أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - لعنة صفر المونديال تطارد الدبلوماسية المصرية















المزيد.....

لعنة صفر المونديال تطارد الدبلوماسية المصرية


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1255 - 2005 / 7 / 14 - 12:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك شيء غلط في الدبلوماسية المصرية، وليست ملابسات اختطاف وقتل السفير ايهاب الشريف في بغداد سوي الجزء البارز من جبل الجليد المختفي تحت السطح.
ففي هذه التراجيديا.. لا حاجة الي ان نعيد ونزيد في الحديث عن الزرقاوي وعصابته المتسترة خلف مسوح الاسلام، والتي تسيء الي الدين الحنيف كما تسيء الي المقاومة الوطنية العراقية، وتقدم - بحسن نية او عن سوء قصد والأخيرة هي الأرجح - أجل الخدمات الي الاحتلال الامريكي لبلاد الرافدين.
ولا حاجة بالمثل الي ان نعيد ونزيد في الحديث عن عجز حكومة ابراهيم الجعفري عن القيام بواجباتها ازاء حماية البعثات الدبلوماسية الموجودة علي اراضيها، ففاقد الشيء لا يعطيه، وهي اعجز من ان تحمي نفسها، فكيف نتوقع منها ان تحمي غيرها؟
ولا حاجة كذلك الي ان نعيد ونزيد في الحديث عن المسئولية الاساسية التي تتحملها قوات الاحتلال الامريكية عن مصرع الدبلوماسي المصري في بلد قامت بغزوه بالمخالفة لارادة المجتمع الدولي والقوانين الدولية، ووعدت بجعله منارة للديمقراطية في صحراء الاستبداد العربي فإذا بها تحوله الي غابة للعنف الدموي والابادة الجماعية والصراعات العرقية والطائفية ناهيك عن الانتهاك الواسع النطاق لكل حقوق الانسان وفي مقدمتها الحق في الحياة.
لا حاجة الي اللت والعجن في هذه البديهيات فمسئولية هذا الثالوث، أي عصابات الزرقاوي وحكومة الجعفري وقوات الاحتلال الامريكي، عن اختطاف واغتيال السفير ايهاب الشريف، واضحة وضوح الشمس ولا تحتاج الي اثبات.
المشكلة اننا لا نستطيع ان نتنصل من مسئوليتنا نحن ايضا عن هذه الكارثة، وتتحمل وزارة الخارجية النصيب الاوفر من هذه المسئولية سواء قبل اختطاف السفير او اثناء محنته او بعد اغتياله.
فالاختيار نفسه تعوزه الحصافة والحساسية.. وإلا ما معني انتقاء دبلوماسي قضي في اسرائيل بضعة سنوات لنرسله بالذات الي بلد توجد به فصائل اصولية تخلط بين الدين والسياسة، وتتبني افكارا متعصبة تحض علي كراهية الاديان الاخري، ولا تفرق بين اليهودي والصهيوني.
وعندما اختارت المؤسسة الدبلوماسية المصرية هذا السفير بالذات.. لم تهتم بتوفير الحماية الامنية الكافية له رغم علمها بالوضع المتدهور في العراق.
وعندما ارسلته - دون حماية امنية كافية - لم تعلن عن ذلك بصورة واضحة وكريمة تليق بمكانة مصر ودورها الاقليمي. فقد اوفدته فيما يشبه »الخلسة« وجاء الاعلان عن وصوله الي بغداد عن طريق وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في العاصمة البلجيكية بروكسل وليس عن طريق الخارجية المصرية في القاهرة!
وقال زيباري انه جري الاتفاق مع الخارجية المصرية علي رفع مستوي التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، من مستوي بعثة رعاية مصالح الي مستوي السفارة، وان هذا الاتفاق جاء في سياق جولة وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس الي المنطقة مؤخرا، بينما لاذت الخارجية المصرية بالصمت في اول الامر، ثم فتح الله علي متحدث باسمها فقال - بعد طول انتظار - ان ذلك لم يحدث وان الخارجية العراقية هي التي جعلت من البحر طحينة وان تصريحات بهذا الصدد كانت مجرد تعبير عن أمنياتها.. وان الحال باق علي ما هو عليه.
وبعد ان تم اختطاف السفير.. تلعثمت الخارجية المصرية وقالت في اول الامر انه »اختفي« ولم »يختطف«!
ولم يكلف وزير الخارجية خاطره بان يعود الي القاهرة - من ليبيا - لكي يتابع اختطاف احد رجاله واستمر في ليبيا وكأن شيئا لم يكن.
ولم نسمع عن تشكيل »فريق ازمة« وارساله علي وجه السرعة الي بغداد لمتابعة الموقف علي الطبيعة واجراء الاتصالات اللازمة مع »كل« الاطراف، وهو اجراء مألوف لجأت اليه كل الدول عندما تعرض احد رعاياها من الصحفيين او الموظفين او العمال للاختطاف في العراق.
ولم نسمع تصريحات، قوية او غير قوية، علي لسان الوزير تحمل المسئولية للحكومة العراقية وقوات الاحتلال الامريكي وتطالبهما بالتحرك الفوري والجاد للحفاظ علي حياة السفير المصري.
وبعد ان وقع الفأس في الرأس وأعلنت عصابات الزرقاوي اغتيالها للسفير ايهاب الشريف ظل رد فعل الخارجية المصرية علي بروده وتهافته.
مجرد بيانات ركيكة وباهتة وفاترة تجتر عبارات »بايتة« عن الارهاب والدين وكلاما لا يحل ولا يربط.
ولم يصدر عن وزير الخارجية بيان شديد اللهجة ينتقد حكومة الجعفري وقوات الاحتلال الامريكي لتقاعسهما عن حماية السفير المصري وفشلهما في القيام بواجبهما في انقاذ حياته.
الأدهي والأمر ان السيد الليث كبه المتحدث باسم رئيس الحكومة العراقية ألقي بالكرة في الملعب المصري، واتهم السفير باجراء اتصالات مع »مسلحين« قبل اختطافه.
وكان هذا هو الاتهام الثاني للسفير، حيث اتهمه وزير الداخلية العراقي قبل ذلك بانه هو الذي خرج بدون حراسة وعرض نفسه للاختطاف!
ورغم وقاحة هذه التصريحات، وعودة الجعفري الي نفي وجود أي معلومات لديه عن المزاعم التي رددها المتحدث باسمه ليث كبه عن قيام الدكتور ايهاب الشريف باجراء اتصالات مع مسلحين عراقيين، فان الاغرب هو كيفية تعامل الخارجية المصرية سواء مع التصريحات العراقية الاولي او النفي اللاحق لها علي لسان الجعفري.
فقد تباري كبار صغار وصغار كبار موظفي الخارجية المصرية لنفي قيام السفير المصري بمثل هذه الاتصالات، وكأنها رجس من عمل الشيطان.
فهل مهمة السفير المصري ان يقصر اتصالاته علي اعضاء حكومة الجعفري وألا يتصل بأي عراقي خارجها؟
واذا كان هذا هو فهم الحكومة العراقية لطبيعة العمل الدبلوماسي، الا يعطي ذلك الحق للفصائل المعارضة لها في الزعم بانها تريد استغلال التمثيل الدبلوماسي لاسباغ شرعية علي الاحتلال الامريكي الذي يرعاها؟
ثم لماذا لم يتجاسر السيد »كبه« وامثاله، علي الشكوي من مثل هذه الاتصالات عندما اعترف وزير الدفاع الامريكي رونالد رامسفيلد باجرائها مع المقاومة العراقية المسلحة.. ام ان هذا حلال علي الامريكان وحرام علي المصريين وايهاب الشريف؟
ولا يستطيع السيد »كبه« ان يبرر تصريحاته بانه يقصد الارهابيين من امثال جماعة الزرقاوي، وليست فصائل المقاومة العراقية الاخري، بدليل ان عصابات الزرقاوي هي التي اختطفته وقامت باغتياله مما يعني انه من غير المعقول ان يكون قد اجري معها اتصالات.
والاهم من كل هذه الجزئيات.. ان سوء اداء الخارجية المصرية قبل الازمة واثناءها وبعدها.. لم يكن سوي »الشكل« لـ»مضمون« اكثر بؤسا هو عدم وضوح الرؤية الاستراتيجية تجاه العراق.. الامر الذي ادي الي تهميش الدور المصري الي حد بعيد، بحيث اصبح مجرد دور تكميلي لادوار قوي اخري لا تتطابق مصالحها بالضرورة مع مصالحنا الوطنية والقومية بل لعلها تتناقض معهما تناقضا جذريا علي الأرجح.
وكانت بداية هذا التشوش قبل الحرب الأنجلوأمريكية علي العراق.. فهل نعارضها أم نؤيدها ام نقف في منزلة بين المنزلتين بحيث نعارضها سياسيا، وفي التصريحات، بينما نقدم لها التسهيلات عمليا وميدانيا.
واذا كنا قد عارضنا الحرب.. فهل عدنا واعترفنا بنتائجها رغم ان ما بني علي باطل هو باطل أيضا؟
وإذا كان هذا الاعتراف الضمني جاء بناء علي تحولات دولية واقليمية ضاغطة، وفي ظل غموض المشهد العراقي غداة سقوط بغداد، فماذا كان رد فعل الدبلوماسية المصرية بعد ان ظهرت المقاومة كرقم مهم في المعادلة العراقية.
ولماذا لم تعلن الخارجية المصرية - بوضوح لا لبس فيه - اعترافها بمقاومة الاحتلال الامريكي باعتباره حقا مشروعا للشعب العراق؟
ولماذا لم تصدر الخارجية المصرية بيانا تطالب فيه الادارة الامريكية بتحديد جدول زمني لانسحاب قواتها من العراق، ولماذا لم يطالب وزير الخارجية أبوالغيط نظيرته الامريكية »كوندي« بذلك اثناء زيارتها لمصر؟
كل هذه الملابسات تبين ان المسألة ليست قبول او رفض دور مصري في المسألة العراقية.. فهذه مسألة محسومة ولا يجادل فيها الا احمق.
وبالتالي ليست المسألة قبول أو رفض تمثيل دبلوماسي علي هذا المستوي أو ذاك.
المسألة هي طبيعة هذا الدور المصري، ومضمونه، وشروطه، وآلياته.
والواضح من كل ما سبق.. ان الطريقة التي ادارت بها الخارجية المصرية هذه القضية، كانت رديئة ومرتبكة وفاقدة للاتجاه.. وكانت النتيجة هذا المشهد المزري لواحد من افضل الدبلوماسيين المصريين وهو يظهر علي شاشات التليفزيون معصوب العينين، في حالة يرثي لها، تحت رحمة عصابات جاهلة ومتعصبة.
ان هذا المشهد المأساوي لم يكن مجرد اساءة لرجل مصري اسمه ايهاب الشريف، وانما كان اهانة لكل المصريين، المؤيدين للحكومة والمعارضين لها علي حد سواء، لان ايهاب الشريف لم يكن هو المقصود لشخصه وانما كان مستهدفا باعتباره سفيرا لبلادنا بأسرها.
وهذا المشهد المهين، الذي تم تحت رعاية حكومة الجعفري وقوات الاحتلال الامريكية، هو بدوره رمز لتراجع دور مصر الاقليمي ومكانتها الدولية، كنتيجة لتأرجح البوصلة الدبلوماسية.
وعوامل اخري ليس هذا هو مجال الخوض فيها.
ومن العجيب.. ان الاغلبية الساحقة من المصريين يشعرون بذلك.. باستثناء معالي وزير الخارجية الذي لم يفكر في الاستقالة بعد كل ما جري.
ام ان كلمة »استقالة« محذوفة من »لسان العرب« ومرفوعة من الخدمة في الثقافة السياسية العربية الرسمية؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيهاب الشريف : ثلاثية الحزن والسخط والدهشة
- مطلوب حوار وطني حول مستقبل صحافة تبحث عن هوية الصحافة »القوم ...
- إنقاذ السفير المصري المختطف.. كيف؟!
- تقرير الأرقام القياسية للفساد يدق أجراس الخطر
- طوارئ.. في دارفور فقط
- الهموم الأكاديمية في حوار ساخن بالتليفزيون المصري
- »إبن الحداد« أطاح بــ »شاه إيران «الجديد
- مستقبل الصحافة.. أولي بالرعاية
- مصر والسودان
- نعم.. »ك« وريا.. وليست »س« وريا
- مبادرة هيكل
- الانتماء للوطن.. أهم من النوم في سرير الحكومة
- العالم يضبط البيت الأبيض متلبساً بالنصب علي القارة السوداء
- ! الأجانب يمتنعون
- مبادرة من أجل بناء الثقة.. المفقودة
- اعتذار.. لفنان محترم
- السياسة المصرية خرجت من غرفة الإنعاش.. وهذا هو المهم
- مبادرات علي الهواء
- !الحقونا : لماذا يبيع المصريون أعضاءهم؟
- لماذا نتفاوض مع أمريكا.. ولا نتحاور مع أنفسنا؟!


المزيد.....




- هل العودة لياسمين عبد العزيز ممكنة بعد الانفصال؟ أحمد العوضي ...
- شاهد ما يراه الطيارون أثناء مشاركة طائراتهم في العرض العسكري ...
- نتنياهو منتقدا بايدن: سنقف لوحدنا ونقاتل بأظافرنا إن اضطررنا ...
- البيت الأبيض: نساعد إسرائيل على ملاحقة يحيى السنوار
- أبرز ردود الفعل الإسرائيلية على تصريحات بايدن حول تعليق شحنا ...
- الخارجية الروسية تعلق على اعتراف رئيس الوزراء البولندي بوجود ...
- زيلينسكي: جيشنا يواجه -موقفا صعبا حقا- في المناطق الشرقية
- -حزب الله- يعرض مشاهد من عمليات عدة نفذها ضد الجيش الإسرائيل ...
- هل من داع للقلق في الدول العربية بعد سحب لقاح أسترازينيكا؟
- بنوك مودي في الهند تنفق 400 مليار دولار ليفوز بدورة ثالثة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - لعنة صفر المونديال تطارد الدبلوماسية المصرية