أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سعد هجرس - تقرير الأرقام القياسية للفساد يدق أجراس الخطر















المزيد.....

تقرير الأرقام القياسية للفساد يدق أجراس الخطر


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1248 - 2005 / 7 / 4 - 11:00
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الحديث عن »الاصلاح«.. يعني ضمنيا أن هناك أوضاعا »معوجة« تحتاج إلي تقويم، وإلا فلا معني للحديث عن هذا الاصلاح المنشود أصلاً.
وهذه الأوضاع التي تحتاج إلي تغيير وتصحيح وتطوير تشمل جميع المجالات.. سياسية واقتصادية واجتماعية ومعرفية.. لأن المجتمع أشبه ما يكون بجسم الانسان الذي إذا أصيب أحد أعضائه تداعت له باقي الأعضاء بالسهر والحمي.
ومن بين القضايا التي تطرح نفسها بشدة علي جدول أعمال الاصلاح المطلوب قضية الفساد، وهي قضية بالغة الخطورة لأن آثارها السلبية تمتد لتشمل »الاتجاهات الأصلية الأربعة« للمجتمع، السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.
ذلك أن الفساد الذي هو - بحكم التعريف - سوء استخدام للسلطة العامة من أجل تحقيق أرباح ومكاسب خاصة له تكلفة اقتصادية باهظة. فالرشاوي التي يتم دفعها للموظفين العموميين مقابل الحصول علي »تسهيلات« معينة - مثل الفوز بمناقصة ما - يتحملها المستهلك في النهاية، أو الاقتصاد الوطني، أو الاثنان معاً.
غير أن هذه الزيادة في التكلفة - وفقا لدراسة مهمة عن تكلفة الفساد بقلم جورج مودي ستاورت - »لا تعتبر بأي حال من الأحوال الجانب الأكثر جدية بين الجوانب الأخري.
فعندما يكون احتمال الحصول علي مكاسب شخصية عنصرا من العناصر، فإنه يتحول سريعا ليحتل مكانة العنصر الأوحد والهام في المعاملة، مع ازاحة عناصر التكلفة والنوعية وموعد وكيفية التوريد وجميع الاعتبارات القانونية الأخري جانباً عند الموافقة علي منح العقود، وينتج عن ذلك اختيار موردين غير مناسبين أو مقاولين غير ملائمين بالاضافة إلي شراء السلع غير المناسبة، ونتيجة لهذا النوع من اتخاذ القرار يتم اعطاء أولوية للتوريدات والمشروعات غير الضرورية علي حساب الأولوية الوطنية الهامة بدون سبب إلا سبب تمكين متخذي القرار الحكوميين من الحصول علي رشاوي ضخمة«.
ولا تتوقف الآثار الهدامة للفساد علي تكلفته الاقتصادية وانما تمتد إلي مجالات اخري لتشمل »فاتورته السياسية« أيضا، لأن هذا الفساد الاقتصادي يحتاج دائما إلي ظهير سياسي يحميه ويتستر عليه ويوفر له المناخ الملائم، فغني عن البيان أن الفساد لا يمكن أن يترعرع ويستشري إلا في ظل غياب الشفافية، والتي لا يمكن لها - بدورها - أن توجد في غياب الديمقراطية والرقابة الشعبية وغير الشعبية.
صحيح ان الفساد ظاهرة عالمية ويوجد في كل بلاد العالم بما فيها أكثرها ديمقراطية، لكن كشفه ومحاصرته يصبحان أيسر بطبيعة الحال في المجتمعات التي توجد بها شفافية بنسبة معقولة وديمقراطية تعمل بصورة جدية.
وإلي جانب التكلفة الاقتصادية والفاتورة السياسية يؤدي الفساد إلي تشويه ثقافي وتسييد قيم أخلاقية وتبريرية تستهدف تعطيل جهاز المناعة الاجتماعي لهذه الظاهرة السلبية.
وبما أننا نتحدث عن مشروعات للاصلاح الشامل، وبرامج للنهضة، وبما أن الحكومة تتحدث عن مشروعات »قومية« عملاقة تستهدف حث النمو الاقتصادي ومواجهة غول البطالة، مثل مشروع الظهير الصحراوي الذي يهدف إلي بناء مئات القري الجديدة علي جانبي الوادي القديم، ومثل مشروع بناء مائتي مصنع كل عام تقوم بتوفير فرص عمل لـ 700 ألف شخص سنويا لمدة خمس سنوات، فإن هذا يتطلب بالضرورة استثمارات ضخمة. وبما أن معدل الادخار الوطني أدني من معدل الاستثمار فإن الحاجة تنشأ للاستثمارات الاجنبية، لكن هل نكتفي بالترحيب بالاستثمار الأجنبي أم نمد أبصارنا للتعرف علي توقعات هؤلاء المستثمرين؟
السؤال طرحه جون د.سوليفان المدير التنفيذي لمركز المشروعات الدولية الخاصة CIPE بواشنطن وأجاب عليه في تقديمه للعدد 13 من نشرة »الاصلاح الاقتصادي« بقوله »ان هؤلاء المستثمرين يفضلون الدول القادرة من خلال مؤسساتها الشرعية علي فرض سيادة القانون، وفرض الشروط التعاقدية بين أطراف المعاملات التجارية، وتبسيط الاجراءات اللازمة للدخول إلي السوق والخروج منه، مع وضوح القواعد المحاسبية، والحد من ممارسات الفساد.. والفساد يلعب دورا مركزيا في تحديد توجه الاستثمارات، فالفساد من وجهة نظر المستثمرين يعني ارتفاعاً في تكلفة المعاملات التجارية، كما يعني عدم اليقين في عملية الاستثمار، لأن البيئة الفاسدة يصاحبها عدم اليقين من نزاهة العملية القضائية، وعدم اليقين من فرض حقوق الملكية وعدم تساوي الفرص أمام جميع أطراف العملية التجارية.
بل إن الفساد يعني أن البيئة المحلية هي بيئة غير كفء وغير صديقة لمجتمع الأعمال.
وقد ظهر مفهوم حوكمة الشركات ليكون أداة رئيسية للحد من الفساد ولاجتذاب الاستثمار المحلي والأجنبي، حيث تساعد حوكمة الشركات علي ظهور الشركات التي تتسم بالشفافية والمسئولية، وبذلك يمكن الكشف عن السلوك الفاسد في جميع المستويات التنظيمية وإخضاع مرتكبيه الي آليات المحاسبة والمساءلة«.
ويضيف جون سوليفان اننا »اذا نظرنا إلي مبادرات محاربة الفساد، سنجد أن الناجح منها قد سبقه ادراك عميق من صانعي السياسات بأن الفساد ينمو في الدول التي تتسم قواعدها التنظيمية والتشريعية بالغموض والتعقيد، والتي يصعب عليها فرض حقوق الملكية، ويصعب فيها التمييز بين الحقوق والواجبات«.
ويخلص الي التأكيد علي »ان مبادرات أكبر للحد من الفساد لا تنجح الا بتكاتف الجهود الحكومية مع القطاع الخاص والمجتمع المدني الذي يعتبر الضحية الأولي من ضحايا الفساد«.
وكل ما ورد في السطور السابقة ليس الا تقديما للحقيقة المؤلمة التالية التي وردت في آخر تقرير لمنظمة الشفافية الدولية. علما بأن هذه المنظمة التي تهدف الي محاربة الفساد في معاملات الأعمال قد وضعت مؤشرا قياسيا للفساد اعتمادا علي عشرة مسوح تقوم بها المؤسسات المناهضة للفساد في الدول.
وتشير درجة العشرة الي دولة »نظيفة« بالمعني الكامل للكلمة وتشير درجة الصفر الي دولة تسيطر الرشوة والابتزاز علي معاملات الأعمال بها بالكامل.
ولم تحصل أي دولة علي درجة العشرة كما لم تحصل أي دولة علي درجة الصفر. فأكثر الدول »نظافة« في تقرير الأرقام القياسية للفساد الصادرة عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2004 كانت فنلندا وحصلت علي 7.9 من عشرة أما أكثر الدول فسادا وأكثرها بعدا عن النظافة فهي دولة هاييتي وحصلت علي 5.1 من عشرة وتساوت معها في نفس الترتيب دولة بنجلاديش في ذيل القائمة.
وبين فنلندا وهاييتي توجد بقية الدول التي ظهرت علي القائمة من الترتيب رقم 2 حتي رقم 144.
والمؤسف أن مصر احتلت المركز السابع والسبعين وحصلت علي 2.3 من عشرة فقط متساوية في الترتيب مع دولة بنين، بينما سبقتنا في الترتيب دول حصلت علي درجات أفضل منا من بينها بلدان افريقية »مثل بوتسوانا وجنوب افريقيا وموريشيوس وناميبيا وغانا« ودول عربية »مثل عمان والامارات والبحرين والكويت والاردن وقطر وتونس والسعودية وسوريا« ودول نامية »مثل شيلي وباربادوس ومالطة وأورجواي وكوستاريكا وسيشل وسورينام والسلفادور وترينداد وكولومبيا وكوبا وبنما والمكسيك وبيرو وسريلانكا والجابون وجامايكا« ناهيك عن دول »متقدمة« مثل نيوزيلندا والدانمارك وايسلندا وسنغافورة والسويد وسويسرا والنرويج واستراليا وهولندا والمملكة المتحدة وكندا والنمسا ولوكسمبورج وألمانيا وبلجيكا الخ.
ولا يجب ان نهنئ انفسنا بأن هناك 66 دولة اسوأ منا ويوجد لديها فساد اكبر من الموجود عندنا، فمصر تستحق مكانة افضل من هذا بكثير.
واذا كنا قد فتحنا ملفات الاصلاح. فاننا يجب ان نضع الحقائق السلبية، والمرة، التي كشف عنها تقرير الارقام القياسية للفساد الصادرة عن منظمة الشفافية الدولية للعام الماضي، علي رأس جدول الأعمال.
لأننا في حقيقة الأمر نناقش قضية لها جوانبها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.. ولا يمكن ان ندفن رءوسنا في الرمال أمامها، وأمام تداعياتها المخيفة.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوارئ.. في دارفور فقط
- الهموم الأكاديمية في حوار ساخن بالتليفزيون المصري
- »إبن الحداد« أطاح بــ »شاه إيران «الجديد
- مستقبل الصحافة.. أولي بالرعاية
- مصر والسودان
- نعم.. »ك« وريا.. وليست »س« وريا
- مبادرة هيكل
- الانتماء للوطن.. أهم من النوم في سرير الحكومة
- العالم يضبط البيت الأبيض متلبساً بالنصب علي القارة السوداء
- ! الأجانب يمتنعون
- مبادرة من أجل بناء الثقة.. المفقودة
- اعتذار.. لفنان محترم
- السياسة المصرية خرجت من غرفة الإنعاش.. وهذا هو المهم
- مبادرات علي الهواء
- !الحقونا : لماذا يبيع المصريون أعضاءهم؟
- لماذا نتفاوض مع أمريكا.. ولا نتحاور مع أنفسنا؟!
- مفاجآت من الوزن الثقيل فى استطلاع رأى رجال الأعمال
- !فضيحة العرب بجلاجل.. حتي في برازيليا
- أخيراً .. شئ يستحق القراءة !
- إرهابيون عشوائيون .. وإعلاميون على باب الله


المزيد.....




- انطلاق المنتدى الاقتصادي العالمي غدا في الرياض بمشاركة 1000 ...
- “الذهب ينخفض من جديد” سعر ربع جنيه ذهب قبل اجتماع الفيدرالي ...
- هاتف مش هيتكرر تاني من شاومي بسعر اقتصادي وبتصميم ومواصفات ج ...
- بسبب الخلاف بينهما على الكرة الذهبية.. ميسي يعارض انضمام ليف ...
- مخبر : تعاملنا مع الدول الصديقة قائم على نهج الربح للجميع
- سلطات إقليم كردستان تعمل على استئناف إنتاج الغاز في حقل كورم ...
- سفراء أكثر من 50 دولة يحضرون عرضا تقديميا لمنتدى بطرسبورغ ال ...
- أزمة السيولة في غزة تشل الحياة الاقتصادية
- وزير النفط الهندي يتهم أوبك بالمسؤولية عن تقلبات سوق النفط
- ليفربول يتعادل مع ويستهام ويخسر حظوظه عمليا في المنافسة على ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سعد هجرس - تقرير الأرقام القياسية للفساد يدق أجراس الخطر