أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند البراك - اصلاحات الكنيسة الكاثوليكية و احزابنا الثورية (2)















المزيد.....

اصلاحات الكنيسة الكاثوليكية و احزابنا الثورية (2)


مهند البراك

الحوار المتمدن-العدد: 4347 - 2014 / 1 / 27 - 21:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


و رغم صيحات الاستنكار التي انطلقت من عقالها للهجوم على البابا فرانسوا سواء من الاوساط المسيحية او الاسلامية الاكثر تطرفاً . . يعبّر البابا بأن التغييرات ضرورة ملزمة، املاها التطور الفكري و الحضاري البشري في عالم اليوم الذي يؤدي الى " فهم جديد للعقيدة " . و ان حبّ الحقيقة و الوصول اليها يكون عبر طرق متنوعة، و انه ـ اي البابا ـ يصل الى الحقيقة عن طريق المثالية بجانبيها : الفلسفي و الديني، و هو ليس خروج عن العقيدة التي تضغط و تتطلب ذلك، و ان الواقع الموضوعي القائم هو مصدر تغيير الافكار و المعتقدات التي تفعل فعلها في ادمغة و فكر البشر، و في دماغه و فكره هو ـ اي البابا ـ كفرد منهم .
و يرى متخصصون بأن هناك مشاكل كبرى تواجه الكنيسة الكاثوليكية، و على البابا واجب حلّها، حيث تتزايد اعداد المؤمنين الكاثوليك الذين تُرغمهم مصالحهم الدنيوية و متطلبات حياتهم، على العيش بما يتناقض كثيراً مع المعتقدات الراسخة في الديانة الكاثوليكية، فتضيق بهم كنيستهم و ديانتهم، الامر الذي يؤدي الى هجرهم ايّاها و ابتعادهم عنها . حتى صاروا منغمرين سواء عن قناعة ام عن اضطرار، منغمرين في نمط حياة يناقض المعتقدات الدينية الكاثوليكية بشكل شبه كامل.
و يرى مراقبون، انه بعد ان فشلت محاولات المؤسسة الدينية الكاثوليكية لإعادتهم الى "الطريق القويم" بأنواع الإصلاحات و التعديلات، استجابت الكنيسة الكاثوليكية لحقائق الواقع العنيد . . وقررت أنْ تتغيَّر هي فكرياً وعقائدياً بما يجعلها أكثر تصالحاً مع هذه الحقائق وجماهيرها؛ أمَّا الغاية فهي استعادة المؤسسة الدينية ما فقدته من "نفوذ شعبي روحي" !!
و يضيف معلقون كنسيون، بأن البابا يقول الآن لذوي الميول الجنسية الملعونة دينياً من قبل، وللمثليين جنسياً، ولمؤيِّدي الإجهاض، وللمحافظين والليبراليين والشيوعيين والملاحدة، ولغيرهم: أبواب الكنيسة مفتوحة لكم على مصاريعها : أنتم، وعلى الرغم مما تحملون و ما عليه من أحوال فكرية ومعيشية وسلوكية، ما زلتم مؤمنين مسيحيين؛ وإيَّاكم أنْ تظنُّوا أنَّكم قد غدوتم مارقين من الدين؛ فالمعتقدات الدينية الجديدة والصحيحة تَتَّسِع لكم، وبما أنتم عليه !
و يضيف بأننا اليوم (أي الفاتيكان) لم نعد قضاة، و انما نحن الأب المُحِب لأبنائه جميعاً؛ وهذا الأب لا يدين أبنائه، نحن اليوم قومٌ حداثيون، عقلانيون، منفتحون و ندين التعصُّب. و يصف مراقبون مايحصل، و كأنه دعوة إلى تحويل "الكنيسة" من (حزب حديدي ـ صخري في وحدته ـ) إلى (حزب ليبرالي) يتَّسِع لجمهور أوسع من المسيحيين، ليتّسع نفوذه الروحي الشعبي.
بل حتى الخوف من (جهنَّم)، ومن (كل عقاب قاسٍ في الآخرة)، نزعه البابا من القلوب، بعودته و تطويره لتعريف الكنيسة الكاثوليكية الحديث، بأن " الرّب محبة " . . حبّه لأبنائه، و للبشر جميعاً، لا يحده حد، و من ثم فإنَّ (جهنَّم) تُناقِض هذا الجوهر الإلهي، فالرَّب ليس قاضياً، ليس جلاَّدا، ليس مُعذِّباً لأبنائه ولو كانوا من القوم الكافرين، إنَّه يحنو عليهم، ويحتضنهم، جميعاً.
و يرى البابا ان " الحقائق الدينية " ليست ثابتة مُطْلَقة، لا تتغيَّر، ولا تتطوَّر . . بل انّها تتغيَّر وتتطوَّر باستمرار. وبعد أنْ يصف الإنجيل بأنَّه "كتاب مقدَّس جميل"، يُعْلِن البابا، وفي جرأة غير معهودة بتقدير متابعين، أنَّ بعض أجزاء هذا "الكتاب المقدَّس الجميل" قد عفى عليها الزمن، و بما معناه انها شاخَت، وتقادم عهدها .
وأخيراً، يرى خبراء بأن ثورة البابا فرانسوا بلغت اوجها، بانتقاله من آينشتاين إلى هيجل، قائلاً إنَّ الرَّبَّ نفسه لا يشذّ عن ناموس التغيُّر والتطوُّر؛ فهو في تغيُّرٍ وتطوُّرٍ مستمرين.
وعلَّل البابا تطوُّر الرَّب قائلاً: إنَّ الرَّب يسكن فينا، وفي قلوبنا . . ونحن البشر في تطوُّر مستمر، ولا بدَّ للساكن فينا، وفي قلوبنا، من أنْ يتطوَّر بتطوُّرنا !
لقد استنفذت البشرية زمناً طويلاً للتسليم بفكرة التطوُّر التاريخي للإنسان؛ أمَّا البابا فرانسوا، أو هيجل الفاتيكان، فشرع يؤسِّس لفكرة التطوُّر التاريخي للرَّبِّ نفسه، لكنَّه لم يُجِبْ بما يكفي من الوضوح عن السؤال الفلسفي العظيم الآتي: هل تطوُّرنا نحن البشر (مع مجتمعاتنا) هو انعكاس لتطوُّر الرَّب الساكن فينا، وفي قلوبنا، أم هل تطوُّر الرَّب نفسه هو انعكاس لتطوُّرنا نحن البشر؟ البابا يكاد أنْ يقول: كما تكونوا، يكون الرَّب !
وفيما يرى علماء تأريخ و اجتماع، بأن هذه التطورات و الخطوات الجريئة للكنيسة الكاثوليكية، القلعة الصخرية التي تشكّل كتلة من اقوى كتل المحافظين في العالم، ستفرض تغييرات كبيرة ـ شئنا ام ابينا ـ في المذاهب الكنسية الاخرى و في الاديان الاخرى، لأنها تقوم جميعاً على ذات الاسس التي تغيّرت و تتغيّر، و انها يمكن ان تؤدي الى تقارب الاديان و تآخيها رغم صيحات استنكار بيوتات اكثر تطرفاً مسيحية و اسلامية سعودية .
فإنها لاتشكّل الاّ نداءً قوياً لأحزابنا الثورية ذات التأريخ اللامع في النضالات الشعبية و التي قدّمت و تقدّم انواع التضحيات في سبيل خير و سعادة مجتمعاتها، للقيام باصلاحات اكثر راديكالية و جذرية فيها مما قامت به حتى الآن، بما يعزز قربها و تلاحمها مع تجمعات و حركات و مطالب و درجات وعي الشباب اليوم و بالذات الكادحين منهم، فان كسب الشباب هو البوصلة الصحيحة لنجاحها . . اصلاحات و تغييرات اعمق سواء في خطابها و اصول بناء و حياة تنظيماتها، او حركتها و اساليب عملها و التناغم الاكثر فعالية لنشاطها لكسب جماهير النساء، اللواتي يقع عليهن العبء الأكبر ممايجري في منطقتنا، رغم الاصلاحات التي قامت بها احزابنا، التي ان خدمت شيئاً، الاّ انها بتقدير حريصين لا تفي بما تتطلبه النضالات الشعبية في وقت يتسيّد فيه المال و السلاح و الخرافة المتلبسة لبوس الدين في مجتمعاتنا .
و يرى سياسيون و مجربون بأن التغييرات العميقة التي يقوم بها البابا ستزيد من الاعداد الهائلة للمناضلين من اجل الحرية و سعادة الانسان في مواجهة الواقع القائم على الارض و ليس في الخيال . . انها تغييرات تزيد كثيراً من فُسَحْ الامل بتوسيع قوى الجبهات المناضلة من اجل الحريات و الكرامة و المطالب الحياتية، لتصهر و تضم ملايين جديدة من جماهير الاديان الى القوى و الاحزاب الثورية العاملة من اجل التغيير، بتوسيعها فرص و تنوّع مجالات التوافق و الاتفاق على النضال من اجل الديمقراطية و العدالة الاجتماعية للجميع . . (انتهى)

27 / 1 / 2014 ، مهند البراك



#مهند_البراك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اصلاحات الكنيسة الكاثوليكية و احزابنا الثورية (1)
- المالكي يراهن على موقف المرجع الأعلى / 2
- المالكي يراهن على موقف المرجع الأعلى / 1
- اعلان تحالف -كوردستاني ديمقراطي مدني-
- هل هو تخوّف من نتائج الانتخابات ؟
- المالكي : الشعب لايحب الحكومة !
- هل ستعود الإنقلابات العسكرية ؟
- هل هو حكم اوليغارشية طائفية ؟
- الاحزاب الكبيرة و الصغيرة، الشباب
- الحكومة و الارهاب و الاحتجاجات السلمية
- -سانت ليغو- و حراك شبابي منتظر!
- اسطنبول ! هل بدأ خريف (الاسلاميين)؟(3)
- اسطنبول ! هل بدأ خريف (الاسلاميين) ؟(2)
- اسطنبول ! هل بدأ خريف (الاسلاميين) ؟(1)
- اوقفوا الحقد اوقفوا حروب الاخوة ! 2
- اوقفوا الحقد ! اوقفوا حروب الاخوة 1
- الثارات القديمة و التعايش . .
- مخاطر انفلات العدوانية الإسرائيلية
- الحويجة . . و المخاطر
- نعم للانتخابات، لا لحكومة المالكي !


المزيد.....




- بايدن واثق من أن ترمب -لن يقبل- نتيجة الانتخابات الرئاسية
- حماس: إسرائيل غير جادة وتستغل المفاوضات غطاء لاجتياح رفح
- بايدن: القنابل التي قدمناها لإسرائيل استخدمت في قتل المدنيين ...
- سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
- بايدن على قناعة بأن ترامب لن يعترف بهزيمة في الانتخابات
- قائد -نوراد-: الولايات المتحدة غير قادرة على صد هجوم بحجم ال ...
- أبرز مواصفات iPad Pro 13 الجديد من آبل
- سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
- الجيش الإسرائيلي: معبر -كرم أبو سالم- تعرض للقصف من رفح مجدد ...
- -يني شفق-: 5 دول إفريقية قررت إنهاء عمليات الشحن البري مع إس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند البراك - اصلاحات الكنيسة الكاثوليكية و احزابنا الثورية (2)