أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (42)














المزيد.....

منزلنا الريفي (42)


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4404 - 2014 / 3 / 25 - 23:52
المحور: الادب والفن
    




قرابين الهزيمة

بالمحكمة الابتدائية ؛ يسأل قاضي الأحداث محمد بن بوعسرية قائلا :
- هل هذا هو اللص الذي اعترض طريقك ؟
- نعم سيدي القاضي .
- هل أنت متأكد ؟
- نعم سيدي القاضي .
- هيا فلتصرفقه !
يحملق محمد بن بوعسرية في اللص، يفحص ملامحه طولا وعرضا، يقول في دواخله :
" إنه ذلك اللص الذي اعترض سبيلي في ذلك الفجر، وأنا متوجه إلى السوق لأبيع خرفاني " .
- لا سيدي القاضي، لا يمكن أن أصرفقه، فهذه مهمة المخزن، أما أنا فليست لدي القدرة لأفعل هذه الفعلة كلها . المخزن هو الذي ينبغي أن يفعل هذه التصرفيقة باعتباره الحامي الأعظم، بينما أنا لست سوى حشرة يدوس عليها القاصي والداني .
******************
يمثل محمد ولد الغزواني أمام القاضي ؛ يسأله :
- اسمك الكامل ؟
- محمد ولد الغزواني ولد محمد ولد الغزواني من فخدة ولاد بروان المومني .
- اسم أبيك وأمك ؟
- الحمانية بنت حمدوش بون واضر .
- كم عمرك ؟
- شلة وقوتاش .
- تقريبا ؟
- تزدت عام قطعو فرانسيسي راسو بالمنجل .
بلهجة حازمة يتفوه القاضي :
- كم بالضبط ؟
- سبعون سنة .
- ماذا تعمل ؟
- شفناج وراعي ماعز .
- ما الذي حدث في ذلك الفجر ؟
يتململ محمد من مكانه، يستحضر الوقائع التي جرت له، يجوب القاعة طولا وعرضا، يزيل جلبابه الممزق والمهترئ، ويشرع في تمثيل ما جرى له . ينطلق من أقصى القاعة موهما الحاضرين كأنه يمسك بشيء ما، فيقول :
- أسيدي أنا جاي ما علي ما بي، غير واخض المعزات في يدي، جات في الضربة ونصلت لي كفاي، ما بقيت عارف فين هو راسي وفين هما رجلي، شركوا اللي السروال وشركوا اللي الجلابية، والداو اللي ميتين الريال اللي كانت في جيبي .
يتوقف محمد عن الكلام، كما يتوقف منسوب الوادي عن الجريان، فهول الأحداث، كان كصواعق الجفاف، يسيل اللعاب من شفتي محمد إيذانا بزمن تفشت فيه الحكرة والظلم والسيبة ؛ يصمت محمد كالسكون الذي يلي زمجرة العاصفة . يأمره القاضي بالكلام، بينما القاعة تهيج بالضحك . تسقط قطرات من الدموع، ويتفرس حزن على عينيه الكابيتين اللتين يستوطنهما رمس يعود إلى زمن سحيق . يكاد القاضي أن يضحك، فيأمره ثانية بالمواصلة :
- مرمدوني ؛ زوقوني ؛ هزوني ؛ خبطوني ؛ شركوني ؛ لاحوني ؛ الداو اللي المعزاة ؛ خلوني كنعض في المزرار، كنبكي كنغوت كجليدان، حمو تعالى فكني، حمو هرب كفليليس مارس هارب هارب ....وأنا كنغوت ...
يتمرمد محمد كما تتمرمد الأتان، يحنقز محمد كما يحنقز الماعز على سفوح الجبال، يتمزق جلبابه كأنه عضته الكلاب، يقفز في القاعة كما يقفز السباح، يرخي يديه معلنا فقدان العنزتين، يعض على " مزرارة " حملها معه من الخارج، يتكسر ضرسه، فيتأوه مناديا على حمو كأن الواقعة أعيد تكرارها بالصوت والحركة أمام أنظار القاضي .
**********************
يخاطب حمو دواخله :
فلأكن كما أنا دائما ؛ دجاجة أو كتكوتا ؛ إن الحياة علمتني الجبن، فالجبن هو طريق النجاة، أنا ضعيف والضعفاء ليس لديهم سوى المكر، أليس هو أم الفضائل ؟ فبدونه ما كان للجبناء أن يستمروا على قيد الحياة ؛ إن الجبن وما يتضمنه من حيطة وحذر هو طريق البقاء ؛ كيف يمكنني أن أواجه عدة جحافل من اللصوص ؟ كيف يمكنني أن أساعد شخصا شجاعا وأنا جبان ؟ لا يمكنني أن أساعد الشجعان، فهؤلاء مصيرهم الموت والمرض والحمق والتشرد، أما الجبناء فهم من يعتلون العروش، ويستحوذون على الواجهات، فالمكر هو عمادهم، والحيلة هي خطتهم، وهذا هو السر في كوني نجوت من اللصوص، بينما محمد المروبل " سقط فيهم .
************************
الفجر...
تنطلق دورية اللصوص مكونة من ثمانية أشخاص، بعض يحمل أسلحة بيضاء، وبعض آخر يحمل هراوات . تتكون الدورية من سيارتين، أنيطت بالسيارة الأولى تمشيط الطريق، ومعرفة وجود الدرك من عدمه، ناهيك عن رصد القوافل المتجهة صوب السوق الأسبوعي .
يقهقه أحد اللصوص مازحا :
- في عام البون، أعطيت لرجل من هذه القرية يسمى حمو صابونا، فأكله معتقدا أنه حلوى .
رد عليه آخر مستخفا :
- لعله حلوى !
أما اللص الثالث، فكملها وجملها :
- راه يصحبا قلوى ماشي حلوى .
غبش وظلام، قرب منعرج مؤدي للسوق ؛ يصيح أحد اللصوص :
- هز لمك يديك
يرفض الجيلالي أن يخضع لأمره، يعيد الأمر من جديد، ويخرج سكينا . يرفع يديه . يأمر اللص زميله بأخذ ما لدى الجيلالي، ويصيح اللص ثانية :
- خذوا الخرفان
انطلقت السيارة، وبقي الجيلالي على " الضص "، أما ابنه الجبان الذي يدعى بوزكري، فآوى قرب أكمة مناديا على المستغيثين :
- و اا ...بو ...ش..ع..ي..ب
**********************
لم تتكلم ردهات المحكمة ؛ لم يتخذ القاضي قرارا . المخزن يتخذ قرارا من أجله . لا من أجل غيره، بينما طنين وحشرجات تأتي مزمجرة من ثنايا الجدران :
- أنتم أيها القرويون ...جبناء ...حثالات..حشرات عبودية .
*********************
اللص والقاضي :
يقول الأول للثاني :
- اطلب ما تريد، وادفن الملف في التراب .
يقول الثاني للأول :
- لقد دفن من زمان، وهاتني ب...

عبد الله عنتار / بنسليمان – المغرب / 25 مارس 2014



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منزلنا الريفي (41)
- منزلنا الريفي (40)
- منزلنا الريفي (39)
- منزلنا الريفي (38)
- منزلنا الريفي (37)
- عيد ميلادي
- منزلنا الريفي (36)
- المستنقعات
- منزلنا الريفي (35)
- المتاهة
- هزيمتي
- منزلنا الريفي (34)
- منزلنا الريفي (33)
- متاهات
- قبلة من الوادي
- منزلنا الريفي ( 32 )
- منزلنا الريفي (31)
- نحو رؤية هادئة للتملق
- منزلنا الريفي ( 30 )
- عائد إلى القرية


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (42)