أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - مهند البراك - هناك . . عند الحدود (8)















المزيد.....



هناك . . عند الحدود (8)


مهند البراك

الحوار المتمدن-العدد: 4451 - 2014 / 5 / 12 - 15:21
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


فيما توقع صاحب ان يكون سوق نوزنك اقّل نشاطاً في الشتاء عما هو في الصيف، الاّ ان نشاط السوق في اوقات الشتاء و الثلوج كان هو عينه لما في الصيف، بل و كان اكثر حيث يستفيد المهربون من الثلوج و وعورة الطرق و شدة الظلام في ليالي الشتاء الطويلة في زيادة اعمالهم، و تلعب الأمور تلك دوراً معاكساً في معسكر رجال السلطة، الذين ان تصدوّا للبيشمركة و للمهربين شتاءً، فإنهم يحتاجون الى اعداد و تجهيزات اكبر، في ظروف تقل فيها عادة امكانيات استخدام الآليات العسكرية بسبب الثلج .
الاّ ان تزايد عدد الماريّن في السوق و القادمين من العراق، واتّخاذه وتيرة اكبر واكثر تنوّعاً، كان يحمل اكثر من دلالة منها تزايد الهروب من العراق بسبب تزايد اعمال القمع، و بسبب تزايد خطط و تفنن الدكتاتورية بدفع مجاميع من البشر للهروب من العراق عبر تلك المناطق ليشكلوا خير غطاء لها لأرسال مخبرين سريين، جواسيس، افراد شبكات تخريبية، و هم لابسين ملابس مدنية، كردية، واحيانا عربية، نساء محجبات او بدون حجاب . . للقيام بمهمات كثيرة التنوع، كما نقلت مصادر موثوقة للبيشمركةالأنصار عن خطط السلطة حينها، و ما كُشف بعدئذ في جميع المنظمات.
و ضمّ ذلك العدد المتزايد من الماريّن القادمين من العراق عبر السوق نحو ايران، مهرّبين مع حيواناتهم المحمّلة بالبضائع، كروانجية ، سياسيين مطاردين من جحيم الدكتاتورية، ملتحقين جدد بالبيشمركة، هاربين بما غلى ثمنه،مجرمين ،عشّاق مطاردين من اهاليهم . . و كان المارّون يتحدثون لغات متنوعة : عربي، كوردي، فارسي، آرامي ـ كلداني، حيث يسمع المار هناك ان الكلام يجري بها بحرية، و بشكل طبيعي، و يفخر العاملون هناك ان كانوا يستطيعون الحديث بأكثر من لغة لأنجاح عمليات البيع و الشراء و لإجراء المعاملات التجارية بشكل افضل . .
و لاحظ صاحب تزايد انواع البضائع الموجودة في السوق و صارت تتضمّن . . ادوية مسكنة ومقويّات، صوبات حطب للمنازل الجبلية ، اضافة الى حاجات البيشمركه اليومية؛ معلبات ، احذية ، جواريب ، ملابس ، حبوب و بذور محمصة، شوكولاته ، انطقة و احزمة سلاح اضافة الى العتاد المنوّع والأسلحة والقنابل اليدوية ايضاً، اضافة الى مصلّحي اسلحة وبرّادين، ممن فتحوا دكاكين جديدة في السوق .
كانت روائح الكباب، اللحم و الدجاج المشويان على الفحم، و روائح الخبز الطازج، المخللات و الشاي طاغية في السوق . . اضافة الى روائح انواع التبوغ و التطاير المتواصل لدخان السيكاير، و روائح جلود و صوف و هي منشورة على سقف واسع . .
فيما استمرت اصوات الأغاني الكوردية و الفارسية و موسيقاها العذبة مجلجلة، تنبعث من اجهزة التسجيل ذات البطاريات التي كان العديد من الكروانجية يحملونها معهم، التي عادة ما كانت مفتوحة على اعلى طبقات اصواتها و هي تبثّ الأنغام العالية، بينما اصحابها راكبين على ظهور حيواناتهم، و كأنهم كانوا على وقعها يتحركون.

مع ازدياد حركة التهريب لعدم استقرار السوق الداخلي واضطراب الكثير من الأعمال التجارية بُعَيد الثورة الأيرانية ، ثم اثر بدء الصدام بين الحركة الكردية في ايران والثورة الجديدة بسبب المطالب القومية ، اضافة الى تزايد ظلم و عنف دكتاتورية صدام وزيادة الألتحاقات بالبيشمركه، احزابا و مجاميعاً و افراداً . . اصبح يُطلق على "خري نوزنك" تسمية "وادي الأحزاب" . .
و ادّى كل ذلك الى توسّع قرية نوزنك وسوقها "الفروشكاه"(1) الذي اصبحت فيه اربع مقاهي تقدّم الشاي مع"الدشلمه"(2) و تقدّم الطعام المكوّن في الغالب من ؛ اللبن ، "هيلكه به روون" (3) ثم انواع اللحم المشوي كما مرّ، وتطوّر الأمر ايضاً الى تقديمها "كباب طاوه" مقلي ودجاج مقلي،اضافة للخبز وبعدئذ الرز ، و"الماست ئاو"(4) . واصبحت احدى المقاهي، والتي كانت اكبر من الأخريات، مسافرخانة (5) تستطيع استيعاب منام عشرة اشخاص في وقت واحد، في الشتاء .
و صار السوق والمقاهي مركزاً مهماً لتداول اخبار المدن وتحرّك القطعات الصدّامية واقامة الربايا الجديدة والغاء ماكان قائماً، ومدى سلامة ممرات وطرق البيشمركة التي يستخدموها في حركتهم وتنقلّهم ، ومواقع الكمائن الجديدة التي كانت تتحرّك سراًّ وفق مقتضيات مواقع السلطة و امنها ، والتي كانت تُنزل بمفارز البيشمركه ومجاميع الكروانجية ضربات عنيفة .
اضافة الى نشر التعليمات الرسمية للسلطة التي كانت ترسلها عبر مختاري القرى ومُلاليها و تبادل أخبار الأوضاع الأمنية في الريف القريب للمدن، الريف الذي أخذ ينحسر تحت وطئة عمليات التهجير وحرق القرى، التي لم تنقطع يوماً بل ازدادت .
وكانت السلطة من ناحيتها تبثّ العديد من الأشاعات عبر وكلائها عن طول يدها وامكانية وصولها الى مفارز وقواعد البيشمركه وعن (صدرها الرحيم) لأستقبال النادمين والتائبين ! اضافة لأشاعة اخبار عن بشاعة انتقامها من عوائل البيشمركه، و تواصل محاولاتها لمعرفة حقيقة أسماء رجال البيشمركة لأنزال الضربات بهم و الإنتقام من عوائلهم .
استمر السوق في التوسع و صار يضمّ مصرّفين كانوا يصرّفون العملات الثلاث ؛ الدولار ، الدينار العراقي ، التومان الأيراني ، وفق سعر تصريف بورصة طهران، الذي كان يُعَيّن في ناوزنك وقت الضحى من كلّ يوم، بعد وصول المجموعة الأولى من الكروانجية القادمين من قرية "بيوران" في اطراف قضاء "سردشت" . . حيث كانت تُعرف اسعار بورصة "طهران" بواسطة التلفون الدولي المتوفر في سردشت .
و استمرت عمليات التهريب و توسّعت و تنوّعت في تلك الفترة، من تهريب قطعان الحيوانات و دفع ضريبة الكمرك للبيشمركة . . الى تهريب مسافرين، و تزايد تكوّن شبكات للتهريب بين دول المنطقة، و ادىّ الى تطور انواع المهربين والكروانجية الذين يوافقون و يجمعون ما بين التديّن والرزق والسياسة وترمومترها ، و اعتمد كبارهم على استعمال الحاسبات الالكترونية في العمل. و تكوّن خليط عجيب من مهربين يستخدمون الدواب للنقل و الحاسبات الألكترونية للحسابات، او مهربون اميّون و لكنهم خبيرون في استعمال و فحص سلامة اجهزة الكترونية بعينها، و يتفاهمون بلغات عالمية مدعومة باشارات اليدين و الوجه . .
و فيما اشتهر اقبال البيشمركةالأنصار و الكروانجية و المهربون على شراء فيتامين سي، اقراصاً عادية او فوّارة او برتقال طازج، وقاية من نزلات البرد و لإعتقادهم الراسخ بكونه يعطي للجسم طاقات قوية يحتاجها كل بيشمركة في حياته و كفاحه، فكانت تلك البضائع تنفذ بسرعة من السوق
حال توفرها .
امتلأ سوق نوزنك فجأة بكميات كبيرة من البرتقال الطازج الكبير الحجم الملئ بالعصير، الملصقة ماركته التجارية عليه بأسم " يافا " ، الذي كان يأتي من جهة العراق . . اقبل الجميع على الشراء منه لطعمه اللذيذ، عدا البيشمركةالأنصار الذين توصلوا الى ان ذلك البرتقال اسرائيلي من يافا، ولإبداء تضامنهم مع نضال الشعب الفلسطيني و منظماته الفدائية لم يشتروا منه حيث لم يتقبلوه لانفسياً و لا معنوياً، الاّ قلة منهم اشتروا منه و اكلوه في السوق .
و في الفترة تلك ظهرت علامات مرضية على كروانجية يعملون على طريق نوزنك، فسرت بكونها انفلونزا شديدة بسبب البرد، الاّ انها عصيت على العلاج رغم انواع الأدوية التي جُلبت من سردشت لمعالجتهم، و معالجة قسم منهم كمرضى راقدين في مستشفاها . . الى ان توفي عدد منهم و اخذت حالات الوفيات بين المرضى تتزايد . . حتى اكتشفت مستشفى سردشت و بعد تحاليل مختبرية و باثولوجية، انهم كانوا متسممين و انهم توفوا بسبب التسمم بالثاليوم العراقي . . الذي كان موجّها بدقة شيطانية لإيقاع اكبر الخسائر في صفوف البيشمركةالانصار . .
و بعد فترة توصلت مستشفيات العاصمة طهران ان الثاليوم آنف الذكر هو نفسه الذي تسبب بوفاة عدد كبير من الكورد الفيليين ممن اطلقت اجهزة الدكتاتورية سراحهم من سجونها و رمتهم على اراضي الحدود الإيرانية، و لجأوا الى ايران و توفي عدد كبير منهم جرّاء معاناتهم من حالات مرضية استحال علاجها . . و ان ذلك الثاليوم كان قد اعطي لهم مع عصير البرتقال او مع البرتقال الطازج بحقنه بابرة لزرق السم، على غرار ما حدث في نوزنك، الذي اعطى نفس الصورة المجهرية، بعد ارسال نماذجه الى مختبرات طهران .
بعد تلك الأخبار اخذ المهربون يتلفون البرتقال المتبقي في السوق، و منعوا تحميله الى المنطقة . . . و تأكد ذلك بعد التحقيقات التي تمّت من قبل منظمات البيشمركةالأنصار، التي سلّطت الضوء على وجود عمليات و شبكات تخريب اوسع في السوق و لها علاقات باشخاص من منظمات بيشمركة متعددة . . . شملت القيام باعمال اغتيالات و تسميم، و ان هناك محطة اتصال لعملاء، يتصلون بأجهزة اتصال موزعة بين قرويين . . (6)

احمد صاروخ

عُرف "أحمد صاروخ" في سوق نوزنك كواحد من رجال السوق البارزين ، وهو من أهالي قرية نوزنك المهجّرة . . و قيل انه كان عريفاً هارباً من الجيش العراقي، و انه قد هرب منه لكونه حكم بالإعدام، يوم كان الحكم بالإعدام يساق على اتفه الأمور .
كان في أواخر العقد الرابع من العمر، كردي القومية ويجيد العربية والفارسية و التركية. سكن في السوق مع زوجته واطفاله الثلاثة الذين لايتجاوز عمر اكبرهم الخمسة اعوام ، حيث بنى بيته في مدخل مغارة صخرية واطئة مكوّنة من صخور صلدة كبيرة كانت ملجأه الأساسي وعائلته وقت الغارات ، و قيل انه لم يترك القرية يوماً وكان علاّمها الثابت الذي لم يغادرها قط .
اشتغل احمد صاروخ كاروانجي في مطلع شبابه ، ولقوته وضخامة بدنه ولقراباته و علاقاته التي تغطيّ قرى تلك المنطقة ، ربح بسرعة واشتهر حتى اصبح لديه قطيعاً من بغال النقل الممتازة و صار يشتغل له عليها كروانجيه مقابل اجور يدفعها لهم . كان متديّنا يصليّ ويصوم بانتظام ككل رجال المنطقة ، الاّ ان ذلك لايمنعه من التهريب ونقل ايّ شيءٍ ان كان يحقق ربحاً له، فهي كلّها رزق من الله تبارك وتعالى ، كما كان يردد رجال السوق . كان طاقة كبيرة من النشاط لايستنكف من القيام بكلّ الأعمال التي يتطلّبها السوق رغم ماله الذي صار وفيراً.
تطوّر عمله وأخذ نشاط قوافله يمتد الى السوق التركي، وكان من اوائل من جلب أحذية "سمسون "التركية الرخيصة والقوية للأستخدام الجبلي في نوزنك، واخذ يناور بين الأسواق الثلاثة ؛ العراقي والأيراني والتركي ويجلب منها البضائع الجيدة المعروفة في السوق بأسعار أكثر رخصاً من اسعار الآخرين بشكل شبه دائم ، وازدادت قابليته التجارية اكثر بعد ان تعلّم القراءة والكتابة بشكل افضل ، على يد مساعد الطبابة "عولا" الذي كان يزوره خلسة لتعليمه مقابل اجور كان يدفعها له لتعليمه ايّاه . . الأمر الذي ساعده على قراءة الصحف واخبار السوق والبورصة، واقامة علاقات جديدة امّنت له الأستفسار عن البضائع والأسعار بواسطة الرسائل .
حتى صار "أحمد صاروخ" مستعداً لنقل البضائع بكميات كبيرة و وفق الطلب ، واصبح من الممكن طلب اية بضاعة منه مهما ندرت او صعب الحصول عليها حتى الأسلحة وقطع الغيار وابر المدفعية والنواظير الليلية ، الأدوية النادرة وخاصة مواد التخدير الضرورية لأجراء العمليات الجراحية ، الأمر الذي جعل عدداً من قادة البيشمركةالانصار يعقدون اتفاقات معه لجلب مواد ضرورية معيّنة، بل وصارت كفاءته جزءاً مهماً في تحديد التوجه اللاحق لحركة ومواقع مقراّت قيادات الأحزاب المستقرة في نوزنك .
و قد ضمّ السوق متخصصين بامور حيوانات النقل، ممن يبيعون حاجات الحيوانات من اربطة وكورتانات (7) ، ويعرفون معالجة جروحها والتهاباتها وتجبير كسورها ، وكانوا يطلبون بعض المراهم من طبابة الأنصار الواقعة بعيداً في منطقة المقرات، لذلك الغرض . . كان عولا يسرّبها لهم دون علم احد من الطبابة، بمقابل .
و بتسارع الأحداث اثر الثورة الإيرانية في ايران و العراق . . اخذت بضائع التهريب تشمل اضافة لما ذُكر ؛ اطارات السيارات والجرارات بما فيها الأطارات الخلفية الكبيرة للتراكتورات الزراعية والتي كان البغل يستطيع حمل واحد منها فقط لكل رحلة، اضافة الى انواع السيكاير والعرق والويسكي التي كانت تُنقل صناديق قنانيه بكميّات كبيرة ليلاً من العراق الى ايران بعد ان حُرّم هناك اثر الثورة الإسلامية، وكانت المشروبات تلك تُسرق او تُسَرّب و تباع الى القرى والى البيشمركه حيث كانت ممنوعة منعاً باتاً بين وحدات البيشمركه. . وهي في طريقها الى الحواضر الأيرانية .
و اخذ التهريب يشمل الحاسبات الكترونية و الساعات الحديثة الألكترونية والكامرات وافلامها التي تأتي رخيصة جداً من الجانب الأيراني و التركي ايضاً، اضافة الى برتقال يافا الشهير الذي قيل انه كان يُسرّب من وحدات الجيش العراقي . . كان كلّ شىء تقريباً يمكن ان يُنقل في تلك الممرات الجبلية و على ظهور الحيوانات، و خاصة ان كان عليه طلب ويدرّ ربحاً جيداً ، رغم عدم وجود ايّ طريق للسيارات او حتى للتراكتورات هناك، آنذاك .
مع تزايد حدة التوتر بين ايران و العراق ، ازدادت حركة التهريب الذي اخذ يشمل مواضيعاً جديدة ومتوسّعة بأستمرار، محققة ارباحاً تتضاعف بشكل هائل ، فاخذ التهريب يشمل ، تهريب الجواسيس وبناء شبكات المخابرات واعمال التخريب ، وخاصة من الجانب العراقي الذي كان ملاذ جنرالات الشاه المهزوم وكبار اخصائييهم المشهورين في اعمال المخابرات والتخريب . . و العكس بالعكس .

لكل تلك الأسباب كانت الطائرات الحربية تغير بين فترة واخرى قاصفة "نوزنك" مخلّفة اعداداً كبيرة من القتلى و الجرحى ، و متسببة بحرائق كانت تستمرّ ايّاماً في كلّ مرة . . و اثر ذلك كوّن رجال السوق موقعاً صيفياً مجاوراً لقرية "نوكان" الحصينة الواقعة في الجانب الأيراني و تبعد مسيرة نصف ساعة من "نوزنك" ، اضافة الى موقع شتوي كان يُبنى على مهل في وادي ضيّق في الجانب الأيراني يُدعى "قاسم ره ش" ، يبعد مسيرة أكثر من ساعة من نوزنك، الموقع الذي تحوّل اليه السوق بغالبيته فيما بعد اثر استمرار القصف وسقوط عديد من القتلى والجرحى من رجال السوق . . عدا "أحمد صاروخ" الذي بقي في نوزنك محتمياً بمغارته الصخرية.
كان القصف يتزامن مع أحداث معيّنة او يمهّد لها في العادة، حيث قصفت الطائرات قرية"نوزنك" و سوقها والمناطق المحيطة بها قصفاً مريعاً ملقية بقنابل 10 طن و15 طن اضافة الى النابالم الحارق ، حيث شمل القصف ، اضافة الى نوزنك ‘ قرى ؛ توزلة ، نوكان ، زلي ، دولي تو ، وقد دمّرت وقتلت وجرحت عدد من البيشمركه وابناء وعوائل القرى، واحالت المنطقة الى حرائق . كان ذلك في 2 أيار 1979 لقطع الطريق على خروج الحزب الشيوعي ـ حشع ـ من (الجبهة الوطنية الحكومية) و التحاقه بحركة البيشمركة آنذاك وتشكيله فصائل الأنصار.
ثم تواترت اخبار افادت ان الدكتاتورية عملت و انتظرت حصول اشتباكات بين قوى المعارضة اثر خروج حشع عن صف الحكومة . . و لمّا لم يحصل ذلك، باشر النظام بمحاولة ارعاب المنطقة كي ترفض التحاق حشع . . الذي يحمل التحاقه مدلولات و تأثيرات وطنية و دولية، تحرج النظام و هو يتهيأ لأعمال كبرى في المنطقة .
. . . .
. . . .
في ضحى ذات يوم، جاءت الى الطبابة زوجة عبد الله آغا و ابنته تبكيان و تنحبان نحيباً مراً، وسألت الزوجة بانكسار و توسل و هي خجلة من سلوك زوجها و تهديده للطبابة و مقاطعتهم ايّاها . . سألت ان كان بامكان الطبيب ان يذهب معهما لمعاينة و علاج الطفل الرضيع حفيد عبد الله آغا و كانتا تصرخان بألم :
ـ انه سيموت بالتأكيد !! سيموت كما مات اخواه قبله !!
و من هيئتيهما فهم صاحب ان هناك شيئاً غير طبيعياً ابداً، و بمناقشته ايّاهما توصّل الى انه الحفيد الثالث لعبدالله آغا، بعد ولدين توفي كل منهما بعمر ناهز عمر الحفيد الثالث آنئذ، اثر نوبة شديدة من الحمى ! فكّر صاحب بسرعة بحالة الرضيع، و بحال رفاقه الأنصار الذين صاروا يتألمون من مواقف عبد الله آغا المؤسفة الصبيانية بدعوى القومية، التي بدأ يعبّر بها عن حقد دفين ضد العرب، حتى و ان كانوا بيشمركةانصار، فقال صاحب للأم بحزم و أدب :
ـ اميّ العزيزة . . انا حاضر و لكن احملوه الى هنا . . لأن هنا الأدوية و المساعدين و كل شئ و لاتقلقوا من برودة الثلج عليه و انتم ادرى . .
تأثّرت زوجة عبد الله آغا بكلامه و صدقه و لكزت يد ابنتها و ذهبتا ليأتيا به الى الطبابة و هي تسحب ابنتها سحباً و تشير اليها بالسكوت و الذهاب معها، لأن الإبنة اعتقدت ان الطبيب لا يرغب بمعالجة رضيعها . . . و ان الرضيع سيموت لامحالة بسبب ذلك.
فحص صاحب الرضيع الذي كان و كأنه قطعة من نار، لأحساسه بمجرّد التقرب منه ثم بلمس ساعده الصغير، بمدى ارتفاع حرارته الهائل، التي صارت تتسبب له بتشنجات و انبساطات متتالية بعضلاته الصغيرة تشابه حالات الصرع ataxia (8) وسط صراخه العالي، و بعد قياس حرارته وجد انها كانت بحدود الـ 42 درجة و هي درجة حرارة خطيرة و ممكن ان تكون قاتلة !
و قرر فوراً تعليق مغذي للطفل زرق فيه نصف امبولة نوفالجين، و وضعه و هو عاري في اناء غسل اليدين المعدني و اخذ يدلّكه بالثلج الذي اتى به من خارج غرفة العلاج انصار الطبابة . . وسط تواصل صراخ الطفل و عويل الأم و بكائها و تهدئة امها لها، و تعاويذها و توسلاتها الى الله بان يحفظ حياة حفيدها . .
و استمر بتدليك الطفل بالثلج و قياس حرارته . . و بعد حوالي الساعة بدأت حرارته بالإنخفاض ، و بدأ صراخه بالخفوت . . فنشّفه بمنشفته و اعطاه لأمه كي تهدّئه و ترقده في فراش صغير اعد له في الطبابة، و هيأ نصف امبول ثان من النوفالجين لزرقه في المغذي ايضاً ان احتاج لذلك . و بعد ان افرغ غرفة الإنتظار لوالدته و جدته طالباً من الجدة ان تبقى لوحدها او تبقى الجدّة مع امه معه، الى صباح اليوم التالي. و فيما زرقه ابرة بنسلين بقي صاحب يقضاناً طوال الليل و يعاود الطفل لقياس حرارته كل ساعة . . بقيت جدته ساهرة قرب الطفل . . حتى الصباح .
في صباح اليوم التالي توضحت علامات تحسّن الطفل و ارسله مع جدته الى بيتهم على ان يأتوا به مساءً الى الطبابة لزرقة ابرة بنسلين ثانية . . وفي المساء جاء عبدالله آغا و زوجته، و هما يحملان الطفل الى صاحب . . و اعتذر عبدالله آغا من صاحب على كلماته الخشنة معه في السابق و وعده بأنه سيكون رهن طلبه في كل مايحتاج . . وفعلاً قام بذلك بعدئذ و خدم الطبابة و خاصة في تجهيزها بالحطب الضروري للصوبة . .

بعد ايام وصلت الى نوزنك مفرزة الوجه الأنصاري المعروف " ابو باز " قادمة من بهدنان، وكانت تتألف من سبعة بيشمركة يحملون قطعتي سلاح فقط بندقية برنو حملها نصير، و مسدس شخصي حمله ابو باز بسبب انعدام السلاح هناك . . و قد وصلوا بعد مسيرة ثلجية مغامرة من موقع اولي بناه اوائل البيشمركةالأنصار القادمون من الخارج . . في كلي كوماته، الواقع في منطقة بهدنان الشمالية و الشمالية الغربية من كوردستان العراق .
و رغم ذلك النقص في المفرزة، الاّ انها اثارت مشاعر الفرح و التفاؤل لدى انصار القوة، لشعورهم بأنهم ليسوا لوحدهم، بل هناك آخرون يكافحون مثلهم، و يعيشون حياة اقسى من حياتهم، و ان رفاقهم يعودون من الخارج، لدعم وجهتهم في النضال المسلّح لإسقاط الدكتاتورية.
و لدى حديث صاحب مع ابو باز و اسئلته له . . اجاب عن كيفية مجيئهم عبر الحدود التركية الواهية آنذاك و على طولها من الشام، و كيف ان اهل القرى و من عرفوه و احبوه، لايزالون يذكروه رغم انه لم يلتقيهم منذ عشر سنوات، و كيف انهم ساعدوه و اقرضوه سلاحاً و مالاً ساعد به رفاقه و ساعدوه بادلاء للطريق الذي تغيّر كثيراً عن اواخر الستينات، بسبب عمليات التهجير و هدم القرى التي قامت بها اجهزة دكتاتورية صدام . . صار واضحاً لدى صاحب ان عالم الحدود عالم له سماته و تقاليده الخاصة التي قد لايفهمها الاّ من عاش فيه و عرف ناسه .
و تتالت احداث و اخبار متنوعة، شدّت الجميع الى حياة البيشمركةألأنصار و عززت لديهم الأمل . . حيث تناقل الجميع اخبار نزول ملازم خضر(9) الى المنطقة على رأس مفرزة من البيشمركةالأنصار جاءوا من سوريا رغم ثلوج ذلك العام، و اسسوا موقعاً في بهدنان الذي صار اضافة الى مهامه في المنطقة ، محطة للمرور الى مناطق سوران في كوردستان الشرقية ايضاً.
و استطاع ملازم خضر عبر شبكة الأحزاب الصديقة و معارف و صلاته هو القديمة و صلات ابو باز هناك، الحصول على ادلاء و النزول و تأسيس موقعاً جديداً في روستي في منطقة بالكيان الشهيرة . . و قد عزز ذلك الثقة بوجود و تطبيق وجهة عامة لزيادة و تطوير حركة البيشمركةالأنصار، و ان الذاهبين الى الخارج لم ينسوهم ابداً، بل صار الموجودون في نوزنك هم المثال و النموذج للقادمين في نضالهم . . بعد ان تصوّروا انهم من المنسسين الذي انحصروا في نوزنك . .
و توالى نزول المفارز الى مناطق العمق، فنزلت مفرزة الى مناطق سهل اربيل بجاهزية سلاح اقل من المتوسط، بقيادة مام كاويس و ملا نفطه . . مفرزة الى منطقة شاربازير في السليمانية، دخلت في معركة عنيفة ضد اعداد كبيرة من جحوش قاله فرج، في قرية قزلر، سقط فيها انصار شهداء و كشفت عن شكوك بالكادر ابو مهين النازل معها . . اضافة الى تواصل نزول مفارز بشدر، بتوين، شوان الى مناطق قراها و قصباتها . .
و تفاجأ صاحب يوماً بلقاء شابة كانت تبحث عن زوجها الشهيد و اكتشف انها صابري زوجة انور من السليمانية اللذين اختفا عندهما في السليمانية في طريقه الى البيشمركةالأنصار، و شعر بألم شديد على خسارة زوجها البطل في معركة قزلر التي استشهد فيها مع اسطه حسين آمر المفرزة، الرسام معتصم من بغداد و شاهو المدرس من السليمانية، التي كانت المعركة الثانية ذات الصدى الكبير في مناطق عمليات البيشمركة لمنظمة الانصار بعد معركة جوارقورنة . . فأكرم استقبال صابري بما تمكن عليه في ظروف البيشمركة تلك، و هو يشاهد حزنها و انطفاء حيويتها و شعاع فرحها . .

كانت الدلائل تتصاعد و تشير الى تشكّل و ولادة منظمة جديدة للبيشمركة الأنصار، و انها قد بدأت تحث المسير نحو تثبيت مكانتها و دورها في النضال ضد الدكتاتورية، في جبال و سهول و مدن كوردستان العراق .
و فيما وصلت مفرزة حملت بريد من التنظيم السري في الداخل . . و كان معها عشرة ملتحقين جدد و عائلتين استطاعتا الإفلات من بطش اجهزة الدكتاتورية، و حملت رسائل من عوائل الى ذويهم من البيشمركةالأنصار . . كان منها رسالة صغيرة ملفوفة و مغلفة مغلقة بشريط لاصق شفاف، كانت مرسلة الى د. صاحب . .
كانت الرسالة مكتوبة على ورق طباعي رقيق، و هي رسالة متأخرة من المناضلة في العمل السريّ شقيقته المناضلة شذى، التي لن يراها بعد ذلك ابداً، كانت قد ارسلتها قبل اعتقالها مع افراد العائلة . . و قد وصفت فيها حياتهم الصعبة، و انهم رغم كلّ شئ ماضون في تحديهم للدكتاتورية الوحشية، وحيّته لتجسيده بنشاطه بين صفوف البيشمركةالأنصار ماهية " الرفيق المتألق " واصفة احترامهم لهم و اعتزازهم بهم . .
و قد اثارت تلك الرسالة و مااحتوته و ظروف ارسالها الكثير من المواجع و الآلام و الذكريات الحزينة، و اعادته الى عالمه الذي اجبر على مغادرته . . و عززت ثقته اكثر بأنهم يختارون بنشاطهم في صفوف البيشمركةالأنصار، موقف الشعب من الدكتاتورية، دون تصوّر و حساب كم سيطول و كم سيكلّف الجميع، الامر الذي لم يعرفه احد . .
و قد اتت المفرزة ايضاً بشخص قيل انه احد الكوادر السياسية من بغداد، يسمى ابو نادية (10) الذي كان مشكوكا بكونه مندساً في التنظيم السري هناك . . و قد ارسل الى نوزنك على اساس ان مؤتمراً سيعقد هناك و انه ممثل عن منظمة بغداد . . و بوجوده في نوزنك بقي محتفظاً بحرية حركته في نوزنك، الاّ انه ابقي تحت مراقبة دقيقة . .

في ذلك الأثناء راجع طبابتهم الصحفي البريطاني الشهير ديفيد هيرست، الذي قدم الى نوزنك صحبة صحفية نمساوية و حلاّ ضيفين على اعلام الإتحاد الوطني . . كان يحس بالتهاب قصبات و بارتفاع بدرجة الحرارة . . و بعد ان فحصه و زوده بالأدوية اللازمة و خافض للحرارة، استلقى في الطبابة بعد استئذانه و السماح له، و نام اثر ذلك لدقائق، استيقظ بعدها شاعراً بالنشاط، و سجّل شيئاً عما شاهده في طبابة الجبال الأنصارية ليكون جزءاً من مقال مطوّل عن كفاح الكورد ضد الدكتاتورية، كان يعده لصحيفة الغارديان البريطانية (11) . .
و بعد ايام عادت مفرزة بتوين بقيادة علي حاجي نادر التي قامت بجولة في عدد من القرى المحيطة بمدينتي جوار قورنة و رانية عبر بحيرة دوكان، في القرى التي سلمت من حملة تهجير القرى الذي كان قد تمّ وفق خطط عسكرية ـ امنية حكومية مدروسة هدفت الى انهاء المرتكزات اللوجستية الأساسية التي تحتاجها كل ثورة قومية كوردية و كل حركة انصارية في بداية نشوئها، و تحتاجها كل حركة ثورية تنطلق من الريف . .
اضافة الى جولتها في مواقع القرى المهجرة التي لها مواقع ستراتيجية ضرورية لتأمين الوصول من المناطق الجبلية البعيدة الى المدن . . والتي واصل اهاليها زيارة مواقع قراهم تلك بعد تهجيرها، كلما سمحت لهم ظروف المنطقة، للتبرك بزيارة قبور اوليائهم الصالحين و آبائهم و اجدادهم، و لمواصلة طلب الغفران و الرحمة لتركهم ايّاها . . و كانوا يقومون خلالها بأدامة اشجار الجوز و الفاكهة التي اجبروا على تركها، لأنهم كانوا على يقين بأنهم لابد و ان يعودوا يوماً الى قراهم .
و قد استطاعت المفرزة بجولتها تلك، من تقوية و تنشيط و زيارة الأقارب و الأصدقاء المخلصين للحركة و قاموا بتوضيح وجهتها و نشر ادبياتها، و عملت على ترتيب وسائل لإدامة اتصال الأصدقاء بالبيشمركة لأرسال الملتحقين الجدد و التبرعات المالية و العينية و الأدوية، و ما كان بالإمكان تدبيره من عتاد و سلاح و الإحتياجات الممكن تدبيرها للحركة، و زار عدد من افراد المفرزة عوائلهم و اطفالهم .
و بينما قامت المفرزة بعمل سيطرة اوقفت فيها السيارات المارّة على الشارع الرئيسي الواصل الى مدينة رانية . . لتوضيح سياسة المعارضة و احزابها، قام سائق سيارة حكومية كانت تنقل بريد حكومي بإخبار آمر المفرزة، بأن البريد الحكومي في سيارته يضم ربع مليون دينار عراقي كاش نقداً
ـ بقيمته القديمة آنذاك ـ كرواتب للموظفين الحكوميين و اقترح عليه مصادرتها . .
فرح علي حاجي بالخبر، واخبر المسؤول الحزبي للمفرزة "ماروف"(12) بذلك ليأخذ موافقته الأصولية . الاّ ان ماروف رفض ذلك قائلاً : " اننا لسنا لصوص . . اننا نناضل في سبيل قضية الشعب لإسقاط الدكتاتورية ومن اجل الديمقراطية ". ارتبك علي حاجي قائلاً و قال له بأنه بدون امكانيات مالية لايمكن الحياة و النضال لتحقيق تلك الأهداف . .
كان من المعروف انه عند ختلاف العسكري و السياسي في منظمة الأنصار، يجتمع انصار الوحدة المعينة جميعاً و يطرحوا القضية المختلف عليها للنقاش، و يتم بعدئذ التصويت و الإتفاق على قرار ما، ثم ليعمل الجميع على تنفيذ ما تم الإتفاق عليه، حفاظاً على وحدة الكلمة و الإرادة و وحدة المنظمة . . الاّ ان الوقت كان حرجاً جداً، لأنهم لايستطيعون ايقاف كل السيارات ليقرروا، و ان تركوا قسماً منها يتحرك فإن ذلك يهدد امن و سلامة المفرزة ذاتها لأنهم لا يعرفون الراكبين ولا من منهم يعود للسلطة، و يمكن ان يخبّر دوائر الأمن و الجيش عنهم .
فكّر علي حاجي " و لكن القوة بامس الحاجة الى اموال الآن في وقت التأسيس، ولا يمكن الإعتماد على تبرعات الجماهير القليلة لوحدها فهي لاتكفي، اضافة الى ان قوى البيشمركة جميعها تعاني من نقص المال و لايمكن الإقتراض منها . . ليس من المعقول ان نكون طيبين سذّج الى هذا الحد امام خصم لايقيم وزنا لأية قوانين و اعراف و يسيطر على السلطة السياسية . . "
اما ماروف السياسي الحزبي فكان يعتقد انهم عندما قرروا خوض العمل المسلح فلابد وان كل احزاب الطبقة العاملة ستؤيدهم و تساعدهم و على رأسهم الإتحاد السوفيتي، عملاً بمبدأ الأممية البروليتارية، و لكن من الجائز انهم لايعرفون بمدى ماتعانيه حركتهم ؟! و توصّل ان اهم شئ هو اعلامهم و ذلك ماسيطرحه باسرع وقت في الإجتماع القادم في منظمته الحزبية عندما يعودون الى نوزنك!!
و اخيراً اضطر علي حاجي الى الرضوخ على مضض الى رأي ماروف باعتباره المسؤول الحزبي، الذي بتقديره انه هو الحزب ولابد وانه يعرف افضل، و للحفاظ على وحدة المفرزة في مواجهة وحشية الدكتاتورية عليه الموافقة. الاّ انه بقي يفكّر و يتألم لأنهم يتركون فرصة كتلك وهم يعانون الأمريّن من الضنك المالي و المعيشي في الجبال .
و بعد عودة المفرزة الى نوزنك طرح كل منهم فكرته على المكتب العسكري للقوة، و انتشرت اخبار ذلك بين كل البيشمركة . . قرر مكتب القوة بأن المنظمة لاتعتمد النهب و السرقة لتوفير مصادرها المالية، و ان المنظمة هي منظمة ثورية سياسية تعتمد في سياستها على مدى تأييد الجماهير لها بقناعتها و باقناعنا لها بسلوكنا و احساسها بمدى فائدة حركتنا لها .
و لما كانت المنظمة تضم ثوريين معروفين بأخلاقهم الحسنة و نظافة ايديهم، فان الذين يتواجدون في ميدان الحدث هم الذين يستطيعون تقرير مدى صلاحية ذلك من عدمه، لتقوية المنظمة و تحسين سمعتها بين الجماهير، لتثق بها و تؤيدها. و ناقش كثيرون بأن الطريق الثوري الذي اتبعته حركات التحرر المشابهة اعتمد على المصادرة الثورية من اجهزة الدكتاتورية، و ليس من الشعب بكل فئاته . .
و فيما كان واضحاً قلة خبرة كوادر المنظمة الأنصارية و هي تبدأ نشاطها بالعمل المسلح في ظروف لاتشابه تجارب ظروف الماضي، توجب عليهم التركيز على استيعاب الظروف الجديدة التي يواجهوها بمفهوم و آليات النضال المسلح ضد الدكتاتورية في داخل البلاد، و ليس الإعتماد على الأحزاب الصديقة التي يمكن من جانبها ان تتضامن ان اقتنعت و حسبت مصالحها، لتعبئ الرأي العام العالمي سياسياً بعدالة الحركة ! و بالتأثير على الحكم من خلال فضحه لأجباره على تخفيف قمعه على الشعب. و لكن و في كل الأحوال، فأن الأساس لايمكن الاّ ان يتوقف على نشوء و نجاح البيشمركة الأنصار هم في بلادهم النفطية، التي تتراكض الإحتكارات لإقامة اوثق العلاقات مع انظمتها الحاكمة مهما كانت .
بعد ان فهم ذلك، تألم علي حاجي كثيراً لأنه لم يصرّ على موقفه شخصياً، و لأنهم اضاعوا فرصة قد لاتتكرر، وفّرها لهم سائق حكومي متحملاً كل المسؤولية، و بقي يتسائل مع نفسه " هل ان ماروف لايعرف ذلك و هو المثقف و المتعلّم، ولماذا يعرفها هو الفلاح الأمي الذي لايقرأ و لايكتب ؟ او يمكن انه يعرفها و لكنه خاف على اهالينا كلّنا من ضمنهم اهله هو، من انتقام الدكتاتورية ؟
اخذ علي حاجي يشعر بالتعب، و تحوّل التعب الى رقود في الفراش، ثم سعال لاينقطع يجعله ساهراً طول الليل . . فذهب الى الطبابة، حيث رحّب به الجميع مهنئيه على سلامة العودة، و نظر بما يشبه الإنكسار الى صاحب و سأله ان عرف شيئاً حول الموضوع، فأجابه بالإيجاب، واكّد له ان الحزن لاينفع و لن يصلح الأمور ان لم يعقّدها . .
فحصه صاحب بدقة، و شخص شكواه بأنها التهاب قصبات شديد . . و بقي صاحب حائراً حيث كان الأنتي بيوتك المناسب و المسكّن متوفران، و لكن المقشّع لعلاج السعال و تنظيف الصدر لايتوفر، و لم يكن متوفراً عند طبابة الإتحاد ايضاً. سأل صاحب علي حاجي عن زهور بريّة تدعى " بيبون " (13) ان كان يعرفها، او يستطيع ايجادها من الجبل . . ضحك علي حاجي و اجابه : " نعم انها تتوفر في جبل مامنده و موجودة بكثرة "، فوصف له صاحب كيفية تحضيرها مع الماء المغلي كالشاي و حدثه عن الجرعة المناسبة له منها، و طلب منه ارسال شئ منها للطبابة ان امكن ذلك، لأنعدام شراب السعال و لكثرة عدد مرضى التهاب القصبات آنذاك . .
بعد يومين وصل رسول من علي حاجي واخبر صاحب بتحسن صحته، وسلّمه كيس كبير من زهور البيبون الطرية كما طلب. و بعد ان اعجب بكبر الزهور وجد صاحب انها لاتزال طرية، و ان المعروف انها تُعد و هي جافة تماماً. و لمّا لم يهتدِ الى مكان ليجففها فيه، تركها في كيسها النايلون الكبير ضمن الأدوية التي تحت اليد . .
في ليلة ازداد فيها الطيران الليلي اكثر من اية ليلة، حيث كان الطيران الحربي يطير عالياً في السماء ليلياً . . بدأ من كان في الطبابة و هم صاحب و سامان و عولا مع ضيفهم لتلك الليلة د. نوزاد الذي ينام في الطبابة آنذاك، بسبب وعكة صحية المت به و هو قادم حديثاً من مهمة مع احدى المفارز، و بدأ يتشافى . . اخذوا يعدّون على صوبة الطبابة شرابا من زهور البيبون التي توفّرت، كتعبير عن البهجة على تشافي المساعد د. نوزاد . .
و بعد البدء بالشراب، شعر الجميع بنوع من اللذة الشبيهة بلذة شرب الكحول و اخذوا يدخنون معها و يتسامرون بالأحاديث المسلية و النكات . . و لم يجدوا انفسهم الاّ و هم يستأذنون و ينامون واحداً اثر آخر . .
وفي الصباح استيقظ صاحب من نوم عميق متأخراً، و كأنه كان في عالم آخر تماماً، و لم يعِ في البداية اين هم و ماذا يعمل هو هناك، حيث كان و كأنه مندمجاً في حلم . . انه في بغداد و انه يؤدي خفارة ليلية في مستشفى مدينة الطب . . احتاج لوقت كي يتعرّف و يعي اين هو ؟؟ و بعد ما قارب العشر دقائق، و هو يتأمل النائمين بملابس البيشمركة و لماذا يلبسون هكذا و ينامون كالقرويين ؟ عاد تدريجياً الى وعيه . .
كانت الساعة تناهز الثامنة صباحاً وهم يستيقظون في العادة في السادسة حين يوقظهم الحرس الصباحي. و تطلّع من فتحة الشباك الى ساحة الفصيل الذي يقابل الطبابة حيث يتناولون فطورهم يومياً، ولم يشاهد اي تجمع للفطور و قد لاحظ بالحقيقة ان انصار الفصيل اكملوا فطورهم، لأن اواني الفطور و الملاعق التي تنتظر الغسل كانت مكوّمة عند الماء . .
و تعجّب لماذا لايزال يشعر بالنعاس، و انصار الطبابة لايزالون يغطوّن بنوم عميق ايضاً؟ و لايستجيبون لمحاولته ايقاظهم . . و بعد ايقاظه ايّاهم كانوا ينهضون بصعوبة. الى ان وصله عتب الفصيل من الجهة الثانية للجدول، حيث صاح ابو عادل الإداري حين رآه، بان الحرس الصباحي حاول ايقاظهم و لكنهم لاينهضون . . و تسائل بنكتة، ان كانوا قد شربوا كحولا امس ؟
بتلك النكتة تذكر صاحب، انهم في الليلة الفائتة حضّروا شاي زهور البيبون، الذي ارسله اليهم آمر فصيل بتوين علي حاجي نادر . . و كيف شعروا عندما شربوه و كأنهم يشربون كحول . فاغلق باب الطبابة و تفحصهم واحد اثر آخر كانوا ينامون نوماً عميقاً طبيعياً . . بعد ان اشعل الصوبة اخذ يقرأ بانتظار نهوضهم من النوم .
بعد نهوضهم من النوم، تحدث لهم صاحب عما حصل و تعاون الجميع بعدئذ على تجفيف تلك الأزهار على الصوبة بعد ان علموا ان علي حاجي جففها بتلك الطريقة و قد كان شرابها وهي مجففة مفيداً فعلاً لأزالة القشع (البلغم) من الصدر . .

بدأ الربيع يطّل و انتشر العارفون للبحث عن الكاعوب ـ الكنكر ـ فيما تلونت الجبال بالوان متنوعة زاهية عكست الوان الزهور التي تفتحت عليها . . بدأ الجميع يشعر بالنشاط و الحيوية وسط انتشار انواع الروائح العطرية . . و بدأ مع الربيع القلق من مخاطر القصف الجويّ، فكان الجميع ينتشرون بعد الفطور . .
كانت ام سليم التي استقرت في نوزنك بعد ان ضاقت بها مهاباد اثر الصدامات التي حصلت فيها ، كانت تتجول يومياً مع ابنائها و اقربائها من الشباب، يبحثون عن الكاعوب ـ الكنكر ـ و معهم الأدوات البسيطة لأخراجه من التربة . . و كان فريد الذي التحق ضمن مجموعة الملتحقين غير المعروفين جيداً، يتجول مع مجموعة ام سليم لكونه من اقربائها .
و لم يكن فريد محبوباً من البيشمركةألأنصار، لأنه لم يبد اهتماما بحياتهم و كفاحهم، فكانوا ينظرون اليه، بكونه لايعمل شيئاً سوى انتظار زمالته من الخارج، حيث كان مشغولاً بتقوية لغته الأنكليزية، كما كان هو يقول .
الأمر الذي اثار فضول احد الأنصار من الساكنين معه في الخيمة، الذي كان مدرساً للإنكليزية، حيث حاول بحكم عادته اختبار لغة فريد الإنكليزية، الاّ انه لم يستجب ابداً، و بمرور الوقت قدّر ان فريد لايعرف الإنكليزية . . و للمزاح و الفضول حيث اراد و حاول عدة مرّات ابعاده من الخيمة، ليرى ماذا يكتب و هو لايعرف الإنكليزية . .
ففي احد الأيام رمى المدرّس احد ثياب فريدون الى اسفل موقعهم، و صاح به حين كان الآخرون مشغولين :
ـ فريد الحق ملابسك لأنها سقطت في الجدول .. الحقها !!
و لمّا نزل فريد مسرعاً لألتقاط ملابسه خوفاً من تلفها، اخذ المدرّس يقلّب اوراق فريد و استغرب من ما فيها من معلومات و رسومات . . و عندما عاد حاملاً ثوبه، ضحك المدرّس عليه و قال " كنت اعرف انك لاتجيد الإنكليزية و انك تتلهى بكتابة المذكرات و الرسوم التخطيطية" .
و فيما علت الصفرة وجه فريدون و لم يجبه بشئ بدعوى انه مستعجل لأن ام سليم تنتظره. لم يعتقد معلم الإنكليزية انه سيثير زوبعة بعدئذ بحديثه عن فريد عند الغداء، عندما تحدث مع رفيقيه في الطعام اللذين كان احدهما و هو سامي الذي كان مكلفاً بسريّة من آمر الفصيل بمراقبة فريد لسلوكه المريب، بهدوء.
حيث نهض سامي مسرعاً للبحث عنه و لم يجده، سأل عنه في الفصيل و في الفصيل المجاور و سأل ام سليم و فصيل حماية مكتب القوة . . لم يجد له اثراً وكأنه فص ملح وذاب و اختفى معه دفتر ملاحظاته . .
كان فريد يعرف منطقة المقرات تلك، فقد قضى وقته بالتعرف الجيد على المنطقة من خلال البحث عن الكاعوب، و هي منطقة كثيرة التعقيد و المزاغل و الأحجار و الصخور الكبيرة و الشقوق الضيقة . . . لقد اختفى الى ان هبط الظلام، و ذهب وفي محاولة كي لايترك اثراً يشير اليه . . ذهب زحفاً على بطنه مع مجرى الجدول المنخفض الواصل الى الفروشكاه " سوق نوزنك " الذي كانت فيه محطة مخابرات سرية للطوارئ .
لقد اختفى فريد !!
و تواترت اخبار منوّعة عنه من مهربي و كروانجية و جحوش المنطقة . . بكونه ذهب الى الحدود التركية، الى ربيئة هناك، حيث نقلته طائرة سمتية الى مقر قيادة الجيش في المنطقة . . كان هذا واحداً من افراد المجموعة غير المعروفة و المشكوك بها . .
في ذلك الوقت و اثر الضجة التي احدثها انكشاف و هروب فريد، ازداد قلق الخائن ابو نادية بسبب التأخر الذي لاينتهي لعقد المؤتمر كما اخبروه لدى ارساله، و لعدم ملاحظته وجود اية تهيئات لمؤتمر ما كما اُبلغ، فأخذ يكثر من الذهاب الى مقهى في السوق لمحاولة التعرف على مايجري و على المنطقة و طرقها، الاّ انه لم يفلت من المراقبة الدائمة له . . حتى احسّ بأنه شبه معتقل و انه لامؤتمر هناك ولا يحزنون .
و في فجر يوم ربيعي جاءت بشكل مفاجئ مفرزة من فصيل بشدر، كانت تقتاد ابو نادية و هو مكبّل اليدين معها، قال آمر المفرزة بأنهم القوا القبض عليه اثر مشاهدتهم ايّاه و هو يذهب الى ربيئة "هالشو" العسكرية، وكان يلبس ملابس مدنية و ليس ملابس البيشمركة. و بعد ان عوقب الحرس الصباحي على عدم مشاهدته ابو نادية و هو يترك الفصيل صباحاً لابساً ملابس المدينة بعد ان بدّل ملابس البيشمركة. . احيل ابو نادية الى التحقيق .
و بعد تشاور بين مكتب القوة و مكتب قوة الإتحاد في نوزنك، تبيّن ان هناك شبكة تخريب عائدة للسلطة في سوق نوزنك تستهدف كل منظمات البيشمركةالأنصار، و هي على صلة مباشرة بجهاز و ببريد يومي متواصل من خلال قوافل المهربين القادمة و الذاهبة، مع قيادة العمليات العسكرية الحكومية. و تبين انه فيما تم كشف قسم منهم و اعتقالهم و هرب آخرون في وقت سابق و لاحق، فان التحقيق يتواصل في قضية لاتنتهي بكشف افراد . . لأن دوائر السلطة الدكتاتورية تواصل تبديل عملائها المكلفين بمهام متنوعة . . من خلال عدة شبكات مستقلة بعضها عن بعض بالكامل و لاتوجد صلة او علم مطلقا بعضها ببعض .

في ضحى يوم ربيعي، التقى صاحب صدفة بـ محسن (14) الذي كان جانب من وجهه متورماً و محمراً بشكل غير معقول و كأنما رأسه كبر فجأة و استطال الى جهة التورّم . . و بعد الإستفسار منه عما حدث له، قال انها لدغة ابو اربعة و اربعين الجبلي الذي يعيش في المناطق التي تتكوّم فيها الصخور، و ان لدغته لا تؤلم و لكن تسبب حكّة و قد يتطور مكان الإصابة الى خُرّاج يتقيّح بعدئذ و يترك ندبة في مكان اللدغة، يكون حجمها حسب كمية السم . . و قال انه استطاع ان يمسك بالـ ابو اربعة و اربعين و هو يحتفظ به في علبة زجاجية يريد ان يراها البيشمركةالأنصار.
فطلب منه صاحب ان يريه ايّاه لتقدير نوعه و نوعية سمّه و للمباشرة بالعلاج . . كان ذلك الـ ابو اربعة و اربعين . . حشرة قشرية طويلة بطول ثمانية انجات، اسود اللون يعطي الوان كـ " ذيل الديك " تحت اشعة الشمس، فيظهر السواد مائلاً الى الحمرة و الزرقة و الخضرة و غيرها من الوان الطيف الشمسي حسب زاوية ميلان شعاع الشمس، كاسباً ايّاه مظهراً مخيفاً فعلاً. كان لايمكن قتله بالدعس او الضرب و جربوا مدى تحمّل قوّة درعه بالضغط المتواصل عليه باخمص بندقية، الضغط المتواصل الذي ادىّ الى انقسامه الى نصفين كل نصف سار في طريق، كما وصف محسن الذي قال انها احدى طرق تكاثره !!
و بعد ان عاد للطبابة بصحبة محسن لأجراء العلاجات اللازمة، سأل عن عولا كي يساعده . . قال سامان ان عولا لم يأتِ للطبابة منذ عصر امس، وانتبه صاحب الى ان ذلك امر غير طبيعي، لأنه عندما ينام خارج الطبابة كان يقول في العادة و لم يمانع احد، الاّ انه في كل الأحوال كان يعود الي الطبابة في صباح اليوم التالي. فقرر الإنتظار.
بعد فترة نبّه سامان الى ان عولا لم ياخذ سلاحه و انه موجود في الطبابة و كذلك عتاده كلّه، الأمر الذي يعد غريباً حقاً، لأنه من غير المعقول آنذاك ان يتجوّل النصير دون سلاح، و بعد حوالي الساعتين و لمّا لم يعد . . اخبر صاحب مكتب القوة عن غيابه، و كلف فصيل بشدر بمتابعة الموضوع، الى ان افادت الأخبار، بان عولا بعد ان تدرّب في الطبابة و صار معروفاً من خلالها، و جمع مالاً من معالجته للقرويين سرّاً، ترك حياة البيشمركة و افتتح له عيادة كطبيب في بيوران التي يريد ان يتزوج و يستقر فيها . . و ان عمه الجديد والد زوجته المستقبلية هو اقارب احمد صاروخ .

(يتبع)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. فروشكاه ؛ تعني بالكردية "سوق" .
2. دشلمة : قطع السكر المستخدمة للتحلية مع الشاي .
3. هيلكه به روون ، تعني بيض مقلي بالدهن .
4. ماست ئاو ؛ تعني اللبن الشنينة او اللبن المخفف .
5. مسافرخانة : فندق صغير او شبه بانسيون جبلي فلاحي . .
6. الثاليوم العراقي ((ITh، وهو مادة سامّة خطيرة، صُنعت لحساب المخابرات العراقية من مادة الثاليوم السامة الشهيرة Th ) ) بعد معاملتها كيمياوياً . امتاز هذا السم بكونه مادة سائلة عديمة اللون والطعم والرائحة ! فكانت تحقن بحقن طبية في الفواكه، خاصة البرتقال الذي كان يقبل على شراءه البيشمركة لقناعتهم بفيتاميناته الواقيه من الأصابة بالأنفلونزه والبرد، وكان يبيعه باعة متجوّلون في العادة. وكان يضاف الى الحليب السائل او الى أنواع العصير . . واعتبرته السلطة سلاحاً فتّاكاً لها بعد فشل اساليب التسميم السابقة التي كانت تُكتشف بسهولة ، كادوية مكافحة الحشرات وسموم الفئران وغيرها من مركبات الزرنيخ، لقد سبب الثاليوم العراقي خسائر كبيرة بالبيشمركة، سواءاً بالأرواح اوبالمعنويّات .
7. المفرد كورتان، و هو مايشبه السرج السميك، المخاط و المعمول لتثبيت الأحمال و لحماية ظهر حيوان النقل الجبلي .
8. تقلصات عضلية متتالية تشبه تقلصات حالات الصرع، تصيب الأطفال بسبب ارتفاع درجة حرارتهم (الحمى العالية جداً) التي تؤدي الى اضطراب في سيطرة وظائف الدماغ . .
9. ملازم خضر، عربي من بغداد، مناضل شيوعي و كادر حزبي و انصاري معروف، ضابط في صنف المدفعية من خريجي الكلية العسكرية العراقية، كان من الضباط الذين التحقوا بثورة ايلول اثر انقلاب شباط الفاشي عام 1963 ، و برز في معارك البيشمركة و لعب دوراً هاماً في انتصار قوات البيشمركة على القوات النظامية عام 1966 في معركة هندرين الشهيرة، الانتصار الذي ادى الى تراجع السلطة عن تعنتها و اعترافها للأكراد بحقهم في الحكم اللامركزي، حتى صار من ابرز وجوه ثورة ايلول العسكرية . . وقد تعرض بعدئذ الى انواع الملاحقات و المطاردات حتى استطاع الهروب من هجوم الدكتاتورية على القوى اليسارية و الديمقراطية عام 1979 و بدأ بانشاء محطات و قواعد البيشمركةالأنصار في بهدنان، بدعم و اسناد الحزب الديمقراطي الكوردستاني العراقي ـ حدك . . ولعب مجيئه من الخارج دوراً كبيراً في تعزيز قناعات الأنصار بكفاحهم ضد الدكتاتورية، و واصل نشاطه في قوات الأنصار في نضالها ضد الدكتاتورية، كمسؤول عسكري لمنطقة اربيل . و هو الآن ضابط متقاعد برتبة فريق، و مستمر على النضال على طريق الديمقراطية و الحكم الفدرالي البرلماني، الرئيس المنتخب لرابطة الانصار القدامى التي مقرّها اربيل لمرّات .
10. ابو نادية، خائن و عمل سراً لصالح الأمن، كان من كوادر المنظمة العمالية في بغداد .
11. وقد سمع صاحب من اذاعة بي بي سي، مقتطفات من السلسلة التي اعدها ديفيد هيرست لصحيفة الغارديان البريطانيةعن كفاح الشعب الكوردي في العراق، القى فيها اضواءً على طبابة نوزنك الجبلية للأنصار، و كيف اهتمت به و عالجته . . الأمر الذي افرح الجميع آنذاك.
12. ماروف، احد الكوادر المعروفة من رانية، احد المؤسسين الأوائل لمنظمة الأنصار عام 1979، كان المستشار السياسي لسرية بتوين و تفرغ كادراً في التنظيم المدني .
13. بيبون او بابونج ، و يسمى بالكوردية الشعبية "عاجلة " ، وهي ازهار الكاميللا، التي تخدّر كالشاي لعلاج نزلات البرد .
14. محسن ، كادر انصاري معروف منذ الستينات في ثورة ايلول التحررية، نشط لدى منظمات المقاومة الفلسطينية، آمر فصيل المدفعية و المدرب الأساسي فيها، آمر سرية خوشناوتي، ثم معاون آمر فوج في السنوات تلك . .



#مهند_البراك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هناك . . عند الحدود (7)
- اين -الدولة الجديدة- بديل الدكتاتورية ؟
- هناك . . عند الحدود (6)
- للإسراع باعلان نتائج الإنتخابات !
- هناك . . عند الحدود (5)
- هناك . . عند الحدود (4)
- هناك . . عند الحدود (3)
- ما معنى الإنتخابات و الى اين ؟
- هناك . . عند الحدود (2)
- هناك . . عند الحدود (1)
- ثمانون عاما من اجل قضيتنا الوطنية . .
- الشعب بين حقوقه و بين تقاعد الرئاسات
- 8 آذار و مخاطر مصادرة حقوق المرأة . .
- الى من يحاول تجميل جرائم 8 شباط الاسود (2)
- الى من يحاول تجميل جرائم 8 شباط الاسود (1)
- اصلاحات الكنيسة الكاثوليكية و احزابنا الثورية (2)
- اصلاحات الكنيسة الكاثوليكية و احزابنا الثورية (1)
- المالكي يراهن على موقف المرجع الأعلى / 2
- المالكي يراهن على موقف المرجع الأعلى / 1
- اعلان تحالف -كوردستاني ديمقراطي مدني-


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - مهند البراك - هناك . . عند الحدود (8)