أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - بين العبث و الثورة , تأملات ثورية بعد قراءة دانييل خارمز














المزيد.....

بين العبث و الثورة , تأملات ثورية بعد قراءة دانييل خارمز


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 4400 - 2014 / 3 / 21 - 11:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كما يحدث كثيرا في الحياة تعبر حياة السوريالي الروسي دانييل خارمز أو تشارمز قبل فنه عن حقيقة هذا العالم السوريالية .. عندما تجد نفسك في مواجهة "نقيضين" ليسلا إلا شكلين مختلفين لذات المفهوم أو الفكرة , عندما تجد نفسك في مواجهة كل شيء , كل الثقافة السائدة بكل أشكالها المتناقضة , في مواجهة ثقافة القهر و القمع , ثقافة القطيع و التوافق و التماثل و التصفيق و النفاق و الخضوع للقوة و للسائد من أساسها , لا تفرق بين أي من تجيلاتها المتصارعة حتى الإفناء .. كان خارمز ممن أدركوا بسرعة محدودية المشروع البولشفي لتغيير روسيا , و وعوا شموليته و زيفه , رغم التصفيق و التهليل , و رغم القمع و الرقابة , سواء التي مارستها أجهزة قمع السلطة الجديدة أو مارسها الناس على أنفسهم بشكل ذاتي .. إن إحدى أصعب المهام التي تواجه الإنسان هي أن يدرك واقعه كما هو بالفعل , إن محاولات "تفسير" الواقع ليست إلا محاولات لتشويهه و تزييفه ليتطابق مع تصوراتنا و أفكارنا المسبقة , أن نرى الواقع كما هو بكل تناقضاته بعيدا عن أي تبسيط أو تزييف يخدمنا , يجعلنا نبدو أجمل مما نحن عليه , أو ليتوافق مع الأساطير التي نؤمن بها الخ , أن نقر بالواقع كما هو عمل هائل جدا بالفعل .. السؤال هنا : هل كان تشارمز عبثيا أم ان الواقع ذاته كان هو المفعم بالعبث ؟ هل كان تشارمز عبثيا أم أن البولشفية ذاتها حتى في لحظة صعودها كانت وهم خلاص و أن شعبويتها الحقيقية يومها لم تكن إلا إيمان غبي بإله مزيف ؟ ليس فقط احتقار خارمز لكي شيء , و هي الفكرة المركزية في فلسفة العبث , و لا حياته التي قضاها على الهامش , هامش كل شيء , على هامش المؤسسات الهرمية الفوقية الحزبية و الثقافية و الدينية , الحاكمة و "المعارضة" , بل خاصة في موته , كان الكاتب , الذي رفض تمجيد ستالين و رفض الصمت أيضا , قد اعتقل في آخر أيامه بتهمة الخيانة العظمى , و أودع قسم الأمراض العقلية من سجن لينينغراد الأول , إما لأنه ادعى الجنون أو لأنه كان يبدو مجنونا لسجانيه , هناك في سجنه مات خارمز جوعا بسبب الحصار الهتلري على لينيغراد , قتله الاثنان معا , عدوا خارمز اللدودان , اللذان كانا يتصارعان بدموية على السيطرة على أوروبا يومها , في تلك اللحظة اتفق الخصمان و اشتركا معا في قتل خصمهما الأشد الأخطر على تفاهته الظاهرة أو ربما خاصة بسبب تفاهته الساخرة تلك .. طالما اعتبر الجميع أن عملية التخلص من ذلك الصوت النشاز , الذي يفضح كل الأوهام , أوهام السلطة و الوعي الجمعي , على أنه ضروري و مبرر أخلاقيا و إنسانيا "دفاعا عن المصلحة العامة" ( مصلحة الدولة أو الجماعة ) .. لقد ترك لنا خارمز حكمة مهمة : في الحروب , حتى في أكثرها همجية و دموية , ليس من الضروري أن تكون ضحية غبية .. حكمة أخرى من خارمز يمكن تطبيقها على الثورة السورية أيضا : حدثنا تشارمز في إحدى قصصه القصيرة عن إنسان كان يتمنى أن يلتقي بساحرة ليطلب منها أن تجعله أطول و لو قليلا , لكنه عندما يراها أمامه تأخذه الدهشة فيتلعثم و أخيرا تختفي الساحرة قبل أن يتمكن من النطق بكلمة , لقد مرت من هنا ساحرة شريرة كانت قادرة على أن تحقق أمانينا اسمها الثورة , لكن ربما بسبب ترددنا , بسبب خوفنا من أن نفكر بحرية أن نصف الواقع كما هو , و ربما عجزنا عن أن نكون ثوارا حقيقيين في فكرنا و قولنا , عجزنا عن أن نتخلص من خوفنا من السلطة و خوفنا من مواجهة السائد و ثقافة القطيع و الطاعة و التوافق و النفاق و التصفيق الجماعي , لكل ذلك ربما لم نستطع أن نفهمها أننا كنا نريد حريتنا



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب في بر الشام
- هيك , حكي نحشيش
- داعش و أخواتها
- محاولة للنظر في المرآة
- رد متأخر , العزيزة ليندا
- عدونا هو العبد للأناركي الفرنسي نويل ديميور
- عن قصة المؤامرة
- حقيقة الجهاديين
- تقبل الآخر : كعلاقة هيمنة لإيريك إمبسون و آريانا بوف
- مانديلا : انتصر على الأبارتيد , و هزمته النيوليبرالية لجوناث ...
- ثورات في منتصف الطريق
- هل تكون الطائفية هي الثقب الأسود لربيع الثورات الشعبية
- ماذا يمكن للثوري الايطالي كاميليو بيرنييري أن يقول اليوم للث ...
- تأملات في جنيف 2
- مناضلون ضد النازية
- من هو الأناركي ؟
- مجموعة تشيرنوي زناميا ( الراية السوداء ) الأناركية ( 1903 – ...
- مزرعة الحيوانات السورية
- الله و دولة العراق و الشام الإسلامية
- بيان دادائي سوري


المزيد.....




- تحذير أممي من -تداعيات كارثية- بشأن توسيع الهجوم الإسرائيلي ...
- تحذيرات من تسارع تفشي الكوليرا غربي السودان
- مصرع 4 ركاب بتحطم طائرة نقل طبية بولاية أريزونا
- ترامب لـCNN: لم أعلم بنقل غيسلين ماكسويل إلى سجن إجراءاته ال ...
- ما خيارات الحكومة اللبنانية للتعامل مع قضية سلاح حزب الله؟
- الاحتلال يصيب 3 فلسطينيين برام الله ويعتقل صحفية بالخليل
- خبراء أمميون يدعون إلى تفكيك -مؤسسة غزة الإنسانية- فورا
- محللون: نتنياهو يؤجل عملية احتلال غزة أملا في التوصل لاتفاق ...
- ملفات جيفري إبستين.. -النواب- الأمريكي يستدعي مسؤولين سابقين ...
- أول تعليق لترامب على التقارير بشأن -اعتزام إسرائيل احتلال قط ...


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - بين العبث و الثورة , تأملات ثورية بعد قراءة دانييل خارمز