أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الزواج الثانى للمسيحيين المصريين















المزيد.....

الزواج الثانى للمسيحيين المصريين


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4460 - 2014 / 5 / 22 - 01:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الزواج الثانى للمسيحيين المصريين
طلعت رضوان
فى عام 2010 أصدرتْ المحكمة الإدارية العليا حكمًا بإلزام الكنيسة المصرية السماح بالزواج الثانى . اتصلتْ بى صديقة مصرية (مسيحية) وطلبتْ منى أنْ أكتب مقالا عن هذا الموضوع ، وهذه الصديقة (بحكم معرفتى بها لعدة سنوات) تتمسك بالكنيسة المصرية ، ولكنها فى نفس الوقت ، ترفض تزمتها وغير مقتنعة بمُبرّراتها فى عدم الزواج الثانى وعدم الطلاق إلاّ لعلة الزنا. ولكنها (أى الصديقة) لا تجرؤ على الكتابة فى هذا الموضوع نظرًا لحساسيته ولخشيتها من الكنيسة ومن الأصوليين المسيحيين . اقتنعتُ بوجهة نظرها واحترمتُ رغبتها فى أنْ أكتب عما يجيش به صدرها وما يقتنع به عقلها ، خاصة وأنها شديدة الإيمان بالدين المسيحى ، لكل ذلك كتبتُ مقالا عن هذا الموضوع ، ونشرته فى صحيفة القاهرة (15يونيو 2010) تحت اسم مستعار (إيزيس محب الأسيوطى) ثم تجدّد هذا الموضوع فى شهر مايو 2014.
000
أثار حكم الإدارية العليا بإلزام الكنيسة المصرية بالسماح بالزواج الثانى لمن صدر لصالحهم حكم بالتطليق ، ردود أفعال متباينة بين المسيحيين المصريين ، بعد إصرار قداسة البابا على رفض إعطاء التصريح بالزواج ، وقال من يريد أنْ يتزوّج فليتزوج بعيدًا عن الكنيسة الأرثوذكسية. ورغم أننى مسيحية مؤمنة بالكنيسة المصرية ، فإنّ ما أعلنه قداسة البابا وردّده وراءه كثيرون ، يثير الأسئلة التالية : ألا يعنى رفض الزواج الثانى هو طرد الآلاف (حوالى 150 ألفـًا) من الكنيسة الأم ؟ وأين يذهب هؤلاء ؟ إما تغيير الملة أو تغيير الدين أو الزواج المدنى . أى أنّ الكنيسة المصرية لا تحرص على بقاء المؤمنين بها ، بل تـُشجعهم على الهروب منها. أما الخائفون من غضب الكنيسة التى ستحرمهم من التناول ومن رعايتها ، والخوف من عدم دخول الجنة إلخ ، فإنهم يستسلمون للإحباط المؤدى لمزيد من الإحساس بالقهر الذى يدفع إلى الجنون.
ورغم أننى مع الزواج الكنسى ، فقد آلمنى أنْ يُردد بعض نشطاء حقوق الإنسان أنّ الزواج المدنى زنا (الأستاذ ن. ج فى برنامج الساعة العاشرة يوم الأحد 30/5/2010 نموذجًا) فكيف لناشط فى حقوق الإنسان يكون ضد الإنسان ؟ هل هؤلاء النشطاء الذين يحصلون على دعم مادى من بعض المنظمات العالمية يعملون لسعادة الإنسان المصرى أم لشقائه ؟ أفهم أنْ يُردد هذا الكلام (الزواج المدنى زنا) رجال الكهنوت ، ولكن أنْ يُردده ناشط حقوقى يسترعى التوقف أمامه. وبالتالى أرى أنّ هؤلاء الناشطين الحقوقيين عليهم إما الالتزام بمبادى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ، أو ترك هذا المجال والانضمام لإحدى المؤسسات الدينية ، حتى لا يحدث خلط بين النصوص الدينية ومواثيق حقوق الإنسان العالمية. وأرى أنّ هذا الاختيار سيترتب عليه وأد تدمير العقل المصرى ، بمراعاة أنّ المواطن المؤمن بدور المنظمات الحقوقية يتأثر بكلام هذا الناشط الحقوقى أو ذاك ، أما لو صدر الكلام عن أى رجل دين فهذا أمره مفهوم ، لأنّ الأخير لا يملك إلاّ أنْ يُردّد النصوص الدينية التى يعتقد بصوابها المطلق ، وبالتالى فإنّ مداركه محدودة ، لأنّ المطلق ضد النسبى الذى هو جوهر التقدم الإنسانى . أما المؤمن بحقوق الإنسان فهو يرى (وهذا هو المفترض فيه) أنّ الزواج المدنى ، زواجٌ صحيح ، لأنه تم بمعرفة موثق عقود الزواج ، وينطبق عليه شرط العرض والقبول وبحضور شهود إلخ ، فأين الزنا إذن ؟ ولماذا لم يُفكر أصحاب المرجعية الدينية فى ردود الفعل عند الأحرار، وأنّ تشبيه الزواج المدنى بالزنا عودة إلى عصور الظلم والظلمات؟ وإجبار عقارب الزمن للعودة إلى الوراء بدلا من التقدم إلى الأمام ؟ ولماذا لم يُفكروا بروح إنسانية فى مصير آلاف التعساء الذين أجبرتهم الظروف إلى الطلاق وحاجتهم الإنسانية إلى بناء أسرة جديدة ؟ ولماذا لم يُفكروا فى أنّ منع الزواج الثانى قد يدفع البعض إلى إشباع رغباته العاطفية والغريزية بطريقة تراها الكنيسة غير مشروعة ؟ فإذا كانت غير مشروعة فإنّ الكنيسة هى التى دفعتهم إلى هذا الطريق . وإذا كان الزواج الثانى يتعارض مع الأناجيل المباركة ، فإنّ هذه الأناجيل بها آيات تـُحبّـذ الزواج وآيات أخرى ترى العكس . بل إنّ من يتزوج مطلقة (رغم أنه زواج أول) فإنه يزنى (متى 5 : 27- 32) وفى العهد القديم نص صريح بشأن المرأة ((بالوجع تلدين أولادًا)) (تكوين 3/17) فهل يستطيع أى حاخام أو أى كاهن أو أى قسيس أنْ يمنع ابنته أو زوجته من استخدام المخدر(= البنج) إذا تعرضتْ لإجراء عملية ولادة قيصرية ، مثلما حدث عام 1847عندما اعترض الكهنوت الدينى فى أوروبا على استخدام البنج الذى كان حديث الاكتشاف ؟
موضوع اكتشاف ( البنج) ومعارضة الكنائس لاستخدامه ، كتب عنه الفيلسوف البريطانى برتراند رسل فقال (( وكان اكتشاف التخدير مناسبة تدّخل فيها اللاهوتيون للحيلولة دون التخفيف من المعاناة الإنسانية. ففى عام 1847 اقترح سيمسون استخدام التخدير فى حالات الولادة . ولكن رجال الدين اعترضوا على ذلك وذكروه على الفور بأنّ الله قال لحواء فى الاصحاح الثالث من سفر التكوين ((بالوجع تلدين أولادك)) فكيف إذن يتحقق ذلك إذا كانت المرأة تحت تأثير مخدر الكلورفورم ؟ غير أنّ سيمسون نجح فى إثبات أنه ليس هناك ضرر فى تخدير الرجال ، نظرًا لأنّ الله وضع آدم فى نوم عميق عندما نزع ضلعه. ولكن رجال الاكليروس – وهم ذكور- رفضوا الاقتناع بتخفيف آلام المرأة وهى فى حالة الولادة)) (برتراند رسل – الدين والعلم – ترجمة رمسيس عوض – كتاب الهلال – العدد554 فبراير1997- ص 102)
إننى أعرف أنّ كل قريباتى وصديقاتى المسيحيات يلدن (قيصريًا) ويأخذن حقنة البنج ، ولم يفكر أحد (لا من السيدات ولا من الرجال وبعضهم من رجال الكهنوت) فى أنّ استخدام البنج ضد النص التوراتى المقدس ، لسبب بسيط هو أنّ تجربة تقدم البشرية (عبر آلاف السنين) نحّتْ الكثير من النصوص الدينية ، وكان الهدف سعادة البشر، لا تعاستهم ، وهو هدف من المفترض أنْ تحرص عليه كل الأديان ، ولذلك كتب برتراند رسل ((لقد أضعف العلم من قبضة الكنيسة على عقول الناس الأمر الذى أدى فى النهاية إلى مصادرة كثير من أملاك الاكليروس فى بلاد كثيرة)) (المصدر السابق – ص 250)
أعتقد أنّ التمسك بالنصوص يضع أى مؤسسة دينية فى حرج شديد بعد ثورة العلم ، فمثلا تذهب بعض الآراء المسيحية إلى أنّ خلق العالم حدث عام 4004ق.م والبعض ذهب إلى أنّ خلق الإنسان حدث فى تمام الساعة التاسعة صباحًا يوم 23أكتوبر من العام المشار إليه وذلك وفق تفسير بعض آيات سفر التكوين (برتراند رسل – المصدر السابق – ص 45) فى حين أنّ علماء الآثار وجدوا حفريات لعظام الإنسان عمرها 600 ألف سنة. ألا يُعطينا هذا المثال درسًا فى ضرورة التحفظ والحذر من استخدام النصوص الدينية ، خاصة وأنّ سفر التكوين به روايتيْن متعارضتيْن وغير متسقتيْن عن بدء الخليقة ، مما يدل على أنهما لمؤلفيْن مختلفيْن . ولعلّ هذا ما يأخذنى لدلالة أسماء الأناجيل المباركة : لماذا وُضع على كل إنجيل اسم شخص إنسانى ؟ فنجد الأسماء التالية : إنجيل متى وإنجيل مرقص وإنجيل لوقا وإنجيل يوحنا هذا غير أعمال الرسل. أليست هذه الأسماء دليل على أنّ الأناجيل المباركة كتبها بشر حتى ولو كانت منزلة من السماء ؟ ثم أين إنجيل المصريين الممنوع تداوله منذ نشر الديانة المسيحية فى مصر وحتى وقتنا الحاضر؟ ولماذا هو ممنوع ؟
هذه بعض الأسئلة التى أنتجها رفض الكنيسة لحكم الإدارية العليا بالسماح بالزواج الثانى . وهو الرفض الذى يقف ضد سعادة الإنسان ، وضد السماح بإقامة حياة طبيعية ، وضد نظام الأسرة المستقرة ، وبالتالى هو موقف يُكرّس لشقاء الإنسان وتعميق بؤسه وتعاسته ، وهو موقف – فيما أعتقد – ضد المفهوم الصحيح للأديان ، إلاّ إذا كان المسئولون عن المؤسسات الدينية لهم رأى آخر. أما إذا اتفقتْ المؤسسة الكنسية معى فى أنّ هدف الأديان هو سعادة البشر، ففى هذه الحالة أرجو من قداسة البابا ومن كل أصحاب المرجعية الدينية ، إعادة النظر فى موقفهم بالعودة إلى لائحة عام 1938 والسماح بالزواج الثانى رحمة بآلاف التعساء . كما أرجو من المجتمع المدنى الضغط على الحكومة من أجل صدور قانون الأحوال الشخصية المدنى الذى لا يُفرّق بين المسلم والمسيحى . وهذا هو الخلاص الوحيد للخروج من النفق المظلم ، وبمراعاة أننا مصريون قبل الأديان وبعد الأديان كما قالت د. نعمات أحمد فؤاد . كما أنه الدليل القاطع على أننا نسير مع الدول المتحضرة لتكريس دولة العقل وسيادة القانون واحترام مواثيق حقوق الإنسان وليس العمل بعكسها ، كما يفعل بعض نشطاء حقوق الإنسان.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الُمُتنبى بين الشعر والنفاق
- رد على الأستاذ يحيى توتى
- تحرير فلسطين وتحرير إسبانيا
- الصحابة الأثرياء : المال والسلطة
- ماذا فعل الصحابة ببعضهم البعض ؟ (3)
- ماذا فعل الصحابة ببعضهم البعض ؟ (2)
- ماذا فعل صحابة محمد ببعضهم البعض ؟
- مجابهة الأصولية الإسلامية (2)
- مجابهة الأصولية الإسلامية (1)
- شجاعة الشيخ على عبد الرازق وتناقضاته
- العداء الإسلامى/ العروبى للقومية المصرية
- الفرق بين (الجهل) و(الأمية)
- المؤمن القوى خير من المؤمن الضعيف
- قتل الفلاسفة بين المُحرّض والمُُنفذ
- مصر وكيف كانت البداية
- تيارالقومية المصرية قبل يوليو1952 (4)
- تيار القومية المصرية قبل يوليو1952(3)
- تيار القومية المصرية قبل يوليو1952 (2)
- تيار القومية المصرية قبل يوليو1952 (1)
- الفن التشكيلى قبل يوليو1952 (2)


المزيد.....




- بالفيديو.. فيضانات تغمر كنيسة الروح القدس في كورغان الروسية ...
- السيد الحوثي: عداء اليهود الشديد للمسلمين يأتي للسيطرة على ا ...
- فرنسا: ترحيل إمام جزائري مدان قضائيا بـ-التحريض على الكراهية ...
- الحكومة المصرية تصدر قرارا يتعلق بالكنائس
- فرنسا ترحل إماما جزائريا بحجة -التحريض على كراهية اليهود-
- أحباب الله.. نزل تردد قنةا طيور الجنة الجديد 2024 وفرحي أولا ...
- حدث أقوى أشارة لتردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات وعر ...
- هذا ما ينتظر المسجد الأقصى خلال عيد الفصح اليهودي الوشيك
- حامل ومعها 3 أطفال.. انقاذ تلميذة اختطفتها جماعة بوكو حرام ق ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الزواج الثانى للمسيحيين المصريين