أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي حرك - الشر النسبي .. بالمصري














المزيد.....

الشر النسبي .. بالمصري


سامي حرك

الحوار المتمدن-العدد: 4444 - 2014 / 5 / 5 - 18:32
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الشر النسبي .. بالمصري
الشر المطلق .. بالعبراني

إختلطت المفاهيم عن شخصية "ست" في الثقافة المصرية القديمة, بحيث تاهت المعاني –أيضًا- بين "الشرير", و"الأعمال الشريرة", والفرق بينهما واضح, إلا أن ذلك هو الحاصل!
نذهب مباشرة إلى مصر القديمة, ونسألها عن ذلك, فتجيب بإيجاز:
إن "ست" هو أحد الكائنات المقدسة "نتر", وبالتالي فهو:
• حيٌ لا يموت!
• كل شئ عنده بقدر ومقدار, ولا وجود للعشوائية في تصرفاته, إنما هو جزء من خطة كونية محكمة, يقوم بدوره فيها, بلا زيادة أو نقصان!
وبناء عليه .. لا يجوز وصف ذلك الكائن المقدس "ست" بـ "الشرير", بل يمكن وصف بعض أفعاله حسب تقييمنا البشري, بأنها أفعال شريرة, لحظية, أي لكل حادثة حديث!
ذلك الكائن السماوي, لا يموت أبدًا, بينما تُقهر بعض تجلياته, فالصقر حورس ينقض على تجلي "ست" (فرس النهر/ سيد قشطة/ خرتيت), وفي الجانب االآخر قام "ست" بأدوار "خير" بالغة الأهمية في قصص التكوين, فهو المسئول عن ضمان تنفيذ سُنة الكون في التغيير والتداول (تلك الأيام نداولها), وذلك في تجليه الأشهر "عبيب", حيث يبتلع الشمس "رع" كل مساء, ثم يظهر في تجليه الإنساني مساعدًا للرب "رع" حتى يتخلص من الأسر, وينطلق مشرقًا كل صباح!
بماذا نسمي هذا النوع من التصرف؟ أليس ذلك عمل خير! بل إن المصري القديم كافأه عن عمل الخير هذا, بأن خلد تجليه الأفعى التنينية وأطلق إسمه على واحد من شهور السنة "أبيب"!
حتى في الأسطورة الأوزيرية, وهي سبب وصم "ست" بالشرير, لأنه يظهر فيها بهيئة القاتل, مُقَطِّع جسد "أوزير" إلى 14 قطعة, مدفونة وموزعة بين أقاليم مصر الأربعتاشر, حيث في الأسطورة نلاحظ شيئين:
• تُظهر إحدى صيغ الأسطورة, "ست" مبررًا لجريمة القتل, بأنه إنما كان مدافعًا عن شرفه, بعدما إعتدى "أوزير" على زوجته "نبت-حوت", وكان "أوزير" قد برر فعلته تلك بأنها من أثر الخمر! إذن "ست" لم يبدأ الأعمال الشريرة عن إرادة شريرة, بل كان مجرد رد فعل, بدافع النخوة والزود عن حماه, أي أنها حالة دفاع شرعي, كما تسميه أحدث مبادئنا الحقوقية الدستورية!
• في نفس الأسطورة, نلحظ قيامة "أوزير" بمجرد نجاح عظيمة السحر "ورت-حكاو" في تجميع أشلاء جسده, ذهب مباشرة بعد لقائه التناسلي مع إيزيس إلى عالم آخر, وكان في إمكانه البقاء مع زوجه وإبنه في عالم الدنيا, إلا أنه إختار عالم الآخرة, وجد أنه أفضل له من عالم قُتل وقُطِّع جسده فيه (والآخرة خير وأبقى) .. ونلاحظ أنه قبل تلك الحادثة لم يكن للآخرة أي وجود في الميثولوجي القديم, بل إنها وإعتبارًا من ذلك فقط, تم إنشاء وتدشين ملكوت العالم الآخر, كمملكة أوزيرية خالصة, تولى إدارتها بنفسه, وترأس محكمتها تمهيدًا لإستقبال المتوفين الأبرار فيها.. أي كان لجريمة "ست" (القانونية) مبرر قدري, أنفذ به سُنة كونية أخرى, تقضي بالحساب, والعقاب والثواب!
هذا هو الشر في مصر القديمة, نسبي, لحظي, متسقًا مع خلاصة الحكمة البشرية بأن في داخل كلٍ منا جزء من هذا وجزء من ذاك.
الشر (العنف) في الثقافة المصرية يتم تبريره بأنه ضمن خطة الخالق لإعمار الكون, تمامًا كما قد نستخدم الديناميت لتفجير بناء قديم آيل للسقوط, لنقيم مكانه منشأة جديدة, كان "ست" هو ديناميت حضارتنا القديمة, أو قنبلتها النووية, لذلك كانت أهم كتيبة حربية في جيش مصر, هي كتيبة "ست", بمثابة قوات العمليات الخاصة, أو المارينز, وتَسمى بإسمه الملوك والأمراء المحاربين, حيث مؤسس الأسرة 19 هو "سيتي", بعدما كان قائدًا للجيش, ولا يُعقل أن يتسمى الملك بإسم الشيطان, بالتأكيد لم يكن "ست" هو الشيطان, ولم تعرف مصر القديمة تلك الصيغة "الشيطانية" المُطلقة لمفهوم الشر, كما هو الحال في الثقافة العبرانية!
إستقت الإسرائليات رموز ثقافتها من مفردات العالم القديم المجاور لها, خاصة مصر وسوريا والعراق, ومن بينها أخذت التيمة الدرامية لشخصية "ست", فيصير هو "شت" وجمعه كحزمة شريرة بإضافة أداة الجمع ليصبح "شيطان"!
• لا يفعل الشيطان أي خير, وكل ما يصدر عنه هو شر مُطلق, لا مجال إذن لأي تبرير!
• لا يمكن إطلاق إسم الشيطان على شخص ينتمي للثقافة العبرانية, فهي ثقافة لا تحمل أي إحترام لتلك الشخصية المحورية, ويقوم عليها بناءها الفكري, إذ توجه إليه كافة المشاعر السلبية, من شحنات الغضب والتشنج إلى تربص وديمومة العداء وكذلك ضغينة الكراهية!
نعود إلى الثقافة المصرية, لتقابلنا صور جداريات المعابد, بأكثر من مثال يفتخر فيه الملك بقيامه بالصلح بين اللدودين "حورس" و"ست", وحصوله على المباركة منهما معًا!
سؤال قبل الختام: أي الصور هي الأقرب لمفاهيمنا الحالية؟ "ست" أم "شيطان"؟ وللتقريب أكثر, في خصامنا مع أمريكا نعطيها صورة الشيطان, والشر المطلق؟ أم نعترف لها ببعض الخير ولا ننسى ما تقوم به من أفعال شريرة (حسب مصالحنا) في العالم؟
توصية: ربما التواصل مع جذور الثقافة المصرية, يفيدنا, ويفيد العالم, أكثر في التعايش, بينما تؤسس بعض المفاهيم العبرانية لمشاعر سلبية يتوارثها الوعي واللاوعي!



#سامي_حرك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموقف الحكومي من حرية الإعتقاد والتحصين كشف تغليب التسلط عل ...
- وعود بخطابات ضمان
- حزب مصر الأم
- تركيا وسوريا: الإبن العَاق والإبن المُعاق
- مصر ليست شقة مفروشة
- الأخوان, لم ولن يكونوا حزب سياسي!
- الإقتصاد المصري القديم, والمستقبل
- تلات سلامات .. للستات!
- قيامة أوزير وميلاد المسيح
- رفع العَلَم - رفع عمود جد
- فعاليات موسم الحج إلى أبيدوس
- قصة شجرة الكريسماس
- لصوص ومسوخ الحضارة
- أفريقيا: بيت العيلة!
- عيد الأضواء .. شعب الله المجنون
- عيد الميلاد
- ذاكرة النجاح
- نعم لدستور الخماسين
- لعبة السنة
- آمون المستقبل .. الإيمان بالغيب


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي حرك - الشر النسبي .. بالمصري