إسبانى باللغة الإسبانية إلخ. هذه المنظومة الاجتماعية السياسية هى التى حققتْ انتشار الفن الإسبانى واللاتينى والأفريقى إلخ من موسيقا وغناء وفن تشكيلى . وأدب أفريقى كتبه أمريكيون يُدافعون عن التراث الثقافى الأفريقى. هذا التنوع هوالذى حقق الثراء الثقافى من خلال منظومة اجتماعية وسياسية لا تعرف (ولا تعترف) بالتفرقة بين أبناء الوطن الواحد ، ليس بغض النظرعن الدين أو اللون فقط ، وإنما بغض النظر عن الخصوصية الثقافية. ولم يقل أحد أنّ هذا التنوع الثقافى يعنى (الانفصال) عن الوطن الأم ، أو يلغى حقوق المواطنة عن (كل) أبناء الشعب الأمريكى بغض النظر عن أصولهم العرقية.
وما يُدافع عنه المثقفون أبناء النوبة هو دفاع عن الخصوصية ، التى لا تعنى الانفصال عن الوطن الأم (مصر) وهو دفاع ينطبق على المصريين أبناء سيوه وأبناء سيناء إلخ. هذا الدفاع عن الخصوصية الثقافية يُحقق عدم الاندثار الثقافى ، ولكنه لا يعنى انفصال سيوه أو سيناء عن مصر.
ولعلّ إصرار الأمازيج فى الجزائر على الدفاع عن خصوصيتهم الثقافية ، أنْ يكون مثالا ثانيًا ، حيث أنّ هذا الإصرار تكلل بالنجاح عندما وافقتْ السلطات الجزائرية على أنْ يكون للأمازيج إذاعة خاصة بهم تتكلم باللغة الأمازيجية. وأنْ يتعلم الأبناء فى المدارس بتلك اللغة ، لغة الجدود . ولعلّ دفاع الشعب الكردى عن خصوصيته الثقافية أنْ يكون مثالا ثالثـًا ، إذْ لولا هذا الدفاع لما سمعنا عن الأدب الكردى رفيع المستوى .
000
ذكرنى الهجوم على الأديب حجاج أدول ، الذى وصل لدرجة أنْ يكتب أحد العروبيين مقالا بعنوان (تخاريف حجاج أدول : أيها الكاتب العنصرى لا تتحدث باسم النوبة- جريدة العربى الناصرية 29/1/2006- نموذجًا) ذكرنى هذا الهجوم بواقعة حدثتْ معى . إذْ بعد صدور كتابى (أبعاد الشخصية المصرية بين الماضى والحاضر) كتب مُحرر صفحة (دنيا الكتب) فى صحيفة العربى الناصرية أننى أنعى فى مقدمة كتابى (ما طرأ على الشخصية المصرية من انحدار رهيب فى سماتها مثل قيام الغزاة باستبدال التقويم القمرى بالتقويم الشمسى)) (رغم عروبته استخدم الشائع فى كتابة المصريين أى رفض قاعدة إلحاق حرب الباء بالمتروك) وأضاف ((والغزاة المقصودون هم العرب بالطبع . وليس ذلك بعجيب على رضوان إذْ أنه معروف بدفاعه الصلد عن الوطنيين النوبيين وحقهم فى إنشاء دولتهم المُستقلة)) ثم اختتم كلمته بجملة من قاموس المشايخ حيث قال ((ولله الأمر من قبل ومن بعد)) (26/9/99) ويبدو أنّ هناك علاقة أصيلة بين الخطاب الدينى/ العروبى وبين غياب لغة العلم ، لأنّ الكاتب لم يحترم عقل القارىء وحقه فى إثبات المصدر الذى نقل عنه كلامى . وهذا الكاتب العروبى/ الناصرى جزء من الثقافة السائدة البائسة التى تلجأ إلى تشويه كل من يُدافع عن الخصوصية الثقافية لشعبنا . وبدأ تشويهه لشخصى عندما عرض كتابى المذكور تحت عنوان (أوجاع طلعت رضوان) فكتبتُ فى ردى عليه ((مع أنّ عنوان سيادته يبتعد عن لغة العلم فإننى أشكره ، لأننى أتمنى أنْ يكون الدفاع عن هويتنا المصرية محل إهتمام كل المصريين أو مصدرًا ل (أوجاعهم) وفق صياغة سيادته. أما دفاعى عن التقويم الشمسى الذى أغضب سيادته وأبعده عن لغة العلم ، فهو يتأسّس على أنه أحد الاكتشافات المهمة التى أبدعها جدودنا فى مجال علم الفلك . وجاء فى مُعجم الحضارة المصرية نقلا عن خبراء التقويم ، أنّ التقويم المصرى ((هو التقويم الوحيد الذى عمل بذكاء فى التاريخ البشرى كله)) وكان المصريون فى البداية يعتمدون التقويم القمرى ، وبعد اكتشافهم للزراعة ، لاحظوا أنّ التقويم القمرى لا يصلح لمواعيد الزراعة. وإذا كان التقويم الشمسى محل استهجان الكاتب العروبى ، فهل يمكن لأى فلاح مصرى أنْ يزرع ويحصد وفق التقويم القمرى؟ وبقفزة هائلة انتقل الكاتب من استهجان الدفاع عن تقويمنا الشمسى إلى أنْ نسبَ إلىّ دفاعى عن إنشاء دولة مستقلة للنوبيين. وإننى إذْ أعتقد بحق النوبيين فى التمسك بلغتهم وخصائصهم الثقافية ، فى إطار القومية المصرية والوطن المصرى ، فإننى لم أكتب حرفــًا واحدًا عن حق النوبيين فى إنشاء دولة مستقلة، لا فى كتابى المذكور، ولا في أية دراسة أخرى . ولذلك فإننى أطالب سيادته بذكر مصدر عبارته)) (صحيفة العربى الناصرية 3/10/99ص12) وطبعًا سيادته لم يفعل ، منذ عام 99 وحتى الآن ونحن فى عام 2014 لأنه لا يملك أى دليل على صدق كلامه ، وإنْ كان يملك موهبة التشويه والتشهير.
وإلى من لا يعرف ولديه الاستعداد لأنْ يعرف ، أنقل إليه النحت الجميل الذى أبدعه أحد الآباء الروحيين للشعب الهندى (المهاتما غاندى) الذى لخـّص فيه معنى الخصوصية الثقافية إذْ قال ((إننى أرغب فى أنْ تهب على بيتى جميع ثقافات العالم من غير قيود . ولكننى أرفض أنْ تقتلعنى من جذورى إحدى هذه الثقافات)) ولأنّ غاندى لم يكن أحادى الفكر، وإنما كان يمتلك حسًا إنسانيًا ووجدانـًا مُتعددًا أضاف ((ليس فى إمكان أية ثقافة أنْ تعيش إذا حاولتْ حذف الثقافات الأخرى))
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديانة العبرية وأساطير الشعوب القديمة (1)
- معوقات الحداثة المصرية
- صناعة النجوم فى الميديا المصرية (5)
- صناعة النجوم والميديا المصرية (4)
- صناعة النجوم والميديا المصرية (3)
- صناعة النجوم والميديا المصرية (2)
- صناعة النجوم فى الميديا المصرية
- المتعلمون المصريون و(الورم) العروبى
- الزواج الثانى للمسيحيين المصريين
- الُمُتنبى بين الشعر والنفاق
- رد على الأستاذ يحيى توتى
- تحرير فلسطين وتحرير إسبانيا
- الصحابة الأثرياء : المال والسلطة
- ماذا فعل الصحابة ببعضهم البعض ؟ (3)
- ماذا فعل الصحابة ببعضهم البعض ؟ (2)
- ماذا فعل صحابة محمد ببعضهم البعض ؟
- مجابهة الأصولية الإسلامية (2)
- مجابهة الأصولية الإسلامية (1)
- شجاعة الشيخ على عبد الرازق وتناقضاته
- العداء الإسلامى/ العروبى للقومية المصرية


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - حق الأقليات الثقافية فى الدفاع عن خصوصياتها