أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - تيار القومية المصرية قبل يوليو1952 (2)















المزيد.....

تيار القومية المصرية قبل يوليو1952 (2)


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4430 - 2014 / 4 / 21 - 21:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تيارالقومية المصرية قبل يوليو1952(2)
طلعت رضوان
بعد ثورة شعبنا فى شهر برمهات/ مارس1919وصل الحس القومى بالمصرية إلى الذروة، خاصة وقد جمع ذاك الحس بين الاعتزاز بالوطن وبين خطورة توظيف الدين فى المسألة الوطنية ، وهو ما عبّر عنه سيد درويش الذى غنى والشعب يُردّد وراءه ((اللى تجمّهم أوطانهم عمر الأديان ما تفرقهم)) لذلك لم تكن مصادفة أنْ يظهر- فى تلك الفترة- الفنان العظيم محمود مختار الذى سيظل اسمه خالدًا فى تاريخ الفن المصرى الحديث ، ظهر ليؤكد أنّ (شخصية مصر) لم تمتْ ، وليُثبتْ أنّ (الثقافة القومية المصرية) ثقافة اتصال لا انقطاع . ظهر كأنما فنان مصرى قديم من عصور الحضارة المصرية ، نفض غبار الزمن وقام من مرقده ليؤكد أنه حفيد أصيل للجدود العظام الذين شيّدوا المعابد والأهرام ورفعوا المسلات وأبدعوا التماثيل . وتكمن عبقرية مختار فى أنه استوعب سمات الفن المصرى القديم برؤية عصرية مُـشبعة بالروح القومية . ولأنّ ثورة برمهات/ مارس19هزّتْ الوجدان المصرى ، لذلك لم تكن مصادفة كما ذكر الفنان والناقد عز الدين نجيب ((هذا التشابه فى الاسم والموضوع بين لوحة (النهضة المصرية) للفنان محمد ناجى وتمثال (نهضة مصر) لمحمود مختار الذى كان يعيش قريبًا منه فى فرنسا. ولا نستطيع الجزم أيهما أنجز عمله قبل الآخر. لكن المؤكد أنّ الدافع لكليهما كان واحدًا : هو خدمة القضية الوطنية والمشاركة فى ثورة19والرغبة فى الالتحام بالشعب . وإثبات فكرة النهضة والخلود ، تعبيرًا عن بعث أمة طال رقادها . ولم يكن مصادفة كذلك استخدام كلا الفنانيْن رموزًا من التراث الفرعونى (إيزيس وأبو الهول) وأسلوبًا مستوحى من الفن الفرعونى أيضًا. إنّ مختار الذى كان أول نحـّات يعرض إنتاجه أمام الحـُكام عند تخرجه عام 1911كان خليقــًا به أنْ يكون فنانــًا يُمجد الحـُكام والإقطاعيين فى بورتريهات تناظر أسلوب الفنانين الأجانب ، بما حظى به من إقبال الطبقة الراقية على أعماله. لكنه- بدلا من ذلك – يستغرق فى تمجيد الفلاحة المصرية وفى نحت تماثيل تنم عن موقف اجتماعى منحاز للأغلبية الكادحة التى تعطى الخير وتحرس البلاد ، معبرًا عن نضالها وأحزانها ومقاومتها وصمودها وعمق أسرارها (حاملات الجرار، الحقول ، رياح الخماسين ، كاتمة الأسرار.. إلخ)) كما نقل عن الفنان محمد ناجى قوله ((نحن فى حاجة إلى فن جماعى يهتم فى المقام الأول بتقاليدنا التاريخية ، وبالحياة الاجتماعية المصرية. فالخطر كل الخطر يكمن فى أنْ تبلغ مصر قبل الأوان مرحلة الفن التأملى أو الفن للفن) وكتب ناجى فى خطاب إلى أخته عام 1911((واجبى أنْ أصبح الرسام القومى ، رسام الملحمات القومية ، إننا لا ينقصنا الأبطال الذين ظلوا حبيسى الظلام لعدم وجود من يتغنى بمجدهم . ورغبتى هى إثارة حب هذا الشعب الطيب للفن الذى يُعيد الحياة فى عروق العبقرية)) (عز الدين نجيب - التوجه الاجتماعى للفنان المصرى المعاصر- المجلس الأعلى للثقافة - عام 97- من ص 12- 14)
وبتاريخ 7 أغسطس 1927ينتهى الشاعر أحمد زكى أبو شادى من كتابة (التصدير) الذى يستهل به مسرحيته (الآلهة) فكتب أنّ مصر ((مملكة إفريقية)) ومعنى أنْ يكتب أبو شادى (وهو أحد المثقفين الليبراليين قبل يوليو52) أنّ مصر مملكة إفريقية فيه تأكيد على أنّ المثقفين المصريين فى تلك المرحلة ، لم يكن يخطر على ذهنهم القول أنّ (مصر عربية) كما زعم الناصريون ومعظم الماركسيين (المصريين) بالاسم والعروبيين بالهوى.
فى ظل وظلال ذاك المناخ كتب توفيق الحكيم فى رسالة إلى طه حسين (مايو1933) قال فيها ((لابد لنا أنْ نعرف من المصرى ومن العربى؟ العرب أمة نشأتْ فى فقر لم تعرفه أمة غيرها . صحراء قفراء . قليل من الماء يثير الحرب والدماء . أمة لاقتْ الحرمان وجهًا لوجه. وما عرفتْ طيب الثمار وجرى الأنهار ورغد العيش إلاّ فى السِير والأخبار. كل تفكير العرب وكل فن العرب فى لذة الحس والمادة . لذة سريعة منهومة مختطفة اختطافـًا. لأنّ كل شىء عند العرب سرعة ونهب واختطاف . لم تفتح أمة فى العالم بأسرع مما فعلتْ العرب . ومرّ العرب بحضارات مختلفة ، فاختطفوا من أطايبها اختطافـًا ركضًا على ظهور الجياد . كل شىء قد يحسّونه إلاّ عاطفة الاستقرار. وكيف يعرفون الاستقرار وليس لهم عمران ، وحيث لا استقرار فلا تأمل ، وحيث لا تأمل فلا ميثولوجيا ولا خيال واسع ولا تفكير عميق ولا إحساس بالبناء ، لهذا السبب لم تعرف العرب البناء ، سواء فى العمارة أو فى الأدب أو فى النقد . كل شىء عند العرف زخرف . الأدب (نثر وشعر) لا يقوم عند العرب على البناء ، فلا ملاحم ولا قصص ولا تماثيل . أما النحت والتصوير فليس فى طبيعتهم ، لأنّ الفنون تتطلب فيمن يزاولها إحساسًا عميقــًا بالتناسق العام ، مبناه التأمل الطويل والوعى الداخلى للكل فى الجزء ، وللجزء فى الكل ، وليس هذا عند العرب ، فهم لا يرون إلاّ الجزء المُـنفصل ، لأنهم لا يحتاجون إلاّ للذة الجزء واللحظة. وحتى إذْ يُـترجمون عن غيرهم يُسقطون كل أدب قائم على البناء ، فلم ينقلوا ملحمة واحدة ولا تراجيديا واحدة ولا قصة واحدة . العقلية العربية لا تشعر بالوحدة الفنية فى العمل الفنى ، لأنها تتعجل اللذة . لهذا كله قصر العرب وظيفة الفن على ما ترى من الترف الدنيوى وإشباع للذات الحس . من المستحيل أنْ ترى فى (الحضارة) العربية كلها أى ميل لشئون الروح والفكر بالمعنى الذى تفهمه مصر والهند من كلمتىْ الروح والفكر. إنّ العرب أمة عجيبة. تـَحقق حلمها فى هذه الحياة ، فتشبثتْ به تشبث المحروم . وأبتْ إلاّ أنْ تروى ظمأها من الحياة . وأنْ تعب من لذاتها عبًا قبل أنْ يزول الحلم وتعود إلى شقاء الصحراء)) (توفيق الحكيم- تحت شمس الفكر- الطبعة الثالثة- عام 1945- الناشر دار سعد للطباعة والنشر- من ص41- 79)
أعترف أنّ كلمات توفيق الحكيم قد تكون صدمة للبعض ، وقد يختلف كثيرون معه ، خاصة من آمنوا بالعروبة وصلوا خلف نبيها (عبد الناصر) ثم خلف الصحابى الأول (محمد حسنين هيكل) إنما هدفى من إثبات هذه الكلمات التى كتبها الحكيم عام 1933هو إحساسه العميق بمصريته. أى أنه كان يُدرك الفارق الحضارى والثقافى بين شعبنا المصرى (بتراثه وبمجمل ثقافته القومية) وبين العرب (بتراثهم وبمجمل ثقافتهم القومية) وأنّ التراثيْن والثقافيْن على طرفىْ النقيض . وهذا (النقيض) يؤكد الحقيقة التى أجمع عليها علماء الأنثروبولوجيا وهى أنّ الثقافة القومية التى أبدعها شعب من الشعوب عبْرَ تاريخه الممتد ، هى المحك والمعيار على اختلاف الشعوب فيما بينها وبالتالى تظل لكل شعب خصوصيته الثقافية المُـتمثلة فى مجموع أنساق قيمه (من عادات وأعراف ونظرته للفن وللمرأة وإبداعه الشعبى مجهول المؤلف إلخ) وكان وعى توفيق الحكيم بكل ذلك فيه التأكيد العلمى بأننا نحن المصريين لسنا عربًا ، وهى الحقيقة التى ذكرها أ. أحمد أمين الذى كتب ((العرب أزالوا استقلال فارس . وحكموا مصر والشام والمغرب وأهلها ليسوا عربًا)) (ضحى الإسلام- ج1- ص76)
ويؤكد ما أذهب إليه أنّ توفيق الحكيم فى رسالة ثانية منه إلى طه حسين كتب ((إنّ المنطق الذى شيّد الأهرام لهو صورة مُحكمة للمنطق الذى شيّد الكون . وأنّ القاعدة التى بُـنى عليها الوجود ، هى التى بُنيتْ عليها الأهرام ، هى قاعدة كل بناء : التماسك بين الأجزاء فى كل واحد متسق . أىُ جمال للأهرام غير ذلك التناسق الهندسى الخفى ؟ وتلك القوانين المُستترة التى قامتْ عليها تلك الكتلة من الأحجار: جمال عقلى داخلى . هذا الإدراك للجمال الخفى فطن إليه المصريون القدماء يوم شيّدوا الأهرام . أتستطيع أنْ تتخيّل العرب تبنى الأهرام ؟ أو تـُقدّر فيها جمالا ؟ لقد جاء العرب مصر وتحدثوا بجمال نيلها وأرضها وسمائها ، ولم يروا فى الأهرام إلا شيئــًا قد يحوى نقودًا مخبوءة ، أما بناؤه فشىء لا يُحسب (من وجهة نظرهم) فى الفن))
وعن تأثير الحضارة المصرية فى الفن الأوروبى كتب الحكيم ((الفن الحديث كله من تصوير ونحت وعمارة ، انطلق يبحث عن وسائل جديدة للتعبير، فوجدها فى مصر القديمة : وجد البساطة فى التخطيط ، وجد طريقة تركيب الأشكال المختلفة على قواعد هندسية (الكوبزم) وجد أساليب الحركة والإضاءة فى التماثيل والأعمدة مما لا نظير له فى قوة الأداء وبساطته. كل ذلك وجده الغرب (الأوروبى) وشيّد على أساسه فنـًا جديدًا)) (المصدر السابق)
وتوفيق الحكيم عندما انتهى من كتابة روايته (عودة الروح) عام 1927، فإنه صدّر الجزء الثانى بأبيات من كتاب (الخروج إلى النهار) الشهير فى ترجمته الخاطئة ب (كتاب الموتى) ولأنّ تلك الفترة التى أعقبت ثورة برمهات/ مارس19كانت فترة انبعاث قومى ، لذلك نجده يُخصص فصلا فى كتابه (تحت شمس الفكر) الذى نـُشرتْ طبعته الأولى سنة 38 بعنوان (البعث) ويبدأ هذا الفصل بنداء (حورس) إلى أبيه (أوزير) :
حورس : انهض .. انهض يا أوزير..
أنا ولدك حورس ..
جئتُ أعيد إليك الحياة ..
جئتُ أجمع عظامك ..
وأربط عضلاتك .. وأصل أعضاءك ..
أنا حورس الذى يُـكوّن أباه ..
حورس يعطيك عيونــًا لترى ..
وأذنــًا لتسمع .. وأقدامًا لتسير..
وسواعد لتعمل ..
ها هى ذى أعضاؤك صحيحة ..
وجسدك ينمو..
ودماؤك تدب فى عروقك ..
إنّ لك دائمًا قلبك الحقيقى ..
قلبك الماضى ..
الميت : إنى حى .. إنى حى
(من كتاب الخروج إلى النهار)
بعد هذا الاقتباس من الكتاب الذى تركه جدودنا المصريون القدماء ، فإنّ توفيق الحكيم كتب معلقــًا ((وحورس ليس إلاّ الشباب ، يُعيد الحياة إلى ماضيه الميت . نعم الشباب هو الذى يُـكوّن أباه .. الوطن))
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تيار القومية المصرية قبل يوليو1952 (1)
- الفن التشكيلى قبل يوليو1952 (2)
- الفن التشكيلى قبل يوليو1952 (1)
- نماذج من الكتب الصادرة قبل يوليو1952
- الصحافة المصرية قبل يوليو1952
- المجلات الثقافية قبل يوليو1952
- مصر فى عهد النهضة والمرأة : 4- روزاليوسف
- مصر فى عصر النهضة والمرأة : 3- نبوية موسى
- مصر فى عصرالنهضة والمرأة : 2- هدى شعراوى
- مصر فى عهد النهضة والمرأة
- شهادة ضباط عاشوا مذبحة يونيو67
- نظام يوليو1952 والعداء للديمقراطية
- التأريخ بين الموضوعية والعواطف الشخصية
- التنمية والقهر قبل وبعد يوليو1952
- ضباط يوليو 1952 والسفارة الأمريكية
- قراءة فى كتاب شامل أباظة (حلف الأفاعى)
- قراءة فى مذكرات إبراهيم طلعت
- الأزهر فى سباق الارتداد للخلف
- غياب الدولة المصرية عن تاريخها الحضارى
- الإعلام المصرى البائس والنخبة الأشد بؤسًا


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - تيار القومية المصرية قبل يوليو1952 (2)