أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - ماهية الخير والشر في الفلسفة














المزيد.....

ماهية الخير والشر في الفلسفة


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1254 - 2005 / 7 / 10 - 14:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تجد الفلسفة هناك منظومتان أساسيتان تتحكمان بالعلاقة بين البشر، وإن أغلب النزاعات والصراعات الاجتماعية تستمد توجهاتها منهما فهناك دائماً مجموعة من البشر تنحاز إلى قيم الخير لمقاومة الشر، وهناك مجموعة مضادة تجد أن مصالحها لاتتحقق إلا من خلال تبني القيم الشريرة.
يعتبر الصراع أزلي بين منظومة قيم الخير والشر، ومعظم التيارات الدينية والسياسية تستمد مفاهيمها وقيمها الأساس من تلك المنظومتين لتحشد المناصرين لها. وهذا الصراع لايقتصر بين المجموعات فقط وإنما يكون أكثر احتداماً بين الفرد وذاته، فالغريزة الإنسانية تدفع الذات نحو الاحتكام لقيم الشر في تلبية حاجاتها ومنظومة الردع العقلي تكافح هذا التوجه الشرير وتدفع الذات نحو جبهة الخير ونبذ الشر. فكلما كانت منظومة الردع العقلي قوية، كلما كانت الذات سوية تنحو تجاه الخير، وعند ضعفها تستمد الذات توجهاتها وسلوكها من قيم الشر.
يرى ((أفلاطون))" أن صورة الخير هي الحد الأقصى لكمال العالم العقلي، إننا لاندركها إلا من خلال عناء كبير ولكن متى أدركناها، شخصنا سبب جمالها وحسنها. ففي العالم المنظور يوجد النور والشمس، وفي العالم العقلي تولد الحقيقة والعقل".
عموماً أن منظومة القيم الميتافيزيقية، يحكمها نظام ميتافيزيقي رادع وإلا فإنها تكون عديمة الجدوى وغير قادرة على حشد المناصرين لها، فثنائية الخير والشر يقابلها نظام رادع هو الجنة والنار لأن الإنسان بغريزته لايمكن أن يتبع توجهات معينة دون أن تحقق مصالحه ورغباته بالدرجة الأولى، وإلا فإنها تدرج ضمن إطار القدر. حينئذ يعتبر القدر هو المحدد لتوجهات الإنسان نحو قيم الخير أو الشر، وبهذا فإنه غير مسؤول عن أفعاله لوجود قوى خفية تحدد اتجاهه وتحكم سلوكه وأداءه في الحياة.
في حين أن النظام الرادع وما تحتكم إليه منظومة قيم الخير والشر، تؤسس لمبدأ تحقيق المصالح الذاتية للإنسان وتلك المصالح تكون عالية الفائدة في العالم الأخر لمن يجانب قيم الخير، حيث يثاب عليها بالجنة وما تحقق من رغبات لاحدود لها.
وبالمقابل فإن المجانب لقيم الشر يسعى للحصول على منافع آنية في الحياة الدنيا وعلى حساب الآخرين ويعاقب في العالم الآخر نتيجة أفعاله وتوجهاته المجانبة لقيم الشر بعقاب شديد، فالنار هي المصير الذي ينتظره الأشرار في العالم الآخر.
يعتقد ((دانتي))" أن الاتجاه الطبيعي للإنسان، يجب أن يكون نحو الخير لكن غريزته تدفعه نحو الشر. لذا فإنه يثاب على الخير ويعذب على الشر".
عليه فإن منظومتي قيم الخير والشر، تحشد كل منها إلى جانبها سلسلة من المنافع والمصالح، ففي الأولى هناك سلسلة من الوعود بعالم أخر ينتفع منه فقط مناصريه ويعاقب المناوئين له أشد العذاب. وفي الثانية هناك سلسلة من المنافع والمصالح الدنيوية الآنية التي لاتؤمن بالوعود القادمة في العالم الآخر.
وتجد أن العالم الدنيوي، عالم ملموس وحقيقي ويتوجب استغلاله في أقصى الحدود لتحقيق المصالح وتلبية الرغبات الآنية. في حين أن العالم الآخر، هو عالم غير ملموس يعلن عن نفسه من خلال الوعود بتحقيق المصالح وتلبية الرغبات ويعاقب الخارجين على مبادئه وليس له دلالة مادية في العالم الدنيوي.
هكذا فإن توجهات منظومتي قيم الخير والشر، تحشد الحجج والبراهين لمناصريها لأجل كسب المزيد من المناصرين وخلق جبهة قادرة على خوض الصراع مع الجبهة المضادة. إن معظم المناصرين لمنظومة قيم الخير، هم من عامة الناس غير القادرين على تحقيق مصالحهم الدنيوية، والذين يشعرون في اللاوعي إنهم مضطهدين ومعرضين للاستغلال من أصحاب التوجهات الشريرة.
وهذا لاينفي وجود آخرين ممن يؤمنون، إيماناً مطلقاً بقيم الخير وبجدوى الوعود في العالم الأخر. ولايخلوا الأمر ممن يجدوا أن قيم الخير تعني الاحتكام للعقل وعدم استغلال الآخرين لتحقيق رغبات ذاتية، لأن هذا المبدأ بحد ذاته لايتفق والقيم الإنسانية.
بالمقابل فإن قسماً ليس بالقليل من المناصرين لقيم الشر، هم من أصحاب النفوذ والمال والسلطة والساعين بكل قواهم لتحقيق أكبر قدر من رغباتهم وعلى حساب الآخرين. ويتخذون من قيم الشر مسلكاً لتحقيق مصالحهم ورغباتهم الذاتية، ولايؤمنون بالمبادئ المثالية الداعية لإحقاق العدالة والمساواة بين البشر وما تنهل من منظومة قيم الخير توجهاتها.
عموماً أن الصراع الأزلي بين منظومتي قيم الخير والشر لم يتوقف عند حدود ما، وإنما هناك دائماً حشد مستمر للمبادئ والأعراف التي تفرزها التناقضات والتطورات المحدثة في التشكيلة الاجتماعية على مدى العصور. وغالباً ما تسقط عدداً من مبادئ قيم المنظومتين (الخير والشر) لأنها لم تعد مقنعة لمناصري الجبهتين ويحل مكانها مبادئ جديدة قادرة على حشد مناصرين جدد ومؤمنين بجدواها في الصراع.
يرى ((أفلاطون))" أن جميع المعقولات تستمد من الخير الأعلى وجودها وماهيتها، وإن الخير الأعلى أساس العلم والحقيقة. ومع ذلك أن كلاً من المعرفة والحقيقية جميل جداً، فمن الصواب أن تقول إن صورة الخير الأعلى تمتاز عليهما وتفوقهما جمالاً".
إن السمات الأساسية لمنظومتي قيم الخير والشر، مازالتا المحرك الأساس لفعل الصراع الاجتماعي. ومازالت ثنائية الخير والشر تعكس سلسلة من التوجهات الثنائية (الجنة والنار، المساواة وعدم المساواة، والعدل والظلم، والحب والكراهية، والحرية واللاحرية، والديمقراطية والاستبداد.....) ومازال البشر منذ الأزل وللوقت الراهن ينقسمون إلى جبهتين مع منظومة قيم الخير أو مع منظومة قيم الشر.





#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طرائف من سيرة الفلاسفة
- الصراع حول المكانة والصدارة بين الفلاسفة
- ماهية الفكر
- النظرة الدونية للمرأة عند الشاعر أبي العلاء المعري
- العشق عند العرب
- العشق في الفلسفة
- التشريعات القانونية والمبادئ الدستورية
- الطاغية والسلطة
- ممارسات الطاغية
- شريعة الطاغية
- حاشية الطاغية
- الطاغية والاستبداد
- الطاغية ووعاظ السلاطين
- الطاغية والدين
- الفلسفة وعلم المنطق
- مفهوم الخير والشر في الفلسفة
- الفرق بين العالم والجاهل
- مفهوم الحب عند جلال الدين الرومي
- *الصراع بين السياسي والمثقف: قيم أم مصالح؟
- دولة القبيلة بين القيم والمصالح


المزيد.....




- الكويت.. شجون الهاجري تحظى بالتضامن من زملائها على مواقع الت ...
- كيف علقت الصين على الضربة الأمريكية ضد المنشآت النووية الإير ...
- حصريًا لـCNN.. كيف سيكون رد طهران على هجوم أمريكا؟ متحدث باس ...
- مصر.. الحكومة تكشف عن خطة لعدم انقطاع الكهرباء خلال الصيف وخ ...
- بعد ساعات من استهداف المنشآت النووية الإيرانية.. واشنطن تقلّ ...
- الدفاع المدني السوري: 15 قتيلاً على الأقل وعشرات الإصابات جر ...
- فظائع في الظل.. كيف تمددت فاغنر في إفريقيا على أنقاض القانون ...
- سوريا: 15 قتيلا على الأقل في هجوم انتحاري داخل كنيسة في دمشق ...
- مدير مكتب الجزيرة في طهران: 3 جهات بإيران تحدد الخطوة القادم ...
- مساعد الذكاء الاصطناعي بواتساب يسرب رقم هاتف أحد المستخدمين ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - ماهية الخير والشر في الفلسفة