أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (33)














المزيد.....

منزلنا الريفي (33)


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4358 - 2014 / 2 / 7 - 21:42
المحور: الادب والفن
    


الالتزام مسؤولية ...

الراعية ......

تقول جدتي الأرض : " الرعي مسؤولية، ومسؤوليته تفيدك في تحمل المسؤوليات ؛ إنه مسؤولية المسؤوليات " .
تقول الأسطورة الكرزازية : " الرعاة لا يحدهم مكان، ولا يؤطرهم زمان، يفرحون بفرح الطبيعة، ويغضبون بغضبها " .
تقول مريم : " أنا ضائعة بين الأغنام، والمرعى يعمه صمت موحش، ورقتي هاته التي أمسك، وقلمي هذا المنكسر هو آخر الذكريات في عالم لا يعترف بالحدود والنظام والترتيب " .
***********
كان الشهر ينايرا، وكانت الشمس قائظة في السماء، سرعان ما تحتجب بين ركام من الغيوم، وعلى منحدر عميق تتخلله أشجار وأكمات، يجاورها دوم كثيف، وبقايا أشواك حادة، وأحجار تختلط بين المسننة والحادة، تجلس فتاة صغيرة جوار دومة، وهي تختبئ من لسعات برد قادمة من المحيط الأطلسي، ترتدي الفتاة على رأسها وشاحا أسودا، وعلى أعلى جسدها جاكيطة، أما تحت الحزام، فترتدي سروال الجينز تعتريه خدوش ومزوق ؛ إن ما كانت تلبس لم يكن يتوافق مع رياح تهزك هزا، فالأكمات القريبة تناثرت عروشها كالرماد، أما الدومة فقد اقتلعت جذورها، إنه غضب الطبيعة في كامل عنفوانه، تقول الفتاة في دواخلها :
" لعلها يوم القيامة، ذلك اليوم الذي لطالما حدثنا عنه المعلم، حيث ترتجف الأرض، وتسقط الأكمات " .
تختفي هذه الفكرة، ثم تتحسس جيبها، وتخرج ورقة، تبحث عن قلم، فلم تعثر عليه، تستجمع قواها وتنهض، بيد أنها تحس بوخز على على رجلها المنحشرة بين " صباط البوط "، وها هي تعثر على قلمها، وعندما تعثر عليه تعود الطبيعة إلى صفائها، ثم تخرج الأغنام من وسط المنحدر، وتنطلق بها نحو الصخور المجاورة للوادي ...
************
تترك الأغنام تسرح على ضفاف الوادي، أما هي فتستنيخ قرب الصخور، تخرج ورقتها، وتأخذ قلمها المنكسر، ترسم إلها غاضبا، يتوعد عباده بالقيامة والعذاب الأليم، يرتسم أمامها وحش كالأب، يمسك فأسا، وفي عينيه شرر يطفح بالغضب، أما هؤلاء الذين يتوعدهم، فرسمتهم خانعين، ولكن في دواخلهم تتبخر الوعود، فها هي الطبيعة تعود إلى صفائها، وها هي الطيور ترمم أعشاشها، والأغنام تعود إلى مراعيها، أين نحن من القيامة ؟ القيامة فعل خارق للعادة، والطبيعة لا تعرف إلا العادة وفق نظام صارم، إذن لا يمكن لفعل خارق للعادة أن يكسر نظاما للعادة، إذن لا وجود للقيامة .
**********
تتوقد حرارة الشمس، تحس بعبء ثقيل على جسدها، تغادر الصخرة، تضع رسومها في جيبها، تحتفظ بقلمها على يدها، تقترب من الوادي، تتبع أغنامها التي تسرح جوار الضفاف، وبينما هي تقترب تسمع نغمات الخرير، تخترق أذنيها كالجلاجل، كناقوس الكنائس، كزفرات جسد متعطش للجنس، وكلما اقتربت أحست بأن هناك رعشة كبرى تخترق الكيان، تتحد فيها مع المطلق، مع النظام الخالد الذي يسود الطبيعة ...
تجلس جوار المياه المتدفقة، وتزيل ملابسها، تحتفظ بقلمها في يدها، تنغمس في البركة المائية، سرعان ما تصعد منها، وتترك المياه تتدفق على جسدها الغض، تنام نومة التمساح، وبينما المياه تتدفق ؛ هناك الخلووود...الخلووود ...دد
تحس برغبة جنسية جارفة، وتكتنفها رعشة عظمى لتتحد بالخلود والمطلق، وتتحد بالصمت، وبصدى التأوهات، وبأنين الرحلة الطويلة، والتوجعات المتقدة كمن يصعد عقبة جبل. تريد أن تتألم لتتلذذ، ليختفي الألم والتلذذ، وتهيم بلا رجعة في أرض الوحدة والنظام . في تلك اللحظة التي يختفي فيها المعيار والمقياس، ويذوب كل شيء، ويندغم في بعضه البعض .
تأخذ قلمها الصغير، تحكه بين فخذيها، وهي تغمض عينيها، بينما الشلال يواصل انسكابه بلا توقف، تحس بلذة تتماوج بين الصعود والهبوط، تستمر في حك فخذيها، وشيئا فشيئا تقترب من مهبلها، وكلما اقترب القلم تحس برعشة كسمفونية خالدة، كألم أقصى، كلذة قصوى، وهما يتحدان على أرض الخلود .
يمسك القلم بمساره، يداعب مهبلها كما يداعب ورقتها، بين تجاويفه يحمل رسالة الخلود، أما مداده المتدفق فهو ترياق الأبدية، الجلوس تحت الشلال، ورعي الأغنام قرب الضفاف، وممارسة الجنس في صمت يعمه الإطباق، أكبر صلاة للإتحاد مع المطلق، وفهم للنظام الذي يسري في الكون .
تحك بلا توقف، تحس برعشة عظيمة، بتأوه عظيم، تشعر بأنها الخلود، والخلود هي .....
*************
القلم هو الأب ؛ القلم هو المدرسة، الأب منعها من التمدرس، والمدرسة لم تعلمها الفن الذي تعشق ؛ هذا هو سر وحشتها، لكنها تستأنس بقلمها المنكسر، فيكسر وحشتها، وتتحد بالمطلق، وتصل إلى الرعشة العظمى .
**************
" لماذا النظام ؟ النظام بانتظامه هو اللانظام، واللانظام بلا انتظامه هو النظام "
النظام في المدرسة مصطنع ...= اللانظام
النظام في الطبيعة أصيل = النظام
**************
تنتهي من عملها الجنسي، تعود إلى أغنامها، تحصيها، تغير وجهتها، وتحثها على العودة، تنطلق بالأغنام، تقتحم الأكمات، وتصعد المنحدر، وتتراءى لها الزريبة في الأفق، أما المنحدر فيتسرب إليه الظلام شيئا فشيئا .
**************
تقول مريم : " أنا حية "
يقول الكرزازيون : " نحن أموات "
تقول الطبيعة : " أنا حية، لأن الكرزازيين أموات "

يتبع

عبد الله عنتار/ الجمعة 07 فبراير 2014/ واد زم – وسط المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متاهات
- قبلة من الوادي
- منزلنا الريفي ( 32 )
- منزلنا الريفي (31)
- نحو رؤية هادئة للتملق
- منزلنا الريفي ( 30 )
- عائد إلى القرية
- حمى الاستسلام
- دروب التيه
- نشيج الكلمات
- منزلنا الريفي (29)
- منزلنا الريفي (28)
- منزلنا الريفي (27)
- منزلنا الريفي (26)
- منزلنا الريفي ( 25 )
- منزلنا الريفي (24)
- منزلنا الريفي (23)
- منزلنا الريفي (22)
- منزلنا الريفي ( 21 )
- منزلنا الريفي ( 20 )


المزيد.....




- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...
- وزير الثقافة والاتصال الموريتاني يوضّح موقف نواكشوط من من مق ...
- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...
- -الدين المعرفي-.. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى -عكاز- يعيق ...
- هوليود تنبش في أرشيفها.. أجزاء جديدة مرتقبة لأشهر أفلام الأل ...
- رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: التعاون الثقافي مع روسيا ...
- -بيت الشعر في المغرب- يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر ...
- عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من ا ...
- يجمع بين الأصالة والحداثة.. متحف الإرميتاج و-VK- يطلقان مشرو ...
- الدويري: هذه أدلة صدق الرواية الإيرانية بشأن قصف مستشفى سورو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (33)